أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - الطايع الهراغي - تخليدا للمناضلات والمناضلين / نوّال السّعداوي رحلة الخلود الأبديّ.















المزيد.....

تخليدا للمناضلات والمناضلين / نوّال السّعداوي رحلة الخلود الأبديّ.


الطايع الهراغي

الحوار المتمدن-العدد: 6850 - 2021 / 3 / 25 - 19:25
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


تخليــدا للمنــاضلات والمناضليــن//
نـوّال السّعــداوي رحلة الخلود الأبديّ

" العقــل لابكــون عقــلا إلاّ إذا كــان نقديّــا "
جـــورج طـرابيشـــي
" لا يوجد ما هو أخطر من الحقيقة في عالم مملوء بالكذب "
-- نــــوّال السّعــــداوي--
لم تختر يوم مولدها ولا يوم رحيلها . ولو كان بإمكانها لفعلت .ولكنّها بالتّأكيد اختارت بوعي وبتحدّ وبإصرار غريب عجيب أيّ نوع من الحياة تريد .ما رسموا لها مسارا ولا خطـّوا لها طريقا ولكنّها ككلّ العظماء نحتت لنفسها دربا عسيرا ولكنّه أجمل من كلّ الدّروب وأحلى . تسامت على أنوثتها ونابت بنات جنسها في مقارعة الأذيّة لا في الصّبر عليها . لم تتظر في ذلك تفويضا من أحد. انتصارها للمرأة جزء من انتصارها لقضايا الشّعب المصريّ ولقضايا الإنسانيّة في رحلة بحثها عن التّحرّر، رحلة طويلة شاقّة ولكنّها ممتعة يتحرّر فيها الإنسان -- امرأة ورجل-- وهو يعيشها تحدّيّا وغاية قبل أن تصبح منجزا . كثيرون هم الذين يولدون ويتناسلون و يرحلون فكأن ما كانوا ، وقلّة هم الذين يحقّ لهم أن يعتزّوا بأنّهم نحتوا لحياتهم معنى ورسموا لمسارهم هدفا وأدركوا أن لا قيمة للتّاريخ ما لم يعلّمنا شيئا ما .النّضال عندهم وسام به يعتزّون وما به فاخروا أبدا .في أيّام الجمر عندما يكون للكلمة ثمن وللموقف العنيد ضريبة يمتطون صهوة الزّمن المستحيل ويتلون أنشودة الحياة ضدّا لنشيد الإماتة والإبادة التي دأب عليها حكّام تصالحوا مع عبادة الفكر الحلزونيّ الدّائر حول نفسه والمنغلق على ذاته والمعـادي لقانون التّماثل مع العصر بما يهدّد بالخروج من التّاريخ إن لم يلفظنا التّاريخ.
عندما يعمّ التّصحير ويُهجّر المجتمع في موطنه ليجد نفسه مغتربا في وطن توهّم يوما ما أنّ من حقّه أن يهيم به كما يريد ، أن يرسم له الصّورة التي تخيّلها في لحظة مكاشفة وصدق وحبّ شبقيّ يعلي الذّات العاشقة ويخلق للوطن منعة ومناعة فيها من الامتناع عن السّفالة ما يجعل الحكام يستكلبون، يصبح الصّوت الغريب في وطنه هو القيمة وليس قيمة ،ويصبح رفض الإجماع المفروض بقوّة السّلطة بداية تبصّر مخرج النّفق . في مجتمع عربيّ معطّل تسوسه دولة ما دون الدّولة ، شعبه مقصى من الشّأن العامّ بشكل تآمريّ، حكّامه تفصلهم عن المواطن مسافة ضوئيّة ونصفه مشلول ، ابتُـلي بحكّام هواة ، ملوك طوائف نسبهم المال المنهوب وحسبهم السّيف المسلول ، تداولوا على خصيه، ونُكِــب بنخبــة مريضة بالانبتات عن عصرهــا والاغتراب عـن ذاتها وتفريطهـا فـي خاصياتها -- جوهر وجودها وعلّته--، لم تتخلّص بعدُ من وهم تأمين سكينة وتوهّم إمكانيّة استرضاء " الأمير" وتجنّب سخطه، ولِم لا تدبّر خلاص فرديّ ،في زمن الحلّ الفرديّ فيه ألغام موقوتة تنجب الأنانيّة وتقتل الضّمير الجمعيّ وتحكم على المجتمع بتفريخ الأزمات وتناسلها وتعاقبها، فيُشلّ المجتمع وليس فقط الدّولة التي تتحوّل إلى جسم غريب أقصى غاياته – إن كان له غاية -- التّصالح مع الاغتراب. ..........................................................................................
في مجتمع مطبوع بهذه السّمات يصبح نحت قيمة اعتباريّة لأيّ مناضل -- فما بالك بمناضلة -- من أوكد الواجبات . نوّال السّعداوي مناضلة ب " شطحاتها " البديعة ، وبخصوصيّة هي رأسمالها المادّيّ والرّمزيّ، وبعناد هو سلاحها في كلّ معاركها ، وبتميّز لم يؤذ الفقراء والمساكين ولم يبخس المرأة حقّها في أن تكون إنسانا لا رقما.
نوّال السّعداوي " أنثى ضدّ الأنثى" ، مشكلتها مع العقليّة الرّجاليّة وليس مع الرّجال ، قارعت سلطة قمعت الرّجال والنّساء، جعلت منهم أهالي ورعايا وأقامت صورا صينيّا بين عِلية القوم والأسياد والرّعاع والدّهماء وسلبت منهم كلّ مواطنيّة ، سلطة مغتربة عن زمانها وعقليّة أسيرة لأرذل ما في العصور الخوالي من تحنّط . في مجاهل الجسد الذي رأى فيه الفكر التّقليديّ صندوقا مغلقا أبحرت نوّال السّعداوي فردّت بذلك الاعتبار للفكر النّقدي وليس فقط للمرأة .الفكر الاختزاليّ، الأحكام المتسرّعة ، التّعاطف الأرعن يحصر كتاباتها وأفكارها في مناصرة بنات جنسها ويتغافل عن أهمّ ميــــــــــــــزة : الدّفاع عن قلعة العقل . فجّرت المسكوت عنه ففرضت بذلك جدلا واسعا في السّاحة الثقافيّة والفكريّة المصريّة أساسا والعربيّة عموما ضدّ كلّ ما يعوق تدفّـق نهر التّقدّم الإنسانيّ .حقّرت من لازال -- ونحن على أعتاب ما بعد الحداثة -- يحلم بحريم السّلطان ومن إذا ناصر المرأة تدثّر بحجاب أخلاقويّ من فرط بلادته صار مقرفا على غرار المرأة اخت وأمّ وزوجة . قال عنها بعض مناصريها انّهم يخالفونها الرّأي ولكنّهم يكبرون فيها شجاعة عزّ نظيرها. فهل كان يمكن لها أن تكون لو لم تكن متفرّدة عنيدة صادمة بأفكارها وآرائها ومسلكيّتها ؟ أليست ميزتها تكمن بالظبط في ما اعتقد البعض أنّه نشاز .نوّال تماما كبطلات رواياتها ترفض القطيع باعتياره سالبا لأبهى " عقدة " ، عقدة التّفرّد .فميزة المناضل أن لا يكون رقما في قطيع ، ميزته الانفصال عن المألوف والتّمرّد عليه ليتحرّر منه ، خاصّيته المروق على طاحونة الشّيء المعتاد والكفر بالنّمطيّة القاتلة للإبداع والمكرّسة للاتّباع ليكون هو هو وليس غيره. يؤازر المناضل شبيهه دون أن يذوب فيه . أن تكون مناضلا معناه أن تقتحم الدّهاليزالمغلقة، أن تتمرّد على ما تراه السّلطة -- أيّة سلطة -- مقدّسا .أن تتكلّم عندما تتكمّم أفواه الجميع خوفا، مسايرة أو " قناعة "، أن تخوض في ما مُنِع المجتمع من الخوض فيه ، أن ترفض التّزكية بالفعل والقول ، وإن لم يكن إلى ذلك سبيل فبالصّمت الذي يخلع على السّلطة إمكانيّة التّبجّح بإجماع " الأمة" ،أن لا تتوب عمّا اعتقدت أنّه الحقيقة. أن يغلي في دمك حبّ الهرطقة كلّما اقتربت لحظة الغيب الأخير ، أن تتزداد إصرارا ويتضاعف عنادك كلّما تقدّم بك العمر تسفيها لقانون رائج يرى أنّ الإنسان يرتدّ إلى الصّراط المستقيم حالما يتمثل بداية العدّ العكسيّ لمشواره في الحياة. ذلك بالضّبط ما تميّزت به وفيه نوّال السّعداوي . ألم تكن وهي في سنّ الثّمانين مع شباب الثورة في ميدان التحرير--25 يناير2011 -- وهي تدرك أنّها تصنع مستقبل غيرها لا مستقبلها .تلك هي هويّة المناضل ، يتسامى على الأنا الفرديّة ليذوب في الأنا الجماعيّة . كان رافضا لواقع القطيع ولكنّ القطيع بات ذواتا تتوق إلـى التّحرّر تعيشه فـي لحظة ثـورة علـى استعباد اعتقد السّادة أنّـه قــدر " العامّـة ".
............................................................................................................
إنّه الزّمن الثّوريّ .لحظة انفلات من دبر التّاريخ فيها تتسارع الأحداث وتطفو على السّطح الأحلامُ. تندحر الظّلمة وينقشع الظلام ، يشعّ النّور وينبلج الفجر ويصبح الإمكان واقعا والأحلام حقيقة . لحظة شاردة شرود عصيّة ، منيعة على التّعليب ، فيها يعود الشّيخ -- متى كان مناضلا -- فتى يافعا هدفه أن ينحت بدم غزير ودمع كم هو عزيز ما ظلّ يلهج به دهرا ويكابد من أجل تحقيقه عصرا تلو عصر ويعيشه الآن عشقا مكثّفا تعويضا عن عجاف الأيّام ، حكاية مريرة من سالف العصر والأوان . بالتّأكيد ، ذلــك مــا عاشته نــوّال السّعداوي فـي ميدان التّحريــر . لــم تعد " امراة عند نقطة الصّفر" [ عنوان رواية لنوّال السّعداوي استلهمت موضوعها من ملازمتها لسجينة سنة 1975] إذ " الأنثى هي الأصل " [ عنوان رواية أيضا ] تعلن "موت معالي الوزير سابقا " [عنوان رواية ] وتبتسم وهي تستحضر تجربتها في السّجن في سباق الأيّام الطّويلة ،آخر أيّام الرّئيس أنور السّادات --1981 -- التي دوّنتها في كتاب "مذكّراتي في سجن النّساء "على ورق تواليت بقلم عيون إحدى " العاهرات " .
رحل السّادات ، أراد أن يسطو على التّاريخ فحلّت عليه نقمة التّاريخ وتغلّبت السّجينة على السّجان. سجن التّاريخ الرّئيس وقبره في مجاهل النّسيان ، وحرّر النّضال من تطاولت على عرش " الـرّيّــس" الذي اعتقلها لأنّها تطاولت على مملكة حكمه الفرديّ المطلق وعلى خلفه حسني مبارك الذي لم يطلق صراحها إلاّ بعد شهر من اغتيال سلفه.
......................................................................................................
جامعات أمريكيّة وأوروبيّة وآسيوية تعاملت مع الإنتاج الوفير والثريّ لنوّال السّعداوي بما يلزم من التّقدير والعمق، وعنها قالت إحدى الطّـالبات الأمريكيّات " لقد ألهمتني يا د.نوّال لأكون نفسي حتّى لو تطلّب ذلك تحدّي العالم كلّه " .فكيف تعامل معها " أهلها " و "بنو جلدتها "؟ .الأفضل أن يظلّ السّؤال معلّقا بلا جواب ضربا من ضروب الاحتجاج على غربة المثقـّـف في ربوع بلدان العرب العاربة.
في غياب العمل المؤسّساتيّ أرادت السّعداوي نفسها مؤسّسة كبرى للفكر الحرّ.
.............................................................................................................
صخب الكتابة، وهج الجدل، حرقة الأسئلة ، معانقة العصر.التّجديف ضدّ التيّار -- تيّار التّضليل والتّعتيم --. تلك هي نوّال السّعداوي ، الكاتبة " المستفزّة " المثيــرة للجدل لأنّهــا تحفــر فــي الأدغــال وتنبش في البرك الرّاكدة ، تربك العقل ليربك العقل الواقع البائس بحثــا عــن الحقيقــة فــي بــلاد كــذب الحكّـــام المذهـــل .
السعداوي-- كصنوها من المناضلين-- باقية بقاء الأحلام ، خالدة خلود العناد صرخة في وجه العدم.
نوّال السّعداوي كلّ الوفاء لما من أجله أفنيت عمرا وعشت غربة هي غربة الغريب في غربته .
عهدا، نحن وإيّاه توأمان التحما وأٌقسما بحقّ غضب جحافل المناضلين والشّهداء أن لا ينفصما.



#الطايع_الهراغي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اغتيال الفعل السّياسيّ في تونس / هزلت حتّى سامها كلّ مفلس
- كورونا الاستهتار بالمفاهيم و الفوضى المنفلتة من عقالها
- استفحال الأزمة في تونس/ جائحة كورونا وجائحة التّرويكا
- مشهد ميلودرامي في تونس: تناسل الأزمة // تذرّرالحلول
- الوفاء كلّ الوفاء للشّهداء /الذكرى السّنويّة الثامنة لاستشها ...
- المشهد في تونس/ بين توهّج الثورة وتسلّط الدّولة
- تونس: وحديث عن - الاحتجاجات -
- الوفاء كلّ الوفاء للمناضلين والشّهداء. الذكرى السّنويّة الأو ...
- الثورة التّونسية // تعقّد المسلك وتشعّب الألغاز
- الثورة التونسية وسيل المفارقات
- الثورة التّونسيّة: عسر المسير والمصير. من اجل نقد جادّ.
- الذكرى العاشرة لثورة 17 ديسمبر/ 14جانفي.ماذا تبقى من الثورة ...
- افي ذكرى وفاته الخامسة والثمانين /الطاهر الحداد ذلك الثوري ا ...
- النّخبة التّونسيّة ولعنة الثّورة


المزيد.....




- حمزة يوسف.. الوزير الأول بإسكتلندا يعلن أنه سيستقيل من منصبه ...
- مصادر لـCNN: حماس تناقش مقترحًا مصريًا جديدًا لإطلاق سراح ال ...
- رهينة إسرائيلية أطلق سراحها: -لن أسكت بعد الآن-
- لا يحق للسياسيين الضغط على الجامعات لقمع الاحتجاجات المناصرة ...
- باسم خندقجي: الروائي الذي فاز بالجائزة العالمية للرواية العر ...
- بلينكن يصل إلى السعودية لبحث التطبيع مع إسرائيل ومستقبل غزة ...
- ظاهرة غريبة تثير الذعر في تايوان.. رصد أسراب من حشرات -أم أر ...
- مصري ينتقم من مقر عمله بعد فصله منه
- لردع الهجمات الإلكترونية.. حكومة المملكة المتحدة تحظر استخدا ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة في دونيتسك والقضاء على 975 جن ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - الطايع الهراغي - تخليدا للمناضلات والمناضلين / نوّال السّعداوي رحلة الخلود الأبديّ.