أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جيلاني الهمامي - حتى لا تضيع الفرصة القادمة















المزيد.....

حتى لا تضيع الفرصة القادمة


جيلاني الهمامي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 6882 - 2021 / 4 / 28 - 02:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعد جائحة "كورونا" اختبار من أكثر الاختبارات التي واجهتها الإنسانية طوال الفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية عسرا. اختبار وضع النظام الاقتصادي والاجتماعي السائد عالميا، أي الرأسمالية العالمية، على المحك وكشف كما لم يحدث من قبل عن حجم الأعطال التي تميزه. فرغم ما طورت البرجوازية على امتداد أكثر من خمسة قرون من علوم وتقنيات في جميع مجالات الحياة، بما في ذلك المجال الصحي والطبي، فإن ذلك لم يكن كافيا لتحصين الناس من مخاطر "فيروس" ولن يكون ضامنا في حماية النظام الرأسمالي نفسه من تداعيات ما قد يطرأ في الاثناء من كوارث وفواجع أخرى.
ويذكر تاريخيا أن الحروب والجوائح الكبيرة عادة ما كانت مناسبة يحتد فيها الصراع الطبقي والسياسي أعلى درجات الحدة وتنضج فيها المقدمات الموضوعية اللازمة لنشوب ثورات وحركات تغيير كبرى هزت العالم. أبرز مثال على ذلك كومونة باريس التي نحيي ذكراها الـ 150 والتي سطر فيها "شعب باريس" وعماله الذين "هبوا لمهاجمة السماء" كما قال ماركس معالم ملحمة تاريخية عظيمة. وليست الكومونة غير مثال نموذجي لأمثلة أخرى كثيرة عرفتها روسيا وبلدان أوروبا الشرقية والصين وغيرها.
في الكارثة الوبائية الحالية، وباء الكورونا، كان يمكن ان تكون فرصة متجددة ليحصل فيها ما حصل من قبل في مناسبات مماثلة. لقد افتضحت الرأسمالية المعولمة وسياساتها الليبرالية في المجال الصحي أساسا والاجتماعي عامة، وبدا بالنظر إلى ذلك وإلى تداعيات الازمة الاقتصادية والاجتماعية الحادة أن العالم مرشح موضوعيا لقيام ثورة ونشوب حركة نضال من أجل إجراء تغيير حقيقي على النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي السائد اليوم. لكن شيء من ذلك لم يحصل لأن الانخرام العام الذي تعيشه الرأسمالية كنمط يقابله من الجهة الأخرى تخلف الوعي والتنظيم لدى القوى الاجتماعية صاحبة المصلحة في تغيير هذا النمط تغييرا عميقا وجذريا. ومن خلال هذه الفجوة بين نضج الشروط الموضوعية للثورة وانعدام – وفي أحسن الأحوال – ضعف العامل الذاتي وجد خبراء البرجوازية ومنظروها وأيديولوجيوها ومختبرات صنع السياسية الليبرالية الفرصة لابتداع، في كل مرة، سبل التجاوز والتجدد والاستمرار وتأجيل ساعة الانهيار.
لقد وحدت الرأسمالية العالم وحولته الى قرية متشابكة الصلات والمصالح ووحدت ظروف العيش وبالتالي شروط النضال ضدها ولكنها في المقابل من ذلك كثفت نسق انقسام المجتمع بين الأقلية المالكة والمستغلة والاغلبية المتكونة من الكادحين والمهمشين وعمقت الفوارق بين المعسكرين. واتضح بتمام الجلاء ان خلاص البشرية مرتبط بالمعركة الفاصلة بين هذين المعسكرين، معركة تبدو فيها موازين القوى في الوقت الحاضر مختلة بشكل فضيع من حيث الإمكانيات المادية والاليات والخبرات والاستعدادات المعنوية الخ... ومع ذلك يبقى مصير منظومة الإنتاج الرأسمالي تحت رحمة العمال الذين بمستطاعهم، بحكم موقعهم ودورهم في عملية الإنتاج، الاجهاز عليها إذا ما استعدوا لذلك كما ينبغي الاستعداد. إذ مهما حصل من تطور وتحولات فإن عملية الإنتاج، انتاج الخيرات المادية واللامادية، لم تفقد شيئا من مقوماتها الجوهرية ومازال العمل هو مصدر الإنتاج والثروة حتى وإن أدخلت عليه العلوم والتقنيات تطويرات مهمة. ومازالت الطبقة العاملة تبعا لذلك هي الطبقة الاجتماعية المحددة في استمرار المجتمع الرأسمالي أو اندثاره فهي الطبقة الوحيدة القادرة على تغييره تغييرا جوهريا والقضاء عليه.
لقد نضجت الرأسمالية واكتمل تطورها حد الاشباع ويتجه منحنى تطورها نحو التراجع والهبوط وهو السياق التاريخي لثورة العصر. فالمرحلة القصوى من تطور الرأسمالية هو حقا السياق الملائم لقيام الثورة الاشتراكية كما قال لينين منذ قرن. هذا العمل التاريخي الجبار ليس بالأمر اليسير ذلك انه يتطلب توفر، إلى جانب نضج الظروف الموضوعية، جملة من الشروط الأخرى. في المعارك الحاسمة لا بد من تعبئة كل الأسلحة وفي هذه المعركة بالذات ليس بوسع الطبقة العاملة كسب النصر ما لم تكن منظمة الصفوف وموحدة الحركة تحت راية هيئة أركان قوية. ليس بوسع الطبقة العاملة أن تعوض عما تتفوق به عليها البرجوازية على اصعدة كثيرة إلا بالتنظيم المحكم والإرادة القوية والايمان العميق والعمل الدؤوب.
يمثل حزب الطبقة العاملة، بخصائصه الثورية، أداة نضالها الأساسية وعامل وحدتها والضامن في تحقيق أهدافها لذلك يمثل بعث حزب الطبقة العاملة الخطوة الأولى في مسار الثورة. المؤسف ان الغالبية العظمى من فصائل الطبقة العاملة العالمية يعاني من اليتم السياسي ويفتقد أداة نضاله السياسي أي الحزب الثوري. لذلك فإذا ثمة مهمة ينبغي ان تحظى بالأولوية في سلم مهمات الطلائع الواعية، الثوريين، في كل بلدان العالم هو تأسيس حزب الطبقة العاملة.
لا شك وأن عوامل كثيرة حالت حتى الان دون الكثير من العناصر الثورية وإبراء ذمتها الثورية حيال الطبقة العاملة. واحد من هذه الأسباب هو التردد الذي ميز وعي بعض المجموعات السياسية التي تتبنى برنامج نضال الطبقة العاملة. ومن علامات التردد تأجيل إنجاز هذه المهمة بدواعي – رغم نزاهتها لدى الكثير منهم – فكرية خاطئة وجه الخطأ فيها هو الخلط النظري والايديولوجي بين مهمتي التأسيس والبناء. مرد هذا الخلط هو عدم التفريق بين رهانات كل مهمة منهما. فالتأسيس لا يتطلب – بمعنى من المعاني – سوى الاتفاق على خط الحزب المزمع بعثة، الخط الأيديولوجي (النظرة للعالم وللمجتمع الخ...) والسياسي (البرنامج) والتنظيمي (نمط التنظيم) بصرف النظر عن الكم التنظيمي أي عدد الأعضاء ساعة التأسيس. للإشارة على سبيل المثال تأسس الحزب الشيوعي الصيني سنة 1921 ومجموع أعضائه لا يتجاوز الخمسين عضوا وكان عدد نواب المؤتمر 13 نائبا فقط. رهان التأسيس هو تحويل الوحدة حول الخط صلب النواة الأولى الضيقة إلى أداة منظمة عاملة أي بلغة أخرى تجسيد تلك الوحدة في فريق عمل مهما كان ضيقا (أي بصرف النظر عن العدد) في نواة منظمة تدخل غمار مسار طويل ومعقد اسمه بناء الحزب. التأسيس هو إحداث القطيعة مع حالة التشتت واليتم وهنا بالذات تكمن أهميته. أما بناء الحزب فهو كما قلنا مسار طويل يتطلب وجود هيئة تأخذ على عاتقها قيادة هذه العملية. لا تتوقف عملية البناء عند أجل زمني ولا عند كم معين من الأعضاء والانصار والأصدقاء والمتعاطفين. وتتخذ عملية البناء أبعاد سياسية وتنظيمية. فالحزب يعمل على توسيع نطاق اشعاعه السياسي وكسب أكثر ما يمكن من العمال وسائر الكادحين إلى اطروحاته وبرامج نضاله وفي نفس الوقت يعمل من اجل ضم العناصر الطلائعية إلى صفوفه. فالبناء عملية متواصلة غير منقطعة قبيل افتكاك السلطة وبعدها ومغزاها العميق هو الالتحام بالطبقة وتنظيم طلائعها في الحزب وتنظيم حركتها العامة تحت راية الحزب.
من هنا تبدأ المسيرة، مسيرة إعادة تنظيم حركة نضال الطبقة العاملة بعد الانتكاسة التي منيت بها جراء ما آلت إليه التجربة الاشتراكية في نسخها المتعددة وتفسخ الأحزاب العمالية القديمة. وإذا كان ثمة درس يمكن ان نستخلصه من جائحة الكورونا هو أن نشرع توا وبلا تردد في إعداد العدة لتدارك ما فات وكي تكون الحركة الثورية جاهزة للفرص القادمة.



#جيلاني_الهمامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النزاع الأذري الأرمني ودور أردوغان حفيد عبد الحميد الثاني
- الثورة : في تدقيق بعض المفاهيم
- شيء من التاريخ : إلى روح المناضل النقابي نجيب الزغلامي
- المحكمة الدستورية من جديد
- حول خارطة الفقر في تونس
- الاقتصاد الاجتماعي أو التضامني، هل يشكل بديلا؟
- حول آخر مستجدات الوضع السياسي في تونس
- منطلقات لنقاش التكتيك السياسي في تونس
- مرة أخرى حول مسألة الرأسمال الوطني
- حتى لا تصطدم البشرية بأسوأ سيناريو
- إلى راشد الغنوشي: إن مع اليوم غدا يا مسعدة
- الحكومة الجديدة: التركيبة والبرنامج
- الإصلاح الزراعي مهمة ثورية عاجلة
- الاستثمار الخارجي في تونس أكذوبة لتبرير التبعية والاستغلال و ...
- بعد تأجيل ديون 25 بلدا هل تقتنع الحكومة؟؟
- حكومة الفخفاخ والمضي قدما في التداين
- إلى الرئيس قيس سعيد : «عليك أن توضح خفايا زيارة أردوغان الفج ...
- إلى أين تسير البلاد؟؟
- المخطط الجديد التشخيص والأهداف والآليات، ما الجديد؟
- تونس تعيش أزمة حكم


المزيد.....




- ما أسباب نقص وسائط الدفاع الجوي لدى دول الناتو؟
- هل تساعد الأسلحة الغربية أوكرنيا على قلب موازين الحرب؟
- روسيا تجهّز الجيش بدرونات قتالية جديدة
- -درس جديد- يقدمه -كوفيد-!
- منتجات تخفض خطر تطور مرض النقرس وأخرى تزيد منه!
- اكتشاف سبب وراثي وراء اضطرابات مناعية نادرة في مرحلة الطفولة ...
- بكين -منفتحة- على إجراء اتصالات عسكرية مع واشنطن
- -سنتكوم- تؤكد تدمير -صاروخين حوثيين- استهدفا إحدى سفنها في ا ...
- مستشار رفيع لنتانياهو: المقترح الذي أعلن عنه بايدن يحتاج -ال ...
- شرطة نيويورك تتدخل باحتجاج مؤيد للفلسطينيين.. وتعتقل 29 شخصا ...


المزيد.....

- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جيلاني الهمامي - حتى لا تضيع الفرصة القادمة