أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - سعيد هادف - مهاجر يدعى -أبو-: من مملكة بنوي بنجيريا إلى مخيم بنوي بوجدة














المزيد.....

مهاجر يدعى -أبو-: من مملكة بنوي بنجيريا إلى مخيم بنوي بوجدة


سعيد هادف
(Said Hadef)


الحوار المتمدن-العدد: 3803 - 2012 / 7 / 29 - 02:52
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


"أبـو"، شاب في العقد الرابع من عمره، طويل القامة قوي البنية، وهو ككل أفراد المخيم ينحدر من بنوي (État de Benue)، الدولة السابعة بجمهورية نيجيريا الفدرالية، البلد الذي يتكون من ست وثلاثين دولة، هو الأكبر في أفريقيا من حيث تعداد السكان (162 مليون نسمة)، حسب إحصائيات 2011، وبالرغم من كونه بلدا بتروليا فهو مصنف من البلدان الفقيرة، و بنوي تحمل صفة المملكة لدى أهلها، هذا ما كان يردده أفراد المخيم. تقع هذه المملكة أقصى الجنوب الشرقي على حدود الكامرون ويبلغ عدد سكانها ما يناهز الخمسة ملايين.
أسرته فقيرة وله أختان وأخوان هو رابعهم في الترتيب، ترك مقاعد الدراسة مبكرا وامتهن حرفة النجارة بشكل غير منتظم، ولم يفلح في الخروج من البطالة فبدأ يخطط للخروج من بلد لم يفلح نظامه في توفير الشغل، خرج وفي قلبه حلم العبور إلى أروبا.
غادر بلده منذ عام، مثل الآلاف الذين سبقوه من شباب أفريقيا جنوب الصحراء، عابرا مسافة من الأهوال حيث الصحراء لا تحيل إلا إلى ذاتها. كلّفتْهُ رحلته إلى المغرب الجوع والعطش والخوف والتعب وما يعادل خمسة آلاف درهم تكاليف السفر.
الجو كان حارا تلك الصبيحة بمخيم فيلاج الموساكين، صبيحة الخميس المصادف لخمسة يوليوز الذكرى الخمسين لعيد الاستقلال الجزائري؛ وللنظام الجزائري دور وافر في مأساة أفريقيا؛ المخيم يحتضن شابات وشبابا يحلمون بمستقبل عصي التحقق كما يحتضن أطفالا أنجبتهم الصدفة أو النزوة لم يبق لهم من الحياة سوى أمل قد تجود به الصدفة على سعيد الحظ فيهم، لأن السعادة العامة أو العمومية في قارة كأفريقيا لامكان لها في مشاريع الأنطمة المستبدة المتخصصة في تجفيف منابع الحياة. النظام الجزائري الذي ظل يحارب طواحين الهواء طيلة نصف قرن هو أكثر الأنظمة الأفريقية التي لم تبخل على القارة بكل أصناف الشعارات الثورية، وها هي القارة اليوم، تبيت وتصبح، على كل الأصناف من أطباق الأزمات والكوارث.
كان "أبـو" (وهو بالمناسبة يهوى العزف على الكيتار)، يجلس أمامي محتضنا عكازه، والتعب باد على وجهه وهو يسرد حكايته ببساطة ملحوظة، فيها الكثير من البوح وتكاد تخلو من الانفعال ومشاعر التذمر والندم، كان يتحدث بالانكليزية وكنت أستعين بهشام في إجراء هذا الحوار. كنت أصغي إليه وتاريخ أفريقيا ماثل في ذهني، بكامل أعطابه وتقرحاته.
منذ أسبوع باغَتَ رجال الدرك المخيم فجرا، كما يحدث مرارا، المهاجرون الذكور يفضلون الفرار على الاستسلام، وفي ذلك الفجر كانت المطاردة شرسة حين لاذ "أبـو" بالفرار فكان مصيره السقوط في حفرة وتعرض إلى جرح بليغ في ركبته ألزمه الفراش لمدة أسبوع وقد تلقى العلاج من طرف منظمة أطباء بلا حدود وهو الآن يسير بصعوبة.
"أبـو" الذي لم يخرج من وجدة منذ أن وصلها، لم يحدث أن حاول التسلل عبر البحر، الفرصة لم تحن بعد، والأمر ليس سهلا ومع ذلك فلا يزال يتحين الفرصة مصرا على العبور إلى أروبا.

أثناء تحريري لهذه الورقة، تذكرت شابا آخر كنا التقيناه في زيارتنا الجماعية لحي بوعرفة المجاور للحي الجامعي، الشاب الكامروني حين دخل معه عناصر الورشة في الحديث، كان كمن يلقي محاضرة أو درسا، قال للملأ المتحلق حوله: "إن قرار الهجرة بالنسبة لي كان اختيارا وأنا أتحمل وزر قراري، لقد غادرت بلدي وتركت مقاعد الدراسة، وما أعيشه اليوم هو شكل من أشكال التعلم، أنا في مدرسة، أو هكذا انظر إلى هذه التجربة، ألاحظ وأتأمل، أتحمل المعاناة وأتعلم وأستفيد، لا ألوم أحدا، وإذا حدث وأرجعتني السلطات المغربية إلى الحدود فسأعود، وقد فعلت ذلك أربع مرات".
هل يكفي أن نسمي هذه "الهجرة" غير شرعية؟ هل يكفي أن نردد مع الحقوقيين إنها هجرة غير نظامية؟ هذه الهجرات الجماعية مسدودة الأفق، هل يكفي أن يكون لها خطاب إعلامي يتسم بالموضوعية والحياد؟ ألم يعد لهذه الهجرة "خطابها" الخاص؟ ألا يحتاج "خطاب" المهاجر إلى قراءة متبصرة؟ وحين تنسد كل المنافذ في وجه هذا المهاجر- المغامر، فأي قرار سيتخذه ياترى سيما وقد فك ارتباطه بأنظمة بلدانه التي فقد الثقة في وعودها؟ هل سترضى هذه الجموع من الغنيمة بالإياب؟ فتعود إلى بلدانها وتستسلم لواقعها المزري؟ أم أنها ستبقى مرابطة على تخوم أروبا؟ وفي كلتا الحالتين هل ستجد من يأخذ بيدها لتعيش حياة "شرعية"؟ أم ستصبح أداة جاهزة في يد شبكات لها "شرعياتها الخاصة"؟



#سعيد_هادف (هاشتاغ)       Said_Hadef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهجرة اليوم: هل هي ظاهرة أم عرض؟
- حول استحقاقات 2012: السلطة الفعلية في الجزائر تعيد سيناريو 1 ...
- الحراك السياسي ومعالم النظام المغاربي الجديد
- الإرهاب: خبراء يزيفون الحقائق ويضللون الرأي العام الغربي
- المغرب ومحيطه: الشروط المؤسسة لمنطقة آمنة*
- النظام الجزائري: أسطرة التاريخ وعسكرة الجغرافيا
- الأساطير المؤسسة للنظام الجزائري، هل تصمد أمام الأحداث؟
- الراهن الليبي، النظام الجزائري وأفريكوم: أي مصير مغاربي؟
- النظام الجزائري وموقفه من الثورة الليبية
- المغرب ومحيطه العربي: الحتميات التارخية وحرب الاختيارات
- من جزائر 5 أكتوبر إلى جزائر 12 فبراير: من يصنع الأحداث؟ (3)
- ما هي مواصفات الدولة الحديثة؟ موضوع للنقاش
- من جزائر 5 أكتوبر إلى جزائر 12 فبراير: من يصنع الأحداث؟ (2)
- من جزائر 5 أكتوبر إلى جزائر 12 فبراير: من يصنع الأحداث؟ (1)
- الدستور ذلك الكتاب: الملك محمد السادس وخطاب الحسم والقطيعة
- الأفق المغربي-الجزائري في ضوء همجية النظام الليبي
- الراهن العربي: دينامية الشارع، همجية الحاكم وقصور النخبة
- الانفصال في ضوء نظرية المؤامرة: تأملات في المخطط / الجزائر ن ...
- المغرب الكبير وسؤال المستقبل: تونس ساحة أخرى للصراع بين القو ...
- نزاع الصحراء: من يكسب الرهان؟؟؟


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - سعيد هادف - مهاجر يدعى -أبو-: من مملكة بنوي بنجيريا إلى مخيم بنوي بوجدة