أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - عزالدين بوغانمي - حركة النّهضة، وخدعة -الكتلة التّاريخية-.














المزيد.....

حركة النّهضة، وخدعة -الكتلة التّاريخية-.


عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)


الحوار المتمدن-العدد: 6869 - 2021 / 4 / 14 - 19:10
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


أُتابع أخبار زيارة الرّئيس لِمصر. وفي نفس الوقت أُتابع تطوّر فكرة "الكتلة التاريخية" عند السيد نورالدين البحيري وشركائه. وكيف يتنقل بين اقتناعه ب"الحاكمية" عند المودودي، وبين الاعتقاد في صحّة نظرية "الكتلة التاريخية" عند أنطونيو غرامشي، التي تعتبر جزءّ من الفهم المادّي للتاريخ. ويبدو أنّ هذا البلعوط لا يخجل من ادّعاء تبنّي آراء الماركسية حول التُغيير، وآراء أيِمّة السُنّة والجماعة بنفس الوقت. فرياضة "ركوب العِجل" التي دأب على ممارستها، أفقدته عُذريّته الأخلاقية نهائيًا.

باختصار، زيارة الرّئيس إلى الشّقيقة مصر، أصابت التكتّل الرّجعي بقروح بالغة في المُخّ، سبّبت لهم نوعًا من الكَلَب اللّفظي والهذيان والصُّراخ.
من هؤلاء، عددٌ لا يُحصى من النّهضاويين اليائسين، ومن أنصارهم من أصحاب الدّكاكين المُعارضة المقفرة، والرّاسخين في اللّعب على الحبال، وزُوّار السّفارات الأجنبية، وبقيّة أوباش الرّجعية، من أبناء الصُّدف، وحُرّاسٍ الغُزاة، ورُعاة الكِلاب، وسُقاة أسيادهم، ومُلتقطي أرذل الفُتات، والشاربين من سطل البعير ، وذوي الأرواح الهشّة والنّظر الرّكيك واللّسان المعطوب... وحول هؤلاء طوائف شتّى من المرابيط مع البهائمِ، المملوءة عُقُولهم بشوك ورَوْث وزرازم وذباب. ويتقدّم هذه الرّهوط، ذوو الضمائر الموحشة الأشبه بقبور ملعونة ... هؤلاء جميعًا، هكذا فجأة صاروا شيوعيين دُفعة واحدة! عجبي !!!
كلّ الكناطريّة والعُملاء صاروا يتحدّثون ب"الكتلة التّاريخية"!. الجميع: "هزّ الكتلة التاريخية، حُطّ الكتلة التاريخية".
قال شنوّ؟ النهضة وحلفاؤها يمثلون كتلة الثورة والتغيير، وبقية المشهد شُعبويّة وثورة مضادّة.

أوّلا، منذ متى غَدَوْتُم تُفسّرون الظّواهر بالمفهوم الطّبقي الماركسي؟
وهل تقصدون "الكُتلة التّاريخيّة" بقيادة الذين خرّبوا البلاد وأطلقوا الرّصاص على شكري والبراهمي؟

أيُّها الأشقياء، أنتم مأجورون، ورهن استخدام من يدفع. لا أكثر ولا أقلّ. ولهذا لابدّ من توضيح معنى "الكتلة التاريخية"، ووضع الأمور في نِصابها، اعتراضًا على التحيّل اللّغوي وتشويه المفردات والمفاهيم.

"الكتلة التاريخية" بالمعنى الغرامشي ليست "حَضْبة لصوص" اتّفقوا على اقتسام السلطة والمنافع، مقابل تجويع شعبهم. بل هذا مفهوم ثقافي يشكّل ركيزة أساسية في فلسفة التّغيير الحقيقي الذي يؤمِّن الرّفاه والأمن لأغلبية السكّان. وهو ممارسة ثقافية وُلِدت ضمن سياق رفض تراكمي للثقافة الفاشية المُهيمنة. وله علاقة بمضامين مفاهيم غرامشي الأخرى: ك"المثقف العضوي"، و"المجتمع المدني"، و"الهيمنة الثقافية المضادة"، و"دور البراكسيس"...الخ

يعني "الكتلة التاريخية" مفهوم وُلد في لحظة تاريخية تميزت بصعود الفاشية في إيطاليا والنازية في ألمانيا، وانسداد آفاق البديل الطبقي الثوري بالمصطلح الماركسي. وبهذا المعنى، لا يجوز استيراد هذا المفهوم وتسويقه بشكل سافل وبالغ القُبح، لتسويغ الانخراط في تحالفات كريهة مع أطراف متورطة في تأسيس نظام لصوصي مُندمج بالإرهاب والتهريب، وتحمل رؤية مُضادّة لفكرة الدولة الحديثة ذاتها.

بالمختصر المُفيد، الكتلة التاريخية ليس مفهوما سياسيا في الأصل. بل هو سياق ثقافي قائم على تأسيس "الهيمنة الثقافية المضادة". فغرامشي كفيلسوف ماركسي، اهتم بمفهوم ثقافي فريد في ممارسة السياسة من منطلقات تقدمية تغييرية، ألا وهو "المثقف العضوي" ودوره في تحرير وعي الأكثرية المجتمعية. ومن هنا خَلُص غرامشي إلى مفهوم "الكتلة التاريخية" الأوسع من البروليتاريا عند كارل ماركس. وعلى خلاف التّسطيح الوسخ المُتهافت هذه الأيام في تونس، إعدادًا لِقيام تكتّل إجرامي ضدّ الشعب وضد رئيس الجمهورية، فإنّ "الكتلة التاريخية" ليست تجمّع أحزاب، بل هي الأغلبية الاجتماعية، حين تصبح واعية ولها أهداف واضحة، تتعلق بالتحرر من الهيمنة السياسية والاقتصادية والفكرية للدّواعش (مُعادل الفاشية في إيطاليا بين الحربين)، وتتعلق كذلك بإقامة رابطة وطنية حقيقية قائمة على حسم الإجماع الداخلي حول مستقبل الوطن وأجياله القادمة، وحول موقعنا في هذا العالم، وفي هذا العصر. والقطع مع التطرّف والغلُوّ وثقافة العنف والوصاية.

من جهة أخرى، يميّز غرامشي بوضوح لا لَبْسَ فيه، بين المجتمع المدني المستقل عن الحكومة، والذي هو العمود الفقري للكتلة التاريخية، وبين المجتمع السياسي الذي يضم الحكومة والقوات المسلحة والشرطة والمؤسسات التشريعية والقضائية. ولقد كان حريصا على هذا التّمييز لأن مقولة الهيمنة الثقافية عنده، تعني أن الرجعية لا تهيمن على المجتمع بامتلاكها لمقدّراته وإدارته والتحكم بمؤسسات الدولة وحسب. وإنما عن طريق فرض تصوراتها وأفكارها على المجتمع، إلى الحد الذي تستدرج السكّان، عبر وسائلها الإيديولوجية والإعلامية والتربوية، لِيتبنّوا تصوّراتها وأفكارها، والتي تغدو كما لو أنها أفكار المجتمع، لا أفكار الرجعية. بحيث ينشأ جمهور معتوه مسلوب الإرادة يعتقدُ أنّ جوعه نوعٌ من التضحية والفضيلة في طريق الخلاص. وهنا بالضبط يكمن الفارق بين "مثقف السلطة" المنفصل عن هموم غالبية السكان، والذي يسترزق بترويج أكاذيب الطبقات الرجعية وضروب تلاعُبها بمشاعر الناس ومعتقداتهم. وبين "المثقف العضوي"، الحرّ المرتبط عضويا بقضايا الناس الحقيقية، وهموم الأمّة، فيعبّر عن مصالحها وآمالها، ويصوغ وعيها.

أخيرًا، الكتلة التاريخية مخاض حرج معقد التّركيب. ومسار ترسيخ ثقافة ديمقراطية تنويرية تشاركية للتغيير. وليست عنوانا ايديولوجيا مُعلّبًا، ولا مجرد إحياء لائتلافات حزبيّة ميّتة، عِمادُها الاستعمار في الخارج والكناطرية في الداخل. إنها تفكيك هيمنة ثقافة اللّصوص القائمة على ثنائية الخوف والخداع، وبناء هيمنة الثقافة المواطنية المضادة بتكويناتها الوطنية والأخلاقية. يعني إذا ولدت كتلة تاريخية ذات يوم في تونس، فستكون أولى مُهمّاتها تفكيك هذه الكتلة اليمينية الكومبرادورية المهيمنة على الدولة والمُمعنة في تحطيم مسقبل أجيال تونس القادمة.



#عزالدين_بوغانمي (هاشتاغ)       Boughanmi_Ezdine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقفنا من الاستقلال.
- نحو انتفاضة شبابيّة تحرّرية واعدة
- سقوط حركة النّهضة المحتوم
- رثاثة الطبقة الحاكمة في تونس
- منظومة الحكم ليست هي الدّولة. وشباب تونس ليس ضيفًا في دار ال ...
- سلميّة الحراك الشّعبي في تونس، وشروط استرجاع الثورة المغدورة ...
- حكم -النّهضة- والأُفُق المسدود
- الجبهة الشعبية: منهجية العجز
- الديمقراطية في قبضة وَرَثَة الاستبداد في تونس!
- ثورة 14 جانفي ليست حدثًا عابِرًا، ولا هي نهاية المطاف.
- السّياقات المُضادّة للثّورة، وعودة النظام القديم.
- لا بديل على الحوار الوطني بين التوانسة.
- في الردّ على -حفريات في جذور الإسلام السياسي- للمعز الحاج من ...
- التكفير هو العقيدة الأساسية للجماعات المتطرّفة.
- الدّيمقراطية يبنيها الدّيمقراطيون. وليست وحيًا يُوحى!
- لن تنهار الدّولة التّونسية لأنها راسخة في وعي شعبها.
- اليسار بين المهاجرين والأنصار!
- الشّعوب لا تتعلّم إلّا من جِراحِها الخاصّة.
- تصاعد شعبيّة الحزب الدّستوري الحرّ.
- الاتّحاد العام التّونسي للشّغل مؤسّس الدّولة وحاميها.


المزيد.....




- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - عزالدين بوغانمي - حركة النّهضة، وخدعة -الكتلة التّاريخية-.