أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - مبدأ الشك بين المعرّي ونيتشة1 /2














المزيد.....

مبدأ الشك بين المعرّي ونيتشة1 /2


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 6906 - 2021 / 5 / 22 - 19:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تزعزعت ثقة المعري، منذ نعومة اضفاره بعدالة الوجود وسخف الحياة، وذلك حينما وجد نفسه اعمى لا يبصر الحياة، فلا يرى ما يدور من حوله رأي العين، فاتهم اباه إنه هو السبب الرئيس وراء ذلك، لأنه قذف به في اتون هذه الحياة بدون روية ولم يحسب له حسابًا. يريد المعرّي أن يقول إنّ كل الذي يفعله الرجل في سبيل نزواته سيعود بالتالي سلبا على ابنائه الذين سيخلفهم، شاء أم ابى، ثم لا يعلم عن مصيرهم شيئا وما ستؤول اليه الامور!. والسبب ايضا يعود الى الطبيعة التي خدعتنا، بحسب تعبير شوبنهاور. لذلك، نجد إن المعري يعزف عن الزواج عزوفا تاما، فيعيش حياته في واقع العزوبية بعيد مدلهمات الزواج، حاله حال مئات العظماء الذين اخذوا عهدا على انفسهم بأن لا يتزوجوا، امثال افلاطون وديكارت واسبينوزا وكانت وشوبنهور ونيتشة وامثالهم.
والفيلسوف الالماني نيتشة شك بفكرة الالوهية التي بنت واقعها الديانة المسيحية، فقد كان نيتشة بداية امره ذو ميول دينية كون اباه كان قسيسًا واراد من ابنه أن يصبح كذلك، ثم فقد ذلك الايمان رويدًا رويدًا، وتزعزع عنه من خلال تصرفات رجالات الدين المسيحيون، وما يقومون به من اعمال استهجنها نيتشة، ومنها استغلالهم للدين، وعدم فهمهم الفهم الحقيقي لفكرة الدين، وفلسفة الدين، حتى اوصى اخته بأن قال لها وهو على فراش الموت: "إذا ما مُتُّ يا أختاه، فلا تجعلي أحد القساوسة يتلو علي بعض الترهات لحظتها لا استطيع أن ادافع عن نفسي".. حتى اخيرًا قرر بموت الاله.
المعرّي كان يبغض فقهاء عصره، فهم، رغم الاختلاف فيما بينهم، الا إنهم قد لا يختلفون في استغلالهم للبسطاء من الناس، فأعدهم استغلاليون ويعتاشون على هذا الاستغلال المبني على شحن روح الجهل بين صفوف الفقراء حتى يبقون دائما تابعين لهم، حتى باتوا يكذبون عليهم متعمدين، عبر منابرهم ووسائل اعلامهم المختلفة، فيلقون بغشاوة على عقولهم وعلى ابصارهم، ليشعرونهم بأن الحلول الجذرية لكل مشاكلهم ومعاناتهم، بيدهم هُم وحدهم (رجالات الدين) لا بيد غيرهم، من العلماء والفلاسفة والحكماء. لذلك فقد صب المعرّي جام غضبه عليهم، وراح ينشر اباطيلهم وترهاتهم على الملأ من خلال قصائده الرنانة، ولا يخاف سطوتهم، ومنها الحادثة الشهيرة التي رواها بعض المؤرخين، تلك الحادثة التي وقعت للمعري مع الشريف المرتضى، والتي كان فيها المرتضى يقلل من اهمية المتنبي ويرميه بالزندقة ويستهزأ بشاعريته، وسط جموع من العامة، فكان أن رد المعرّي عليه ببيت من الشعر هو بيت مشهور للمتنبي (فاذا أتتك مذمتي..)، فأستشاط المرتضى غيضا، فأمر بسحل المعرّي من ارجله ورميه خارج المسجد، وعدم السماح له تارة اخرى من دخول المسجد. وهذا دليل واضح على بغض الفقهاء للمفكرين وللفلاسفة والشعراء، الذين قد لا تجمعهم قواسم مشتركة، فبين هؤلاء واولئك بون شاسع في المعرفة وطريقة النظر للحياة المعاشة وللواقع المحتوم، بين نظرة انسانية جليلة يتبعها الفلاسفة، وبين نظرة استغلال واستعلاء يتبعها بعض الفقهاء، خصوصًا من الذين لهم اتصال مباشر بالسلطة، الامر الذي جعل من الفقهاء أن يرموا المعري بالزندقة، واحيانا ينسبونه الى الدهرية (الدهرية هم الذين يرون أن الدهر هو الذي حتف بهم الى هذا الوجود). وظل المعرّي شاكا في مصداقية هؤلاء، وعدم اصلاحهم، كونهم بنوا نهجا خاصا بهم لا يمكن أن يحيدوا عن ذلك النهج، بعكس المفكرين والفلاسفة، بل وحتى العلماء كعلماء الفلك والفيزياء على سبيل المثال، اذ قد تتبدل افكارهم وقناعاتهم، بين الحين والحين، بل وتتطور على مدار تقدم العلم، وكثرة الغور في التجارب والبحوث التي تتوصل اليها الدراسات العلمية الرصينة، نتيجة لتطور العقل البشري، لأن العقل البشري في حالة تطور مستمر كما العلم، التطور يأتي بتطور الزمن وبتطور التجارب البحثية، والعلم التجريبي.
المعري يشك بمصداقة الاديان الثلاث، فواحدة تقرع الاجراس لإعلان وقت الصلاة، وثانية تنوه من خلال المأذنة، وثالث له اسلوب آخر في ذلك، والثلاثة يدّعون أنهم يتبعون اله واحد، فلو كان الاله واحد بحسب دعواهم، والكلام يعود للمعرّي، لما اخلفوا في عقائدهم، وطريقة عبادتهم وشعائرهم وصلواتهم!، يريد المعرّي أن يقول إنهم ليسوا من الصدق في شيء، وانما هي مصالح تربوا عليها، وقناعات ورثوها واوصلها سابقهم الى لاحقهم، الاب يورثها الى الابن، فهي عادة تنشأ بالتدريج "وينشأ ناشئ الفتيان منا...على ما كان عوّده أبوه" لأنّ هذه القضايا هي مخالفة للعقل، ولا تنسجم مع المنطق السليم، بحسب المعرّي.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طاعون البير كامو وفايروس كورونا1 /2
- طاعون البير كامو وفايروس كورونا2 /2
- نهاية تولستوي بعد الاعتراف كأديب2 /2
- نهاية تولستوي بعد الاعتراف كأديب1 /2
- الغزالي يفضّل الشرع على العقل!
- قصة الجنس..دراسة علمية تاريخية
- الغزالي إمام التكفير
- العقل عند المعري1/ 2
- العقل عند المعري2/ 2
- علي شريعتي المفكر الثائر2/ 2
- علي شريعتي المفكر الثائر1/ 2
- شقشقة
- نعم
- هل الاسلام يحرّم الفنون الجميلة!؟
- شذرات
- سعدي الحلي صوت نشاز لخراب آخر
- عبد الجبار الرفاعي وخزعل الماجدي
- بعد طول انتظار
- برهان البعرة وابتسامة ايمانويل كانت
- من هو المثقف الديني الناقد؟


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - مبدأ الشك بين المعرّي ونيتشة1 /2