أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - علي شريعتي المفكر الثائر1/ 2















المزيد.....

علي شريعتي المفكر الثائر1/ 2


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 6802 - 2021 / 1 / 30 - 19:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حينما سُئل اينشتاين عن الاله الذي يعبده، فقال بأنه يعبد إله اسبينوزا. وقال جان بول سارتر: "أنا لا دين لي لكن لو خُيّرت، سوف أختار دين علي شريعتي". على الرغم من إنّ سارتر ينتمي الى النزعة الوجودية الملحدة، وهو فيلسوف وروائي كبير حصل على جائزة نوبل لكنه رفضها، وثمة فجوة فكرية كبيرة بين الاثنين. وقول سارتر هذا في شريعتي قول لم يخرج جزافا، قول له دلائله ومعانيه السامية، خصوصًا وإنّ مثل هذا لم يحدث من ذي قبل، أعني أنّه لو طلب من احد اللادينيين أو الملحدين أن يؤمن فأنه يختار دينا كدين علي شريعتي، او غيره من المفكرين الاسلاميين على كثرة عددهم؛ والسؤال: لماذا يختار سارتر علي شريعتي بدل الكثير من المفكرين المشتغلين في هذا الفكر على وجه التحديد؟. الامر الذي اغاض كثير من الكتاب والباحثين، وربما اثار فيهم الحسد والغيرة، ومنهم الباحث عبد الجبار الرفاعي، حيث انتقد الرفاعي علي شريعتي نقدا لاذعا اكثر من مرة واعتبره مفكر أيديولوجي نمطي غير "نقدي" للموروث وما يحمل ذلك الموروث من قضايا لا تنسجم مع الواقع، وهي تشوه الصورة حقيقية للدين، وقد نشر الرفاعي نقده هذا في كتابه "الدين والظمأ الانطولوجي" وقد رديت عليه ساعتها في مقال نشرته في بعض المواقع الالكترونية، وبعثت له المقال، وساعتها حظرني في صفحته على الفيسبوك فترة وجيزة تجاوزت العالم ومن ثم رفع عني الحظر، كذلك نشر الرفاعي مقالا آخر انتقد فيه شريعتي، كأنه لم يكتف بواحد، مقارنا اياه بعلي الوردي، اذ اعتبر الرفاعي إن علي الوردي مثقف نقدي بينما شريعتي ايديولوجي، ويعني بذلك إن افكاره نمطية لا تمس الواقع بالصميم! وفي هذا المقال سنثبت إن كلام الرفاعي عن شريعتي كلام لا يخلو من سفسطة، وهو بعيد كل البُعد عن الواقع ويجانب الحقائق العلمية والتاريخية، والذي يقرأ شريعتي سيلمس ذلك بنفسه.
الاسلام السياسي
هناك من يفرّق بين الاسلام المحمدي، الاسلام الذي جاء برسالة تهدف الى نشر العدالة وتحقيق المحبة والتعايش السلمي بين كافة الناس، فلا فرق بين اسود وابيض الا بالتقوى، كذلك جاء الاسلام الى نبذ الاحقاد والاحن والنعرات الجاهلية والصدام من اجل مصالح ضيقة، فحث الاسلام على نشر العدالة بين الدين الواحد وإن تكون العبادة خالصة لله لا عبادة الحاكم او السلطان او رجل السياسة.
فجاءت اليوم انماط سياسية ونظريات أخرى حاولت استغلال الدين باسم الدين مستغلة طيبة الناس ووازعهم الايماني لكي تهيمن على المشهد السياسي والتفرّد بالحكم، وهذا هو الذي يعرف اليوم بالإسلام السياسي. حيث حوّل هؤلاء المسجد، الذي هو مُخصص فقط للعبادة والصلاة والتوجيهات الدينية، الى مقر حزبي يعود الى هذه الجهة او الى تلك الجهة الحزبية.
وهذا ما يدينه على شريعتي ويشجبه وهو ما عبر عنه بقوله: "المسجد في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم كان له ثلاثة أبعاد: بُعدٌ ديني (معبد)، وبُعدٌ تربوي (مدرسة)، وبُعُد سياسي (برلمان)، وكان كل مواطن عضواً فيه. أصبح المسجد الآن قصراً فخماً... ولكن بدون أبعاد". فشريعتي ينتقد بشدة النظرية التي تهدف الى استغلال الدين وتحويله الى مؤسسة ربحية حيث كسب الاموال بدل تعزيز الدين و الدعوة الصادقة الى عبادة واحد احد، وهجر الجاهلية والتمسك بحبل الله المتين، طفقت هذه الجهات الى تحويل المسجد الى تحقيق مآربها شخصية وملذاتها الدنيوية بحتة.
فمثل هذا المسجد رفضه شريعتي ورفض كذلك السعي اليه، لأنه بتعبيره ما اصبح مكان عبادة خالصة لله، بقدر ما اصبح منظمة حزبية، وعليه فهو يقول "إني اُفضّل المشي في الشارع وأنا اُفّكر في اللّه، على الجلوس في المسجد وأنا أفكّر في حذائي".
شريعتي يحذر مما اسماهم بتجار الدين هؤلاء من سوء عاقبة، ستتمثل في ثورة عارمة، لكن مردودها سيكون سلبيا حيث يضيع الدين، ولات حين مندم. "ليعلم تجار الدين هؤلاء، سيأتي يوم وتثور الناس عليهم، وأنا أخشى أن يذهب الدين ضحية لتلك الثورة..". ذلك بعد أن تعرف الناس زيفهم وأن هدفهم لم يكن خالصًا لله، بل كان هدفًا سياسيًا.
كذلك يلقي شريعتي باللائمة على بعض الناس ايضًا لأنهم يجرون لاحثين ورى هذا وذاك ناسين او متناسين هدف الدين الاسمى، الدين الذي يريد لهم المنعة والعزة والخير المحض، لا أن تستغلهم طائفة من الحكام والسلاطين بشعارات واهداف غير سامية ولا واضحة المعالم.
"إن الحديث يدور عن مجتمع نصْفهُ نائم مخدور مسحور، ونصْفهُ اليقظان هارب، نحن نريد أن نوقظ النائمين ليقفوا على أقدامهم ونُعيدُ الهاربين الفارين ليبقوا حاضرين".
نقدي حقيقي وليس مزيفا
شريعتي في كل ما كتب من نقد للسياسة وللسلاطين ولبعض رجالات الدين (اخوان المسلمين) من الذين اقحموا انفسهم في هذا الغور العميق من البحر المتلاطم الامواج، والذي يضيع فيه الكبير والصغير، العالم والجاهل، المثقف والانسان البسيط، كان هذا المثقف هو ناقد حقيقي، يريد من الناس أن تصحو من سباتها وأن تنهض من غفوتها لتنتبه الى ما يجري من حولها، من قضايا وامور كثيرة ومهمة في حياتها اليومية، سواء كانت هذه الامور سياسية أو دينية أو حتى اقتصادية لها مساس مباشر بحياة الناس، لأن الناس هي بأمس الحاجة الى هذه القضايا الثلاث، كاحتياج الحي الى الاوكسجين واحتياج الزرع الى الماء. فشريعتي دائمًا يشعر بآلام ومعاناة الناس ومن فقرهم الذي يعصف بهم، وهناك من الحكام والسلاطين من يتنعم بخيرات البلاد المترامية الاطراف، فكان يحث الناس على الثورات ضد هؤلاء الطغاة المتسلطين على رقاب شعوبهم حتى يتحرروا منهم، وبالتالي حتى لا يبق فقير وليعيش الجميع الحياة الكريمة التي ارادها لهم الله، وبوجود الطغاة هؤلاء فلا ثمة حياة تليق بالإنسان هؤلاء المستبدين.
" قلت لصديقي: لماذا لا يصيح ديككم؟ قال: اشتكى منه الجيران لأنه يوقظهم، فذبحناه، هنا فهمت أن كل من يوقظ الناس من سباتهم على امتداد التاريخ هناك من يريد قطع رأسه، في حياتنا يتداول الناس اسم الدجاج ولا أحد يذكر الديك، يفكر بمن يملأ بطنه ولا يفكر بمن يوقظ عقله وفكره."
وهذا مغزى كبير لمعنى كبير، فكل من اراد أن يوقظ الناس من سباتهم الفكري او الفلسفي او حتى الثوري، سوف يذبحونه كما ذُبح ذلك الديك المسكين لأنه يوقظ الناس، والطغاة المستبدين يريدون الناس أن تبقى في خمول ذهني ونوم فكري.
وهذا السبات لم يستهدف الانسان البسيط فحسب بل والقى بظلاله كذلك على المتعلمين، ما اسفر عن حالة من الارباك الفكري والثقافي والمعرفي من قبل المتصدي للمشهد السياسي. يقول شريعتي:" إن كون العالِم جاهلًا وبقاء المثقف عاطلًا من الشعور، أو اعطائه العناوين والألقاب البارزة، كالدكتور والمهندس والبروفسور وأمثالهم لحالة مؤلمة جدًا، فيما إذا كان فاقدًا للفهم والنباهة والشعور بالمسؤولية تجاه الزمان، وحركة التاريخ التي تأخذه معها هو والمجتمع، إن خطر بقاء العالِم جاهلًا وكونه أخرس وأعمى ولا شيء. لهو خطر كبير جدًا، لأن الإنسان إذا أُشْبِع بالعلم لا يشعر بالجوع الفكري، والشيء الذي يتطلع إليه العالم في هذا الزمان هو (المسألة الفكرية) منفصلة عن (المسألة العلمية)".
شريعتي حينما سألوه عن دينه وعن مذهبه اجابهم: " أنا " سني المذهب" " صوفي المشرب" "بوذي ذو نزعة وجودية" "شيوعي ذو نزعة دينية" "مغترب ذو نزعة رجعية" "واقعي ذو نزعة خيالية" "شيعي ذو نزعة وهابية ". يريد بذلك إن كل هذه المسميات لا تهمه بالمرّة، بقدر ما يهمه الانسان نفسه، لأن المسميات تلك الانسان يدور حولها لا هي التي تدور حوله.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شقشقة
- نعم
- هل الاسلام يحرّم الفنون الجميلة!؟
- شذرات
- سعدي الحلي صوت نشاز لخراب آخر
- عبد الجبار الرفاعي وخزعل الماجدي
- بعد طول انتظار
- برهان البعرة وابتسامة ايمانويل كانت
- من هو المثقف الديني الناقد؟
- (غبار الهذيان) قصيدة داود السلمان.. رؤية انطباعية
- غبار الهذيان
- نداء البحر
- ملامح الدهشة في نص(الغارقون بأحلام منفية)داود السلمان*
- جحيم ابيض!
- مكابرة غير يائسة
- حانة الدرويش
- لربما
- في فلسفة المعري: رأيان مختلفان1 /2
- في فلسفة المعري: رأيان مختلفان2 /2
- رفض


المزيد.....




- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - علي شريعتي المفكر الثائر1/ 2