أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سعدي يوسف - قرنٌ أم نصفُ قَرنٍ ؟














المزيد.....

قرنٌ أم نصفُ قَرنٍ ؟


سعدي يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1635 - 2006 / 8 / 7 - 10:53
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يَـعْقدُ جون هوبَر John Hooperفي كتابه المرموق ( الإسبان – بورتريت لإسبانيا الجديدة ) ، أكثر من فصلٍ

متناولاً الإشكالات الثقافية بعد زوال حكم فرانكو الذي استمرّ أربعين عاماً ، ويبيِّن الكاتب بالتفصيل طبيعة الحياة الثقافية أيام فرانكو الطويلة ، وقواعد الرقابة ، ومحاربة الكنيسةِ المسرحَ ، ومواقف الكتّاب بعد تراخي دكتاتورية الفالانج ، بين عائدٍ إلى البلد ، ومُطِيلِ مكْثٍ في المنفى ، إلى كل ما قد نراه يماثل الحال الذي نحن فيه .
يقول جون هوبر " كانت إسبانيا 1936 بمثابة قوّةٍ كبرى إبداعـية . لقد أعطت العالم ثلاثة من أعظم فنانيه المعاصرين : بيكاسو ، دالي ، ميرو ، وهي تفتخر بمؤلفين موسيقيين مثل مانويل دي فايا ، وروبرتو جيرهاردت الكاتالاني ، وجواكان رودريغو ... وفي الأدب ... جيل98 ، ثم جيل الـ27 : لوركا ، ألبرتي ، بيثنته ألكسنره ، بيدرو ساليناس .
لقد وقف معظم فناني إسبانيا ومثقفيها مع الجمهورية ضد القوميين .
لكن نهاية الدكتاتورية لم تُعِدْ إسبانيا إلى موقع الطليعة الفنية والثقافية . كانت إسبانيا مثل رياضيّ مكبّلٍ ، مثقلٍ ، ينتظر الانطلاق ، في رأي كـتّابٍ معيّنين ، لكن فاتَ أولئك الكتّابَ أن هذا الرياضيّ قد ترهّل َ وساخت عضلاتُه .
النهضة الإسبانية الجديدة لم تتحقّق ، وسيحتاج الأمر إلى قرنٍ أو نصف قرنٍ للشفاء من آثار دكتاتورية استمرت أربعين عاماً ".
*
بين 1963 و2003 أربعون عاماً عراقيةً ، تكاد تكون خالصةً لدكتاتورية البعث الدموية .
وقف معظم المثقفين والفنانين ضد دكتاتورية البعث .
وطُحِــنوا طحناً ، في زنازين السجون ، وساحات الإعدام ، وفيافي المنافي .
وبالمقابل ، مع مَــرِّ السنين والعقودِ ، انخرط مثقفون وفنانون كثيرون في المنظومة الثقافية / الإعلامية لسلطة البعث .
الأسباب كثيرة ، لكنّ أهمّها ، في رأيي ، السلامة الفردية تحت السيف المصلت لنظامٍ لا يرحم حتى مؤازريه .
الأمور تبدأ هكذا ، إلاّ أن للانخراط قوانينه ، وسوف يتحول طلَبُ السلامةِ إلى قناعةٍ . ومن هنا نلحظُ أن المثقفين البعثيين ، في المهجر ، لم يقولوا كلمةً واحدةً عمّا جرى ، كأنهم غير معْنيّـين ، أو كأن عراقاً غير بعثـيٍّ ليس عراقاً مســمّىً . لقد تحوّل الشعراءُ البعثيون ، في المنفى ، إلى متصوفةٍ كاذبين ، ومقاولي جمعياتٍ ثقافية ملفّقة في هولندا وسويسرا وبلجيكا وسواها من بلدان الملجأ الأوربي . .
*
الفنانون والمثقفون اليساريون الذين كانوا السبّاقين في الهجرة ، استطاعوا في السنوات الخمس الأولى الحفاظَ على موقفٍ سياسيّ وأخلاقي واضحٍ وممتازٍ . كما أفلحوا في التوصل إلى صيغةٍ ما للتنسيق والاتصال في ما بينهم ، وإن لم يفلحوا في تطوير أدواتهم الفنية ، وبخاصة في الموسيقى والغناء والرسم والنصّ الشعريّ والمسرح ومحاولات السينما .
وهنا قد نجد تبريراً في طبيعة العلاقة ( السلبية في الغالب ) بين المنفيّ والمنفى .
*
هذه المراوحة في المكان والمكانة أفضتْ إلى هشاشةٍ في التكوين الفكري والثقافيّ ، هشاشةٍ جعلت المثقف اليساريّ في مهبّ الريح ، حتى لو كانت خفيفةً .
وعندما بدأت الإدارة الأميركية في الإعداد الجدّي لاحتلال العراق ، بعد 1991 ، عمدت أولَ ما عمدت إلى شــراء المثقفين اليساريين بخاصّـةٍ. ولم تجد الإدارة أي صعوبةٍ هنا ، بسبب ما ذكرتُه من هشاشةٍ ، بل أن عملية الشراء لم تكلِّفْها كثيراً من المال : مائة وخمسون دولاراً فقط ، في الشهر ، للمثقف الواحد !
( وهناك قصصٌ تروى عن إضراباتٍ تطالبُ بهذا المبلغ التافه إذا تأخّــرَ ... ) .
*
ليس مستغرَباً ، إذاً ، أن يصمت مثقفو بلدٍ حتى الآن ( اليساريون منهم والبعثيون ) ، على احتلال بلدهم ، بالرغم من كل المجازر التي يرتكبها المحتلّــون يومياً .
*
صحيحٌ أن حفنةً من رجال الدين والسياسيين الخونة ولوردات الحرب الأوباش عقدوا الصفقة الأساسَ لإعادة استعمار البلد .
لكن من الصحيح أيضاً القولُ إن المثقفين ، بعامّةٍ ، أسهموا ، ويسهمون ، حتى اليوم ، في تأييد استعمار بلدهم وإذلاله
ونهب موارده .

لم يحدثْ ، قطُّ ، في تاريخ الثقافة العربية الحديث ، بل في تاريخ هذه الثقافة بإطلاقٍ ، أن خان مثقفون بلدهم ، مثل ما خان المثقفون العراقيون ( بعامّـةٍ ) بلدَهم ...
بالـمَـجّــان !
لقد وقعوا تحت رعبِ قوائم القبض التي يهدَّدون بنشرها ، لو اتخذوا موقفاً مخالفاً الاحتلالَ ...
بل أن التأطير لا يزال مستمراً ، تحت مسمّياتٍ جديدة ، مثل " لجان دعم الديموقراطية " ! ، والمنظمات غير الحكومية ، والجمعيات " الثقافية " ، أو جمعيات الجالية ، التي تؤسسها سفارات إدارة الاحتلال مثل تلك التي في السويد وألمانيا والمغرب وهنغاريا وبلدانٍ عدّةٍ أخرى .
*
أقرنٌ ، إذاً ، أم نصفُ قَرنٍ ؟


لندن 6.8.2006



#سعدي_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العودة إلى عصور الظلام
- الشيوعيّ الأخير يتعلّم الهبوطَ بالمظلّة
- الشيوعيُّ الأخيرُ يَخرج متظاهراً
- طيور عَمّان وأشكالُها
- الشيوعيّ الأخير يرفضُ عملاً
- الشيوعيّ الأخير لا يعملُ مترجِماً
- الشيوعيّ الأخير يتطوّعُ ...
- الشيوعيّ الأخير يسبح في خليج عدن
- الشيوعيّ الأخير ينتظرُ الحافلةَ
- الشيوعيّ الأخير يشتري قميصاً
- قتْلُ الفلسطينيين
- الشيوعيّ الأخير يريد أن يكتبَ شِعراً
- الشيوعيّ الأخير يدخل الجنّة
- الشيوعيّ الأخير يشهدُ أوّل أيّار في برشلونة
- الشيوعيّ الأخير يذهبُ إلى البصرة
- الشيوعيّ الأخير يذهب إلى السينما
- السادس والثلاثون
- البصرةُ ليستْ لأهلِها !
- مُقَفّاةٌ
- خديعةٌ ؟


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سعدي يوسف - قرنٌ أم نصفُ قَرنٍ ؟