أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نبيل عودة - ادباء فلسطينيون – سلمان ناطور ابرز كتاب التوثيق التاريخي للنكبة الفلسطينية















المزيد.....

ادباء فلسطينيون – سلمان ناطور ابرز كتاب التوثيق التاريخي للنكبة الفلسطينية


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 6875 - 2021 / 4 / 21 - 12:17
المحور: القضية الفلسطينية
    


نبيل عودة
احتل الكاتب سلمان ناطور (توفي في 15-02-2016) مكانة بارزة في ثقافتنا الفلسطينية، سلمان ابن الطائفة العربية المعروفية، يعتبر بلا منازع من أبرز أدباء الكتابة التاريخية التوثيقية بما فيها التحقيقات الصحفية التاريخية، في الأدب العربي داخل اسرائيل وفي الأدب الفلسطيني عامة. . وما زلت أرى ان أبرز تحقيقاته التوثيقية هو ما كتبه عن المجازر التي ارتكبت في عشرات البلدات العربية الفلسطينية في حرب عام 1948، واقامة دولة اسرائيل، وأعني كتابه"ما نسينا" .
كذلك عرفناه كاتبًا قصصيًا، مسرحيا ومترجمًأ!
في كتابه الرائع "يمشون على الريح" أو "هي عودة الى بيسان" ، الذي يدمج بين الأسلوب القصصي والتوثيقي، يعيدنا سلمان الى رحم المأساة من زاوية غير متوقعة. مثبتا ان الفلسطيني حتى في واقعة البائس بعد النكبة، تبقى انسانيته أقوى من الأحقاد.
اليوم عندما أعيد قراءته من جديد ، أعيش مرة أخرى أجواء النكبة ، ولكن من زاوية غير متوقعة .. ينجح سلمان في تجسيمها أمامنا ، عبر مأساة شخصية لفلسطينية تحلم بالوطن، الذي لا تعرف من تفاصيله عير الانتماء والألم والحب الذي لا ينتهي وأمنية ان تصبح جزءا من ترابه وأشجاره وسمائه بعيدا عن الكراهية للآخر .. الذي يحتل بيتها وأحلامها.
الكتاب مقسم الى عشرة مقاطع – روافد، تلتقي في مصب واحد، اسمه بيسان، تلك المدينة المرهقة من كثرة مغتصبيها عبر التاريخ ، خاصة أشرسهم ، الذي يحاول ان يزور تاريخها وانتمائها ويمحو من ذاكرتنا الجماعية مكانتها .انها بيسان التي يربو عمرها على ستة آلاف عام. خلدت فيروز بيسان بأغنية تخترق اعماق الذاكرة وتجعلها نابضة بالحياة .. وتجعل من مأساتها تجسيما لاحدى أكبر جرائم التاريخ: "كانت لنا من زمان بيارة جميلة/ وضيعة ظليلية ينام في أفيائها نيسان/ ضيعتنا كان اسمها بيسان/ خذوني الي بيسان / الي ضيعتي الشتائية/ هناك يشيع الحنان"
أحيانًا تبرز بيسان باسمها الروماني "سكيتربوليس" وأحيانًا باسمها الفلسطيني "بيسان" وأحيانًا باسمها الجديد "بيت شان" ... واختلاف التسمية لم يكن صدفة، انما لنقل الواقع والموقف والتغيير الحاصل...
تبدأ الحكاية من باريس وروما... حيثُ التقى سلمان ناطور بشاعرة ورسامة فلسطينية، اسمها فدوى حبيب.
والفنانة فدوى كانت وقتها في العقد السادس من عمرها، والأصل من بيسان، هربت مع أهلها من الموت المباشر، الى الموت البطيء في عواصم رمادية، بلا هوية وبلا كيان تنتسب اليه. عبر تدفق كلمات مونولوج مأساتها الخاصة، يتجدد في نفوسنا ما بدأ يتلاشى في الذاكرة، ترجع لمخليتنا المأساة بوحشيتها، تتجسد النكبة باسقاطاتها، نلمس معاني التشرد والشوق للوطن المفقود، وتبقى مسألة غير مستوعبة، أصعب من ان يهضمها العقل... حقيقة الانسان بلا وطن، بلا ملاعب الطفولة ، بلا ذكريات .. ربما نتخيل معنى ذلك، ولكننا لن نفهم صعوبة هذه المعاناة ووحشيتها المجسمة بالضياع في متاهات لا تنتهي... كما يعيشها ابناء شعبنا ، المحرومون من وطنهم وذكرياتهم وتواصلهم مع تاريخهم وأرضهم .
سلمان يعيدنا عبر فدوى، عقودا عدة الى الوراء، الى بيسان المدينة التي تحمل عبق التاريخ بامتداداته الكونية ، وتتحول بيسان، بيسان الفلسطينية الفيروزية ، الى محور لهذا الكتاب، الى ملتقى المصائب... ملتقى الأحزان، يتركنا سلمان، ربما بقصد... نكتشف عمق الجريمة التي ترتكب، والاغتصاب المتواصل لتاريخنا وانسانيتنا وذاكرتنا وكرامتنا.
فدوى تزوجت من مغربي، والده كان شريكًا لتاجر يهودي، أولاد اليهودي غادروا المغرب الى اسرائيل، ربما يسكنون في بيت فدوى، في بيسان. تقول فدوى لسلمان:
- "إذهب والتقِ هؤلاء الناس، تجتاحني رغبة جنونية لأعرف ماذا يقولون، وكيف يشعرون، وبماذا يفكرون؟ وهل استطيع أن أكون مطمئنة من أن الذي قتلني وورثني، لا يكرهني؟
هل هناك انسانية أعمق وأكبر من انسانية فلسطينية صودرت أحلامها ، ونكبت بوطنها ، ويقلقها ان لا يكرهها قاتلها ومغتصب ملاعب صباها ؟
وها هو سلمان ينفذ رغبتها، يتجول في بيسان، ويحاول أن يدمج بين الماضي والحاضر.
المقطع الثاني يتحدث عن الشاعر العبري الإنساني "عمانوئيل بن سابو" الذي اشتهر بقصائده الاحتجاجية ضد الاحتلال ونشاطه في دعم الحقوق الفلسطينية، وكان ينشر قصائده في صحف عبرية، ويوقعها باسم "خميس توتنجي"، وهو اسم سائق تكسي فلسطيني قتله متطرفون يهود عام 1985 قرب مفرق "معليه ادوميم" انتقامًا لمقتل سائق تكسي يهودي.
سابو نشأ نشأة دينية، وتربى تربية صهيونية، بكل ما يحمله هذا التعبير من معنى، ساهم مع "تساحي هنجبي" وأمثاله بمحاولة "إنقاذ" أرض إسرائيل الكبرى، ورفض الانسحاب من سيناء المصرية في وقته ، ونشر سابو ديوان شعره الأول عام 1982، وكان ديوانًا يطفح بالقصائد الشوفينية المتطرفة، ولكنه سرعان ما اكتشف ضلاله وأنقذ إنسانيته، ورفض النهج الشوفيني، نهج غوش إيمونيم الاستيطاني وارض اسرائيل الكاملة وسائر الفاشيين الغلاة، وانحاز الى جانب الانسان ، الى جانب الحق، الى جانب السلام والمساواة والعدل. الى جانب الحقوق المشروعة والانسانية للشعب الفلسطيني.
يجمع سلمان بين مصائر الناس، يدفع سابو للقاء عائلة خميس المقدسية ، عائلة سائق تكسي قتله المستوطنون الفاشيون ، وينقل نتائج اللقاء... ربما هي صورة صغيرة لضرورة اللقاء بين الشعبين، وليسَ بين أفراد فقط ، انها شهادة على طيبة الإنسان، بغض النظر عن انتمائة الاثني أو الديني .. اذا ما عاد الى انسانيته.
ومع ذلك لي بعض الملاحظات... صحيح انني أتحدث عن مأساة قديمة ، ولكن التاريخ لا ينسى ولا يهمل المآسي ما دامت أسبابها قائمة وترتكب كل يوم جرائم بشعة..
سلمان يحاول أن يجعل من كتابه لوحة ل "بيت شان" – الجرح الفلسطيني الذي لم يندمل .. وفعل حسنًا حين انهاه "بعرس في السماء" عن مقتل فتاتين، فلسطينية من نابلس ويهودية من بيت شان، في اسبوع عرسهما، كأنه يحذر من حلقة سفك الدماء المغلقة. وكأني به يقول، ها هو الجرح الذي لا يزال مفتوحًا، رغم الزمن ... وينتظر أصحاب الضمائر ليضعوا حدًا له ، ولكن حقيقة المؤلمة ان ما كان هو حلقة في سلسلة نشهد كل يوم مأساة جديدة من حلقاتها ، التي لم تتوقف بعد .
سلمان ناطور يقدم لنا في كتابه عملاً هامًا يحمل نكهة خاصة، ويثير الكثير من الخواطر والمشاعر، ويجدّد بالنفس مرارة وحزن الضياع، الضياع في الغربة، والضياع في الوطن، والذهول أمام أطلالنا، وتاريخنا الذي تبعثره الرياح.
ويبقى كتاب "يمشون في الريح" عملاً يحمل الكثير من الخصوصيات، يضاف لرصيد سلمان ناطور... وهو ، وهذا المهم ، يبرز انسانية الفلسطيني في مواجهة قاتله. وكأني به يرمز الى أهمية الغاندية ( اسلوب غاندي في مقاومة الاحتلال البريطاني للهند سلميا ، الذي حقق الحرية والاستقلال للهند ) في نضال الشعب الفلسطيني .
نبيل عودة – كاتب ، ناقد، باحث فلسفي واعلامي – الناصرة



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سترجع الى لبنان يا شاعرنا
- رؤية سياسية: افلاس الأحزاب يفرض البدء بتنظيم مجتمع مدني !!
- إدوارد سعيد في-الثقافة والامبريالية- يكشف دور النظام الإمبري ...
- رؤية فلسفية: عجز الفكر الشيوعي وسقوط نظرياته العتيقة
- بمناسبة الذكرى السادسة لرحيل الأديب ابن الناصرة جورج غريب
- يوميات نصراوي: انتخابات ايام زمان وبرلمانيي ايام زمان
- عبرة من التاريخ للناصرة وكل ابناء شعبنا:
- رؤية مستقبلية لنشاطنا السياسي: تنظيم مجتمع مدني بدل شرذمة ال ...
- فوق سرير كل رجل عظيم امرأة
- فلسفة مبسطة: علم المنطق والاستدلال
- فلسفة مبسطة: جولة في مفاهيم التشاؤم، التفاؤل والعقلانية
- يوميات نصراوي: هكذا صرت صحفيا
- يوميات نصراوي: من يوميات الحداد نبيل عودة
- القصة القصيرة جدا وفوضى المفاهيم اللغوية
- يوميات نصراوي: بداياتي مع الفلسفة
- فلسفة مبسطة: لغز الإدراك
- الشاعرة عايدة خطيب تتألق بشعرها للأطفال
- الفكر غير العقلاني طريق للكوارث
- كتاب -عيلبون – التاريخ المنسي والمفقود-
- حقائق مذهلة من المهم ان يعرفها المواطن العربي


المزيد.....




- فرنسا تدعو روسيا وليس بوتين للمشاركة في احتفالات ذكرى إنزال ...
- الكرملين: كييف تسعى لوقف إطلاق النار خلال الألعاب الأولمبية ...
- الإيرانية والإسرائيلية أيضا.. وزير الخارجية الأردني يؤكد -سن ...
- المتنافسون على السلطة في ليبيا -يعارضون- خطة أممية لحل الأزم ...
- وزيرا الدفاع الأمريكي والصيني يعقدان أول محادثات منذ 18 شهرا ...
- باريس -تدعو- روسيا من دون بوتين للاحتفال بذكرى إنزال الحلفاء ...
- زيلينسكي يوقع قانون التعبئة الجديد لحشد 500 ألف جندي إضافي ب ...
- أوكرانيا أرادت تصفية الصحفي شاري واتهام روسيا باغتياله
- الوزير في مجلس الحرب بيني غانتس: إسرائيل سترد على إيران في ا ...
- لافروف: الولايات المتحدة وحلفاؤها يشعرون بقلق متزايد بشأن عم ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نبيل عودة - ادباء فلسطينيون – سلمان ناطور ابرز كتاب التوثيق التاريخي للنكبة الفلسطينية