أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي - المسار- العدد 52















المزيد.....



المسار- العدد 52


الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي
(The Syrian Communist Party-polit Bureau)


الحوار المتمدن-العدد: 6911 - 2021 / 5 / 28 - 15:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




العدد /52/ أيارمايو 2021
---------------------------------------------------------------------------------
الافتتاحية:
دروس فلسطينية

تشير الحرب الاسرائيلية الأخيرة على فلسطين والفلسطينيين إلى حقائق عدة....
من أولها أن القضية الفلسطينية مازالت حية وقوية في وجدان الشارع العربي، وأن أحد مظاهر الوحدة العربية في زمن التجزئة هذا هو الموقف العربي الجماهيري تجاه القضية الفلسطينية الذي يملك غالبية كاسحة في الشارع العربي.
ثانيها أن التطبيع الرسمي العربي الذي بدأ مع السادات ورأينا آخر مظاهره مع محمد بن زايد لم يكن أكثر من رغوة صابون هو لا يمثل جسم المجتمع العربي وهو أمر لمسه السواح الاسرائيليون في مصروالأردن عندما رفض المواطن العادي التعامل معهم في تعاكس مع ما فعله السادات والملك حسين. وهو ما يقلق الاسرائيليون كثيرا من حيث أن التطبيع وقبول دولة اسرائيل في المنطقة لا يأتي من الحكام العرب بل من سائق التاكسي وعامل المقهى وبائع السندويش في شوارع المدن العربية وهو ما دفع شارون عام2005إلى بناء "السور الواقي "كتعبير عن أن اسرائيل ليست جزءاً من المنطقة بل هي في وضعية "القلعة المحاصرة والمنعزلة "عن المحيط،وفي التعبير عن نزعة عنصرية عند الصهاينة.
ثالثها اتفاق أوسلو قد انتهى وشبع موتا وأن الصراع لن يستطيع أن يحله ذلك الاتفاق.
رابعها الصراع مع اسرائيل ليس صراعاً حدودياً بل صراعاً وجودياً، وهذا لا يشمل فقط الفلسطينيون والاسرائيليون بل يشمل أيضاً الاسرائيليون والعرب.
خامسها أن فلسطينيو ال 48قد أثبتوا في الأيام الأخيرة أنهم فلسطينيون وليسوا اسرائيليون، وقد تكلمت هذا شوارع اللد والرملة ويافا وحيفا. هذا يطرح مستقبل دولة اسرائيل على بساط البحث الجدي مادام فلسطينيو ال 48هم حوالي ربع سكان دولة اسرائيل.
سادسها يلمس في الصحف الاسرائيلية تساؤلات جدية حول مستقبل دولة اسرائيل التي يقترب عمرها من ثلاثة أرباع القرن التي لا تستطيع أن تكون دولة طبيعية يشعر كل مواطنيها بأنهم منتمون لها، ويشعر الكثير من مواطنيها بأنهم في "قلعة محاصرة "من محيط معاد، كمايشعر هؤلاء بأن دولة شبيهة بدولة الفصل العنصري(الأبارتهيد)لا مستقبل لها، وتجربة دولة الفصل العنصري في جنوب افريقيا تظهر المصير المحتوم لدولة كهذه.
السؤال الآن: كم من الاسرائيليين يتملكهم الاحساس بالندم على تلبية وعد بلفور وبأن ما قام به وزير الخارجية البريطانية في 2تشرين ثاني1917عبر اصدار هذا الوعد هو أقرب إلى ورطة ليهود العالم وحفر حفرة وقع بها هؤلاء اليهود وهي حفرة يزداد عمقها كلما ازداد عمر دولة اسرائيل؟
- خواطر فلسطينية –
- الدكتور جون نسطه –

منذ أيام عديدة وانا أحاول متابعة استرجاع ما تبقى من زوايا الذاكرة وكتابتها،ولكن احداث القدس وتطواراتها السريعة لم تسمح لي بمتابعة الكتابة بهذا الاتجاه.
اسرائيل دولة العدوان المحتلة للقدس والضفة الغربية والجولان السوري،تحاول تهويد القدس وتهجير المقدسيين من بيوتهم ومصادرتها،وتمنع الفلسطينين من اقامة صلواتهم في المسجد الاقصى،وتعتدي عليه وفي داخله بقنابل الدخان والرصاص المطاطي،واعتقال المئات من المدافعين عنه تكشف عن وجهها الحقيقي.
ولم يكن في حسبانها ،بان الشعب الفلسطيني سوف يهب في كل اماكن تواجده،في غزة الصامدة،وفي الضفة الغربية،وفي داخل اسرائيل نفسها،لنصرة بيت المقدس وأهله الأبطال.
ان تل ابيب نفسها اصبحت لأول مرة تحت مرمى صواريخ المقاومة الفلسطينية في غزة،الامر الذي لم يكن احد يتوقعه ،وفي يوم واحد انطلقت من غزة أكثر من ألف صاروخ باتجاه كافة مدن الاحتلال.ونزلت جماهير الشعب الفلسطيني في كل مدن الكيان الصهيوني في حيفا ويافا وعكا واللد والناصرة إلى الشوارع والساحات تندد بالعدوان على القدس عاصمة فلسطين بل عاصمة العرب،وتعبر عن قهرها التاريخي منذ النكبة إلى اليوم،
وتحاول رفع الظلم عنها .فالكيان الصهيوني يدعي بانه الدولة الديموقراطية الوحيدة في المنطقة،في الوقت الذي يمارس فيه التمييز العنصري بأبشع تجلياته،من اقامة الجدار العنصري المدان من محكمة الجنايات الدولية،الى معاملة الفلسطينين كمواطنين من الدرجة الثانية او الثالثة،الى اعلان يهودية الدولة،لاغيا بذلك دولة المواطنة.
ان هبة الشعب الفلسطيني في هذه الايام المجيدة ان هي الا محاولة جدية ،لمسح وصمة العار ،في هزيمة حزيران،عن جبين الأمة.وهي بالوقت نفسه تشكل صفعة قوية لدول التطبيع وقادتها المتخاذلين.
والشعب السوري الذي يعتبر القضية الفلسطينية قضيته الاولى،لا يستطيع الان حتى عن التعبير عن مشاعر غضبه تجاه العدوان الصهيوني،ولا عن تضامنه مع شعبنا الفلسطيني،بفعل فقدانه لحريته وتكبيله من قبل اجهزة المخابرات الظالمة.
نضال الشعب السوري من اجل نيل حريته،هو بنفس الوقت نضال من اجل حقه بمقاومة الاحتلال ونصرة الشعب الفلسطيني.
تحاول اسرائيل والولايات المتحدة من وراءها،ان تصور نفسها ضحية العدوان الفلسطيني،وان من حقها الدفاع عن نفسها...هكذا نفس الأسطوانة القديمة المنكسرة منذ حرب 1967واحتلال أراض لثلاثة دول عربية.
كنت اتمنى لو كنت شابا ،لذهبت إلى أرض المعركة،الى القدس ،الى فلسطين واغني مع ام كلثوم.... إلى فلسطين خذوني معكم،فقد صار عندي الان بندقية.
------------------------------------------------------------------------------------------------
المقاطعة والعقوبات أسقطت نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.. فهل جاء الدور على إسرائيل؟
كريس ماغريل، "أوبزيرفر" الأحد23أيار2021
ساعدت المقاطعة والعقوبات على التخلص من نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، فهل جاء الدور على إسرائيل؟”. مضيفا: “اسأل الجيل القديم من البيض في جنوب أفريقيا متى شعروا بضغط العقوبات المضادة لنظام التمييز العنصري، وبعضهم يشير إلى لحظة عام 1968 عندما منع رئيس الوزراء بي جي فورستر جولة لفريق كريكيت إنجليزي لأنه يضم اللاعب بازل دوليفيرا والذي كان من عرق مختلط”.
ومُنعت بعد ذلك جنوب أفريقيا من المشاركة بمباريات الكريكيت الدولية حتى خروج نيلسون مانديلا من السجن بعد 22 عاما. وكانت قضية دوليفيرا نقطة مهمة في زيادة الدعم للمقاطعة الرياضية، حيث استُبعد البلد من المباريات الدولية بما فيها لعبة “الرجبي” التي يعشقها “الأفريكانز البيض” والذين كانوا يشكلون أساس الحزب الحاكم وشعروا بالسخط من استبعادهم.
وهناك آخرون يشيرون إلى أن يوم الحساب جاء عام 1985 عندما طلبت المصارف الأجنبية من جنوب أفريقيا دفع قروضها، وكان من الواضح أن البلد سيدفع ثمنا باهظا لنظام الفصل العنصري. ولكن هاتين الحادثتين لم تكونا فاصلتين في نهاية النظام العنصري بنفس الطريقة التي لعبها تلاميذ المدارس السود في سويتو، والذين قادوا حركة من العصيان المدني والاضطرابات، جعلت النخبة البيضاء غير قادرة على الحكم حتى تغيرت السياسة الدولية وانهارت الشيوعية التي لعبت دورها.
ومع ذلك لا يمكن إنكار صعود حركة المقاطعة لجنوب أفريقيا على مدى ثلاثة عقود والتي تركت علاماتها على سكان البلد وواجهتهم بالشجب الذي يتعرض له نظام الحكم. فقد ضغط الأوروبيون العاديون على متاجرهم للتوقف عن بيع المنتجات المنتجة في جنوب أفريقيا. وأجبر الطلاب البريطانيون بنك “باركليز” على إغلاق فروعه في جنوب أفريقيا. وقاد رفض عامل محل في دبلن للاتصال بشركة لـ”الغريب فروت” إلى إضراب، ومنعت الحكومة الأيرلندية الاستيراد بشكل شامل من جنوب أفريقيا.
وبحلول منتصف الثمانينات من القرن الماضي، قال واحد من كل أربعة بريطانيين إنهم يدعمون الحملة المضادة للتمييز العنصري. ولكن الحملة كانت قوية في الجامعات إلى جانب الحملة ضد انتشار السلاح النووي ودعم ثوار السانديستا في نيكاراغوا.
ومنع اتحاد الموسيقيين البريطاني، الفنانين من جنوب أفريقيا من الظهور في “بي بي سي” ومنعت المقاطعة الثقافية معظم الفنانين البريطانيين من المشاركة بمناسبات في جنوب أفريقيا، مع أن إلتون جون وكوين شاركوا في حفلات موسيقية في صن سيتي بفوثاتسوانا.
ورغم عدم وجود علاقات ثقافية ورياضية وتجارية بين الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا في تلك الفترة، إلا أن التعبئة ضد نظام الفصل العنصري في الجامعات والكنائس والتحالفات المحلية أسهمت في تقوية يد الساسة الأمريكيين والشركات الكبرى والدفع باتجاه تحويل الاستثمارات.
وفي الفترة التي قرر فيها “أف دبليو دي كلارك” التفاوض مع نيلسون مانديلا والإفراج عنه من السجن، كانت النقطة الأساسية هي وقف المقاطعة.
وبعد 27 عاما من نهاية نظام الفصل العنصري، يرى البعض أن حملة المقاطعة ضد جنوب أفريقيا هي دليل لتعبئة الدعم ضد ما يبدو بشكل متزايد “ماركة إسرائيل” من التمييز العنصري. وكما كشفت الحملة ضد جنوب أفريقيا، فبناء الدعم يحتاج لسنوات ومن يدعمون الحملة يواجهون عدوا قويا ممثلا في إسرائيل. ورغم كل التحولات في المواقف من إسرائيل، وتحديدا في الولايات المتحدة وبين الشتات اليهودي هناك، فقد قدمت تجربة جنوب أفريقيا مثالا يحتذى.
ومن أهم التحولات المهمة، هو تحطم التابو في المقارنة مع نظام جنوب أفريقيا العنصري. فمنظمة بتسيلم الإسرائيلية أصدرت في كانون الثاني/ يناير تقريرا تحدثت فيه عن “نظام تفوق يهودي من نهر الأردن إلى البحر المتوسط: نظام الفصل العنصري”. وتبعت منظمة هيومن رايتس الخطى في نيسان/ أبريل، واتهمت إسرائيل بارتكاب “جرائم تمييز عنصري”.
وظل أنصار إسرائيل يرفضون المقارنة مع جنوب أفريقيا ويعتبرونها معاداة للسامية، لأنها تشير إلى أن الدولة اليهودية هي مشروع عنصري.
وتواصل إسرائيل زعمها للعالم الخارجي أن الاحتلال مؤقت رغم ما تقوم به من تعميق له، وأن الفلسطينيين يتحملون المسؤولية لأنهم فشلوا في التفاوض على حل مرض يقود إلى الدولة.
ولكن التركيز المتزايد على العدالة الاجتماعية في الولايات المتحدة أثار الانتباه لحالة انتهاك الحقوق الفردية وحقوق الإنسان في البلدين. وتمتعت حركة المقاطعة لجنوب أفريقيا بالمصداقية معظم الوقت مع أنها لم تحظ بدعم عام بين السود الذين خافوا من خسارة أعمالهم. ودعا رئيس المجلس الوطني الأفريقي ألبرت لوثيلي في لندن عام 1958 إلى حركة المقاطعة التي ولدت بنفس الاسم، ليغير لاحقا إلى اسم الحركة المناهضة للتمييز العنصري.
وكان من بين المتحدثين جوليوس نيريري، الرئيس السابق لتنزانيا. وقال: “نحن لا نطلب منكم، أيها الشعب البريطاني أي شيء خاص، فقط نطلب منكم سحب دعمكم لنظام التمييز العنصري في جنوب أفريقيا والتوقف عن شراء البضائع”. وأضاف: “تقاتل حكومة جنوب أفريقيا التاريخ وسيخسرون، ونعرف أن حركة الكفاح للتحرير ستنتصر في جنوب أفريقيا، ولو كنتم واثقين فسنفوز”. وكان نيريري محقا ولكن الكفاح استمر لثلاثين عاما.
ومقارنة مع الحملة ضد جنوب أفريقيا، فحملة المقاطعة الفلسطينية تقودها منظمات المجتمع المدني والتي لا تملك التأثير السياسي على المنابر الدولية والنفوذ الذي تمتع به المجلس الوطني الأفريقي. ويبدو هذا ضعفا، وفي غياب القيادة الفلسطينية المسنّة، وجد الجيل الجديد منفذا لوضع فلسطين ضمن تجربة العدالة الدولية، مستخدما قدراته التواصلية الجيدة، إذا أضفنا إلى هذا حركتي الاحتجاج في الأراضي المحتلة وداخل إسرائيل اللتين اتحدتا في غضبهما ضد النظام القائم على التمييز.
وحاول المعتذرون عن جنوب أفريقيا من المحافظين على جانبي الأطلنطي تصوير المجلس الوطني الأفريقي بالحركة العنيفة المعادية للديمقراطية، وكواجهة للاتحاد السوفييتي. وتساءلت الصحافة الشعبية اليمينية عن سبب التركيز على جنوب أفريقيا وتناسي جرائم أخرى في القارة مثل ممارسات عيدي أمين في أوغندا. لكن الملايين رأوا ما يعنيه الفصل العنصري، وأنه جريمة ضد الإنسانية يعاني منها كل فرد في جنوب أفريقيا يعامل بعنصرية وتمارس عليه قوانين تمييزية.
وعملت إسرائيل كل ما بوسعها لتركيز النظر على حركة حماس، وهاجمت الناقدين لها متسائلة عن سبب “استهداف” الدولة اليهودية في وقت يمارس جيرانها العرب الاضطهاد والقمع وبدون ديمقراطية. لكن الأحداث في الأسابيع الماضية كشفت عن عدم فعالية هذه الأساليب، وتحديدا وسط الشجب والنقد الدولي على عملية طرد الفلسطينيين من بيوتهم في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه إسرائيل أن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والمعاقبة (بي دي أس) لا مصداقية لها، إلا أن أفعالها تكشف أمرا آخر. فقد عملت الجماعات المؤيدة لإسرائيل ما بوسعها لإقناع الولايات المتحدة بتمرير قوانين ضد المقاطعة وتقنين تعريف معاداة السامية الذي وضعه التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست وبأمثلته الغامضة عندما يتعلق الأمر بانتقاد إسرائيل.
وتضيف المقاطعة الطويلة لليهود في أوروبا جانبا على حركة المقاطعة لإسرائيل التفكير به، ولم يشغل حركة المناهضة للتمييز العنصري. مع أن الوقت قد مضى للمقاربة بين المقاطعة في ثلاثينات القرن الماضي بالمقاطعة اليوم. ودفع 200 عالم من حول العالم في “إعلان القدس” ضد هذا الرأي، وقالوا إن المقارنة بين إسرائيل ونظام التمييز العنصري والمقاطعة ليست معاداة للسامية. و
لم يساعد بنيامين نتنياهو نفسه عندما تحالف مع دونالد ترامب واليمين في أوروبا مثل رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان، الذي عادة ما استخدم نظريات المؤامرة المعادية للسامية. لكن التحديات تظل قائمة، فقد رفض الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) اتخاذ قرارات ضد 6 أندية كرة قدم في المستوطنات اليهودية لأن الموضوع “سياسي”، وهو ما يؤشر إلى قرار مهم يمهد الطريق لما حدث مع جنوب أفريقيا العنصرية.
وفي صدى لما حدث مع نظام التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، دعا الفنانون وصنّاع الأفلام لعدم المشاركة في مناسبات في إسرائيل، وطالب بعضهم بسحب تنظيم مسابقات “يوروفيجين” من تل أبيب عام 2019، كما قررت المغنية النيوزلندية “لورد” إلغاء حفلة لها في المدينة قبل ثلاثة أعوام. ورداً على ذلك، وضع مؤيدون لإسرائيل إعلانا في واشنطن بوست الأمريكية وصفوها بالمتعصبة.
وقبل ثلاثة أعوام، قررت الأرجنتين إلغاء مباراة ودية تحضيرا لكأس العالم في إسرائيل بعد تصويت اللاعبين ضد المشاركة.
ويرى الكاتب أن ظهور العلم الفلسطيني في مباريات الرابطة الإنكليزية والدوري الإنجليزي الممتاز في الأيام الأخيرة، يشير إلى دعم لتحركات مقاطعة إسرائيل. ومن الصعب إقناع الشركات الكبرى بنقد سياسات إسرائيل، ولكن القطاع الخاص قرر وأمام ضغط من ترامب وقف ضد حقوق التصويت في الولايات المتحدة وسحب التمويل من الحزب الجمهوري الذي دعم هجوم الغوغاء على الكونغرس في كانون الثاني/ يناير.
ولدى الحركة أصدقاء مهمّين بين السود في جنوب أفريقيا والذين كانوا على الجبهة الأولى في الكفاح ضد التمييز العنصري. وفي يوم الأربعاء، قال الرئيس سيرل رامافوسا والذي كان رئيس اتحاد العمال الذي قاد المفاوضات مع بيض جنوب أفريقيا، إن محاولات طرد الفلسطينيين من أجل إسكان يهود مكانهم “يعيد لنا ذكريات رهيبة من تاريخنا والفصل العنصري”. و”بالنسبة لنا، هذا قريب من معاناتنا تحت الأبارتايد. وعندما نشاهد هذه الصور لا نستطيع إلا أن نقف مع الفلسطينيين”.
------------------------------------------------------------------------------------------------
إنها فلسطين
الياس خوري
لا أعرف مريم العفيفي، الطالبة المقدسية في معهد إدوارد سعيد للموسيقى، لكنني أعرف ابتسامتها.
اعتقلها جنود الاحتلال في الشيخ جرّاح، وعندما وضعوا الأغلال في يديها التفتت إلى الناس الذين كانوا يراقبون المشهد، وابتسمت. قالت ابتسامة عازفة الكونترباص الشابة، ما لا تتسع له الكلمات، قالت إن ابتسامتها ليست ابتسامة يأس، بل ابتسامة ما بعد اليأس. إنها ابتسامة من لم تُهزم ولن تستسلم.
كما أنني لا أعرف موسى حسونة، سائق الشاحنة اللداوي، وهو شاب في الخامسة والثلاثين وأب لثلاثة أطفال، قُتل برصاص الزعران والشبيحة في مدينته اللد، وهو عائد إلى بيته. لم يُقتل في مظاهرة، بل قُتل بدم بارد برصاص مسدسات حملها مستوطنون زعران تحميهم الشرطة. جريمته الوحيدة أنه فلسطيني، فالفلسطيني في دولة الاحتلال والعنصرية الأبرتهايد يجب أن يموت.
قلت إنني لا أعرف مريم العفيفي، لكنني أعرفها، التقيت بنساء يشبهنها هنا في مخيمات اللجوء في لبنان. وكن حين يتحدثن عن قراهن المدمرة، يمسحن الدموع عن عيونهن، ويلتفتن إلينا، وترتسم على شفاههن ابتسامة غامضة تشبه ابتسامة مريم العفيفي. أطلقت على هذه الابتسامة اسم ابتسامة الكبرياء، لكنني عندما رأيت ابتسامة مريم المقدسية، فهمت أنها ابتسامة من يرفض أن يُهزم.
وقلت إنني لا أعرف موسى حسونة، لكن ما لم أقله هو أنني أعرف جده. موسى يحمل اسم جده الذي عاش في غيتو اللد عام 1948. الجد قاوم كغيره من أبناء الغيتو من أجل البقاء والتمسك بالأرض. أما موسى الشهيد، فقد ولد في المدينة المنكوبة التي يطلقون عليها وعلى بقية مدن فلسطين اسماً مستعاراً هو المدن المختلطة، بينما هي مدن فلسطينية عربية اجتاحها مستوطنون واحتلوا بيوتها. الحفيد نسي الغيتو والأسلاك الشائكة، فجاءته رصاصات شبيحة التطرف العنصري والديني اليهودي في إسرائيل، لتذكره بأنه لا يعيش في مدينته بل في الغيتو، وعلى سكان الغيتو أن يطلبوا رحمة مَن لا رحمة في قلويهم.
ابتسامة مريم تعممت على وجوه المعتقلين والمعتقلات الفلسطينيين، لم يشاهد العالم فرحاً كهذا الفرح الذي رسمه الألم. حتى تلك الشابة التي لا أعرف اسمها، كانت تبتسم بينما ركع على عنقها جندي إسرائيلي.
«يأس لا يستسلم» كتب فوّاز طرابلسي، أنه مجد ما بعد يأسنا. لقد ملأ حكام العرب الأرض فساداً، ما أعطى المستوطنين ودولتهم العنصرية شعوراً خاطئاً بانتفاخ القوة، وأطلق شياطين العنصرية والوحشية.
قالوا إن فلسطين انتهت، وخصوصاً بعد عار اتفاقات «أبراهام»، التي أرادت تحويل العار إلى نمط حياة، لكنهم فوجئوا بأن فلسطين بقيت فلسطين.
في الشيخ جراح وأمام إصرار سكانه المهددين بالطرد، عادت أشباح النكبة التي لم تغب، وفي ساحة باب العامود ارتسم هول الاحتلال الذي يسعى إلى خنق القدس الفلسطينية.
وانفجرت القدس ومعها انفجرت كل فلسطين، معلنة أن النكبة مستمرة منذ ثلاث وسبعين سنة، لكن مقاومتها مستمرة أيضاً ولم ولن تتوقف.
لا يصح استخدام كلمة نكبة من دون كلمة مقاومة. فالشعب الفلسطيني لم يتوقف عن مقاومة النكبة الزاحفة على كل مفاصل حياته، ولن يتوقف عن مقاومتها.
إنها فلسطين.
وفلسطين وحدها تحمل الكلمة الفصل. فلسطين هي القلب. قانا الجليل هناك وفي لبنان، ودمشق صارت دمشق الصغرى على تخوم جبل النار في نابلس، من جنين ومخيمها إلى اللد التي تنزع من روحها أسلاك الغيتو، إلى الرملة ويافا وحيفا وعكا. جليلها الفلسطيني يمتد في جليلنا اللبناني، وكرملها يغوص في البحر معانقاً بحر الجليل.
إنها فلسطين.
وفلسطين اليوم المضرجة بالدم تعيد رسم المنطقة.
ما صنعته هذه الانتفاضة الكبرى بمظاهراتها ومواجهاتها وصواريخها وصمودها الأسطوري، هي أنها رممت أرواحنا وكرامتنا ولغتنا.
الصراع الكبير على مستوى المنطقة يدور هنا.
انتفاضة فلسطين هي أم الانتفاضات العربية، لأن فلسطين تقاوم دفاعاً عن الحرية، والحرية واحدة.
وقد جاءت انتفاضات الربيع العربي لتؤكد هذه الحقيقة. فالاستبداد العربي هو الوجه الآخر للصهيونية. وحين تناضل الشعوب العربية من أجل حريتها فهي تناضل أيضاً من أجل حرية فلسطين.
لم يأت أوان التحليل بعد، فوسط الدم نحن ننحاز بلا تردد إلى جانب الضحية الفلسطينية التي تنتفض دفاعاً عن حقها وحقنا في البقاء.
لم يأت أوان التحليل، لكن كل شيء يشير إلى أن فلسطين تعيش مفترقاً حاسماً، وتؤسس لبداية جديدة.
انتهى الرهان على الاستسلام، فهؤلاء القتلة رفضوا الاستسلام الفلسطيني في أوسلو لأنهم لا يريدون استسلامنا بل يريدون إبادتنا.
وتوحدت فلسطين في أرض المعركة.
انتفض أولاد الغيتو الذين عاشوا في غيتو كبير اسمه دولة إسرائيل. فلسطينيو داخل الداخل هم فلسطينيون وليسوا عرب 48، أو عرب أرض إسرائيل.
وفلسطينيو القدس هم فلسطينيون أولاً، قِبلتهم اسمها الوطن المحتل والمؤجل.
وفلسطينيو الضفة الغربية وغزة هم أبناء جسد واحد مهما كان الانقسام فاحشاً.
وفلسطينيو الشتات واللجوء يقاومون ويصنعون من خرابهم أرضاً جديدة.
إنها فلسطين.
ورسالة فلسطين واضحة، إنها تقول لإسرائيل بأن الاسم الفلسطيني لن يزول، وسيستمر في المقاومة إلى أن يحين الحين.
وتقول للحكام العرب الذين خانوها بأنهم فقدوا أرواحهم، ولن يستعيدوها، وأن حلفهم مع دولة الاحتلال هو خضوع وذل وعار سيلاحقهم إلى الأبد.
وتقول للعالم بأنها تعلمت أن اللغة الوحيدة التي يفهمها الوحش العنصري المهيمن على الغرب الرأسمالي هي لغة القوة. وأنها لن تبالي باللغة المحنطة التي لا يتقن الأمريكيون والأوروبيون سواها، ولن تلتفت إلى لومهم الدائم للضحية.
وتقول للقيادات الفلسطينية المهيمنة كفى. انتهت اللعبة يا جماعة، الذين نهبوا وتسلطوا عليهم أن يغادروا الحلبة قبل أن يدمر الفلسطينيون المسرح على رؤوسهم، والذين تاجروا بالدين عليهم أن يفهموا أن فلسطين وطن وليست مذهباً دينياً، وأنها تقاتل العنصرية والتعصب الديني الإسرائيلي، من أجل التحرر والحرية. إنها فلسطين. استمعوا إليها، فمهما كانت نتيجة المواجهة، فإن فكرة فلسطين تتجدد في ساحة هذه المعركة المفتوحة على كل الاحتمالات.
من صفحة الياس خوري على الفيسبوك
18/5/ 2021
أنقذوا. مرة أخرى
• مايو 17, 2021 مصطفى سعد

قرأت كتاب “التحليل النفسي للجريمة”، وهو يتحدّث عن الفرد المجرم من وجهة نظر علم النفس، ولا يتحدّث عن الجماعات. يؤكد علم نفس بحسب الكاتب على أنّ الجريمة ترتكب بدافع مجموعي بعيداً عن الدافع الشخصي، بما معناه أنّ الفرد ينتمي إلى جماعة هي المسؤولة عن جريمته، السبب في ذلك هو المستوى الفئوي والاجتماعي الذي نعيشه، الجريمة لا تقتصر على القتل طبعاً.
لكن ألا يمكننا القول إنّ الجماعات يصح عليها المقياس ذاته؟ بما معناه أنّنا نستطيع أن نقول إنّ الجرائم التي تتعرّض لها الشعوب من قبل قوى احتلال أو أنظمة تنهب خيرات بلدانها وتفتك بمعارضيها هو أيضاً بسبب الجماعة التي تنتمي إليها هذه الاحتلالات أو هذه الأنظمة؟ وإن المجتمع الدولي والغرب الديمقراطي الذي يدّعي حمايته لحقوق الإنسان لم يتصرّف بشكل جدي وحقيقي للدفاع عن شعوب المنطقة التي تتعرّض لشتّى أنواع الجرائم؟
إن كنّا الأضعف فهل هذا مبرر كافٍ لأكلنا؟ أم أنّ ما يجري في القدس الشرقية ليس فيه انتهاك للإنسانية؟ وأنّ حقوق الإنسان تتمثّل في حقّ الإسرائيلي بتهجير سكان حي الشيخ جراح من بيوتهم والسكن فيها؟
تظلّ فلسطين مؤشراً هاماً على نوعية النظام الذي يحكم العالم بأسره، نظاماً وضعه الأقوياء، ومهما تضمن من قيم أخلاقية وإنسانية، فإنّ فلسطين تظلّ تذكيراً دائماً، بأنّ هذه القيم لا تسري في جميع الحالات، ومثلما إسرائيل (دولة) استثناء في كتب التاريخ، فإنّ فلسطين استثناء في الشرائع الدولية.
ومع كل انتهاك إسرائيلي كبير لبيوت الفلسطينيين يأخذ طابعاً أكثر حدة، وإن كانت هذه الانتهاكات منهجية ولم تتوقف يوماً، تطلق شريحة واسعة من شارع العالم العربي نداء استغاثة “أنقذوا…”، وعلى الرغم من قيمة هذه النداءات الرمزية بعد حملات التطبيع الواسعة التي اجتاحت العالم العربي في الأعوام الأخيرة، وارتفاع صوت مؤيدي التطبيع إلى درجة غير مسبوقة، إلا أنّ لا أحد يعلم لمن توجه هذه النداءات، في عالم يعرف العرب فيه جيداً من خبرتهم أنّ النداءات مهما اشتدّت فلن تحرّك حجراً، ولن توقف رصاصة، وفي دول أقامت السفارات الإسرائيلية داخل شوارعها منذ سنوات، نسمع نداء “أنقذوا…”، وفي دول يحكمها طغاة كان لهم دور أساسي في إخماد حركات المقاومة، نسمع نداء “أنقذوا…”، لم يقل أحد من سينقذ.
وإن كانت هذه الظواهر تبدو ذات جدوى في التعبير عن حوادث مأساوية تجتاح مدن العالم الذي تأخذ سيرورة الحياة فيها نسقاً اعتيادياً، ومفهوم العدو أو “الآخر” محدد بالنسبة إلى مفهوم الوطن بأكمله. فإنّ هذه الضوضاء خرساء تماماً بالنسبة إلى عدو لم يعرف سوى لغة القوة، والسلاح، والقهر.
لكن ولأجل الحقيقة وحدها، ينبغي ألا نستمرّ في لعب دور الضحية والتسليم بنظرية “المؤامرة” التي تحاك للقضاء على العرب والمسلمين، دون أن نشير بشكل واضح إلى أخطاء ترتقي لمستوى الجرائم الموصوفة ارتكبتها الأنظمة والنخب العربية بحق شعوب المنطقة قاطبة، وليس بحق الشعب الفلسطيني وحده. أهمها احتكار القضية الفلسطينية باسم الإسلام تارة، وباسم العروبة تارة أخرى، ليدافع فنان مصري صاحب شهرة واسعة عن لقائه بفنانين إسرائيليين في حفل بقول: “لكم دينكم ولي ديني”.
والحكم على الفعل ليس كفعل، بل بحسب الفاعل أو المفعول به، أي إعادة تأويل الفعل من خلال التهكم على الفاعل أو التقليل من شأنه أو قص جرائمه مرةً تلو الأخرى. إما أن يستنكر ويدين أو يهلل ويبارك، مثل الكثير من السوريين الذين اعتبروا الاحتلال التركي وتهجير السوريين من بيوتهم نصراً مؤزراً، وآخرون رقصوا طرباً عند تهجير أهل الغوطة وحمص وغيرها من المناطق، وكلهم ضد الاعتداء الإسرائيلي على أهالي حي الشيخ جراح. فأي نفاق وكذب وازدواجية تعيشها تلك النخب، وكيف يمكن للشعوب أن تثق بها وتلتف حولها؟!
النخب التي صمتت عن آلاف المعتقلين في بلدانها، أو التي ارتمت في أحضان السفارات الأجنبية، وعملت بإشراف أجهزة استخبارات إقليمية ودولية، لن يصدقها أحد بموقف انتهازي تشبه مواقفها بما يخصّ بلدانهما. أما السلطة الفلسطينية والأنظمة العربية التي لم تشغلها أي نهضة تنموية، أو ترسيخ مبادئ العدالة والديمقراطية بقدر ما شغلها ضبط الشارع وقمعه للاستمرار في الحكم، وقمع أي صوت ينادي بالحرية والتحرر، أو يتحدّث عن سوء توزيع الثروات أو الإهمال.
المصالح الفئوية الضيقة أو الأيديولوجيات الإقصائية التي مارستها الأنظمة الشمولية والإسلام السياسي بشقيه، السني والشيعي، ألغت حالة المقاومة الشعبية التي ضمت الشيوعي والقومي والبعثي والإسلامي على اختلاف مذاهبه، والأممي والمواطن غير الحزبي أو غير المؤدلج فقط من يريد نصرة مظلوم أو إحقاق الحق، تم إلغاء كل من سبق ليتصدّر المشهد تيار الإخوان المسلمين متمثلاً بحركة حماس، وحزب الله، وانتهت الحالة التي شهدنا بها المناضل الفنزويلي، إلييتش سانشيز، أو الإيطالي، فونتانا، أو الذين أتوا من اليابان لأجل القضية الفلسطينية، أمثال تسويوشي أوكودايرا وكوزو أوكاموتو، ومن ألمانيا أولريكا ماينهوف، ومعهم عرب من المحيط إلى الخليج.
لن تمر عدة أيام حتى تنتهي مسألة حي الشيخ جراح، وبأي نتيجة انتهت ستخفت أصوات النداءات، يوماً تلو الآخر، وسيعود أهل الشيخ جراح إلى عزلتهم، وإن انتصروا وتراجعت إسرائيل ستعم الأفراح الوطن العربي وستتغير النداءات بسرعة، وسينسى كثر أنّ الحكاية لا تقتصر على مشهد الشيخ جراح الذي ألهب حماستهم، بل هي حكاية لها صفحات كثيرة، وستُكتب فيها صفحات غيرها مهما تكررت النداءات.
ليفانت – مصطفى سعد
------------------------------------------------------------------------------------------------
أرقام سورية
يقدّر عدد سكان سوريا بين الداخل والخارج وفقاً للعام ٢٠٢٠ بـ ٢٦ مليون و٢٧١ ألف.
ويعيش أكثر من نصف السكّان بالداخل، أي ٥٤,٢٪، في المناطق الحضرية.
فيما يعيش ٤٥,٨٪ في المناطق الريفية، بحسب تقديرات العام ٢٠١٨.
ويعتبر معدل المواليد في سوريا أعلى من مثيله في معظم البلدان المجاورة، وأيضاً من المتوسط العالمي.
كما أن متوسط العمر المتوقع في سوريا أعلى من المتوسط العالمي، وبحسب تقديرات العام ٢٠١٧:
الذكور: ٧٢,٧ سنة.
الإناث: ٧٧,٦ سنة.
ويلاحظ أن الشعب السوري بعمومه شاب، وأكثر من نصفه تحت ١٩ عاماً، ويتوزع السوريون بحسب العمر على الشكل التالي، وفق تقديرات العام ٢٠١٨:
تحت سن الـ ١٥ عاماً: ٣١,٥٪.
بين ١٥ و١٩ عاماً: ٢٨,٣٪.
بين ٣٠ و٤٤ عاماً: ٢١,٤٪.
بين ٤٥ و٥٩ عاماً: ١٢,٢٪.
بين ٦٠ و٧٤ عاماً: ٥,١٪.
بين ٧٥ و٨٤ عاماً: ١,٢٪.
فوق ٨٥ عاماً: ٠,٣٪.
نسبة القدرة على القراءة والكتابة لمن هم فوق ١٥ عاماً، تقديرات ٢٠١٢:
الذكور: ٩٠,٨٪.
الإناث: ٧٩,٢٪.
المصدر: موسوعة بريتانيكا.
- لماذا هذا الاصرار الأميركي على الاتفاق مع إيران؟ -
- "نورث برس"،252021 - - محمد سيد رصاص -
يثير الرئيس الأميركي جو بايدن الكثير من الغضب لدى حلفاء واشنطن في تل أبيب والرياض وأبو ظبي من خلال مضيه في طريق الاتفاق مع إيران غير ملتفتاً لاعتراضات أولئك الحلفاء وقد وصلت الحالة لدى الاسرائيليين لمحاولة تخريب المفاوضات الجارية في فيينا من خلال الهجوم السيبراني على مفاعل ناطنز والذي اختار الاسرائيليون توقيته أثناء زيارة وزير الدفاع الأميركي للدولة العبرية. هناك اعتراضات كثيرة في الكونغرس الأميركي على الاتفاق مع إيران وهذا لا يشمل الجمهوريين فقط بل يشمل أعضاء في الحزب الديمقراطي.
هنا قد يثير الحيرة اتفاق 2015الذي عقده الرئيس الأميركي باراك أوباما مع طهران والذي قضى بتجميد وتفكيك عمليين للبرنامج النووي الايراني بالترافق مع اغماض العين الأميركية عن تمدد طهران في اقليم الشرق الأوسط، تماماً كما أثيرت الكثير من الأسئلة عن غض بصر واشنطن عن وقوع العراق المغزو والمحتل أميركياً بيدي الايرانيين، وليس صحيحاً ما قيل عن أن الأمريكان هم "محتل فاشل لا يعرف اليوم التالي السياسي لفعل الاحتلال العسكري". صحيح أن واشنطن قد فرضت عقوبات اقتصادية قاسية على طهران منذ عام2005مع بدء طهران في برنامج تخصيب اليورانيوم ولكن كان الهدف هو الوصول لاتفاق مع إيران حول البرنامج النووي الايراني وليس حول سياساتها في الاقليم بمافيها العراق، وإن كان من الدقة القول بأن انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عام2018من الاتفاق مع الايرانيين كان هدفه إعادة الاتفاق مع طهران ضمن سلة تشمل البرنامج النووي الايراني وسلاح طهران الصاروخي وسياسات إيران في الاقليم.
على هذا الصعيد تبدو تفاوضات بايدن، التي مازالت غير مباشرة مع الايرانيين في العاصمة النمساوية فيينا، هي أقرب إلى توجهات أوباما من قربها مما طرحه ترامب، حتى مع تلويح مسؤولي إدارة بايدن بأن المفاوضات يمكن أن تشمل سلة ترامب الثلاثية المحتوى ولكن مجرى المفاوضات في فيينا يوحي بالتركيز على شروط أميركية لا تشمل ما طرحه ترامب لعودة واشنطن للاتفاق في مقابل طلب ايراني برفع عقوبات ترامب كشرط لعودة طهران عن خروقاتها لاتفاق2015لاأكثر.
هنا يجب إعادة فحص الأمور، فتلاقيات واشنطن مع طهران تجاه عراق2003-2005، وتلاقيات أوباما مع الايرانيين في اتفاق2015، واصرار بايدن على العودة لذلك الاتفاق توحي ثلاثتها بأن هناك استراتيجية أميركية للتلاقي مع الايرانيين يجب محاولة مقاربتها المعرفية. على الأرجح أن الهم الصيني عند الأمريكان الموجود منذ التسعينيات عندما تم وضع بكين كتحدي رئيسي للقطب الأميركي الأوحد للعالم في مرحلة ما بعد هزيمة السوفيات في الحرب الباردة هو وراء تلك المحاولات الأميركية للتلاقي مع طهران، فإيران يمكن أن تسد طريق الصين إلى الشرق الأوسط هي وأفغانستان وليس صدفة أن يبدأ التعاون الأميركي-الايراني أثناء الغزو الأميركي لأفغانستان بعد أربعة أسابيع من 11سبتمبر2001ثم يثنى هذا التعاون في عراق2003. أيضاً، إيران، إن تم كسبها أميركياً، هي ستكون المانع من تشكيل ثالوث بكين – موسكو-طهران الذي يخشاه الأمريكان كثيراً وهي ستكون المانع أمام تشكيل خماسي بكين-موسكو-طهران – اسلام آباد-أنقرة الذي يمكن إن تشكل أن يجعل القطب الأميركي الأوحد للعالم في حكم المنتهي. طهران هي بيضة القبان الذي يمنع أويجعل ذلك الثلاثي أوالخماسي ممكن الحدوث. بالمناسبة هناك إشارات من طهران عن أن متشددي السلطة الايرانية لم يعودوا ميالين بخلاف الاصلاحيين بزعامة حسن روحاني وجواد ظريف إلى الاتفاق مع واشنطن ،بل يفضلون المضي قدماً نحو الشرق بالترافق ربما (رغم فتوى السيد علي الخامنئي بتحريم امتلاك السلاح النووي) مع الاتجاه إلى تكرار السيناريو الكوري الشمالي عندما استفاق العالم ذات صباح عن تجربة نووية أعلنت امتلاك بيونغ يانغ للسلاح النووي، وهم يخشون من أن الاتفاق الايراني-الأميركي ستكون له ترجمات ايرانية تجعل الاصلاحيين راجحي الكفة في السلطة وفي المجتمع وهم يقرأون بالتأكيد التجربة الأميركية مع الاتحاد السوفياتي عندما كان الوفاق الدولي بين عملاقي عالم الحرب الباردة بالسبعينيات مساعداً على نمو اتجاهات سياسية- اقتصادية- ثقافية في المجتمع السوفياتي أصبحت بالتدريج على تصادم مع (الحزب الواحد)و(رأسمالية الدولة)لصالح (الديموقراطية السياسية)و(اقتصاد السوق) حتى تم حسم الأمور في فترة1985- 1991عندما قامت البنية المجتمعية السوفياتية بتكنيس البنية الدولتية.
ربما هناك أهداف أميركية أخرى من التلاقي مع طهران منها ابعاد ايران عن الروس بل جعل طهران متصادمة مع موسكو في الشرق الأوسط وفي منطقة القفقاس وفي منطقة آسية الوسطى .بالتأكيد لا يخفى على الأمريكان بأن تمدد ايران في اقليم الشرق الأوسط الذي بدأ من العراق المغزو والمحتل أميركياً قد أثار توتراً سنياً- شيعياً في عموم العالم الاسلامي هو غير مسبوق سوى في فترة الصدام العثماني- الصفوي الذي بدأ في معركة جالديران عام1514واستمر لأكثر من قرن من الزمن وبأن هذا التوتر قد استفادت منه واشنطن كثيراً من حيث زيادة ارتماء دول الخليج في الحضن الأميركي هذا إذا لم نقل بأن هذا التوتر الناتج عن ذلك التمدد الايراني قد دفع دول خليجية معينة للتقارب مع اسرائيل،وهذا أمر لم يخفه مسؤولون إماراتيون وبحرينيون في الصيف الماضي أثناء عملية تطبيع علاقاتهما مع تل أبيب. ويعرف الأمريكان بأن هذا التوتر سيزداد في حال عادت واشنطن للتلاقي مع الايرانيين.
هنا تبقى المفاوضات في فيينا مفصلية من حيث رسم مستقبل اقليم الشرق الأوسط وهي سترسم هذا المستقبل إن نجحت وهي سترسمه أيضاً إن فشلت.
من زوايا الذاكرة
- الدكتور جون نسطه –
اخذت هذه الحادثة صدى كبير في اوساط كل الشيوعيين العرب ومنهم طبعا السوريين.
ولم يمضي سوى ايام حتى جرى الاجتماع معي، من قبل ممثلي قيادة المنظمة للتعبير عن اطراءهم وتقديرهم لموقفي الصلب هذا. وانتهى موضوع العزلة وانفكت نهائيا.
اليوم وانا اكتب تمر الذكرى السادسة والسبعين لانتصار الجيش الأحمر على النازية الهتلرية عدوة الشعوب. انه يوم عظيم في التاريخ الحديث.
وكان ضباط الجيش الاحمر في لا يبزغ يحتفلون بهذا اليوم احتفالا كبيرا، ويوجهون الدعوة لنا لمشاركتهم أيضا.
كنت أعرف من خلال تجارب سابقة طبيعة الضابط الروسي وقدرته الفائقة على تحمل شراب الفوتكى الروسية وكيف يتطلب منك،ان تشرب معه نفس الكمية التي يشربها هو،100ملي ليتر ،وبدفعة واحدة واذا لم تفعل يزعل ويغضب ويحتقر. لذا كنت ابتعد عن الجلوس على موائدهم،واقعد،مع بعض رفاقي الشيوعيون السوريون طبعا على مائدة بعيدة عنهم بقصد السلامة. أما الرفيق حسان زين العابدين من حمص، كان يقول انا أحب الرفاق السوفييت وسأقف معهم على نفس الطاولة. ولا تمضي نصف ساعة وإلا حسان يغيب عن الأنظار...اين حسان؟ نبحث عنه ونجده تحت الطاولة شبه غائب عن الوعي.

كان على طلاب الطب ان يعملوا مدة شهرين في إحدى المشافي بصفة متدرب. فكان اختياري مشفى لينين في برلين. وهو من المشافي الكبيرة والمهمة في العاصمة وهو قريب من سكن الدكتور نايف بلوز أيضآ.كنت اسكن عنده وأحيانا كنت استأجر غرفة بنفس البيت من صاحبته العجوز ايما، وهذا هو اسمها وهي ارملة برلينية رقيقة الطباع، منفتحة، مزوحة، تحب المال بنفس الوقت. كنت اعمل في المشفى من الثامنة صباحا حتى الرابعة بعد الظهر ارتاح قليلا ثم نذهب نايف بلوز وانا الى أحد المطاعم، نحتسي بيرة مع الطعام ثم نتحول إلى شرب النبيذ حتى منتصف الليل وخلال ذلك نستعرض احوال الدنيا وتياراتها الفكرية والسياسية. كان نايف يؤكد دوما على اهمية ومحورية علم السبرنيتكا، اي علوم الكومبيوتر، في مستقبل مجتمعات الصناعة والعلوم عامة. كان هذا في منتصف الستينات من القرن الماضي ولكن كان همنا الاكبر ينصب على سوريا ومستقبلها وعلى حزبها الشيوعي المنوط به ان يلعب دورا هاما في رسم ملامح تطورها ونهضتها، وكيف هو بتركيبته الحالية سيكون عاجزاً عن القيام بدوره هذا، لاسباب عديدة وعلى رأسها غياب الحرية وعدم السماح لاحد في صفوفه، من طرح افكار جديده، واثارة موضوعات للنقاش. والفكر والتحديث لا يعيش بغياب الحرية وفي ظل قيادة الفرد الواحد الملهم المعصوم.


كنا، سوية، نستغرب عدم عقد مؤتمر للحزب رغم مرور أكثر من عقدين ونصف، على اخر مؤتمر في اواخر العام 1943وبداية العام 1944.
وكيف لحزب ان يعمل بدون برنامج سياسي عام.
بعد عودة خالد بكداش من المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي بقيادة نيكتا خروتشوف الذي عرى ميكانيكية عبادة الفرد المتمثلة بالهرم ستالين وعن ضرورة العودة إلى تعاليم اللينينية بالديمقراطية المركزية التي تسمح بتعدد الآراء وطرح للموضوعات الجديدة، بكل حرية واريحية، الى حين اتخاذ القرار بالتصويت وعندها يلتزم الجميع بهذا القرار.
عند عودته عقد اجتماعا اللجنة المركزية وقدم عرضا لما جرى في المؤتمر حول ضرورة التخلص من عبادة الفرد وضرورة توزيع المهام على كل اعضاء القيادة الخ وصدر بيان يلقي اللوم على اعضاء قيادة الحزب لأنهم يلقون كل المهام على اكتاف الأمين العام، دون ان يتحملوا اية مسوؤلية.شيء لا يعقل ولا يصدق.
كنا نايف وانا لا نعرف بان أفكارنا هذه كانت تجول بنفس الوقت في عقول الكثير من الرفاق في المنظمات الحزبية المختلفة في داخل الوطن.
جاء في العا م1968الى برلين قادما من دمشق الرفيق يوسف فيصل وطلب عقد اجتماع لكل رفاق المنظمة الحزبية في كل ألمانيا. وتحدث فيه عن الوضع السياسي العام بعد النكسة وان سوريا تحكم من قبل عدس،لم نكن قد سمعنا بمصطلح عدس. فشرحه بالحكم العلوي الدرزي الإسماعيلي. ثم قال انا لم اقراء كتب ماركس وانجلز ولينين كلها ومع ذلك طرحت شعار تشكيل الجبهة الوطنية على الساحة السياسية. استغربت كيف لقيادي في الحزب يتباهى بجهله وعدم دراسته لكتب الماركسية. وكيف ان شعار الجبهة الوطنية كان ديمتروف قد طرحه في العام 1936امام الأحزاب الشيوعية في مؤتمر الاممية الشيوعية، وبضرورة العمل مع كل الأحزاب الاشتراكية الديموقراطية والليبرالية،
لتشكيل جبهة وطنية عريضة في كل بلد على حدة للوقوف امام زحف النازية الفكري والسياسي.
بعد انتهاء الاجتماع الرسمي ذهبنا إلى قاعة معدة للطعام والاستراحة، وهناك تقرب منا نايف وانا وسأل نايف الذي كان يعرفه جيدا من قبل ماذا تدرس انت في برلين؟ اجابه نايف بسخرية والله انا ادرس الجغرافية.
كان نايف مستاء جدا من مما جرى وقال لي بئس حزبا لاتعرف قيادته بان كادرا يحضر اطروحة في الفلسفة، وباشراف اهم استاذ فلسفة في ألمانيا مهتم بالفلسفة العربية الاسلامية.كيف لحزب ان يكون قياديا، وهو لا يهتم بأمور مفكريه واصحاب الرأي، واساتذة الجامعات في المستقبل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- من كتاب الأيديولوجية العربية المعاصرة -
- عبدالله العروي -
من الزاوية الاقتصادية، تناضل الدولة القومية، ضد الاستثمارالامبريالي، لكنها لا تزيله. وكانت الدولة الليبرالية تقبله على أنه قدر محتوم، وبسبب هذه النزعة الحتمية الانهزامية، كانت تلك الدولة تستسلم للنهب دون رد فعل، وتعطي الامبريالية عائدات أرباح قصوى أسطورية. وتكافح الدولة القومية بجميع قواها، بواسطة التأميمات، وجعل التجارة الخارجية قطاعا عاما تابعا للدولة، وإلغاء الوسطاء، وبواسطة التصنيع ومكننة الزراعة وتسوية الأسعارالعالمية، لأجل وقف هذا النهب، ولكن الحركة الحرة للعرض والطلب في السوق العالمية توقف دائما كفاح هذه الدولة عن بلوغ أغراضه القصوى. إنها، أي الدولة القومية، دولة يذكَرها اقتصادها في كل لحظة بوضعا القاصر، وهذا التذكير، التي أصبحت قادرة على ادراكه،يدفعها بالضبط نحو التقدم المستمر.
من الوجهة السياسيةـ الاجتماعية، فإن التمايز والاستثمار الطبقي لا يكفيان لتحديد خصائص تلك الدولة القومية، ولا وضعها الوسيط بين دولة رأسمالية حرة ودولة اشتراكية مبرمجة. ويبدو أن أوسع تعريف للدولة القومية هو هذا: إنها دولة آخذة بالتبرجُز، مع جميع ما يستلزم ذلك من خصائص اجتماعية وثقافية، لكن تلك العملية تجري تحت قيادة فئة اجتماعية غير البورجوازية. وهذا التعريف ينزع بالنتيجة من تلك الدولة طابعها ظاهرة خاصة بالبلدان المتخلفة، اليوم، وقد سبق أن شوهدت في الماضي، وحتى في أوروبا.
بيد أن التعريف السابق، يبدو انه الأكثر مطابقة، على المستوى الثقافي. إن الدولة القومية تفرض ثقافة بورجوازية، عقلانية النزعة ونازعة إلى الكونية على مجتمع لم يلد هذه الثقافة بتطور داخلي. وعملية التبرجز هنا عامة.سريعة، وأكثر مباشرة، لدى مقارنتها مع تلك العملية التي تجري في الدولة الليبرالية،على نحوبطيء، وتجزيئي، ولأجل إلقاء الضوء على هذا الدور التاريخي النشيط جرى تفضيل كلمة "الدولة" على كلمة مجتمع، واكثر من ذلك أيضا، على كلمة ديمقراطية التي تُدخل صيغة سياسية تقييمية.
------------------------------------------------------------------------------------------------
إن الصين مخطئة في اعتقادها أن الولايات المتحدة تواجه تراجعاً حتمياً
مارتن وولف
"الفاينانشال تايمز"29 4 2021(ترجمة هيئة التحرير)
النخبة الصينية مقتنعة بأن الولايات المتحدة في حالة تدهور لا رجوع فيه. هكذا يقول جود بلانشيت من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ، وهي مؤسسة فكرية مرموقة مقرها واشنطن. ما كان يحدث في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة ، ولا سيما في السياسة ، يدعم هذا المنظور. إن الديمقراطية الليبرالية المستقرة لن تنتخب دونالد ترامب - رجل يفتقر إلى جميع الصفات والقدرات اللازمة - للقيادة الوطنية. ومع ذلك ، فإن فكرة تراجع الولايات المتحدة مبالغ فيها. تحتفظ الولايات المتحدة بأصول كبيرة ، لا سيما في الاقتصاد.
على مدى قرن ونصف ، كانت الولايات المتحدة الاقتصاد الأكثر ابتكارًا في العالم. كان ذلك أساس قوتها وتأثيرها العالميين. فكيف تبدو قوتها المبتكرة اليوم؟ الجواب: جيد نوعا ما ، بالرغم من منافسة الصين.
أسواق الأسهم غير كاملة. لكن القيمة التي يضعها المستثمرون على الشركات هي على الأقل تمثل تقييماً محايد ا ً نسبيًا لتوقعاتهم. في نهاية الأسبوع الماضي ، كان مقر 7 من أكثر 10 شركات قيمة في العالم و 14 من أفضل 20 شركة في الولايات المتحدة.
الشركات الخمس الأكثر قيمة في العالم هي عمالقة التكنولوجيا في الولايات المتحدة: Apple و Microsoft و Amazon و Alphabet و Facebook. يوجد في الصين شركتان قيمتان في مجال التكنولوجيا: Tencent (في المركز السابع) و Alibaba (في المرتبة التاسعة). لكن هذه هي الشركات الوحيدة في الصين. من بين أفضل 20 شركة أوروبية من حيث القيمة هي LVMH في المرتبة 17. ومع ذلك ، فإن LVMH هي مجرد مجموعة من العلامات التجارية الفاخرة الراسخة. يجب أن يقلق الأوروبيون.
عندما ننظر إلى شركات التكنولوجيا فقط ، فإن الولايات المتحدة لديها 12 من أفضل 20 شركة ؛ الصين (مع هونج كونج ولكن باستثناء تايوان) لديها ثلاثة ؛ وهناك شركتان هولنديتان ، إحداهما ASML ، هي أكبر مصنع للآلات التي تصنع الدوائر المتكاملة. تمتلك تايوان شركة Taiwan Semiconductor Manufacturing Company ، وهي أكبر شركة لتصنيع رقائق الكمبيوتر في العالم ، بينما تمتلك كوريا الجنوبية شركة Samsung Electronics.
تعد علوم الحياة قطاعًا مهمًا آخر للازدهار في المستقبل. يوجد هنا سبع شركات أوروبية (بما في ذلك سويسرا والمملكة المتحدة) في قائمة العشرين الأولى. لكن الولايات المتحدة لديها سبع شركات من أفضل 10 شركات ، و 11 من أكبر 20 شركة. وهناك أيضًا شركة أسترالية واحدة ويابانية واحدة ، ولكن لا توجد شركات صينية .
باختصار ، الشركات الأمريكية هي المهيمنة عالميًا وتقريبا جميع الشركات غير الأمريكية الأكثر قيمة تقع في البلدان الحليفة.
من الواضح أن هذا النهج القائم على سوق الأوراق المالية يستثني الشركات الصينية المملوكة للدولة ، فضلاً عن شركة Huawei غير المدرجة ، الشركة الرائدة عالميًا في معدات الاتصالات. تدعي الصين الريادة في مجالات أخرى ، ولا سيما السكك الحديدية عالية السرعة. لكن أصل تلك التكنولوجيا كان في مكان آخر. بدلاً من ذلك ، يكمن نجاح الصين في السكك الحديدية والعديد من المجالات الأخرى في بناء البنية التحتية بسرعة وعلى نطاق واسع.
قد يجادل المرء بأن الشركات الأمريكية المهيمنة لم تعد شابة. بالإضافة إلى ذلك ، اشترت شركات التكنولوجيا الأمريكية العملاقة العديد من الشركات التي تم إنشاؤها في أماكن أخرى. ومع ذلك ، هذا بالتأكيد أحد نقاط قوتهم.
علاوة على ذلك ، تواصل الولايات المتحدة ريادتها في رأس المال الاستثماري. وفقًا لـ Dealroom ، بلغ إجمالي استثمار رأس المال الاستثماري 487 مليار دولار من 2018 إلى الربع الأول من 2021 في الولايات المتحدة ، مقابل 379 مليار دولار من كل الصين والمملكة المتحدة والهند وألمانيا وفرنسا وكندا وإسرائيل وسنغافورة. حتى كنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي ، جاء الاستثمار الأمريكي بعد إسرائيل وسنغافورة فقط.
في إيداعات البراءات الدولية ، احتلت الصين المرتبة الأولى في عام 2019 ، حيث سجلت 59045 مقابل 57705 من قبل الولايات المتحدة. لكن بقية الدول العشر الأولى كانت من حلفاء الولايات المتحدة. بالاقتران مع الولايات المتحدة ، بلغ عدد إيداعات براءات الاختراع الخاصة بهم حوالي 175000.
يوضح الرسم البياني الشريطي أن الولايات المتحدة لديها أكبر قطاع لرأس المال الاستثماري من خلال إظهار إجمالي استثمار رأس المال الاستثماري من 2018 إلى الربع الأول من عام 2021.
الجامعات مهمة أيضًا. في تصنيف واحد مشهور ، 5 من أفضل 10 و 10 من أفضل 20 جامعة أمريكية وواحدة فقط صينية. علاوة على ذلك ، كما يجادل ريتشارد ماكجريجور في كتابه الممتاز Xi Jinping: The Backlash ، فإن السيطرة المركزية في الصين أصبحت أكثر إحكامًا من أي وقت مضى. مثل هذا التحكم لا يعزز أبدًا الأصالة المستدامة.
وإجمالاً ، فإن الصورة الأمريكية ليست صورة الانهيار ، خاصة عندما تقترن بحلفائها. حتى لو كان لدى الصين قريبًا أكبر اقتصاد في العالم من حيث جميع المقاييس ، فإنها لن تظل الأكثر إنتاجية أو ابتكارًا. علاوة على ذلك ، يجب أن تظل الولايات المتحدة وحلفاؤها في المقدمة لفترة طويلة ، حتى لو لم يؤدي حكم (شي جي بينغ )في الواقع إلى تعاظم الاقتصاد الصيني.
يُظهر الرسم البياني الشريطي أن قطاع رأس المال الاستثماري في الولايات المتحدة كبير بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي من خلال إظهار استثمار رأس المال الاستثماري كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي من 2018 إلى الربع الأول من عام 2021.
إن أكبر تهديد لدور الولايات المتحدة في العالم يكمن في حد ذاته ، وليس في الصين. إذا انتخبت قادة يحتقرون الديمقراطية والتنوع العرقي والتحالفات العالمية والعلم والعقل ، فمن المؤكد أنها ستتراجع. إن فشل الجمهوريين في التنصل من الرئيس السابق يجعل ذلك أكثر ترجيحًا. ومع ذلك ، سيكون ذلك نتيجة ذاتية للفشل في خلق رؤية مشتركة لمستقبل أفضل.
عندئذ تكون النخب الصينية محقة في أن الولايات المتحدة في طريقها إلى الخراب. لكن ربما لا يزالون مخطئين في افتراض أن اتجاههم الخاص هو الأفضل. إن وضع 1.4 مليار إنسان أذكياء تحت سيطرة حزب واحد ، يسيطر عليه رجل واحد ، لا يمكن أن يكون أفضل طريقة.
مخطط شريطي يوضح العديد من الجامعات الرائدة في العالم هي جامعات أمريكية من خلال إظهار تصنيفات جامعة كيو إس العالمية - أعلى 20 درجة إجمالية.
من الأصول العظيمة للولايات المتحدة قدرتها على جذب أفضل وألمع العالم. يدير الآن رجلان وُلدا في الهند شركة Microsoft و Alphabet. وقد كان أحد مؤسسي Google مهاجرًا من الاتحاد السوفيتي. إن المذهب الوطني المعروض الآن من قبل الجمهوريين وترامب يتعارض مع هذا. لكن التنوع ، في إطار المؤسسات والقيم المشتركة ، يمكن أن يظل مصدرًا كبيرًا للحيوية في قوة الولايات المتحدة في الأعمال والثقافة والسياسة.
من غير المرجح أن تظل الولايات المتحدة القوة المهيمنة في العالم ، وذلك ببساطة لأن عدد سكان الصين أكبر بأربعة أضعاف. ومع ذلك ، شريطة أن تظل الولايات المتحدة ديمقراطية وحرة ومنفتحة ، فلديها فرصة جيدة للبقاء كأكثر دولة نفوذاً في العالم في المستقبل البعيد. إذا قررت بدلاً من ذلك أن تكون ما يريده رجعييها ، فسوف تفشل. لكن هذا سيكون خيارها الخاص وليس مصيرها.

- عودة روسيا إلى الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط والمتوسط وآثارها على العلاقات بين الغرب وروسيا -
- ماركو سيدي - (ترجمة هيئة التحرير)
https://www.researchgate.net/publication/331089583_Russia s_return_to_Middle_Eastern_and_Mediterranean_geopolitics_and_implications_for_West-Russia_relations
مقدّمة
قامت روسيا في أيلول/سبتمبر 2015، بعودة عسكرية كبيرة إلى الشرق الأوسط من خلال تدخّلها المباشر في الحرب الأهلية السورية. قُدِّمَ التدخُّل رسميّاً على أنه عملية لمكافحة الإرهاب، واتّخذ شكل حملة قصف لدعم الجيش السوري وحلفائه، بما في ذلك القوات الإيرانية وحزب الله. كانت القوات الجويّة الروسية المنتشِرة في سوريا مدعومة بقاذفات استراتيجية تحلّق من قواعد في روسيا، وكذلك بسفن بحرية وغواصات أطلقت صواريخ كروز من البحر الأبيض المتوسّط وبحر قزوين. تمكّنت روسيا بفضل هذا الانتشار، من التأثير بشكلٍ حاسم على مسار الأزمة السورية وتعزيز وجودها العسكري في البلاد. كان التدخُّل بمثابة استعراضاً للقوّة العسكرية (المستعَادَة) المكتسَبة مؤخّراً. بالإضافة إلى ذلك، فقد أظهرَ للقادة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) أن روسيا مستعدّة للوفاء بالتزاماتها كحليفٍ والاضطلاع بدورٍ دبلوماسيٍّ رائد في المفاوضات الّلاحقة.
كان التدخّل العسكري لموسكو في سوريا أوضح مظهَر لنشاطها المتجَدّد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. حدّد المحلّلون عدّة دوافع لسياسة روسيا، بما في ذلك السّعي للحصول على مكانة قوّة عظمى، والاستعداد للتغلُّب على الجمود السلبي في العلاقات مع الغرب بعد أزمة أوكرانيا، والمخاوف الحقيقية بشأن انتشار الإرهاب من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى فضاء ما بعد الاتحاد السوفييتي. يستعرِض هذا الفصل التفسيرات العلمية الرئيسية لتحوُّل روسيا مؤخّراً إلى الشرق الأوسط ثم يحدِّد جوانب سياستها الرئيسية. ثم يستكشف في الخطوة الثانية، نتائج النشاط الروسي المتجدِّد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على العلاقات مع الغرب، ولا سيّما الاتحاد الأوروبي (EU)، بما في ذلك سبل التعاون المحتمَلة.
يسلّط الفصل الضوء على أن المشاركة الروسية المتزايدة في الجغرافيا السياسية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قد أضافت بُعداً جغرافياً جديداً للعلاقة الأمنية بين الغرب وروسيا. وفي حين أن أوروبا وفضاء ما بعد الاتحاد السوفييتي لا يزالان السياقين الرئيسيين حيث يتم تنفيذ العلاقة، فقد حدثَ تفاعل كبير مؤخّراً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أيضاً. أصبحت قضايا مثل التنسيق بين الولايات المتحدة وروسيا لتجنُّب الاشتباكات العسكرية في سوريا، على سبيل المثال، محورية في الأجندة الأمنية بين الغرب وروسيا. أنتج التفاعل كما ورد في الجزء الأخير من هذا الفصل، في الجغرافيا السياسية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مصادر توتر إضافية وفرصاً جديدة للتعاون في العلاقات الأمنية بين الغرب وروسيا.
تحول روسيا إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: العوامل الجيوسياسية والمحركات المحلية والعوامل الفكرية

يفسِّر المنطق الجيوسياسي الواسع الذي يهدف إلى استعادة مكانة القوّة العظمى وفقاً للعديد من الباحثين، وخاصّة الروس، السياسات الروسية الحالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. يحاول الكرملين وفقاً لديمتري ترينين، تغيير النظام العالمي، من نظام يتميّز بالهيمنة الأمريكية إلى نظام متعدّد الأقطاب حيث تُعَدْ روسيا أحد الأقطاب. يُعتبر نشاط روسيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وسيلة لتحقيق هذه الغاية، في حين أن عكس ديناميكيات الربيع العربي أو محاربة الإرهاب هي أهداف ثانوية. تجادِل إيكاترينا ستيبانوفا على نفس المنوال، وتدّعي أن التدخّل الروسي في سوريا جزء من استراتيجية جيوسياسية أوسع تدور حول الغرب. القوّة الروسية في سوريا، أو نفوذها في الحرب الأهلية الليبية ، أوراق رابحة في العلاقة الأوسع مع الغرب. أظهرَت روسيا للغرب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وفقاً لوجْهة النظر هذه، أنها لا تزال جهة فاعلة رئيسية خارج منطقة ما بعد الاتحاد السوفييتي. علاوة على ذلك، فقد حاولتْ الضغط على الغرب للتعاون بشأن أجندة مكافحة الإرهاب، بينما دفعَت في الوقت نفسه موضوع النزاع في أوكرانيا إلى الخلفية. وقد أيَّد العديد من العلماء الروس وكذلك بعض الخبراء الأوروبيين وخبراء عبر المحيط الأطلسي هذا المنظور. لا تسعى روسيا وفقاً لترينين وستيبانوفا، للهيمنة الإقليمية في الشرق الأوسط، ولا تحاول إضعاف دور واشنطن التفاوض بشأن سوريا. تجادل ستيبانوفا إن العملية العسكرية في سوريا كانت "إجراء أحادي الجانب لفرض التعدُّدية"، مشيرةً إلى أن إشراك الجهات الفاعلة الأخرى مثل الاتحاد الأوروبي ودول الخليج أمر لا مفرّ منه لتمويل إعادة إعمار ما بعد الصراع. يحافِظ ترينين على أن روسيا بحاجة إلى واشنطن إلى جانبها من أجل إبراز عودتها إلى مكانة القوّة العظمى. ومع ذلك، فإن حقيقة أن الولايات المتحدة مُنِحَتْ فقط وضع المراقب في عملية السلام في أستانا بشأن سوريا (التي تقودها روسيا وتشمل تركيا وإيران) يدعو إلى التشكيك جزئياً في حجّة كل من ترينين وستيبانوفا.
تختلف وجهات النظر الجيوسياسية الأخرى، عن تلك المذكورة أعلاه فيما يتعلّق بالدور المنوط بالغرب والجهات الفاعلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الحسابات الجيوسياسية لروسيا. وفقاً لنيكولاي كوزانوف، فإن نشاط روسيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هو وسيلة لتجنُّب العزلة ليس فقط من خلال إجبار الغرب على المفاوضات أو التعاون، ولكن أيضاً من خلال توسيع الروابط مع الجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى. وبالتالي فإن الأمر يتعلّق أيضاً بإعادة التوازن في العلاقات الخارجية لروسيا بعيداً عن الغرب من خلال الشراكات مع دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والتي تُعتبر سُوقاً لصادرات الأسلحة الروسية والطاقة النووية، واستيراد التكنولوجيا، والاستثمارات الأجنبية المباشرة، والصفقات الحاسمة لتحقيق استقرار أسعار النفط. أخذْ هذا المنطق خطوة إلى الأمام، يزعم يوري بارمين أن روسيا في الواقع تتحدّى الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حتى في أماكن مثل مصر، حيث لا تنوي واشنطن التراجع. يمكن لروسيا من وجهة نظره، أن تلعب دوراً وسيطاً في العديد من النزاعات الإقليمية (ليبيا، والصراعات الإسرائيلية الفلسطينية والصراعات السعودية القطرية) حيث انحازت الولايات المتحدة إلى أحد الجانبين ولم تعد تتمتّع بمصداقية كوسيط. يمكن لروسيا بعد حجج كوزانوف وبارمين، أن تحصل على مكانة القوّة العظمى أيضاً من خلال التعامُل مع الجهات الفاعلة الإقليمية والصراعات، وليس فقط نتيجة للاعتراف الغربي.
يشير العديد من العلماء إلى المخاوف الداخلية من بين أسباب سياسات روسيا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مثل وجود مقاتلين يتحدَّثون الروسية في صفوف داعش وخطر عودتهم إلى روسيا (أو إلى دول أخرى كانت في السابق ضمن الاتحاد السوفييتي) وأن يصبحوا نشطين هناك. غالباً ما يُشار إلى حقيقة أن الاحتجاجات الجماهيرية حدثت في المدن الروسية في عامي 2011 و 2012، بعد احتجاجات الربيع العربي مباشرة، على أنها محرِّك محلّي مهم للإجراءات الروسية اللاحقة في الشرق الأوسط. ومع ذلك، لا يجادل سوى عدد قليل من العلماء بأن العوامل المحلّية كانت أكثر أهمية من الاعتبارات الجيوسياسية أو غيرها. يدّعي ليونيد إساييف وأليسا شيشكينا أن الكرملين أطلق حملة القصف في سوريا في المقام الأول من أجل تعبئة الرأي العام المحلّي، باستخدام التهديد الإرهابي لخلق "تأييد عام".
تستمدّ هذه الحِجّة منطقيتها من حقيقة أن الهجمات الإرهابية تشكّل تهديداً متكرِّراً وحقيقياً في روسيا، وأن الإجراءات الحاسِمة ضد الإرهابيين (أو الجماعات الموصوفة على هذا النحو) عزَّزت شعبية الحكومة في الماضي (وعلى الأخصّ، في بداية حياة الزعيم الوطني بوتين المهنية، عندما شنّ حرب الشيشان الثانية).
يشير كل من إيساييف وشيشكينا من أجل تعزيز أطروحتهم، إلى توقيت التدخُّل في سوريا، الذي انطلق في أيلول/سبتمبر 2015. وهم يجادلون بأن ذلك بدأ بينما كان التأثير التعبوي لضم شبه جزيرة القرم يتضاءل والوضع الاقتصادي الداخلي كان يزداد سوءاً، ومن هنا تأتي الحاجة إلى مغامرة جديدة في السياسة الخارجية. غذّى استعراض القوّة العسكرية في سوريا رواية عن القوة العظمى استهدفت الرأي العام المحلي. كما تمَّ حشد الجهات الفاعلة المحلّية الروسية المؤثرة. وأيَّدتْ الكنيسة الأرثوذكسية الروسية على وجه الخصوص، الحملة السورية باعتبارها معركة مقدَّسة لحماية الأقلّيات المسيحية في الشرق الأوسط.
جادل رونالد دانروثر من بين العلماء الغربيين، على غرار ما قاله إيساييف وشيشكينا. حتى قبل أن تبدأ روسيا حملة القصف في سوريا، وقال إن الوضع السياسي المتوتر في روسيا كان حاسماً في فهم سبب اعتقاد بوتين أن الموقف الحازم في الأزمة السورية ضروري لتعزيز دعمه الداخلي.
ومن ثم، حسب قوله، فإن "العوامل المحلّية والفكرية لها قوة تفسيرية "أقوى" من العوامل الجيوسياسية. يُعتبَر التدخّل الروسي في سوريا على وجه الخصوص "دعم بشكل مباشر لجهود بوتين لتقوية قاعدة دعمه المحلّية"
تسلّط حِجج دانروثر الضوء أيضاً على مقاربة ثالثة لفهم أسباب سياسات روسيا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والتي يتبنّاها بجانب التركيز على الدوافع المحلّية: دور العوامل الفكرية. وفقاً لدانروثر، هناك "فكرة روسية" يروِّج لها بوتين بشكلٍ خاص وتشكّل السياسة الروسية. إنه يدور حول مفاهيم الاستقرار الاستبدادي والتدخّل المناهِض للغرب ومكافحة الإرهاب وشكل من أشكال التقاليد المتسامحة مع الأديان والمجتمعات المختلفة (على عكس ما يُنظر إليه على أنه "الإفراط في العلمانية" الغربية المشروطة وتعزيز الديمقراطية). إن هذه المفاهيم، كما أوضح مارك كاتز، جذّابة للعديد من القادة السياسيين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وحتى لأجزاء من المجتمع. علاوة على ذلك، فإن هذا الموقف الفكري يجعل روسيا أكثر ميلاً من الغرب للتعامل مع الدول والحركات الإسلامية المؤثرة مثل إيران وحزب الله وحماس.
يشير علماء آخرون إلى بعض عناصر هذا الموقف الفكري. يتحدّث بارمين عن تعزيز روسيا للاستقرار الاستبدادي الذي يمكن أن يحدّ من الفوضى المجتمعية والإرهاب. وتردِّد إيرينا زفياغلسكايا صدى دانروثر، قائلة، إن روسيا والدول العربية تظهر أوجه تشابُه مرتبطة بالهوية تنبع من موقعها الفريد بين الشرق والغرب. يجادل فيليب كاسولا ومارك كاتز أيضاً بأن الهوية (جنباً إلى جنب مع القوّة) محرِّك رئيسي لسياسة روسيا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ومع ذلك، سيكون من الضروري إجراء المزيد من التحليلات المتعمَّقة من أجل فهم جوانب الهوية الروسية (على سبيل المثال، القوّة العظمى، أو الإدراك الذاتي لكونك وسيطاً بين الثقافات الشرقية والغربية) التي تلعب دوراً أكثر أهمية وكيف أنها بالضبط موضوع في صياغة السياسات.
السياسة الروسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: الاقتصاد والأمن والدبلوماسية
في حين أن للعلماء وجهات نظر مختلفة حول الدوافع الأكثر أهمية بالنسبة لمحور روسيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فمن الأسهل تحديد المصالح والسياسات الملموسة التي تشكّل المحور. بادئ ذي بدء، تأثرت صياغة المصالح والسياسات الروسية بالقدرة الصرفة على فهم القيادة للربيع العربي والتدخّل الغربي في المنطقة. مثّل الربيع العربي من وجهة نظر القادة الروس، عودة إلى القيم التقليدية لمجتمعات الشرق الأوسط، وبالتالي شجّع الأسلمة بدلاً من التحوُّل الديمقراطي. بدا القادة الروس حريصين على احتواء هذه العملية والتدخّل الغربي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والذي كان يُنظر إليه على أنه محفِّز للأسلمة. انتقد الرئيس فلاديمير بوتين بشدّة الحملة الجوية لحلف شمال الأطلسي في ليبيا في عام 2011 وقرّر أن روسيا ستمنع تكرار سيناريو مماثل في أماكن أخرى، وعلى الأخصّ في سوريا. أصبحت القيادة الروسية مقتنعة بأن "طريقة حل الأزمة السورية ستحدِّد إلى حدٍ كبير نموذج استجابة المجتمع الدولي للنزاع الداخلي في المستقبل".
كما أن المشاركة الروسية المتزايدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تستجيب أيضاً لمخاوف أكثر إلحاحاً، لا سيّما الحاجة إلى تنويع العلاقات بعيداً عن الغرب وبالتالي تعويض الخسائر الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الغربية. يمكن أن يؤدّي التعاون مع دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى استقرار أو ارتفاع أسعار الطاقة العالمي، وهو أمر بالغ الأهمية للأداء الاقتصادي لروسيا. تطوَّرت سياسة روسيا تجاه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تماشياً مع هذه المصالح المتعدّدة، عبر عدّة نواقل، مع التركيز على الأمن والاقتصاد والدبلوماسية.
وتدور السياسة الأمنية لروسيا حول وجودها العسكري في سوريا الذي يضم قاعدة حميميم الجويّة وقاعدة طرطوس البحرية. أعطى نشر نظام الصواريخ S-400 للجيش الروسي قدرات كبيرة على منع الوصول إلى المنطقة ومنع الوصول إلى منطقة أوسع. علاوة على ذلك، أدّت الحملة الجوية في سوريا إلى تعاون روسيا بشكل وثيق مع إيران والعراق، وتمّ إنشاء مركز تنسيق في بغداد لهذا الغرض. وعلى الرغم من القراءات المختلفة للأزمة، فقد تم التنسيق أيضاً مع القوات الأمريكية (منذ عام 2017 على وجه الخصوص) ومع القوات التركية. عزّزت موسكو التعاون العسكري مع مصر خارج السياق السوري، من خلال التدريبات البحريّة والجويّة المشتركة ومكافحة الإرهاب.
كما أن الوجود العسكري الروسي المتزايد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مدفوع أيضاً بالأهداف الاقتصادية، ولا سيّما تعزيز صادراتها من الأسلحة. أصبحت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في 2015-2017، ثاني أكبر سوق لصادرات الأسلحة الروسية بعد منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وقّعت موسكو بالإضافة إلى صفقات الأسلحة طويلة الأمد مع الجزائر (ثالث أكبر مستورد للأسلحة الروسية في جميع أنحاء العالم)، عقود توريد مربِحة مع مصر والعراق، وباعت نظام الدفاع الجوي S 300 إلى إيران، ويمكن أن تبدأ قريباً في تصدير أحدث المعدات للمشترين الجدد، تركيا والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص.
ربّما كانت دبلوماسية الطاقة الروسية من منظور اقتصادي، هي الجانب الأكثر نجاحاً في سياستها الإقليمية. توصّلت موسكو في كانون الأول/ديسمبر 2016، إلى اتفاق مع المملكة العربية السعودية ودول أخرى في أوبك للحد من إنتاج النفط (المعروفة باسم صفقة "أوبك بلس OPEC Plus"). أدّى ذلك إلى ارتفاع سعر النفط (من حوالي 30 دولاراً إلى أكثر من 70 دولاراً للبرميل) وسمحَ باستقرار الاقتصاد الروسي، الذي يعتمد بشكلٍ كبير على صادرات النفط.
علاوة على ذلك، بدأت دول الخليج الغنية في القيام باستثمارات كبيرة في الاقتصاد الروسي، وهو ما كان هدفاً رئيسياً للسياسة الروسية بعد العقوبات المالية الغربية. استحوذ جهاز قطر للاستثمار (جنباً إلى جنب مع شركة جلينكور لتجارة السلع) في أواخر عام 2016، في وقت صعب للاقتصاد الروسي، على حصة تبلغ 19,5٪ في أكبر شركة نفط روسية "روسنفت Rosneft" مقابل 12 مليار دولار. وفي الآونة الأخيرة، أعلن مسؤولون حكوميون سعوديون عن هدفهم الاستحواذ على حصة 30٪ في ثاني مشروع للغاز الطبيعي المُسَال لروسيا في القطب الشمالي، بقيمة 25,5 مليار دولار.
تتفاقم الصفقات في قطاع الوقود الأحفوري من خلال دبلوماسية الطاقة النووية النشطة. بدأت المشاركة الإقليمية الروسية في القطاع النووي ببناء محطة بوشهر في إيران. وفي عام 2010، حصلت شركة روساتوم الحكومية الروسية على عقد لبناء محطّة للطاقة النووية في تركيا. في عام 2014 فازت بمناقصة لبناء مصنع آخر في الأردن. أخيراً، في عام 2017، وقعت شركة روساتوم صفقة لبناء أربعة مفاعلات في مصر وتُجري حالياً محادثات مع الحكومة السعودية بشأن مشروعات مستقبلية. شجّع تأثير روسيا الواثق في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعض شركاتها الكبرى على العمل في مناطق كانت الجهات الفاعلة الأخرى متردّدة في المغامرة، كما يتّضح من صفقات روسنفت في منطقة الحكم الذاتي العراقية في كردستان.
يعكس اتساع نطاق الشركاء الاقتصاديين الإقليميين لروسيا طبيعة دبلوماسيتها المستعدّة للتعامل مع جميع الجهات الفاعلة المحلية تقريباً. على الرغم من أن التدخُّل الروسي في سوريا أفاد عمليا ما يُنظر إليه على أنه "التحالف الشيعي" (الأسد - إيران - حزب الله)، إلا أنّ روسيا تجنبت الدخول في تحالفات كاملة مع أي جهة إقليمية. قدّمت روسيا في سوريا نفسها على أنها المفاوض الرئيسي في صيغة تشمل دولاً مختلفة مثل تركيا وإيران. وقد اتّبعت نهجاً مشابهاً لاحقاً في ليبيا، حيث عزَّزت أولاً اتصالاتها مع الفصيل الذي يقوده خليفة حفتر، ثم دعت جميع الجهات الفاعلة الرئيسية لإجراء محادثات في روسيا. تتمتّع روسيا بعلاقات عمل جيدة مع أطراف متعارضة، مثل إسرائيل والمملكة العربية السعودية من جهة وإيران وقطر من جهة أخرى. سمحَ هذا الموقف للكرملين بتصوير نفسه كمحاور موثوق به وحتى كوسيط محتمَل في السياسة الإقليمية الأوسع. هذا مهم بشكل خاص في الوقت الذي اتخذت فيه الولايات المتحدة خطوات مثيرة للجدل (مثل نقل سفارتها في إسرائيل إلى القدس، أو الوقوف علانية مع المملكة العربية السعودية في نزاعها مع قطر) الأمر الذي شوَّه صورتها كوسيط محايد.
لذلك، عزَّزت روسيا بشكل حاسم مكانتها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في السنوات الخمس إلى الست الماضية. يبدو أن العديد من القادة الإقليميين يُقدِّرون نهج موسكو، الذي يجمع بين دعم الاستقرار السياسي والمشارَكة الاقتصادية دون أي شروط تتعلق بحقوق الإنسان. ومع ذلك، توجد بعض القيود على قوّة موسكو الإقليمية. أولاً، الجيش الروسي، وخاصّة موارده الاقتصادية محدودة. وبالتالي، على سبيل المثال، تحتاج روسيا إلى دعم مالي من الاتحاد الأوروبي أو دول الخليج لعملية إعادة الإعمار في سوريا. علاوة على ذلك، لا تزال القوّة الناعمة الروسية في المنطقة ضعيفة، على الرغم من إنشاء قناة عربية لـ RT، وهي قناة تلفزيونية روسية ترعاها الدولة.
ازدهرت المكانة الدبلوماسية الروسية الحالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى حدٍ ما، بسبب افتقار الغرب إلى الاتساق في العلاقات مع الجهات الفاعلة الإقليمية. أظهر النهج الأمريكي تجاه مصر ما بعد الربيع العربي، وخاصّة تبديل دونالد ترامب لموقف الولايات المتحدة بشأن الاتفاق النووي الإيراني، أن موقف واشنطن بشأن القضايا الإقليمية قد يتغيَّر بشكلٍ مفاجئ، وهو ما شجَّع الجهات الفاعلة المحلية على تنويع شركائها في السياسة الخارجية. ومع ذلك، فمن غير المؤكَّد ما إذا كانت روسيا ستكون قادرة على الحفاظ على نفوذها الحالي إذا عادت واشنطن إلى سياسات أكثر اتساقاً. ثمّة سؤال آخر يتعلّق بمدة مشاركة موسكو الإقليمية، وهو إنجاز حديث نسبياً. ومع ذلك، لا توجد في الوقت الحالي، تغييرات جوهرية متوَقعة، وسيتعيَّن على الغرب (بالإضافة إلى جميع الجهات الفاعلة الأخرى المشارِكة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا) أن يأخذ في الاعتبار النفوذ الإقليمي المتنامي لروسيا.
التداعيات على الاتحاد الأوروبي والغرب
تُعد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالنسبة للغرب والاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص، منطقة ذات أهمية سياسية واقتصادية كبيرة. هذا صحيح بشكلٍ خاص لأن التطوُّرات الإقليمية منذ 2010 كان لها تداعيات مباشرة على الاتحاد الأوروبي، مثل أزمة اللاجئين أو انتشار الهجمات الإرهابية. أثرت المشاركة الروسية المتزايدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على الغرب بعدّة طُرق.
أظهر موقف موسكو من الأزمة السورية أنه سيكون من الصعب للغاية بالنسبة للغرب أن يولّد الإجماع اللازم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لدعم ما يسمّى بالتدخُّلات الإنسانية، مثل تلك التي سمحت بإنشاء منطقة حظر طيران في ليبيا عام 2011.
علاوة على ذلك، تبدو روسيا الآن لبعض الأنظمة الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كمزوِّد أمِن بديل للغرب. ونظراً لأن روسيا قد دعمت بشكل لا لبس فيه استقرار النظام في المنطقة وقدّمت الدعم العسكري والسياسي للجهات الفاعلة المحلية دون شروط تتعلّق بحقوق الإنسان، فقد تبدو للقادة الإقليميين كشريك أكثر مرونة من الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي. يمكن اعتبار روسيا في هذا الصدد، منافساً للغرب من حيث النفوذ في المنطقة. كما يقدّم التقارب الروسي المصري بعد عام 2013 ، في الوقت الذي أصبحت فيه علاقات القاهرة مع الغرب أكثر إثارة للجدل، مثالاً مناسباً. سعت روسيا في الآونة الأخيرة إلى تكثيف علاقاتها مع المملكة العربية السعودية حيث تعرَّضت الرياض لانتقادات غربية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.
الأهم من ذلك، أن روسيا أصبحت الفاعل الرئيسي في سوريا. إن سوريا إلى جانب كونها حليفة لروسيا، هي أيضاً بلد المنشأ لمئات الآلاف من اللاجئين الموجودين حالياً في الاتحاد الأوروبي وفي البلدان المجاورة الأخرى. وبالتالي، فإن الاتحاد الأوروبي لديه مصلحة قوية في إعادة التهدئة وإعادة الإعمار في سوريا. في هذا الصدد، ظهرت فرص للتعاون مع روسيا، حيث تسعى موسكو للحصول على دعم مالي للمهمّة الشاقة المتمثلة في إعادة بناء بلد دمّرته سنوات من الحرب الأهلية. بالإضافة إلى ذلك، ونظراً لأن سوريا التي مزّقتها الحرب أصبحت أرضاً خصبة للإرهابيين، فإن استقرارها سيسَاهم أيضاً في مواجهة التهديد التي تشكّله على أوروبا والغرب. تشترك روسيا في مصلحة مماثلة مع الاتحاد الأوروبي في منع انتشار الإرهاب عبر الحدود الوطنية، وبالتالي يمكن أن يتم التعاون في هذا المجال السياسي أيضاً.
يوجد أيضاً في ضوء الأهمية المتزايدة لروسيا في سياسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مجال للتنسيق والتعاون مع الغرب بهدف حلّ النزاعات الإقليمية الأخرى، مثل الحرب الأهلية الليبية. وصفت روسيا نفسها كمحاوِر مهم لأطراف النزاع الرئيسية وقد تساعد الجهود الغربية للتفاوض على صفقة إذا تمَّ أخذْ مصالحها الاقتصادية (على سبيل المثال، في قطاع الطاقة) في الاعتبار في سيناريوهات ما بعد الصراع.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للاتحاد الأوروبي أن يسعى للحصول على دعم روسيا في دعم خطّة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) بشأن برنامج إيران النووي بعد قرار الولايات المتحدة بالانسحاب من الاتفاقية وإعادة فرض العقوبات على طهران. وفي حين أن التعاون بين الاتحاد الأوروبي وروسيا بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة سيثير انتقادات من واشنطن بشكل شبه مؤكّد، إلا أنه سيحافظ على أحد أهم مجالات الحوار وأكثرها إنتاجية في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا في السنوات الأخيرة. والأهم من ذلك، أنه سيوفر حافزاً لطهران للانضمام إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، وبالتالي المساهمة في جهود عدم الانتشار النووي.
إن الوجود الاقتصادي الروسي المتنامي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا له تداعيات متنوّعة على الغرب وعلى الأمن الأوروبي الأطلسي. لا ينبغي اعتبار العلاقات الاقتصادية مع المنطقة لعبة محصّلتها صفر، على الرغم من أن الشركات الروسية قد تتنافس مع الشركات الغربية في بعض المجالات (مثل توريد الأسلحة أو التكنولوجيا النووية). ربما تكون الجهود الروسية لتنسيق التخفيضات في إنتاج النفط مع الجهات الفاعلة الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولا سيّما المملكة العربية السعودية، أهم تطوُّر من حيث الأهمية الاقتصادية للغرب. تسبَّبت صفقة "أوبك بلس" في ارتفاع أسعار النفط، مع تداعيات اقتصادية على كبار المستوردين مثل الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، ظلَّ سعر النفط أقل بكثير من مستويات ما قبل عام 2014.
استنتاج
كان محور روسيا في الشرق الأوسط ناجحاً بشكلٍ ملحوظ في التأثير على نتيجة الحرب الأهلية السورية. والأهم من ذلك، أنها سمح لموسكو بتقوية علاقاتها مع العديد من الجهات الفاعلة الإقليمية وتطوير شراكات وظيفية لمصالحها الاقتصادية والسياسية الأساسية. وفّرت صفقة "أوبك بلس" والاستثمار القطري الكبير في روسنفت ارتياحاً مهماً للاقتصاد الروسي في وقت كان يتعرَّض لضغوط بسبب انخفاض أسعار النفط والعقوبات الاقتصادية والمالية الغربية. بالإضافة إلى ذلك، فتح هذا التدخّل فرص اقتصادية جديدة للأسلحة الروسية والصناعة النووية في أسواق الشرق الأوسط.
ساعد تورُّط روسيا في سياسة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من منظور سياسي، البلاد على التحايل على المحاولات الغربية لعزلها دبلوماسياً بعد ضم شبه جزيرة القرم. تمكّنت موسكو من التنقل في خطوط الأعطال السياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتصوِّر نفسها كصوت قيّم لجميع الجهات الفاعلة الإقليمية تقريباً. على سبيل المثال، في حين دعمت قوات الجو/فضائية الروسية القوات الإيرانية والقوات الموالية للأسد في سوريا، تمكّنت موسكو في وقتٍ واحد من دعم أو تحسين علاقتها مع إسرائيل والمملكة العربية السعودية، المعارضين الإقليميين الرئيسيين لإيران. وبالمثل، طوَّرت روسيا بعد أزمة ثنائية في عام 2015-2016، علاقات اقتصادية وسياسية أقوى مع تركيا، على الرغم من الدعم التركي للمتشدّدين المناهضين للأسد في سوريا.
من ناحية أخرى، لم يساعد المحور في الشرق الأوسط روسيا، على تحسين علاقاتها مع الغرب.
أدَّت دعوة بوتين لتحالف مكافحة الإرهاب في أيلول/سبتمبر 2015 إلى نتائج ملموسة، حيث دعمت روسيا والغرب جوانب مختلفة على أرض الواقع في سوريا. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك لحظات من التوترات المتزايدة في نيسان/أبريل 2017 ونيسان/أبريل 2018، حيث نفّذتْ الولايات المتحدة وبعض حلفائها ضربات استهدفت فيها المنشآت العسكرية السورية ردّاً على الاتهامات المتعلّقة باستخدام الأسلحة الكيميائية من قبل الجيش السوري. سعت روسيا مؤخّراً للتعاون الغربي والدعم المالي لإعادة إعمار سوريا، لكن الغرب أصرَّ على إيجاد حلّ سياسي للنزاع كشرط مسبق. لذلك، فإن وجهات النظر المختلفة فيما يتعلّق بمستقبل سوريا، وكذلك التحالفات المختلفة مع الجهات الفاعلة المحلية، غذّت عدم الثقة وتدهور العلاقات الأمنية الغربية لروسيا.
ومع ذلك، توجد بعض الفرص للتعاون المحتمَل بين الغرب وروسيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
على الرغم من انتقاداتهم للإجراءات الروسية في سوريا، فإن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة له مصلحة بإعادة إعمار البلاد، مما سيساعد في تخفيف الأزمة الإنسانية واللاجئين الناجمة عن سنوات من الحرب الأهلية والتدخل العسكري الخارجي. علاوة على ذلك، يمكن للاتحاد الأوروبي الاستفادة من التعاون مع روسيا لدعم JCPOA مع إيران بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية. وبالمثل، سيكون الحوار مع موسكو ضرورياً لمعالجة الأزمات الإقليمية الأخرى حيث تمارس روسيا نفوذاً أو تلعب دوراً دبلوماسياً، من ليبيا إلى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. تتزامن العديد من المصالح الأمنية الروسية والغربية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مثل منع انتشار الإرهاب وعدم الاستقرار السياسي والانتشار النووي. إذا كان بإمكان روسيا والغرب الاتفاق على أساليب وسياسات مواجَهة هذه التحدّيات المشتركة، فإن التعاون الحقيقي يمكن أن يحدُث ويحتمِل أن يحقق بعض الثقة في العلاقة الأمنية الأوسع نِطاقاً.



#الحزب_الشيوعي_السوري_-_المكتب_السياسي (هاشتاغ)       The_Syrian_Communist_Party-polit_Bureau#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسار- العدد 51
- المسار- العدد 50
- المسار- العدد 49
- المسار- العدد 48
- المسار- العدد 47
- لا للتطبيع لا للأنظمة التابعة
- المسار- العدد 46
- المسار- العدد 45
- المسار- العدد 44
- المسار- العدد 43
- المسار- العدد 42
- المسار- العدد 41
- المسار- العدد 40
- المسار- العدد 39
- 38المسار- العدد
- المسار- العدد 37
- بيان حول مايسمى بصفقة القرن
- المسار- العدد 36
- المسار- العدد 35
- البرنامج السياسي للحزب


المزيد.....




- رغم إعلان نتنياهو مقتل هاشم صفي الدين.. تصريح جديد للجيش الإ ...
- النونو يؤكد لـRT أن إسرائيل عاجزة عن الوصول إلى السنوار
- -جيش وشعب-.. بحضور السيسي الجيش المصري يستعرض عتاده وقوته ال ...
- إسرائيل تواصل استهداف مواقع حزب الله في لبنان وسوريا، وتنديد ...
- قيادي في -حماس- يعلن قبول الحركة بإدارة وطنية لقطاع غزة ويتح ...
- -حزب الله- اللبناني ينشر ملخص عملياته ضد الجيش الإسرائيلي يو ...
- بعد -مفاجأة السنوار-.. إعلام عبري يكشف عن مفاوضات أمريكية عر ...
- السودان.. عقوبات أمريكية على شقيق -حميدتي-
- 7 قتلى و11 جريحا بقصف إسرائيلي على دمشق
- قتيل وإجلاء المئات جراء حرائق غابات هائلة في الولايات المتحد ...


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي - المسار- العدد 52