أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عدنان الصباح - التربية المدنية..جتمعة المعرفة والفعل















المزيد.....


التربية المدنية..جتمعة المعرفة والفعل


عدنان الصباح
(ADNAN ALSABBAH)


الحوار المتمدن-العدد: 1633 - 2006 / 8 / 5 - 11:09
المحور: المجتمع المدني
    


"التربية تعني الحرية من كل عبودية"
المهاتما غاندي
تنويه:
هذه المادة قديمة ومنشورة كمحاضرة ألقيت في ورشة تدريب معلمي المدارس الفلسطينية في مدينة رام الله الفلسطينية بمبادرة من مركز إبداع المعلم وقد نشرت ضمن منشورات المركز وها أنا أعاود نشرها مرة أخرى ليس ترفا ولا لقلة الكلمات وإنما لأنني أريد أن أقول, إننا بحاجة للتربية للذات ضمن الآخر, وان مواصلة تغييب الآخر الفرد من فكرنا وفعلنا لن يقودنا أبدا إلا إلى الكارثة, أجيال قادمة نحن بحاجة ماسة لتربيتها بروح الجماعة وروح المشاركة وروح الآخر, أجيال قادمة بحاجة لان نلغي نمطية الذات المطلقة, ذات " أبو العريف" في التعبير الشعبي العربي, ذاك الذي يعتقد أن بامكانه أن يحل مكان الأسرة والمؤسسة والحزب والشعب والوطن, شخص..مجموعه صغيرة.. حزب.. قلة..يعتقدون أنهم الأفضل والاحرص والأقدر ويقودون إلى الكارثة, كل ما يميزهم أنهم يملكون صوتا عاليا, ولا يخجلون من الكذب علنا مهما كانت النتائج ومهما حل بالجموع, المهم أن يجدوا لجريمتهم بحق شعبهم, أمتهم , جماهيرهم, مبررات تقنع غرورهم لا أكثر.

التربية: ـ
هي فن قراءة الذات لإعادة صياغة تجلياتها ومظاهر ادائها ضمن الجماعة، ولتوفير قراءة مناسبة وسليمة للذات لا بد من فهم العلاقة الجدلية الرابطة بين الذات الفرد والذات الجماعة بمعنى ان القراءة للذات الفردية غير ممكنة دون القدرة على قراءة الذات الجماعية وهذا يعني التداخل المستمر لتربية الذات الفردية مع التربية الجماعية, ففي حالة الذات الفردية لا بد للاخر لتوفير الية التربية للذات، والاخر هنا هو الجماعة او ذوات الافراد المنتمين للجماعة، والجماعة في مفهوم العصر الحديث ليس لها حدود فهي تبدأ من الاسرة وتنتهي بالمجتمع الإنساني وتفقد التربية معناها ان لم تحمل اهدافا ووسائل واليات لتطبيق الوسائل وصولا للاهداف المنشودة.

المدنية:ـ
تعبير اجتماعي عصري ويعني التوافق والتكيف الانساني لانشاء علاقة مشتركة بين مجموع الافراد والمؤسسات التي تتكون منها الجماعة وهو رديف لتعابير المدنية والتي هي شكل من اشكال التجمع الانساني الطوعي المشترك في المكان والزمان والحركة والمجتمع المدني هو تطور عصري تخلى عن كل مظاهر العنف والعدوانية بين البشر وتنازلت فيه الجماعات المختلفة عن اختلافاتها لصالح التلاقي على قاعدة مشتركة ولذا انت تجد اليوم في المجتمعات المدنية اصول عرقيه او دينية مختلفة ولكنها متوافقة على استمرار الحياة المشتركة وفق اليات تنظم هذة العلاقة وتساعد على استمرارها.
والتربية المدنية اذن هي تدريب الذات على قبول الاخر لان الفعل الجماعي مستحيل بالذات المنفردة، وحتى يصبح الفعل الجماعي ممكنا لابد من وجود الجماعة التي تملك مقومات الوجود الوطني، الديني، القومي ولا بد لهذه الجماعة ان تتكون من ذوات متماسكة صاحبة رؤيا للمشترك ولا يمكن للذات الجماعية إلا ان تكون مستعدة لقبول الاخر لا متمائلة او منصهرة والا فانها تفقد الفدرة على الفعل في سبيل التطور والتطوير، وتعيش حالة من مراوحة المكان والزمان في آن معا فالاختلاف في رؤية المشترك واحدة من اهم ادوات تطوير الذات الجماعية وتصليب بنائها شريطة ان تملك الجماعة القدرة على فهم اهمية الاختلاف بين مكوناتها افرادا ومؤسسات على قاعدة قبول الاخر وادراك اهمية وضرورة وجودة.
والاختلاف مع الاخر ضروري لفهم الذات وواحدة من اهم ادوات كشف الذات وفهم مضامينها وتجلياتها وتطويرها.
والمشاركة تنشئ بين اعضائها نظما " واليات ضرورية لتنظيم الحياة واستمرارها وكلما تطورت وترسخت هذة الاليات الناظمة للعلاقة بين المشاركين، ساهم ذلك اكثر في تطوير البنية العامة للمجتمع وادى الى تطوير سماتة المدنية اكثر فاكثر واهم ما يميز مدنية أي مجتمع معرفة الحقوق والواجبات تجاه افرادة ومؤسساتة وما بينهما وتحديد المبادئ العامة لانتظام الحياة المشتركة.
الحقوق في المجتمع المدني:
تتميز حقوق الافراد والجماعات في المجتمع المدني بانها تاخذ بعين الاعتبار دور الاخر واليات التمايز والحدود والخصوصية بين الافراد انفسهم وبينهم وبين مؤسساتهم الاهليةوالرسمية بابهى تجليات المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية كمؤسسات الدولة سياسية
* الحق في الحياة:
ويشمل الحق في الاقامة والتنقل والسكن وتامين الماكل والمسكن والتعليم والعمل وتكريس الاسرة وضمان الخصوصية للافراد والاسر
* حق المشاركة
الحق في المشاركة في الحياة السياسية والانتخابات والترشيح لسائر المؤسسات في الدولة على قاعدة اشاعة الديمقراطية
* الحق في الاعتقاد والتعبير:
تعطى الجماعة اعضائها الحق في الاعتقاد والتعبير بما في ذلك الاعتقاد الديني وممارسة العبادة والتعبير عن الافكار والمشاعر والرغبات في سياق الاسس العامة للبنية الخاصة للمجتمع وتلاوينة واطيافة.
* الحق في التنظيم:
حق الافراد بالانتظام في مؤسسات مدنية كالاحزاب والنقابات والاتحادات والجمعيات والنوادي
الواجبات في المجتمع المدني:
كما ان للفرد حقوق لدى الجماعة فهو ايضا عليه واجبات تجاه هذة الجماعة علما بان حقوق الفرد هي واجبات الجماعة بخاصة كما ان واجباته هي حقوق الجماعة عليه بمعنى ان من الضروري تربيته على قاعدة ان حقه يساوي نفس القدر واجبه فالمطالبة بالحق الخاص يلزم تقديم حق الاخر ويمكن تلخيص واجبات الفرد بما يلي:
• واجب الدفاع عن الجماعة والحفاظ عليها وعلى ممتلكاته
• واجب المشاركة في البناء والتطوير والاتزام بما علية كما هو في دفع الضرائب مثلا
• واجب احترام الاخر وتقديس حق الاخر في التعبير عن رايه

مضمون التربية المدنية:
التربية المدنية هي ترسيخ وإشاعة المفاهيم المعبرة عن أنماط السلوك الناظم للعلاقة بين الأفراد بعضهم ببعض وبين الأفراد والجماعة وتشكيلاتها السياسية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية الحكومية والأهلية وعلاقة هذة التشكيلات بعضها ببعض على أساس التكاملية والاختلاف في الرؤى على قاعدة السعي المشترك للوصول نحو الأفضل وعلى قاعدة انعدام المطلق في مسائل التربية المدنية، فمثلا لا يعني احترام الرأي والرأي الآخر وحق الاعتقاد والتعبير أن لا تلتزم الأقلية مثلا برأي الأغلبية في المفاصل الضرورية للتقدم أو الانتقال إلى مرحلة أخرى. فمع ضمان حق الأقلية في التعبير والاعتراض والمسائلة إلا أن عليها التعلم كيف تلتزم بتنفيذ قرار الأغلبية عمليا مع التمسك بالموقف ألاعتقادي نظريا لكن من غير الجائز أن يسمح للأقلية مثلا الاستنكاف عن المشاركة في مهمة الدفاع عن الجماعة إذا لم تتوافق آلية الدفاع لديها مع موقف الأغلبية.
جميع الدول والجماعات التي تنتهج الاسلوب الديمقراطي في إدارة شؤونها تعطي الحق في التعايش والتعبير والاختلاف مثل اتخاذ القرار لكنها تلزم الأقلية عمليا بذلك بعد اتخاذ القرار مع استمرار حقها في التعبير والدفاع عن موقفها بالوسائل السلمية والفكرية باستخدام وسائل الأعلام أو الاجتماعات أو التظاهر أو غير ذلك.
في بعض البلدان يعطي النقاش للوصول إلى اتفاق فترة طويلةواحيانا تبدو مملة وغير مجدية لدا البعض كما في هولندا مثلا فهم يصفون انفسهم بانهم يحبون الكلام كثيرا ولذا يمارسونة بأقصى درجة ممكنة للوصول الى مواقف مشتركة.
فالتربية المدنية إذن مهمة متشعبة تحمل مضامين سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية، وينبغي للمناهج أن تعالج موضوع التربية المدنية أن تأخذ في الحسبان كل هذة الجوانب الرئيسية في المجتمع.

مصادر التربية المدنية:
يمكن القول ان مصادر التربية المدنية متعددة فالتاريخ والحضارة والفكر الانساني والاديان والقيم والعادات والتقاليد والعلوم والتكنولوجيا كل ذلك يمكن له ان يكون من مصادرو مكونات مفاهيم ومناهج التربية المدنية
فالتاريخ والحضارات الانسانية تقدم أمثلة كثيرة عن اندثار حضارات بكاملها عن طريق القهر والتسلط والديكتاتورية وسيادة الاقلية والزام الاغلبية بتنفيذ رغبات الاقلية كانظمة الرق والعبودية والاقطاع، كما ان مصادر الوعي في الفكر الانساني من فلسفات وآداب وعلوم جميعها تحدثت عن احترام انسانية الانسان واهمية سيادة مجتمع اخلاقي متعاون متفاهم وجمهورية افلاطون اكبر مثال على ذلك. وجاءت الاديان السماوية ايضا لترسخ نضرية احترام إنسانية الإنسان وتقديس حقوقة وحرياتة وحريات الاخرين والامثلة على ذلك كثيرة
( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا ) تنتهي حريتك عندما تبدا حرية الاخرين، كالجسد الواحد اذا اشتكى منة عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخية ما يحب لنفسه،
كما ان القيم والعادات والتقاليد بها الكثير من التعارض ويمكن فحصها او الاخذ بما هو جيد منها كالتعارض بين الامثال ومنها " العب وحدك تبجي راضي " مقابل الجنة من غير ناس ما بتنداس " "احرث وادرس لبطرس "
"مقابل " زرعو فاكلنا ونزرع فياكلون " وينبغي تقديم العلوم والتكنولوجيا وتطورات العصر الحديث كاثبات على ان الفرد دون الجماعة ضعيف وغير قادر على الاستمرار، فانت لتاكل خبزا فقط بحاجة لارض وحراثة وماء وبذار وحصاد وتنقية ونقل ومطحنة ومخبز وكل واحدة منها بحاجة للكثير الكثير لكي تكون فلا يمكن للمخبز وحدة ان يكون فهو بحاجة الى بناء وماكنات وعمال ومواد وكهرباء وماء وما الى ذلك، ولو فصلنا كل واحدة لوجدنا الكثير وهذا يساعد على إدراك الفرد لاهمية الاخر في حياتة الفردية الخاصة.

مؤسسات التربية المدنية: ـ
اين يمكن ان نمارس التربية المدنية وكيف ؟
1. الاسرة: ـ
هي الخلية الفاعلة الاولى في مسيرة التربية المدنية للفرد وفيما يتلقى الطفل اصول الصدق والعدالة والصراحة والمشاركة والتكافؤ، او الكذب والتميز والتفرقة والتفرد والنفاق ولامد ليس بعيدا مثلا سادت في الريف الفلسطيني عادة ارغام الطفل على تقبيل ايادي زوار اسرته خصوصا اذا كانو ذوي جاه وفي حالات كثيرة كان الطفل يستمع لوالديه يشتمون الرجل وينعتونه باقبح الالفاظ بعد ان يغادر، او ان الطفل الذكر مميز في التعامل عن الطفلة الانثى او الاكبر مميز عن الاصغر او ان المتفوق في دراسته محبوب ويلقى التقدير والمتخلف عنة مهما كانت نسبة التخلف مذموم ومكروه او ان الولد وهذا يعني الابن او الابنة مهما بلغ من العمر " لا يجوز له ان يناقش ما يقوله والده مهما كان مفرطا في الخطأ مثلا الطاعة العمياء واجب وملزمه وعدم الالتزام بها يوجب العقوبه وخصوصا العقوبة البد نية، والسنوات الاولى القليلة التي يعيشها الطفل داخل اسرته لها اكبر تاثير على تاسيس شخصيته فيما بعد وخصوصا وان الاسرة تبقى المكان الاكثر التصاقا بالطفل حتى وصوله الى مرحلة الشباب ولذا تاخذ الاهمية الاولى في مجال التربية المدنية.

2 . المدرسة: ـ
لقد انتهى نهائيا عصر مدرسة التلقين والعصا والمعلم العابس طوال الوقت واهمية الاحترام القائم على الخوف والرهبة بين التلميذ ومدرسه، والمدرسة العصريه الآن هي مدرسة التعاون والتفاهم وفتح آفاق البحث وتوسيع مدارك التلميذ وبدل لغة امتحان الحفظ اللفظي، وجدت امتحانات البحث والدراسة وبدل التلقين وجدت اساليب اثارة السؤال وبدل العبوس والجمود وجد التفاهم واضيفت الى مناهج الرياضيات واللغة والدين ودروس الثقافة والتربية المدنية والوطنية ودروس الموسيقى والكمبيوتر والمسرح والنشاط اللامنهجي. وتلعب المدرسة أهميه قصوى في موضوع التربية المدنية فهي المجال الاكثر اتساعا من الاسره لاكتشاف الاخر والتعاطي معه، ويمكن لمدرسي التربية المدنية والوطنية والنشاطات اللامنهجية تعليم الطلبه الية التعاون واحترام الاخر وفهم اهمية عمل المؤسسات كاقامة مجالس للفتيان او لجان منتخبة للصفوف والمدارس او نوادي للانشطة او نماذج للحكومة المنتخبة واشاعة اجواء النقاش والاعتراض والاختلاف بواسطة اللغة والفكر والمنطق وتعارض الاراء واهمية الاستماع لراي الاخر لفحص راي الذات قبل تعلم مخالفة الاخر قبل معرفة راية او دون فحص راية او دون اعطائه الفرصة لتبرير رايه، وهذا يمكن ان يتجلى باقامة حلقات النقاش او تشكيل فرق ذات تعارض وهمي ودفع كل فريق للدفاع عن وجهة نظرة امام الفريق الاخر كان ياخذ الفريق الاول موقف تاييد الامتحانات فقط في نهاية العام وياخذ الفريق التاني موقف تاييد الامتحانات مرتين في العام ثم يتم تطوير التجربة وصولا الى القضايا الاجتماعية والسياسية وغيرها، وذلك يستلزم ايضا اعادة النظر بالمناهج المدرسية والتاكيد من تناسبها مع مفاهيم التربية المدنية.

3. الجامعة: ـ
تكتسب الحياة الجامعية اهمية كبيرة في تنمية وصقل البناء الاجتماعي للفرد بسبب من الدور الاكاديمي والنشاطي للجامعة وكذلك طبيعة الظروف التي توفرها الحياة الجامعية لتطوير ادوات التواصل والتفاعل الانساني بين الافراد بعضهم ببعض وبين الافراد والمؤسسة وتوفر المؤسسات النشاطية في الجامعة كمجلس الطلبة والنوادي والاتحادت والكتل الطلابية الفرصة لانتقال الطالب الى الحياة السياسية وتداعيها والصراعات بين التيارات السياسية وكلما توفرت الاجواء الديمقراطية وساهمت المسيرة الأكاديمية والانشطة في خدمة التفكير الديمقراطي وجرت انتخابات مجالس الطلبة مثلا باجواء ديمقراطية كلما نقل هؤلاء الطلبة تجربتهم الى الحياة العملية خارج اسوار الجامعة وكلما ساهموا اكثر فاكثر في ترسيخ واشاعة مفاهيم التربية المدنية في المجتمع باسرة.

4 . المؤسسة الغير حكومية
تقوم المؤسسات الغير حكومية بدو ر اشمل واكثر اهمية في تعميق وترسيخ مفاهيم التربية المدنية ان هي ادارت شؤونها وفقا لذلك، بمعنى ان اشاعة الديمقراطية والتعاون والحوار داخل المؤسسات الاهلية نفسها بما في ذلك التنظيمات السياسية يساهم الى ابعد الحدود في تعميق مفهوم التربية المدنية في المجتمع باسره ويعتبر ذلك قوة في المثال يمكن الاعتماد عليه


5. المؤسسات الحكومية : ـ
والمقصود هنا السلطات الثلاث القضائية والتشريعية والتنفيذية وهي تمتلك الاهمية القصوى بسبب قدرتها على التاثير بواسطة سن القوانين والتشريعات وضمان وصيانة تنفيذها وحمايتها وذلك يمكنة ان يوفر الاجواء المطبقة للتربية المدنية في كافة جوانب الحياة وفي مقدمتها الحياة السياسية التي تتقاطع جدليا مع الحياة الاجتماعية والاقتصادية وتجلياتها .

6 . الاعلام: ـ
للصورة والكلمة، للمرئي والمسموع والمقروء، للكلمة المطبوعة او الكلمة المرافقة للصورة وتأثيراتها عبر الفضائيات و الانترنت لوسائل لوسائل الاتصال المختلفة والتي جعلت من العالم اصغر من اصغر قرية فية تاثير كبير على تربية الانسان وسلوكة بدءا من البرامج الموجهة للاطفال وانتهاء بالبرامج الموجهة لصناع القرار والسياسيين. والاعلام جعل التربية الوطنية المعزولة مستحيلة ولذا اصبحت التربية المدنية الانسانية هي الاساس ولا بد للتربية الوطنية من الاقتران بها.

ملاحظة لا بد منها:
ان الاشارة الى مؤسسات التربية المدنية عبر النماذج المذكورة ليس بهدف التعداد المنعزل لكل مؤسسة او هيئة بل للاشارة الى اهمية التكامل في اداء هذه المؤسسات او الهيئات، فأسره ديمقراطية في دولة ديكتاتورية او بمدرسة للتلقين او احزاب لا تعرف للحوار معنى او جامعات مغلقة على نفسها كل واحدة من ذلك بمفردها تصبح عديمة الجوى ولذا لا بد من التكامل في اداء الجميع في سبيل سيادة مفاهيم التربية المدنية وتحويلها الى سلوك حي وممارسة عملية.

برامج التربية المدنية:ـ
ينبغي لبرامج التربية المدنية في المؤسسات التعليمية خصوصا ان تلغي اساليب التعليم العقيمة كالتلقين والبصم والتكرار والتسميع الاعمى، ان ذلك يذكر بنكتة كانت شائعة بين طلاب المدارس حيث يسال احدهم الاخر " ايدري لماذا يغمض الديك عينية ويرفع راسه الى اعلى حين يصيح فيجيب الاخر لانه باصمها بصم ". لذا فان من المفروض ان تتميز مناهج وبرامج التعليم العام وفي سبيل خدمة برامج التربية المدنية ان تعتمد اساليب البحث العلمي والحوار وتشجيع الاكتشاف ومنهجية التعاون الجماعي في البحث العلمي والاتصال والتواصل بين الطلبة والدارسين من جهة ومدرسيهم ومجتمعهم المحلي من جهة اخرى وينبغي للعلوم ان تعكس واقع الحال وحاجة العصر والمجتمع المحلي وان يتم تشجيع التفكير العلمي المنهجي .

كيف يمكن ان نربي مدنيا ؟

أ. التربية المدنية علم في طور التشكيل:
لا زالت فكرة التربية المدنية فكرة جنينية فهي اقرب الى الفلسفة منها الى أي من العلوم الاخرى فموضوع التربية المدنية يشمل اللغة والتاريخ والرياضيات والفن والتكنولوجيا، فهو اذن علم اداء العلوم وتسخيرها لخدمة المجتمع المدني، وهو العلم المكلف بايجاد الاليات والبرامج الكفيلة بذلك وباختصار فهو علم جتمعة المعارف والعلوم.

ب. التربية المدنية علم نقل المعرفة:
وهذا يعني باية رؤى يمكن ان ننقل الى المتلقي سائر المعارف وعلى اية أرضية يمكن نقل الرياضيات او الفيزياء او التاريخ او اللغة الى المتلقي، هل ننقل له لغة عنصرية معادية للاخرين ام لغة انسانية، هل ننقل له لغة فردية انانية ام لغة اجتماعية فاعلة ومشاركة. هل نلقن الدارسين للمحاسبة علم المحاسبة على اسس العلوم البحته وبعيدا عن اهميته للبنية الاجتماعية بالكامل فان نحن فعلنا ذلك قدمنا للمجتمع لص وفاسد مؤهل للقيام بلصوصيته وفساده مستخدما علمه البحت وعكس ذلك قدمنا حارسا امينا وفاعلا في تطوير مصادر الدخل العام مثلا.

ج.التربة المدنية علم السلوك:
والسلوك يعني التعاطي مع الاخر فهو يتشكل عادة لسبب وجود الاخر فلا احد يكترث لسلوك شخص منعزل في غرفة منعزلة او حتى في صحراء شاسعة فارغة، فالتربية على السلوك يعني التربية على قبول الاخر والتعاطي معه واليات ذلك وباختصار فالتربية على السلوك واحدة من اهم مقومات التربية المدنية.

التربية المدنية بين السلبي والايجابي:
ينبغي للتربية المدنية ان تسعى لشطب المفاهيم السلبية مقابل ترسيخ المفاهيم الايجابية، فالاكتشاف والإبداع بديل التلقين والحفظ الأعمى، والحوار الهادف البناء مقابل التنفيذ الأعمى للقرارات والمشاركة مقابل التلقي والفعل الايجابي مقابل الشوفينية والإنسانية مقابل العنصرية وهكذا الى ما هنالك من أمثلة حية.

خاتمة:
اخيرا فاننا في فلسطين وبالتالي في الوطن العربي احوج ما نكون الى التربية المدنية بسبب الظروف القاسية التي نعيشها والسعي الدائم من قبل اعدائنا لتحطيم كل البنى النحتية والفوقية في مجتمعنا لذا يبقى بناء الانسان المتنمي الواعي المشارك هو الهم الاكثر الحاحا " وضرورة لمواجهة المستقبل والسعي لجعله افضل، قد لا نستطيع ان نمنع قوات الاحتلال من
هدم وتحطيم المباني والمنشآت والطرق وغيرها ولكننا قطعنا قادرين على منعها من تحطيم وتشويه انساننا وهو الخميرة الضرورية لمتابعة الحياة والنهوض من جديد.



#عدنان_الصباح (هاشتاغ)       ADNAN_ALSABBAH#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دارة ضعيفة لمعركة عظيمة
- المفدس..الوطن..الشعب ام التنظيم
- لارضاء العالم الاعور
- توافقوا..توافقوا..تزافقوا
- اللاعنف اداة مزدوجه
- اضراب عن الطعام
- من قتل سامر حماد
- كارثية فشل التجربة
- الآن وقبل فوات الأوان
- الماغوط...محترف الادهاش
- ِبصدد الطريق إلى الخلاص
- لننتصؤ بحماس لا عليها
- العرب بين شخصنة المسائل ومسألة الشخوص
- عملمة القوة
- خلافا لأمنياتهم
- ثورة في الثورة
- شكوى
- حتى الاكاذيب توحد
- انهم يعرفون ما يريدون
- يعالون على حق...ولكن


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عدنان الصباح - التربية المدنية..جتمعة المعرفة والفعل