|
بهاء الدين نوري وعزيز محمد: أهم محطة في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي
أنور نجم الدين
الحوار المتمدن-العدد: 6835 - 2021 / 3 / 9 - 12:55
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
يقول بهاء الدين نوري: "لا اكتم اعزازي وفخري، وأنا اتحدث عن انتفاضة تشرين 1952، ذلك ليس لانها كانت هبة جماهيرية فريدة من نوعها طيلة سني العهد الملكي وحسب، بل كذلك لان نفوذ الحزب الشيوعي العراقي قد برز فيها بشكل لم يسبق له مثيل، في وقت كنت اشغل منصب المسؤول الأول في هذا الحزب. قامت الانتفاضة كتتويج لسلسلة طويلة من الاضرابات والمظاهرات والنضالات التي شارك فيها العمال والطلاب والحرفيون والمثقفون والفلاحون في عامي 51 ـ 1952. ويكفي أن اشير الى اضراب عمال السجاير ـ شركة الدخان الاهلية ـ الذي قام قبيل الانتفاضة في بغداد، تحت قيادة مناضلين شيوعيين وحقق زيادة في الاجور، فضلا عن تحديد الحد الادنى للاجور، لأول مرة في تلك المؤسسة، والى عصيان فلاحي آل ازيرج، الذين رفعوا السلاح في وجه الاقطاع والسلطة معا في جنوب العراق، والى اضراب طلبة كلية الصيدلة والكيمياء، الذي كان عود الكبريت لاشعال نيران هذه الانتفاضة" (1).
ثم يقول بهاء الدين نوري: ".. تغيرات هامة قد طرأت في سني ما بعد الحرب العالمية الثانية وعلى أوضاع العراق والعالم. واعتقدت أن الوقت قد حان لتغيير شعار الحزب الستراتيجي المتعلق بقضية السلطة. وهكذا تضمنت الصيغة الجديدة فكرة اسقاط النظام الملكي وأقامة حكم (جمهوري شعبي) يمثل ارادة العمال و الفلاحين".
وهكذا، فانعكس البرنامج الجديد المعروف ببرنامج (باسم) النضالات الطبقية ورفع شعار اسقاط الملكية. وحسب بهاء الدين نوري: "كان زعماء الاحزاب البرجوازية الوطنية مدركين ايضا لخطورة الوضع السياسي المتوتر في البلاد وتطور الاحداث شطر الانفجار. وفي مذكرات شديدة اللهجة القى كامل الجادرجي وطه الهاشمي مسؤولية تردي الوضع الى هذه الدرجة على البلاط الملكي وعلى شخص عبدالاله الوصي على العرش مباشرة وحذروا من مغبة الاستمرار على تجاهل المشاكل المستفحلة في البلاد" .
وماذا حدث؟
يقول بهاء الدين نوري: "وقد نشرت وأقرت صيغة الوثيقة (البرنامج) الجديدة في ربيع 1952 من قبل لجنتنا المركزية ... ولا اتذكر ما اذا كان هناك بين الشيوعيين خارج السجون من عارض هذه التعديلات. لكن بعض العناصر الشيوعية في السجون عارض فكرة اسقاط الملكية واقامة (الجمهورية الشعبية). وكانت هذه المعارضة ضمن المقومات الفكرية التي استند اليها انقسام جماعة (راية الشغيلة) في آذار 1953 ... الشئ الاكيد ، الذي كان مثار الخلاف، انما هو شعار (اسقاط الملكية واقامة النظام الجمهوري الشعبي) ... والمسألة الثانية، التي اعترض عليها هؤلاء، كانت سياستنا في ميدان المحالفات. كانوا يعتبرون سياستنا يسارية متطرفة ازاء الاحزاب البرجوازية الوطنية. وقد كتب الينا مخلص (وهو الاسم المستعار لعزيز محمد في ذلك الحين) رسالة مطولة تضمنت كامل اعتراضاتهم وخلافاتهم".
للننتقل الآن الى الجانب الثاني، الجانب المعارض وهو عزيز محمد، فهو يقول: "لقد طرحت قيادة بهاء الدين نوري فكرة إسقاط النظام وحق الكرد في الانفصال ... وهذا ما دفعنا إلى إرسال رسالة إلى بهاء الدين نوري من داخل سجن بغداد المركزي موقعة بحرف (م) وهو الحرف الأول من اسمي الحزبي- مخلص. وتضمنت الرسالة على أن الحزب يميل إلى التياسر كثيراً ... وكان رأينا هو الدعوة للنضال من أجل تطوير النظام الملكي إلى نظام ديمقراطي ... واعتبرنا قيادة بهاء الدين نوري منحرفة عن التعاليم الشيوعية" (2).
وبعد.
يقول عزيز محمد: "بعد اعتقال بهاء الدين نوري في عام 1953، عقدت اللجنة المركزية بقيادة الرفيق كريم أحمد اجتماعاً في كانون الثاني عام 1954، وحضره الرفيق سلام عادل لأول مرة. وقد جرى في هذ الاجتماع الشروع بتعديل نهج الحزب السياسي والتنظيمي".
هكذا كان الامور بين بهاء الدين نوري و(الشيوعة الملكية) التي حاولت في أول نشاطاتها حذف كافة العبارات الثورية ولهجة تهديد البلاط الملكي والسعي الى وضع حد لمطالب البوريتاريا المتطرفة وانتزاعها من السلاح الثوري الذي كانت تحارب به المجتمع القديم واستعاضتها بالعبارات التي تعطي البرجوازية فرصة الاخاء بين طبقتها الحاكمة والبروليتاريين الشيوعيين وجعل حركة الطبقة الثورية ذيلا هزيلا وراء البرجوازية القومية العربية والبرجوازية القومية الكردية، أو كما تقول سعاد خيري: "ويبقى على رأس العوامل الذاتية لازمة الحزب هذه القيادة التي احتفظت بتركيبتها الحالية ولاسيما السكرتير (عزيز محمد) منذ عام 1964. وقد اعتادت ان توافق على اي برنامج او وثيقة تقرها مؤتمرات الحزب، لتضعها جانبا بعد المؤتمر مباشرة وتسير وفقا للخط الذي رسمه السكرتير لتصفية الحزب الشيوعي منذ دخوله للحزب. فقد سبق توليه قيادة الحزب مساهمته بمعظم التكتلات والانشقاقات التي تعرض لها الحزب. وهذا ما صرح به نفسه في احتفال مختصر في مقر بغداد بعيد الحزب عام 1977. ودشن قيادته للحزب عام 1964 بخط آب التصفوي الذي دعى لحل الحزب الشيوعي العراقي والانضمام للاتحاد الاشتراكي. وفي عام 1973 وقع على ميثاق الجبهة مع حزب البعث وفقا لشروط البعث في قيادة الجبهة والمجتمع، خلافا لقرارات المؤتمر الوطني الثاني للحزب، ودعى علنا وفي العديد من المناسبات الى تضييق الفجوة بين الحزبين وصولا للتداخل فيما بينهما. وشجع العناصر الانفصالية في منظمات الحزب في كردستان وعلى تفتيت منظمات الحزب في الداخل والخارج وكرر تجربته في التحالف مع حزب البعث في التحالف مع الاحزاب البرجوازية الكردية في تحويل الحزب الشيوعي الى ذيل للأحزاب البرجوازية الكردية .والمتتبع لتاريخ العراق كيف مهد ذلك التحالف مع حزب البعث لكل الكوارث التي عانى منها شعبنا وسيكون هذا التحالف مع الاحزاب البرجوازية الكردية بشروطهم مقدمة لمزيد من المصاعب والالام لشعبنا بعربه وكرده. لقد تعرض الحزب الشيوعي الى الكثير من التصفيات الجسدية على يد الانظمة التابعة المتتالية، وحاربت الحزب جهات واحزاب قومية ولكن كل ذلك لم يستطع ان يقضي عليه، ولكن محاربة الحزب من الداخل ومن مركز السكرتير والعمل على تصفيته بدأب وطول نفس، اثر كثيرا على حزبنا واوصله الى هذه الازمة" (3) .
واليوم، تتعمق الازمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها البشرية على العموم والشرق الاوسط على الاخص وتستثير الحركات الثورية التي من شأنها أن تدفع البروليتاريا من جديد إلى مقدمة المسرح الثوري. ومهما يكن من أمر فان هؤلاء البروليتاريين، يرون رأيا مخالفا بهذا الحزب الذي يسمى نفسه الحزب الشيوعي، وسوف يثبتون ذلك بطريقة عملية، الطريقة التي ستدمر حتما الاوهام البرجوازية التي نشرها اشخاص مثل عزيز محمد في صفوف الحركة البروليتارية. فان دخول البروليتاريا في تناقض مع الوضع الحالي، يعني في نفس الوقت دخول افكارها الثورية مع النظريات البرجوازية التي تدربها على الدفاع عن مصلحة الوطن والقومية البرجوازية بدل الدفاع عن مصلحتها الطبقية هي ذاتها.
المصادر: 1) مذكرات بهاء الدين نوري -1 2) قراءات في ذاكرة عزيز محمد السكرتير السابق للحزب الشيوعي العراقي 3) سعاد خيري، شهادات ومذكرات، عزيز محمد في سطور
#أنور_نجم_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في ذكرى اغتيال روزا لوكسمبورغ والثورة الشيوعية
-
نقد البيان الشيوعي من وجهة نظر ماركس
-
انور نجم الدين - باحث ونصير حركة الكومونة - في حوار مفتوح مع
...
-
ماركس: الالحاد والشيوعية
-
الدين والدولة العلمانية: ماركس
-
ماركس ولينين: الثورة الروسية
-
ماركس والدولة
-
ماركس وحقوق الانسان
-
حق تقرير المصير: بين لينين والاشتراكية
-
موقف لينين العدواني من ثورة السوفييتات عام 1905
-
لينين: رأسمالية الدولة في الاتحاد السوفييتي
-
ماركس ينتقد شيوعية إنغلز الشترنرية
-
الكومونة من وجهة نظر العلماء
-
لماذا تأخرت الثورة الاممية؟
-
بين الحلول الكينزية والاسلامية للازمة المعاصرة
-
التحام الماركسية والاناركية في كوباني
-
كردستان في لعبة أمريكا الداعشية
-
نحو تشكيل ميليشيات ثورية في كل مكان
-
الثورة المجالسية من روسيا إلى ايطاليا: 1917 - 1923
-
مسعود البارزاني: ممثل الطبقة البرجوازية
المزيد.....
-
بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع
-
الشرطة الهولندية تعتقل متظاهرين في العاصمة خلال تظاهرة مؤيدة
...
-
القضاء الفرنسي يواصل محاكمة حزب التجمع الوطني وزعيمته مارين
...
-
هكذا نشأت-كتائب القسام-أقوى الفصائل الفلسطينية
-
اعلام الاحتلال: صفارات الانذار تدوي من قيسارية وصولا الى هرت
...
-
حزب التقدم والاشتراكية يعزز التعاون مع المعهد الوطني الديمقر
...
-
??وت ژمار? 32
-
بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
...
-
تعقيباً على نتائج قمة الرياض «الديمقراطية»: ألقوا بأعباء الق
...
-
بمناسبة الذكرى 50 لاغتيال الشهيد عبد اللطيف زروال، وقفة احتج
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|