أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - ميشيل كيلو، المعارض النجم














المزيد.....

ميشيل كيلو، المعارض النجم


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6879 - 2021 / 4 / 25 - 14:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قليلون في سورية من لم يسمعوا باسم ميشيل كيلو، فقد طاف اسمه على حقبة طويلة من تاريخ سورية المعاصر، ليس من موقع سلطوي بل من موقعه كمثقف مستقل خارج السلطة ومعارضاً لها. كثيرون غيره دخلوا معترك الشأن العام السوري، كثيرون غيره كتبوا وواكبوا واعتقلوا، وكانوا أكثر شجاعة منه في معارضتهم للنظام، لكن اسم ميشيل كيلو بقي الأكثر لمعاناً. لا يوجد في تاريخ المعارضة السورية من حقق الشهرة التي تمتع بها ميشيل كيلو.
هل لأنه لم يلتزم بحزب محدد فلم يُحتجز اسمه في خانة حزبية محددة؟ هل بسبب نشاطه وحضوره الدائم في مختلف أنشطة المعارضة؟ هل لأنه لم يكن دوغمائياً في نظرته إلى الواقع السياسي، أي لم يكن ضعيفاً أمام سطوة فكرة مسيطرة تجعل معتنقيها يعتقدون أنهم مُخلِّصون، ويتحولون في إيمانهم هذا إلى عبيد "مُخلصين" للفكرة؟ لقد استطاع، الرجل، مع آخرين، أن يرى قصور التصور الاشتراكي وأن يرى الديموقراطية هي الخيار الذي يمكن أن يخرج بالمجتمع السوري من جورة الاستبداد والعطالة. ربما كان ذلك بتأثير من الياس مرقص "معلمه وصديقه"، هكذا يصفه في إهداء روايته أو "قصته الطويلة" كما يعرفها، "دير الجسور".
ولكن التحول الديموقراطي المبكر (أي قبل انهيار الاتحاد السوفييتي) لميشيل كيلو، وضعه أمام أسئلة عويصة، مثل العلاقة مع الجماعات الإسلامية، والعلاقة مع النظام (ليس بوصفه سلطة قمع، بل بوصفه كتلة مصالح لا يمكن لديموقراطي أن لا يعترف بها)، وأيضاً العلاقة مع الشارع من موقع ديموقراطي، أي غير وصائي.
لقد ظهر أن التحرر من سطوة الفكرة الاشتراكية يلقي على كاهل المرء أعباء أثقل، وكأن هذا التحرر ليس إلا طريقاً إلى معترك نضالي فعلي شديد التعقيد. الفكرة الاشتراكية كانت تريح معتنقيها من هذه الأعباء، فهي في صيغتها البسيطة أو المبسطة تقول (لا) كبيرة للإسلاميين وللنظام، وتقول (نعم) كبيرة للشارع أو الشعب أو الجمهور، بوصفه مكمناً لثورة اشتراكية، أو سبيلاً إلى السلطة التي تكون وسيلة تمارس "الطليعة الاشتراكية" عبرها وصاية على شعب جاهل، شعب قادر على الثورة ولكنه جاهل بمصالحه.
صحيح أن هذا المسار الذي سمي اشتراكياً، يلقي على عاتق رواده أعباء نضالية كبيرة وخطيرة، لأنه يضعهم في مواجهة حادة مع قوى ثقيلة، وأنه مسار يختار رواده من الشجعان ومن ذوي الكفاحية العالية، لكن المسار الديموقراطي لا يقل صعوبة، وإن كان يتطلب خصالاً أخرى من رواده، مثل القدرة على الاعتراف بالآخرين وفهم مصالحهم وأخذها في الحسبان، والتخلي عن مبدأ السيطرة وعن فكرة الطليعة، وتخفيف العدائية تجاه المختلفين ... الخ، وهذه خصال أقل توفراً ولكنها أكثر جدوى.
كان ميشيل كيلو من رواد المسار الديموقراطي، وقد تكبد خسائر على هذا الطريق. لم يكن كيلو حازماً في نظرته الى نظام الأسد، يمكن القول إنه كان ذا ميل إصلاحي، وكان لا يمتنع عن العلاقة برجالات من السلطة أو من محيطها غير الرسمي. على هذا المستوى، لم يكن تطهرياً. كان يعتقد أن السلطة ليست صخرة صماء بلا خطوط تباين يمكن ملاحظتها والاستفادة منها والولوج إلى معطيات مفيدة، وحتى ممارسة التأثير فيها. لم يكن وحيداً في هذا التصور، ولاسيما بين المثقفين، ولا يمكن إنكار هذا التصور على أحد. غير أن خطورة هذه المعارضة اللاعدائية، إذا جاز القول، تكمن في الجذر العدواني للسلطة الأسدية التي ترتد بعنف على غير المتسقين، فما بالك بالمستقلين أو الناقدين أو أصحاب الطروحات الديموقراطية. خسر ميشيل كيلو في "إصلاحيته" هذه، أي في افتراضه وجود إمكانية للعمل ضمن حدود النظام، ثقة شريحة من المعارضين الجذريين الذين لم تكن معارضتهم أكثر جدوى على أي حال.
شيء مشابه يمكن ملاحظته في علاقة ميشيل كيلو مع الإسلاميين ونظرتهم إليهم. من السهل الخلاص من موضوع الإسلاميين برفضهم جملة وتفصيلاً، وقد يكسب أصحاب هذا الموقف صفة الوضوح والجذرية والثورية الحقة. غير أن هذا الموقف، بطبيعة الحال، لا يحل المشكلة، وهو نفسه موقف الاستبداد ولكن من موقع معاكس. القاسم المشترك بين الموقفين هو إلغاء المشكلة، بإنكار حق أصحابها بالوجود هنا، أو بمحو أصحابها بالقمع المادي هناك.
لم يذهب ميشيل كيلو في ذاك الطريق السهل بالتعالي على المشكلة أو القفز عنها، بل قاده تصوره الديموقراطي إلى الانفتاح على الإسلاميين، وكان في هذا جزءاً من تيار يساري سوري حاز على زخم غير قليل بعد اندلاع الثورة السورية. ولكن قبل اندلاع الثورة، كما بعدها، وجد ميشيل أنه يراكم الخيبة من الإسلاميين، كما راكمها من النظام، وأن الإسلاميين لا يختلفون عن النظام في استتباع كل من هو أضعف منهم، ويأتي ساعياً إلى علاقة "تحالفية" معهم.
مع الشارع، كان ميشيل كيلو مميزاً في انفتاحه على الجميع، ومن ضمنهم المختلفين، كان يمارس ما أوصى به السوريين. ففي وصيته التي كتبها قبل وفاته بأيام، كتب: "التقوا بمن هو مختلف معكم". والحق إنه كان موهوباً بقدرة هائلة على التواصل مع كل المستويات الاجتماعية، ومع كل الأعمار. تجده نشطاً في الندوات، وعلى صفحات الواتس أب التي تنشغل بالشأن السوري العام. لم يكن يميل إلى اللغة الصعبة، في حديثة أو في كتاباته، دون أن يكون سطحياً بأي حال. وكان يستطيع الاحتفاظ بحرارة العلاقة مع مئات الأشخاص، حتى يبدو لكل منهم إنه مميز لديه.
وثق به أشخاص بسطاء إلى حد أنهم كانوا يستشيرونه إن كان يمكنهم العودة إلى بيوتهم في إدلب، معتقدين أنه يدرك مسار التطور العسكري والسياسي في المنطقة. بالمقابل، خسر ثقة قطاع غير قليل من الناس، ولاسيما المثقفين والمتابعين منهم، وقد اشتكى غير مرة من حملات اتهام طالت نزاهته. المثقف (الكاتب في الشأن السياسي) ينبغي أن لا يناور، وتكمن قيمته في نزاهته، فيما يناور السياسي في الغالب، والجمع بين الأمرين لا بد أن يعود على صاحبه بالاتهامات.
بعد كل شيء، يبقى ميشيل كيلو أحد ألمع نجوم المعارضة السورية على مدى يزيد عن نصف قرن ولم ينته حتى 19 نيسان 2021.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفيدرالية، مخرجاً للطغمة الأسدية؟
- الفشل الوطني هو القاسم المشترك
- بيتنا القديم والإسفلت
- السطو على ضمير المتدينين
- بين لوحتين
- تعودت أن أحب كاسترو
- جنازة لا تحتاج إلى موتى
- ستيف جوبس وألان الكوردي
- المعارضون السوريون بين الداخل والخارج
- عن ذبح -غير الأبرياء-
- في القسوة
- عن استمرار الثورة السورية وحواجز الخوف
- قناع السلطة
- قناعات سورية مستترة
- أرض الظنون الشائكة
- بلا أسماء
- تونس، الانتقال الديموقراطي في خطر؟
- مهجع الصور
- عقد على اندلاع الثورة السورية، ماذا نستفيد؟
- كلام لا يقي من البرد


المزيد.....




- إدارة ترامب تكشف عن خطتها الجديدة للرسوم الجمركية.. ما أبرز ...
- لقاء تاريخي في موسكو لإعادة تشكيل العلاقات الروسية-السورية
- حروب المناخ كارثة قادمة .. أن تشن إعصارًا فيردّ العدوّ بتسون ...
- ترامب: ما يحصل في غزة مفجع ومؤسف وعار
- لماذا قللت أمريكا من أهمية اعتزام بريطانيا وفرنسا وكندا الاع ...
- ويتكوف يزور غزة الجمعة.. وحماس تشترط -وقف التجويع- لاستئناف ...
- سرايا القدس تبثّ -رسالة أخيرة- لأسير إسرائيلي في غزة: -أموت ...
- تحريك أول دعوى جنائية بحق شخصيات بارزة في نظام بشار الأسد
- مفاوضات سوريا وإسرائيل: خلاصة الأخطاء والدروس
- مسرح أوروبا الدموي يعود من جديد


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - ميشيل كيلو، المعارض النجم