أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - أهم المسائل في الماركسية المعاصرة (2)















المزيد.....

أهم المسائل في الماركسية المعاصرة (2)


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 6835 - 2021 / 3 / 9 - 19:42
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


أهم المسائل في الماركسية المعاصرة (2)

في صيف العام 1963 أكدت لرفاقي في معتقل الجفر الصحراوي بعد دراسة متأنية لتقرير خروشتشوف المقدم لمؤتمر الحزب الشيوعي العام الثاني والعشرون في أكتوبر 1961، أكدت لهم بأن الاتحاد السوفياتي سينهار في العام 1990 . لقاء ذلك عمدت القيادة داخل المعتقل إلى عزلي وتمنت كما كان قد بدا لي أن أستنكر وترتاح مني ومن ماركسيتي المدعاة . بعد أطلاق سراح الشيوعيين في ابريل 65 حاولت قياد الحزب أن تعقد مصالحة معي لكني رفضت إلا بالسماح لي بأن أعلن عن قناعاتي بخيانة عصابة خروشتشوف في الكرملن لقضية الشيوعية . رفض الأمين العام المساعد ذلك وقال أن الحزب الشيوعي الأردني هو مجرد جمعية أصدقاء للإتحاد السوفياتي مهما كانت سياساته . تركت الحزب إذاك فكان أن حاربني الحزب حرباً قذرة .

سمحت لنفسي بتجاوز التواضع البلشفي المعتاد بالرجوع إلى تلك الأحداث ليس من أجل أن يوافقني الشيوعيون من أيتام خروشتشوف على أن النظام الرأسمالي قد انهار تماماً في سبعينيات القرن العشرين، بل لأحملهم إلى الدخول معي في مناقشة علمية لمسألة إنهيار الرأسمالية . أنا لا أرغب في هذا السياق في أن أبرهن على إفلاس الشيوعيين من أيتام خروشتشوف حيث كان قد ثبت إفلاسهم بانهيار الاتحاد السوفياتي كما كنت قد أكدت مبكراً، بل لأحملهم على عدم تناسي ماركس واقتفاء منهجه في معالجة الأمور .

كان من أهم الدلائل على انهيار النظام الرأسمالي هي اضطرار إدارة نكسون إلى الخروج من معاهدة بريتون وودز (Brettonwoods) نظراً لأن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على توفير الغطاء البضاعي "وملكه الذهب" لنقودها وهو ما أعقبه إعلان الإدارة الأميركية تخفيض قيمة الدولار (Devaluation) ثلاث مرات في عامي 72 و 73 ؛ وكان أن فقد الدولار خلال السنوات الثلاث الأولى من السبعينيات حوالي 40% من قيمته .

لا يجوز بحال من الأحوال تجاهل ذلك التدهور لنظام النقد الأميركي، للدولار . يعلل ذلك الذين يبتذلون علم السياسة بأن تدهور النظام النقدي لأميركا في بداية السبعينيات إنما كان بسبب الحرب في فيتنام . نعم، كان ذلك السبب المباشر والحرب في فيتنام كانت تتويجا للسياسة التي أسس لها عدو الإنسانية هاري ترومان القاضية بتكريس كل مقدرات الولايات المتحدة وعوائد النظام الرأسمالي فيها لمقاومة الشيوعية . لكن النظام النقدي الأميركي لم يتشافَ فيما بعد الحرب في فيتنام ولا بعد أن وضع الرئيس ريتشارد نكسون حدا لسياسات ترومان المعادية للشيوعية فكان أن زار الصين الشعبية في العام 1972 وعقد أهم اتفاقية في التاريخ مع عدو ماو "خروشتشوف الصين" دينغ هيساو بنغ تقضي باستيراد اميركا مجمل الصادرات الصينية بالشروط الفضلى وهو ما وفر غطاء للدولار ما زال قائماً حتى اليوم . لم تكتفِ إدارة نكسون بذلك بل عمدت إلى العمل على تأسيس منظمة الخمسة الكبار (G 5) التي تؤمن سيطرة هذه الدول على الأسواق الدولية من خلال الإتجار بالعملة وليس بالبضاعة بعد أن أقلعت مرغمة عن إنتاج البضاعة .
الرأسمالية هي قصراً الإتجار بقوى العمل، بتحويلها إلى بضائع تتحول في السوق إلى نقود لم تكن موجودة من قبل ؛ أما الإتجار بالنقود وهو ما ذهبت إليه (G 5) فهو لا يضيف سنتيماً واحداً .
يختبئ الشيوعيون المفلسون وراء الأصبع ويقولون "بالرأسمالية المالية" لكن الإتجار بالنقود هو منافٍ للرأسمالية . النقود لا تلد نقوداً جديدة بغير تحويلها إلى بضاعة .
إنهيار النقد الأميركي في السبعينيات إنما كان بسبب انهيار الرأسمالية الأميركية التي لم تعد تنتج فائض القيمة وهو ما أوقع الولايات المتحدة ضحية المديونية في العقود الأربعة الأخيرة حتى تجاوزت ديونها الخارجية اليوم 23 ترليون دولاراً فائدتها السنوية تزيد على 500 مليار دولار، ورغم ذلك ما زال بعض القوم يصرون على أن الولايات المتحدة ما زالت دولة رأسمالية إمبريالية !!

من المعلوم منذ البدء أن النظام الرأسمالي قام أصلاً بهدف مراكمة النقود وليس لتوفير حاجات الناس الحيوية . تم ذلك من خلال استغلال العمال وتحويل قوى العمل المتجددة فيهم يومياً إلى بضائع تحمل في جوفها فائضاً للقيمة . يوظف الرأسمالي مقدار (س) من النقود الذهبية أو نقود قابلة للتحويل إلى ذهب معلوم القيمة المحددة ويقبض بالتالي (س +ع) و "ع" هي فائض القيمة وهي نقود من نفس جنس النقود التي وظفها، قابلة للتحويل إلى ذهب .
في يناير 76 ألغى صندوق النقد الدولي الغطاء الذهبي للنقود بناء على تعليمات الخمسة الكبار في رامبوييه في نوفمبر 75 ولتتحدد قيمة النقد في السوق بغض النظر عن قيمته الأسمية وهو ما يعني فقدان النقود لقيمتها الذاتية ولتتحدد قيمتها في السوق أي القيمة التبادلية غير الثابتة والمتأرجحة على الدوام .
طبعاً الرأسمالي لن يوظف نقوده في مغامرة رأسمالية كي يعود إلية بالتالي نقود يجهل قيمتها سلفاً والأرجح أن تكون قيمتها أقل من قيمة النقود التي وظفها .
إلغاء الغطاء الذهبي للنقود يعني مباشرة انسداد دورة الإنتاج الرأسمالي (نقد – بضاعة – نقد) ونهاية الموت للنظام الرأسمالي .

الإمبريالية التي بحث فيها لينين في صدر القرن العشرين تتمثل في أن مراكز الرأسمالية (المتروبول) لم تعد تكتفي بتصدير البضائع إلى الدول الأطراف بل أخذت تصدر رؤوس الأموال توظفها في استغلال العمال في البلدان التابعة .
كيف يمكن احتساب الولايات المتحدة ما زالت دولة رأسمالية وهي اليوم أكبر مستورد في العالم للبضائع ورؤوس الأموال . عجز ميزانها التجاري يتجاوز 700 مليار دولارا سنوياُ منذ أكثر من ثلاثة عقود . الصين واليابان توظفان في الولايات المتحدة أكثر من أربع ترليونات دولارا . الرئيس الأميركي يقبض راتبه على حساب الصين .

الإشكال الصعب الذي يجابه العامة والشيوعيون منهم على وجه الخصوص هو تحديد هوية النظام الدولي الماثل اليوم في العالم . فبافتراض أن النظام الرأسمالي كان قد اندثر في سبعينيات القرن الماضي وأن النظام الاشتراكي كان قد غدا أثراً بعد عين في ستينيات القرن ومابعدها، فما عساها تكون هوية النظام العالمي الماثل اليوم !!؟
القراءة الماركسية للتاريخ تقول أن النظام الرأسمالي هو آخر نظام في تاريخ البشرية . فترة العبور من المجتمع الرأسمالي إلى المجتمع الشيوعي وهو ما بات يعرف بالإشتراكية والتي يتم عبورها بقيادة دولة دكتاتورية البروليتاريا حصراً ليست نظاماً إجتماعياً على الإطلاق حيث تقوم دولة البروليتاريا منذ اليوم الأول لقيامها بمحو مختلف منظومات الحقوق لجميع أفراد الشعب حتى للبروليتاريا نفسها وتحريم العمل بأجر فيعتاد الجميع على العمل التطوعي بينما الدولة تتكفل بمعاش الجميع بالحدود التي يسمح بها الدخل الوطني . لا الإشتراكية نظام اجتماعي مستقر وثابت ولا الشيوعية بالطبع .
عالم اليوم بلا نظام . الدولار الأميركي الذي لا يساوي اليوم أكثر من ثلاث سنتات من دولار 1970 يمسك برقاب الأمم ويتحكم بمستقبلها وهو ما هدفت إليه منظمة الخمسة الكبار .
اللانظام الماثل اليوم في العالم يقوم على عمودين زائفين وهما الدولار الأميركي وهو ليس نقداً رأسماليا طالما يطبعه بنك الإحتياطي الأميركي بلا حساب، والعمود الزائف الثاني هو البضاعة الصينية وهي غير رأسمالية طالما أنها تستبدل في أميركا بأضعاف قيمتها الحقيقية .
كل نقود العالم تتماهى مع الدولار الزائف وكل بضائع العالم تتماهى مع البضاعة الصينية الزائفة .
البورجوازية الوضيعة السوفياتية هربت من الاستحقاق الإشتراكي عن طريق الإنصراف إلى التسلح وهو ما يسّر للبورجوازية الوضيعة في العالم الرأسمالي أن تتولى السلطة وتنصرف إلى إنتاج الخدمات .
لا الأسلحة ولا الخدمات ذات قيمة تبادلية ؛ إنتاجهما يتم على حساب ثروة المجتمع ؛ وعليه يتحتم الإعتراف بأن "النظام" الماثل اليوم في العالم إنما هو فوضى الهروب من الاستحقاق الإشتراكي .



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهم المسائل في الماركسية المعاصرة (1)
- البورجوازية الوضيعة جماعات طفيلية (تابع)
- البورجوازية الوضيعة جماعات طفيلية
- قانون القيمة (Law of Value)
- فوضى الهروب من استحقاق الإشتراكية
- مأزق الحكم في لبنان
- أميركا .. والشيوعية (6)
- أميركا .. والشيوعية (5)
- أميركا .. والشيوعية (4)
- أميركا .. والشيوعية (3)
- أميركا .. والشيوعية (2)
- أميركا .. والشيوعية (1)
- لماذا انهارت الأحزاب الشيوعية !؟
- القصور الفكري مرض عضال في الحركة الشيوعية (2/2)
- القصور الفكري مرض عضال في الحركة الشيوعية
- الشتائم في السياسة
- أين هي الثورة الشيوعية اليوم !!
- الديالكتيك الماركسي
- إنتفاضة الشعب اللبناني
- فُجْرَة رأسمالية الدولة


المزيد.....




- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...
- بيان تضامن مع نقابة العاملين بأندية قناة السويس


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - أهم المسائل في الماركسية المعاصرة (2)