أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد هادف - قضية سعيد ناشيد: غياب الحكمة وطغيان الأهواء














المزيد.....

قضية سعيد ناشيد: غياب الحكمة وطغيان الأهواء


سعيد هادف
(Said Hadef)


الحوار المتمدن-العدد: 6881 - 2021 / 4 / 27 - 03:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سعيد ناشيد مفكر مغربي عصامي، وفيلسوف بالمعنى الواسع، يفكر ويتأمل ويتفلسف بحرية تشع بروح المسؤولية، وبمسؤولية تشع شفافية وشجاعة وحبا.
لم يحدث أبدا أن قرأت عن سيرته، ولا أدري لماذا كنت أظن أنه يعيش خارج المغرب، إلى أن شاع خبر فصله عن وظيفته، عندها فقط خصصت وقتا لأعرفه أكثر، ثم بعثت له بدعوة صداقة وتواصلت معه.
من خلال قراءتي لبعض أعماله، وحواراته ومقالاته، وعبر ما كتبه عنه المقربون منه بعد قضية الفصل عن الوظيفة، وجدت سعيد ناشيد من الصنف الذي لا يستهويه لعب دور الضحية ولا دور البطولة كما هو حال عدد من المثقفين والسياسيين والحقوقيين. وهو من ذلك الطراز الذي لا يشكو، ولا يبوح بآلامه إلا لوسطه الحميم. ولو لم يضق حوله الخناق لما أخرج معاناته إلى الرأي العمومي.
وما تعرض له ليس طارئا، وقد اتضح من خلال منشوره أنها قصة "لا يعرفها سوى القليلين"، حرصا منه على إخفائها وحتى لا يكون "التعاطف" مدخلا إلى شهرته. أزعم أني أفهم هذا النوع من التفكير، وهو تفكير يترجم سذاجة صاحبه (بالمعنى النبيل لكلمة سذاجة)، وقد عرفت عددا من المثقفين الذين تعرضوا إلى الحيف والظلم وسعوا إلى معالجة وضعهم بعيدا عن الضجيج والإثارة.
في وسط اجتماعي مختل، نجد صنفا من المثقفين الدهاة عرفوا كيف يبنون فيه وضعية مريحة، بينما دفع صنف آخر ثمنا غاليا فمنهم من فقد صحته العقلية أو الجسدية ومنهم من قضى في فقر مدقع، وهناك صنف ثالث نجا بأعجوبة وبما يشبه الأسطورة، بعد أن عبر مسافة مفخخة بالأهوال.
ومع أنني لم ألتق بناشيد ولا أعرف عن وسطه الاجتماعي شيئا، إلا أنني أزعم أني أعرفه، أزعم أن تجربتي وهبتني قسطا وافرا من الفراسة بعد أن عبَرتُ صحراء خيباتي وأصبحت أحيط علما بسذاجتي وما جنيته بسببها من خسارات في مجتمع يغفر لك كل شيء إلا تشبثك بسيادتك وحريتك. قد يتساءل أحدهم عن سر هذا البوح. والسبب هو رسائل اللوم التي وصلتني من بعض أصدقائي بعد أن نشرت على جداري قصة سعيد ناشيد، معتبرين أن فصله عن وظيفته لا علاقة له بالتضييق على حرية التفكير، وأن القضية لا تحتاج إلى التضامن، ذاهلين عن غياب الحكمة والتعقل في الطريقة التي عولج بها ملف القضية. وتبين لي أن بعضهم تحفظ عن التعاطف معه لأسباب أيديولوجية وأعني بذلك المناهضين للتطبيع. فسعيد ناشيد، بعد موقفه من التطبيع، أصبح رأسه مطلوبا لدى عدد من القبائل الأيديولوجية حتى من جهات حقوقية، تواطأت بصمتها، بدل الذود عن حرية التعبير.
أزعم أن سعيد ناشيد لم يلجأ إلى البوح بالضرر الذي تعرض له، إلا في سياق التواصل مع محيطه الواسع حتى يجيب بشكل عمومي على سؤال المئات من الأشخاص الذين وصلتهم بشكل أو بآخر أصداء حرمانه من وظيفته وحرمانه من حقه في التقاعد المسبق. أما المحن التي عاشها فقد عالجها دون ضجيج، بل استخلص منها علاجا تقاسمه مع كل من شغف بقراءة كتبه ولاسيما كتابه الذي اعتبره الجزاء الكافي عن المحن التي واجهها: "لو كان الجزاء الذي بإمكاني نيله مقابل المحن التي واجهتها في حياتي أن أكتب مثل هذا الكتاب، لكان هذا الجزاء عزاءً كافيًا لي، بيد أن الثمن الحقيقيّ قبضتُه مسبقًا على دفعات تحت الحساب. لقد حرّرتني الفلسفة من سطوة الأهواء الحزينة، وغرائز الانحطاط، ودوافع الموت، ومن مجمل أمراض الكينونة، من قبيل الرّعب، السأم، التذمّر، الجشع، الندم، الذنب، والحنين، وبالتالي منحتني القدرة على النمو والحياة".
وهو يبوح بما حدث له، فليس من باب الشكوى والبكاء بل من باب الإخبار والاختبار، إخبار أصدقائه وقرائه والوسطين السياسي والحقوقي بما حدث له، واختبار معدن الأفكار والمشاعر حتى يتميز النفيس منها عن الزائف، فيذهب الزبد جفاء ويبقى ما يضيء طريق التغيير الخلاق.
إنه بوح المتعافي الذي عاد من الأقاصي، عاد بعد أن رأى واستبان ليقول للملأ الذاهل: "أشعر أنني الآن معافى بما يكفي لكي أستخلص الدروس، وها هي بعض أوراقي. وقبل البدء: أنثُر الفرح على أبواب المقابر.. تلك حرفتي".



#سعيد_هادف (هاشتاغ)       Said_Hadef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسبوع المغاربي يحييكم
- الأسبوع المغاربي بعد عام
- اليأس مدخلا إلى الأمل
- اليوم العالمي للثورة السلمية
- الدستور: محالة للفهم
- منظمات المجتمع المدني في الجزائر: رسملة مشروع -مشوار وحوار-
- دور الإعلام في بناء مدينة مواطنة
- الأزمة الخليجية في ضوء التاريخ
- عاصفة الحزم: السياق والمقاصد
- الجزائر: الخطاب الأخير
- ليبيا: صراع الأجندات
- غيتوهات تندوف: الذهول عن المقاصد
- الجهوية الموسعة أساس الاتحاد المغاربي
- هل سيشهد المغرب نمطا جديدا من الاحتجاج؟
- الإسلام في غمار الصراعات الأيديولوجية: محاولة للفهم
- شذرات على هامش الثورة
- الهجرة السرية: من أجل بدائل لا تتعارض مع المبادئ الإنسانية: ...
- مهاجر يدعى -أبو-: من مملكة بنوي بنجيريا إلى مخيم بنوي بوجدة
- الهجرة اليوم: هل هي ظاهرة أم عرض؟
- حول استحقاقات 2012: السلطة الفعلية في الجزائر تعيد سيناريو 1 ...


المزيد.....




- “يا بااابااا تليفون” .. تردد قناة طيور الجنة 2024 لمتابعة أج ...
- فوق السلطة – حاخام أميركي: لا يحتاج اليهود إلى وطن يهودي
- المسيح -يسوع- يسهر مع نجوى كرم وفرقة صوفية تستنجد بعلي جمعة ...
- عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي
- عصام العطار.. أحد أبرز قادة الحركة الإسلامية في سوريا
- “يابابا سناني واوا” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ال ...
- قائد الثورة الاسلامية: العمل القرآني من أكثر الأعمال الإسلام ...
- “ماما جابت بيبي” التردد الجديد لقناة طيور الجنة 2024 على الن ...
- شاهد.. يهود الحريديم يحرقون علم -إسرائيل- أمام مقر التجنيد ف ...
- لماذا يعارض -الإخوان- جهود وقف الحرب السودانية؟


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد هادف - قضية سعيد ناشيد: غياب الحكمة وطغيان الأهواء