أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعيد هادف - اليأس مدخلا إلى الأمل














المزيد.....

اليأس مدخلا إلى الأمل


سعيد هادف
(Said Hadef)


الحوار المتمدن-العدد: 6856 - 2021 / 4 / 1 - 00:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تزخر الحكمة الشعبية بعبارات كثيرة حول الأمل. في الثقافة الجزائرية مثلا، هناك مثل يقول: "لِي يَستَنَى خِير مِلِي يَتمنَى وَلِي يَتمنَى خِير مِلِي يَقطَع لِيَاس"، ومعناها من ينتظر شيئا أفضل من الذي يتمنى، ومن يتمنىّ أفضل من اليائس. وفي الثقافة الفرنسية مثل يقول: مادام هناك حياة، هناك أمل، ويوجد مثلٌ آخر يقول: الأمل يصنع الحياة، وعبارات أخرى تصف بعض الآمال بالكاذبة، أو بالمخادعة. ولعل أكثر شطر شعري متداول في الوسط العربي هو "ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل"، وفي القرآن آيات تدعو إلى عدم القنوط والثقة في الله. والشاعر أبو ماضي الذي تحول من مذهب التشاؤم إلى التفاؤل، له قصيدة رائعة في التفاؤل لا تقل فلسفة عن قصيدة الطلاسم ذات النزعة اللا أدرية، يستهلها بالقول: كن جميلا تر الوجود جميلا، وباختصار كما يقول مثل آخر: لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة.
ثم ماذا؟ الأمل هو حالة إيجابية: نفسية، روحية وذهنية تعيشها الذات البشرية في خضم وضع متأزم، حالة من الصمود تجعل الذات مؤمنة بتحسن الوضع في المستقبل. لكن التجارب تخبرنا أن بعض الأفراد والمجتمعات عاشوا على آمال كاذبة فكان مصيرهم مأساويا. فأن نكون في وضعٍ متأزم ونتوقع الأفضل، فهذا أمرٌ جيد، لكن على أي أساس نتوقع الأفضل؟ وانطلاقا من أي مبادرة أو اجتهاد ننتظر أننا سنخرج من المشكل أو من الأزمة؟ وبالتالي، فإن الأمل لا يكون أملا إلا إذا توفر على شروط تحققه، ومن العبث أن تعلق أملا دون وعي ودون عمل.
الغريب في الأمر، هو أن تجد صنفا من الأفراد ومن الشعوب تتمسك بآمال متوارثة لم تجني منها إلا الخسارات والكوارث. إنها ثقة عمياء. وعندما يلح دعاة الأمل على عدم الاستسلام إلى اليأس، فهذا لا يعني أنهم يقدمون وصفة جاهزة لكل يائس ولا يباركون كل من يدعي أنه متمسك بالأمل. فأن تكون متشبعا بالأمل شيء وأن تبحث عن منافذ للخروج من أزمتك شيء آخر. وبناء على ما تقدم، فإن المتأزم بقدر ما يحتاج إلى أمل يحتاج إلى يأس.
أن يحتاج المتأزم إلى أمل فهذا شيء مفهوم، فما معنى أن يحتاج إلى يأس؟ من المعلوم أن المتأزم الواعي والذي يجد نفسه في بيئة إيجابية يبقى متمسكا بأمل حقيقي، وفي انتظار عثوره على حل يبقى عاكفا على الاجتهاد والبحث عن الحلول بطريقة عقلانية، بينما المتأزم الذي لا يحيط وعياً بأزمته ويفتقر إلى بيئة متبصرة، في غالب الأحيان يبقى متمسكا بأمل كاذب يكون سببا في هلاكه إذا لم يغير من طريقة تعاطيه مع الأزمة. لكن كيف ومتى يتخلى عن أمله الكاذب؟
هنا، يبدو لي، أن هذا المتأزم يكون في حاجة إلى يأس، إما أن ييأس من تلقاء نفسه، أو يتعرّض إلى صدمة تأييس من طرف آخر، وبدل أن ييأس من حل أزمته، عليه أن ييأس من أمله الكاذب، ومن ثمة يبتكر من هذا اليأس أمله الحقيقي ويخرج من الأمل السلبي إلى اليأس الإيجابي، ويُحدِث قطيعة جذرية مع الذهنية التي تسببت في تأزمه ومع الأشخاص أيضا (الأمر ينسحب على الدولة أيضا). حالة اليأس هنا هي حالة ثورية ضد أمل كاذب هو نفسه جزء لا يتجزأ من "وضع بنيوي" يتطلب تغييرا كلّياً ونسقيا.
في حالة الدول الفاشلة، التي لا تتوفر على الحكمة ويتفاقم فشلها عاما بعد عام، يكون مآلها الانهيار التراجيدي بسبب تسويق الآمال الكاذبة إلى الشعب، وبسبب تعلق الطبقة الحاكمة بآمال كاذبة، وبسبب صمت الشعب طمعا في آمال كاذبة، وحتى بسبب ثورة غير متبصرة تقودها فئات متضررة تطمع في التغيير دون أن تتحرر من نمط تفكيرها الذي كان سببا في إنتاج النسق السياسي الفاشل الذي ثارت ضده. ويمكن القول أن الشعوب من الصعب أن تتغير إلا إذا يئست من آمالها الضحلة ويئست من تلك الخطابات المنتفخة بالوهم.



#سعيد_هادف (هاشتاغ)       Said_Hadef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليوم العالمي للثورة السلمية
- الدستور: محالة للفهم
- منظمات المجتمع المدني في الجزائر: رسملة مشروع -مشوار وحوار-
- دور الإعلام في بناء مدينة مواطنة
- الأزمة الخليجية في ضوء التاريخ
- عاصفة الحزم: السياق والمقاصد
- الجزائر: الخطاب الأخير
- ليبيا: صراع الأجندات
- غيتوهات تندوف: الذهول عن المقاصد
- الجهوية الموسعة أساس الاتحاد المغاربي
- هل سيشهد المغرب نمطا جديدا من الاحتجاج؟
- الإسلام في غمار الصراعات الأيديولوجية: محاولة للفهم
- شذرات على هامش الثورة
- الهجرة السرية: من أجل بدائل لا تتعارض مع المبادئ الإنسانية: ...
- مهاجر يدعى -أبو-: من مملكة بنوي بنجيريا إلى مخيم بنوي بوجدة
- الهجرة اليوم: هل هي ظاهرة أم عرض؟
- حول استحقاقات 2012: السلطة الفعلية في الجزائر تعيد سيناريو 1 ...
- الحراك السياسي ومعالم النظام المغاربي الجديد
- الإرهاب: خبراء يزيفون الحقائق ويضللون الرأي العام الغربي
- المغرب ومحيطه: الشروط المؤسسة لمنطقة آمنة*


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعيد هادف - اليأس مدخلا إلى الأمل