أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - إلهام شاهين … فارسةُ دراما الرسالات














المزيد.....

إلهام شاهين … فارسةُ دراما الرسالات


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6815 - 2021 / 2 / 16 - 13:02
المحور: حقوق الانسان
    


جميلٌ أن يكونَ الفنانُ مثقفًا. وأن يكون المثقفُ غيرَ منعزل في برجه العاجيّ، بل منشغلٌ بأزمات مجتمعه وهموم الناس، يتلألأ كقطعة من الألماس مغروسة في طمي الوطن، مثلما يشعُّ كنجم تحت أضواء الشهرة وفلاشات الكاميرات. فإذا كان الفنانُ مثقفًا عضويًا، اكتملت خيوطُ نسيج الفنان "الحقيقي" صاحب الرسالة.
والحقُّ أن "إلهام شاهين" تحقِّقُ تلك المعادلة الصعبة. فعطفًا على كونها موهبة فنية هائلة في الأداء التمثيلي المركّب، لديها من الثقافة والحسّ الوطني ما يجعلُها في بؤرة خانة "الفنان والمثقف العضوي" بتعبير جرامشي. اهتمامُها بمشاكل مجتمعها العارضة والمزمنة، يجعلها لا تكتفي بمناقشاتها في جلساتها الخاصة مع أصدقائها المثقفين في الندوات والجروبات التنويرية، بل تطرح وتعالج تلك المشكلات في أفلامها، ممثلةً ومنتجة، تنفقُ ما لديها من مال لتنتجَ أفلامًا شائكةً قد يحجمُ عنها منتجون ينشدون السلامة والربح السهل. في أفلامها منذ عقدين تدقُّ "إلهام شاهين" نواقيسَ الخطر في وجه أدران المجتمع العربي، علّ تغييرًا يحدثُ في المنظومة المجتمعة والسلوكية بل والقانونية. لهذا حصدت "إلهام شاهين" جائزة "أفضل ممثلة سينمائية" لعام 2020، عن فيلمها الأحدث "حظر تجوال"، من إخراج "أمير رمسيس" الذي حصد بدوره جائزة "أفضل مخرج" في مسابقة النقد والصحافة العربية التي تُعقدُ سنويًّا.
في وعينا الجمعيّ، ثمة منطقةٌ نائمة "مطمئنة" لا تحبُّ الإزعاج. منطقة مُغلقةٌ على أعرافٍ سَنّها بشرٌ عاشوا في زمن مختلف وظرفٍ مغاير، ومُدخلاتٍ معرفية وثقافية ومجتمعية تختلف عن مُدخلاتنا. ورثنا تلك الأعراف واتّبعناها، دون تأمّل، ورحنا نقاتلُ من يهجرُها. فوقرتْ في قلوبنا ونامت ملء جفونها. تلك "المنطقة العمياء" في وعي المجتمع، تضمُّ كلَّ المسكوت عنه من قضايا إشكالية يتجنّب الناسُ مناقشتها، إما خجلاً، أو خوفًا، أو ظنًّا منهم أنها أمورٌ نوقشت وحُسمَت. تتجنّبُ معظمُ الأفلام العربية إثارة تلك المنطقة العمياء، فتغرقُ في مزيد من النوم الكهفيّ، ويتراكم خمولُها، ويتوغلُ عماؤها. أفلامٌ قليلة، تحاول إزعاج تلك "المنطقة العمياء" وإقلاق نومها، بل تضرب على رأسها بالعصا، فتتقلقلُ، وتتمطّى، وتصحو، ثم تثبُ فزِعةً نحو منطقة الضوء، فيراها الوعيُ الجمعيُّ، ويتأملُها، ويناقشُها ويعيدُ النظرَ فيها، فينظّفُ ما بها من صدأ متجذّر وقيح. هنا تبدأ صحوةُ الوعي ويقظةُ الضمير التي تنهضُ بالمجتمعات. تقعُ الأفلامُ التي تتصدى لها "إلهام شاهين" في تلك المنطقة المزعجة للضمير المجتمعي فتثيرُ مشاكلَ هائلة تتعرضُ لها الطفلةُ والصبيةُ والمرأة المصرية، والعربية، مثل انتهاك الجسد، وزنا المحارم وخصوصا البيدوفيليا، والفقر، ومكافحة التنمرّ الذي ينحرُ المرأةَ حين تواجه الحياة وحيدةً دون عائل "ذكر"، حتى تنضج وتكتشف قواها الداخلية التي تجعلها بحجم الحياة، دون سند ذكوري.
في فيلم "خلطة فوزية"، لا ننسى "فوزية" البسيطة، التي تتمحور أحلامُها في "حمّام خاص" تدخله دون اختراق العيون لجسدها. تزوجت مراتٍ خمسًا، بحثًا عن "الحنو"، حتى تفجعها الحياةُ بتهشّم ولدها الكسيح تحت عجلات سيارة، فتخرج عن بساطتها وتدخل مع الله في عتابٍ مُتسائِل تحت شجرة التوت التي كانت تقطفُ ثمرها لابنها. تهزُّ الشجرةَ بغضبٍ فيتساقط التوتُ. تستنشق رحيقَ الثمر بعمق علّ الثمرةَ (الأنثى)، تنبئ الأنثى البشريةَ، بما تجهلُ من سرّ الوجود. إنها لحظاتُ البهجة الشحيحة في حياة المأزومين، حيث الولد المشلول على الكرسي المتحرك، يدفعه الأولادُ في لهوهم فيطيرُ فوق سماء مصر، يتأمل العالمَ من علٍ ونظرة النشوة تملأ عينيه البريئتين، قبل أن يسقط ويدهمه الموتُ، ويتكسّرُ حلمُ الأمّ بين نثار دمائه. ومشهد الختام؛ حين يجتمع كلُّ أزواج فوزية السابقين في محاولة لتبديد حزنها. يبتنون حمّامًا خاصًّا للمرأة الثكلى، التي لم تَزِد أحلامُها عن التحمُّم بعيدًا عن العيون المتطفلة في الحمام العام. ثم يجمع كل رجل قطعةً من مرايا مكسورة في نفايات القمامة، ويشيّدون مرآة ضخمة، سوف تجمع صورَهم المتشظية مع فوزية، في مشهد محبة بريئة يتقن البسطاءُ صنعها بإمكاناتهم الشحيحة، وقلوبهم الغنية. إنه المخرج المثقف "مجدي أحمد علي" والفنانة المثقفة "إلهام شاهين". فيلم "يوم للستات" من إخراج "كاملة أبو ذكري"، يطرحُ حُلم الفقيرات أن تُصافحَ أجسادُهنّ الجافّة صفحة مياه حمام السباحة كما يشاهدن في السينما، وفي الهامش نتعرّفُ على أزمات مقهورات هُجرن أو اغتُصبن أو ثكلن أو حُرمن من أبسط حقوق الإنسان. والحقُّ أن الحديث عن الرسالات المجتمعية العظيمة التي تقدمها الفنانة المثقفة "إلهام شاهين" في أفلامها يستحقُّ دراسات مطولة يضيقُ عنها مقالٌ كهذا. عطاؤها لا ينتهي وتقديرُنا لها عظيم. شكرًا صديقتي الجميلة لما تقدميه لوطنك ولبنات وطنك من دعم. “الدينُ لله، والوطنُ لمن يحملُ رسالاتِ الوطن.”
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسانيةُ بوابةُ النهوض والحضارة
- صخرةُ محمود أمين العالم
- ماذا علّمتني سيدةُ: الباقياتُ الصالحات؟
- بيكار … مايسترو صناعة النور
- ضحكات المصريين ... في زمن الكورونا
- قلقاسُ الغطاس … في بيت ميرنا ذكري
- هديةٌ السيدةِ التي لم أرها!
- بوابـةُ العَدَم
- -الكريسماس- على الطريقة الإنسانية
- وحيد حامد … رجلٌ لهذا الزمان
- الوعي بالحياة … الوعي بالموت
- لا يرون … لكن اللهَ يرى!
- ميري كريسماس … يا مصر
- الجميلةُ … كلّ عامٍ وأنت جميلة!
- عصفٌ ذهنيٌّ عن أمراض الكبد في الجلالة
- باقي صدقة … الذي مصرُ تعيشُ فيه
- عمّ نجيب … لقاءٌ أولُ .. لقاءٌ أخير
- صندوق تحيا مصر … هاتريك!
- أوركسترا وطني بقيادة المايسترو عبد الفتاح السيسي
- واحد من المصريين


المزيد.....




- مقررة الأمم المتحدة: إسرائيل رفضت إعادة الرهائن عبر اتفاق سي ...
- معارك متفرقة في السودان والأمم المتحدة تحذر من -كارثة لا نها ...
- واشنطن تبرر -القيود الجديدة- على طالبي اللجوء: حتى يقيموا ال ...
- شاهد عيان يروي تفاصيل اقتحام منزله وإعدام ابنه في مجزرة النص ...
- نتنياهو وكاتس يقرران تعيين عضو الكنيست داني دانون في منصب سف ...
- الجيش الإسرائيلي يكشف تفاصيل جديدة عن عملية استعادة الأسرى م ...
- -الفاو-: خطر المجاعة الجماعية في غزة لا يزال قائما
- مصر.. مدرسة أجنبية خاصة تدرس مادة المثلية الجنسية لطلاب الصف ...
- الكويت.. تأييد إعدام المتهمين بقتل مواطن ورمي جثته في -بر ال ...
- صورة تثير ضجة على وسائل التواصل.. حول معاملة الرهائن والأسرى ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - إلهام شاهين … فارسةُ دراما الرسالات