أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد المحسن - رسالة مفتوحة إلى السيد رئيس بلدية تطاوين.. المثقف أوّل من يقاوم..وآخر من ينكسر















المزيد.....

رسالة مفتوحة إلى السيد رئيس بلدية تطاوين.. المثقف أوّل من يقاوم..وآخر من ينكسر


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 6254 - 2019 / 6 / 8 - 22:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" المثقفون يأتون لحل المشاكل بعد وقوعها،والعباقرة يسعون لمنعها قبل أن تبدأ" (البرت أينشتاين)

"المثقفون لديهم مشكلة:عليهم تبرير وجودهم."(نعوم تشومسكي)


لا تغيب تجليات الأزمة العربية الراهنة ثقافيا عن رجل الشارع العربي البسيط،في ظل عصر الفضاءات المفتوحة والمباشرة،فكيف بالمراقب الخبير والمطلع على تفاصيل المشهد الراهن وتعقيداته ببلادنا،التي على وشك أن إن تمادت في نهج المزايدات السياسية والمناكفات الفجة إلى المربع الأول،مربع الظلم والقهر والاستبداد بعد أن كناعلى وشك تجاوزه نهائيا، وإلى غير رجعة.
فقد مثلت-ما يسمى-ب"ثورات الربيع العربي"المفاجأة واحدة من اللحظات التاريخية العربية الفارقة،التي بنجاحها قد تعيد تعريف كل مفردات هذه اللحظة العربية والإنسانية من جديد،بعد أن فقدت الكثير من هذه المفردات دلالاتها الاصطلاحية كاملةً،ولهذا كُثر المتآمرون داخليا وخارجيا على هذه الثورات التي تونس ليست إستثناء من تداعياتها..
والثقافة هي التي تعطى للحياة البعد الجميل وهي التي تشعرنا بجمالية الإنسان في كل أبعادة وبجمالية الكون أيضا.والعلاقة بين الإنسان والثقافة علاقة قديمة للغاية بل هي ملازمة له منذ ميلاد الإنسان الأوّل،ومنذ اللحظة الأولى للإنسان تأسسّت معادلة مفادها أنّه لا إنسانية بدون ثقافة،ولا ثقافة بدون إنسان،ولا إزدهار ثقافي بدون الحوار بين كل الرؤى و الأفكار المتعددة .
ولأجل ذلك كانت الثقافة هي السلاح الذي إعتمده الإنسان في تأكيد ذاته وحريته،وتأكيد أنّه خلق ليعيش حرّا.
وعلى إمتداد التاريخ البشري أستخدمت الثقافة لمواجهة الظلم وإحقاق العدل،لمواجهة الديكتاتورية وإحقاقالديموقراطية والحريّة،ويؤكّد التاريخ تاريخ الإنسان مهما كان لونه وشكله ودينه وقوميته أنّ المبدعين والمثقفين هم الذين قادوا التغيير وهم الذين مهدّوا للتطورات الكبرى التي عرفها التاريخ،والفلاسفة والأنبياء والشعراء والكتّاب والروائيون ما هم إلاّ بشرا من نوع خاص.هم بشر يحملون همّا ثقافيا ويهدفون إلى تغيير حياة الإنسان نحو الأفضل.
إن مصير البشرية سيكون مظلما بدون ثقافة تعددية،و القصائد والأشعار والروايات والأفكار التي تحدّت العسكريتاريا في العالم الثالث ستتحوّل إلى منارات لأجيال الغد.وأكبر دليل على ذلك أنّ الأفكار والثقافات كانت وراء كل التغييرات الكبرى الإيجابية التي عرفها التاريخ..
و هنا نقول جازمين أن الثقافة الوطنية هي إرث يجب أن نعتز به نضيف إلى سياقها ومساراتها و لا يمكن أن يتأسس الحوار على إستئصال هذه الثقافة لتحل محلها ثقافة أخرى فرضتها الكوكبية و العولمة وأفكار أخرى موغلة في الدياجير ..
السيد رئيس البلدية:تابعتك منذ توليك هذا المنصب الذي يستدعي في المقام الأول المسؤولية الضميرية العالية والحس الوطني الخلاّق،ولي ثقة في نزاهتك.وأعرف ما يمكن أن يتعرض له رجل دولة من ضغوط من مراكز قوة ولوبيات ضغط،ويستوي في ذلك لوبيات المصالح ولوبيات الأيديولوجيا.والأيديولوجيا قدتكشف في العمق عن رهانات”ارضية”جدا.
أعرف كل ذلك.ولكني أعرف أيضا أن إدارة شؤون الجهات سيما القصية منها ما بعد الثورة يجب أن تختلف عما قبلها.
من قبل ربما كان المسؤولون يتعللون بالتعليمات النازلة "من فوق".غير أن الثورة كانت لها هذه المزية،بأن حررت الجميع،بمن فيهم رؤساء البلديات.
أرجو-يا سيدي الرئيس-ألا تطيع إلا سلطة ضميرك.وأن تعتبر المبدعين بهذه الربوع الجنوبية الشامخة (تطاوين) متساوين أمام الدولة.ولا أحد يمن عليهم بذلك.
لم تتحح لي فرصة زيارتكم بمكتبكم،لكني على يقين أنكم ممن يولون المبدع الإهتمام الكبير ويصغون إلى همومه.ولم تكن همومي سيدي الكريم بالأمر الهيّن (وفاة الإبن الأصغر(24سنة) الذي مازالت ظلاله في بيتي مثل رفّ جناح..تواجد الإبن الأكبر(26سنة)خلف القضبان (أفرج عنه مؤخرا بعد ثلاث عجاف)،إصابتي -بمرض عضال-على مستوى اليد اليمنى نتيجة تأثير-صدمة ما بعد الموت-(موت نجلي)..إصابتي أيضا بتورات عصبية حادة بسبب فقداني-كما أسلفت-لمهجة القلب (إبني) ألزمتني الفراش بإحدى المستشفيات التونسية (قسم الأعصاب) شهرين قمريين..عجزي على إصدار ديوان شعري أرثي فيه حالي وأودّع عبره نجلي في رحلته الخالدة حيث نهر الأبدية ودموع بني البشر أجمعين..إلخ)
لو جلست أمامكم:ستلاحظون.عينين زائغتين وعلى ملامحي مسحة من ذهول،دمع حبيس يحزّ شغاف القلب.وتلك ضراوة الموت.ذاك طابعا الكاسر المتوحّش.
وإذن؟
.كنت عطوفا إذا،كريما وتأثر لحالي وآزرني بما استطعت وأنا القادم من عمق-التاريخ العربي-مضمخا بعطر الصحراء..ومحمّلا بدموع لا تمسح تراب الآسى..
أنا لا أمدحك-سيدي رئيس البلدية-لأني ببساطة لا أجيد”فن”الإطراء والمديح-ولست من محترفيه أصلا-،فقط وددت إشعاركم بما يعانيه المبدع-هنا..أوهناك من صعوبات جمة تدفعه أحيانا إلى إعتزال الكتابة و”التصومع″داخل محرابه-بمنآى عن صخب الحياة وتداعيات الزمن الردئ وضيق ذات اليد..
ألتمس من سيادكتم مزيد الإهتمام بالمبدعين وتخصيص إن أمكن بعد التشاور مع السلطة المركزية-صندوق-خاص بحملة الأقلام والمبدعين بشكل عام تصرف جزء من أمواله لفائدة مبدعين حلّت بهم على حين غفلة مصائب ونوائب ونال منهم الوجع في نخاع العظم..وتغّلب بالتالي فتقهم على رتقهم..
ختاما،أذكركم يا -سيدي الرئيس- أنّ المثقف الذي يشكل عاملا إضافيا و رقما صعبا في معادلة التكامل الثقافي هوذلك المثقف العضوي(مع الإعتذار لغرامشي) الذي يضحي من أجل أن تسود أفكاره و أفكار الآخرين،و ينطلق عقله من قاعدة التحاور مع عقول الآخرين لصناعة دولة ومجتمع الرفاهية للإنسان العربي الذي تخبط في تجارب فردية ساهمت في تراجع مشروع التنمية و النهضة..و الثقافة في مطلقها الحضاري هي التعددية وتشريك المثقف في بناء حضارة بلاده،و المثقف لا يمكن أن يكون أسير فكرته ومنطلقاته فذاك سيؤدي إلى تحجيم العقل و تطويقه،و المثقف الحضاري هنا..أو هناك هو ذلك الذي يتشاور و يتحاور و يتجادل ويتبادل الأفكار،لكن في نهاية المطاف ينصاع للفكرة البناءة العملاقة التي تردف الدولة والمجتمع بأسباب القوة و المناعة و الحصانة من عوامل التعري و التآكل .
كما أن المثقف-أولا وأخيرا-هو ذاك الذي يكرس ثقافة الحوار كمبدأ و يجيد السماع والنقاش وإستخلاص المعادلات من الأفكار البناءة.و الحوار هنا:هو الحوار بين أبناء الشعب الواحد حول آليات تسيير الدولة أو النهج السياسي المتبع أو الثوابت و المتغيرات التي يجب إتباعها في مسرح دولي متعدد تهب رياحه العاتية من الجهات الأربع،كما أن الحوار قد يكون بين الشعوب والحضارات و التشاور والتفاعل الثقافي بين الشعوب من سمات الراهن البشري و مجالات الحوار الحضاري تشمل الحوار المتفتّح في المجال الديني و المجال السياسي و الاقتصادي وغير ذلك من مجالات الحوار ..
وتونس اليوم تتهودج في ثوب الديموقراطية الذي خاطته أنامل ضحّت بحياتها في سبيل أن ننعم بكلمة"لا"حين يقتضيها المقام-..في زمن كانوا يريدونها بالأمس-دوما"نعم".والأمس القريب-ما قبل إنبلاج صبح الثورة البهيج-قلت:لا..بملء الفم والعقل والقلب والدم و"أدنت" تبعا لهذا-الموقف الرافض- بجسارة من لا يهاب لسعة الجلاد بكل عقوبات جهنم من"إقصاء..تهميش..تجاهل ونسيان..ومراقبة أمنية لا تخطئ العين توحشها الضاري..إلخ
كن يا سيدي رئيس البلدية نبراسا يضيء عتمات دروب المبدعين بهذا الربوع الجاثمة على التخوم الفاصلة بين البسمة والدمعة..فقد نالوا "حظهم"عبر عقود من الزمن من الظلم والظلام..وأوغل ليلهم في الدياجير..وكن أيضا بحجم المسؤولية المناطة على عاتقك..وأقلامنا ستنتصر إليك إن سلكت الدرب الصحيح..ولك مني باقة نرجس وسلة ورد تعبق بعطرتونس التحرير..
كلمة أخيرة منبجسة من خلف شغاف القلب:التكريم الحقيقي للمثقف..هو أن تصان كرامته في وطنه..وأن تحترم كلمته..ومن هنا تجدر الاشارة إلى أن الكرامة التي أقصد إلى إثارة الانتباه إليها ها هنا، ليست تلك الكرامة التي يربطها البعض برغد العيش وهناء البال،والتي يحققها التمتع بأزاهير الحياة من مطالب طينية،حيوانية،رخيصة،إنما الكرامة التي أقصدها هي مُعْطًى فطريٌّ جاء مع الإنسان إلى هذه الحياة، وليس لأحد أن يَمُنَّ به على أحد. فالتكريم ثابت في حق الإنسان "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ" (الإسراء،70)،وهو "ملكية فردية" له، لا يحق له أن يتنازل عنها.ومن فرَّط فيها ضلَّ الطريق،وسار إلى إهانة نفسه، وتسبب في "تجريء"غيره عليه.لذلك لا أعد الكرامة "مطلبا" بالمفهوم النقابي للكلمة،لأنه لا أحد قادر أن يمنحها لك،ولكنها "مِلْكٌ"،من فرَّط فيه،أهان نفسه،وأوردها مهالك الاستغلال،والإهانة،والعبودية.
إن ثورة الكرامة إذاً هي ثورة الحكم العادل الذي يحترم حقوق الإنسان وقدرة الأفراد على تقرير مصيرهم واختيار نمط الحياة الذي يريدون.
وأرجو أن تستساغ رسالتي جيدا..وأن لايقع إخراجها عن سياقها الموضوعي..(...)
كلمة أخيرة أختم بها مقالي سيكون لها وقعا على ضميرك الفذ: كن شمعة تضيء ليل تطاوين الذي أوغل في الدياجير عبر عقود من الزمن الجائر،وتقبّل مني تحايا مفعمة بعطر العيد..



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمر عبد القادر المستشار البلدي ببلدية تطاوين بالجنوب الشرقي ...
- أين نحن من تحديات الألفية الثالثة في ظل تهميش،إقصاء واستئجار ...
- أزمة المثقف العربي: كاتب هذه السطور نموذجا
- ..حتى لا ننسى الزعيم التاريخي للثورة الفلسطينية المجيدة الشه ...
- على هامش المشهد الديمقراطي التونسي:سيذهب في الأخير الخطاب ال ...
- هل آن الآوان للقطع مع شتاء الخمول العربي!؟
- حتى لا يهرول – البعض منا – خلف التطبيع مع الكيان الصهيوني
- كيف واجهت قطر بإرادة فذّة الحصار الغاشم وانتصرت عليه..؟
- حين يشدّد القطريون على أنّ سيادتهم ستظل خطا أحمر
- حصار قطر-جريمة أخلاقية في عصر كنا نظن أننا نؤسس فيه لوحدة عر ...
- المثقف بتونس..بين جهد وزير الشؤون الثقافية لتخليصه من عقال ا ...
- قم من سباتك يا -صلاح الدين-فقد نالت منا المواجع في نخاع العظ ...
- الكاتب الصحفي الدولي يثمّن رجالا ما هادنوا الدهر يوما بالقول ...
- رجل الأعمال والروائي التونسي المبدع المحسن بن هنية: للحوار ا ...
- محاسن التقوى،الورع والزكاة..وفوائد الصوم في شهر العبادات:رمض ...
- نشيج..في هدأة الليل
- باقة نرجس..وتحايا مفعمة بالإجلال والإكبار والتقدير إلى رجل ا ...
- تحية إجلال وإكبار ..إلى رجال أمن ما هادنوا الدهر يوما ولا حا ...
- رجل الأعمال ياسين النوري: الإبن البارلولاية تطاوين بالجنوب ا ...
- السياحة الصحراوية بالجنوب التونسي..بين إكراهات الراهن..وآفاق ...


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد المحسن - رسالة مفتوحة إلى السيد رئيس بلدية تطاوين.. المثقف أوّل من يقاوم..وآخر من ينكسر