أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - اشراقات الأحاسيس الوطنية في قصيدة :- أيها العابرون - للشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي















المزيد.....

اشراقات الأحاسيس الوطنية في قصيدة :- أيها العابرون - للشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 6851 - 2021 / 3 / 27 - 10:58
المحور: الادب والفن
    


إنّ الوقوف على قصيدة واحدة لشاعر قدير تمتدّ تجربته الخلاقة عبر سنوات طوال،
هو وقوف منقوص في القراءات النقدية، ولا يخفى على أحد أن الشاعر التونسي الكبير طاهر مشي له تجربة عميقة وواعية وتحمل رؤيا جديدة للعالم...
وهذه التجربة أخلصت لعمود الشعر العربي من جانب،ومن جانب أخر خاضت تجربة قصيدة التفعلية، هذا من ناحية البناء أو المعمار الشعري،أما من ناحية المضمون فوقع في منطقة وسطى ما بين القديم والحديث،فشعره امتداد للقصيدة العربية عبر مراحلها التاريخية،كذلك معاصر في ابتكاره للصور الفنية..
ومن هنا،فالتجربة الشعرية للشاعر التونسي الفذ د-طاهر مشي غنية وحافلة بالعطاء الإبداعي والتنوع الموضوعاتي,
كتب عن الوطن،عن الأرض والحب بأبعاده الإنسانية والحياة والوجدان والقصيدة..
تخوم الوطن في قصيدة شاعر تونس القدير طاهر مشي:
-تونس-في قلب الشاعر وفي قلب شعره,لكن في لحظات شعرية قوية تذوب الحدود ويتمدد الوطن وتتسع جغرافيته ليشمل كل الأوطان العربية التي اكتوت بنار الفتن،والتي تعيش حالة من اللا منطق واللامعقول بسبب ما استجد فيها من أحداث مأساوية, تستدعي الوعي بالوحدة وبوطن عربي كبير ينتصر للإنسانية والأمن والسلام..
يضعنا الشاعر في زخم الأحداث الراهنة وأسئلة الحاضر الكبرى التي تمزق سكينة النفس وتعكس قلق الذات الشاعرة،ومعها كل الوطنيين والإنسانيين,بسبب ما آل إليه حاضر الأوطان العربية,فلسطين والعراق والشام واليمن وتونس,في ظل ربيع استحالت خضرته المأمولة والمُرَاهن عليها إلى سواد لا يُعلم متى يزول,
يقول الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي في قصيدته المعنونة ب :""أيها العابرون"

أيها العابرون

من درب الشهادة والوفاء
سقيتم أرضنا بالدماء
وتربعت أطيافكم
على عرش الخضراء
حكما مؤجلا
وثرى الأرض
يُنبت الزّهر النّدي
يفوح من براعمه الوجع
والسفائن لا تزال تطفوا
على سطح السراب
أيها العابرون
من الذكرى
سنقيم الاحتفاء
ونرسم الوجع
وجرح الحقيقة
هزيمة نكراء
بلا سبب مزقوا الأشرعة
وتمادوا في الطغيان حد الغرق
فهذا الربيع
لا يزال لوحة بيد رسام
يرتقب النجاة
أيها العابرون
لا تدنسوا المعابد
لا تقتلوا الطفل المجاهد
لا تبصقوا على البساط
فلا يزال الدم في أرضنا سائلا
ولا تزال الشمس في الأفق تكابد
والسنابل
من ربوع الأرض تسترق
والربيع في إطار من ورق
والظلال تستغيث
لم يعد للطيف ظل
والحقيقة تحترق

(د-طاهر مشي)


يعدُّ العنوان عتبة مهمَّة من عتبات النص،سواء كان هذا النص نصًّا شعريًّا أم نصًّا نثريًّا،ولقد اختار الشاعر عنوان قصيدته "أيها العابرون"،وهذا يؤكد على اختيار هذا العنوان وأهميته لتجاوره للقلب في المكانة والأهمية،ولدمج -العنوان-مع القلب؛ للتدليل على حبِّ الوطن وعشقِه،كما سرَد لنا الشاعر بكل حِرفية،وترَكَنا نقرأ وكأنه يتحدث عن معشوقة أبدية،وما كانت هذه المعشوقة غير الوطن الأبديِّ الذي يَسكُن كل منا في جوف قلبه،ولا يكاد ينتزع منه إلا بانتزاع روحه وخلاصه الأبدي.
ما أريد أن أقول؟
حينما قرأت هذا النص توقفت عند عتباته المهمة من حيث التشكيل في الصورة والسينوغرافيا والألوان واللغة والمشاعر من جهة،،والإبداع والتألق والانطلاق في عالم كتابة الشعر..
لغة الشاعر التونسي المتميّز طاهر مشي-تتميز بالدلالات المتغيرة (غير ثابته) لوصف الصورة التي تتشابك في ذهنه وخياله،وتعصف لنا صورا شعرية متحركة..لأن الصورة الشعرية وبحجم الشاعرية التي تحملها تكون جوهراً للشعر،كما هي روح القصيدة التي تمتد من أول عتبة الى اخر عتبة لتثبت للقارئ الصلة بين الواقع والتأثير المهم جداً،لذلك تأتي الصور قوية !
كل مفردة لها خصوصية في حواس القارئ وشعوره،لأن فن الصورة مرتبط بمفهوم الفن لدى الشاعر-د-طاهر مشي..
والناقد بطبيعة الحال يبحث عن الجمالي في الصورة وعن التجربة الفنية والحالة النفسية للشاعر..وأيضا يبحث الناقد في مستويات الشاعر المتميز من حيث كيفية تجدد الصورة ونشاتها في فكره وخياله وعكسها للقارئ،لأن الحواس وحدها غير كافية بتوصيل ما نصبو اليه، بالإضافة إلى بحثه عن الانزياح اللغوي وتحديث اللغة عند الشاعر،وبين الذاتية والموضوعية نتوقف كثيرا، لأن حجم الشاعرية والانزياح اللغوي،وتشكيل الصورة الجديدة،وسعة الخيال والمخيلة وسائل نكتشف بها معايير مهمة لجمالية الصورة الشعرية عند أي شاعر،وهي بصراحة مفاتيح للناقد مهمة لتفكيك اي نص شعري،حتى نصل الى جوهر النص وجمالياته الفنية..
الشاعر التونسي القدير -د-طاهر مشي- لم ينبجس بمحض الصدفة من رحم الشعر،إنما هو ثمار تجارب عديدة حاولت أن تمزقه،لكنه كان قويا من الداخل،حيث يمتلك الذائقة الشعرية لتبوح، نتكلم وتصرخ،لها الشغف الكبير والمعرفة في حب الوطن،لذلك جعلت اهتمامه في الشعر في قلب اهتماماته،وجعلت صوته المنحدر من أي مكان يسكنه صوب الوطن ..
وليس رجع صدى.الصوت والكلمة والطاقة التي يمتلكها الشاعر ضمان كبير في تركيبة الصورة وانعكاسا لحياته،وبنفس الوقت انعكاس لمفهوم المكان -الوطن -لأن الزمان ما عاد يشكل شيئاً الآن..فالذاكرة تعتمد المكان اولا، ثم تخوض في الأزمنة لاحقاً لتثبت من قبل الأسماء كدلالات معروفة للقاصي والداني،ومن اهتم بشأن الأدب والتاريخ ..
وهذا التقابل الفني بين واقع الشعر المعيش وبين ركام التاريخ،يؤسس لوعي ولإحساس الشاعر في فكره ووجدانه بحب الوطن ومتابعة معاناة الناس..
نص شعري تتدفق منه مشاعر خليطة من قوتين أساسيتين: هما الفكر الإنساني الذي يحمله الشاعر،ونبضات قلب حساس رهيف شفاف،يشكلان قوة نابضة في دعائم النص،وهما في نفس الوقت الجسر الذي يعبّر به الشاعر-د-طاهر مشي-إلى الإنسان القارئ،وبالتالي يضيف تفاعلاً عضوياً في المجتمع،وبالمحصلة يتحول النص الى ثمرة جميلة فيها من التكامل الروحي والإنساني ..وتسكن في مخيلة القارئ ويتدفأ بها وبأحضانها ! كعاشق،كحبيب! كمعشوق..إلخ! فالنص يسري على المذكر والمؤنث بنفس التوجهات،لأن الجميع يعيش داخل الأسوار..
أسوار حب الوطن (تونس)..و أيضا داخل الوطن العربي الفسيح..هذا الوطن الممتد من البحر إلى البحر -كما قال الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب..-
وأنا هنا بصراحة لا أتساهل في مسؤولية الكتابة النقدية من حيث المحاباة في الأصدقاء، كوني ولسبب بسيط لا أعرف الشاعر التونسي الكبير -طاهر مشي-عن قرب أبدا ..
إنما أعرفه عن بعد لمتابعتي أعماله الشعرية وما يكتب بالفن والأدب،وهذا من تخصصي أنا! وقد استحوذ علي هذا النص لأن أسجل له ما يستحق من حق واستحقاق وكنشاط إبداعي له ولتجربته الشعرية وفي قصائده المتعددة،وهو إبن تونس-مهد الثورات العربية-إبن الشعر، وإبن السرد والحكايا ومكامن الوعي الجمالي في العلاقة بين السحر في اللغة،والشعر،وما بينهما من انتاج للوعي المتجدد في فضاء وروح الشاعر السائر على درب العالمية بخطى ثابتة..
على سبيل الخاتمة:
الوطن بالمعنى الخاص هو البيئة الروحية التي تتجه إليها عواطف الإنسان القومية.ويتميز الوطن عن الأمة (Nation) والدولة (Etat) بعامل وجداني خاص،وهو الإرتباط بالأرض وتقديسها،لإشتمالها على قبور الأجداد»(1).
ونقرأ في المعجم الفلسفي المختصر،تحت مفردة «الوطنية»،ما يلي : «مبدأ يعبر عن حب المرء لوطنه وعن استعداده لخدمة مصالحه.انها انشداد المرء الطبيعي نحو مسقط رأسه،نحو اللغة الأم والتقاليد الوطنية،واهتمامه بمصير البلاد التي ترتبط حياته كلها بها». ونقرأ أيضا : « ولكن المشاعر الوطنية لا تأتي عن أسباب غيبية،من «صوت الدم» أو «العرق» كما يزعم المنظرون البرجوازيون.فهي تظهر تاريخاً،بتأثير ظروف حياة الناس الاقتصادية والاجتماعية،ولذا فان مضمونها يتغير تبعاً لتغير تلك الظروف”
وتحضر تيمة الوطن في قصيدة "أيها العابرون"..للشاعر التونسي المتميز د-طاهر مشي-موضوع الدراسة المتعجّلة-،بشكل قوي ومهيمن،حيث يحتفي فيها الشاعر بوطنه تونس،وكذا بالوطن العربي الفسيح أيضا،ويجعله في قلب الشعر والخيال والتفكير وفي قلب الأحداث،هو المحور المركزي وفي فضائه الأنا والجماعة روحا وجسدا.
ختاما:
تحايا مفعَمة بعطر الإبداع، مني إليك، ومن خلف شغاف القلب..يا شاعرنا القدير.. -طاهر مشي..
ودمتَ شمعة تضاء على درب الشعر الجميل..
وكفى..





1-لم تتكرر كلمة وطن كثيراً في الشعر العربي.وفي لسان العرب المحيط للعلامة ابن منظور،وهو معجم لغوي علمي قدم له الشيخ عبد الله العلايلي وأعده وصنفه يوسف خياط ونديم مرعشلي.ورد التعريف التالي لمفردة وطن : موطن: اقليم يتسم بخصائص طبيعية تلائم احياء معينة. بيئة: مكان له ظروف خاصة يستوطنه بعض الأحياء مثل ساحل البحر والغابة والمستنقع. الموطن الأصغر: هو الموطن البيئي الخاص الذي يعيش فيه كائن ما. موطن الأصل : موطن الشخص عند ميلاده.



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على هامش الانتخابات البرلمانية في إسرائيل
- رسمتك قصيدة..على جدران قلبي (رائعة من روائع الشاعر التونسي ا ...
- هي ذي تونس..وكافر من يردّد قول المسيح..ليس بالخبز وحده يحيا ...
- هاجس الموت في قصيدة - تقترب منٌي الساعة..الآن- للشاعر التونس ...
- التصعيد الدرامي ،تجليات الأسلوب السردي وإخراج المسكوت عنه من ...
- إصدار شعري جديد لمؤسسة الوجدان الثقافية (تونس)
- المشهد العربي..في ظل التحوّلات الدولية
- البنوك و الحرفاء :أيّة علاقة يريدها الحريف..؟! (تحقيق صحفي)
- الأستاذ محمد بن رمضان رئيس القائمة الإنتخابية عدد 32 - الأحر ...
- على هامش الإنتخابات التشريعية بتونس:تصاعد..لحماوة الانتخابات ...
- قراءة في قصيدة..عاشق السافرة للشاعرة التونسية هادية آمنة
- شاب تونسي مقيم بفرنسا يقول:- :- نحن نعمل اليوم بجهد جهيد.. م ...
- لماذا يعزف الشباب التونسي عن الإنتخابات ..؟!
- تموقعات المرأة..في ظل راهن عربي مترجرج (الناشطة السياسية الت ...
- أهمية دور المرأة في صنع القرار السياسي..الفتاة التونسية ايما ...
- قراءة متعجلة في قصيدة-أنثى الماء..في ثوبها الأفعواني- للشاعر ...
- قراءة في قصيدة -غرامُ الأفاعي- للشاعرة التونسية المتألقة هاد ...
- حين تقيم المبدعة الألمعية التونسية هادية آمنة.. على تخوم الإ ...
- رسالة مفتوحة إلى السيد رئيس بلدية تطاوين.. المثقف أوّل من يق ...
- عمر عبد القادر المستشار البلدي ببلدية تطاوين بالجنوب الشرقي ...


المزيد.....




- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - اشراقات الأحاسيس الوطنية في قصيدة :- أيها العابرون - للشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي