أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمش - أحراش، وأفيون، وكرة مذهبة














المزيد.....

أحراش، وأفيون، وكرة مذهبة


عمر حمش

الحوار المتمدن-العدد: 6814 - 2021 / 2 / 14 - 10:54
المحور: الادب والفن
    


أحراش ... وأفيون .. وكرة مُذهبة ...

يوم امتلك حسن صديقي تلك الكرة ؛ رقّصها مطاطيّةً ملوّنة .. غلبَ عليها لونُ الذهب . .. أبوه كان صاحب مقهى .. أسمر نحيفا .. إن رأيتُه؛ تخيلته يعلكُ قطعة الأفيون التي دسّها تحت لسانه.
هذا ما رددته على مسمعي نسوةُ حارة مخيمنا الصغيرة ..
في بيتنا ترددتُ طويلا من قبل أن ألقي قنبلتي، وأطلب كرة مماثلة .. أنطّطها على الجدارِ.
فورًا قام أبي؛ دكّني دكّا كمن ينهي أمرًا مسرعا ..
حين انفلتُ؛قفزتُ.
في الزقاقِ رمقني حسن، ثمَّ انفجر ضاحكا؛فصرتُ فوقه في ثوانٍ .. رميتُه، ومزقت كرته، وحين سمعت انفجارها؛ ارتاح قلبي ..
أنا أيضا أنهيتُ أمرا حاسما.
أمُّ حسن السمينة جاءت تهدُر .. رأيتُها عن بعدٍ على عتبتنا .. تقفُ .. وتدقُّ .. سمعتُ صياح أمّ حسن السمينة، ورأيتُ أمي من خلفِ أبي تحرك يديها؛ فابتعدتُ كثيرا.
أمّ حسن هاته بعد شهورٍ ستموت، ونسوة حارتنا سيهمسن على مسمعي : قتلها أفيونه!
هربتُ إلى الأحراش .. أغواني رملُه الأصفر المنفوش .. والمنقوشُ بأرجل السحالي، وناغتني من فوقي بلابل أشجار الأكاسيا .. تعمقت، وهرولتُ مبتهجا .. أسائل التلالَ عن آخر الدنيّا .. هناك .. فاجأتني الكلابٌ .. من فوق تلةٍ عالية .. رفعت آذانها,وأخفضتها, ثمَّ هوّت نازلة..
لم أدر كيف جريت .. ولا كيف نجوت .. ما أدريه فقط؛ أنّ وجهي انتفخ .. وأنَّ عينيّ تورمتا من كدمات الأغصان.
.. عدتُ إلى الحارةِ؛ لكنّي لم أجرؤ على الاقتراب من بيتنا، فخطوت معاكسا العمران .. إلى هناك .. حيث شجر الجميز الواقف على حافة الطريق المؤديّة إلى غزة ..
استقبلتني أشجارُ السبيل .. بلا حارسٍ .. وبلا مدافع .. فارتميتُ في ظلها الهائل .. شرعتُ أرقبُ ثمارها الصغيرة الحمراء.
في حارتنا سمعت النسوة دوما يقلن : هذه شجرة الجميز شجرة نحسة .. هي من جلبت لنا يهود العالم .. سمعتهن أيضا يقلن: الحركة الصهيونيّة كانت تقول لهم : هناك ستجدون شجرة تحمل سبعة بطون.
لكني كنتُ جائعا .. فتسلقتُها .. ملأتُ بطني .. وجيوبي .. ولمّا نزلتُ .. راقت لي على الأرضِ حبّاتٌ جفّت؛ فجمعُتها.
في الليل .. حين كنت قرب بيتنا مثل لصٍّ صغير .. أمسك بي أبي .. رجته أمّي ألا يضربني .. كنت مًعلّقًا في يدِه ... أنتظر .. حتى حذفني فجأة .. وأقسم لها: أن يذبح فراخها كلّها!
صرخت هي لمرأى فراخها تقع من تحت سكينه واحدة من بعد أخرى.
لم أدر إن كانت أمّي قد ندمت لأنّها حمتني ...
لكنّ ما أدريه بعدها؛ أن عقلي شرع يسأل:
كيف قتل الأفيون أمَّ حسن؟
ولمَ كانت الكرةُ المُذهبة علينا مستحيلة؟



#عمر_حمش (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب والميدان
- نشيد الوداع
- شهيد! - قصة قصيرة جدا
- أمنية أخيرة! - قصة قصيرة جدا
- منازلة! - قصة قصيرة جدا
- اصطياد! قصة قصيرة جدا
- عويل الجنّيّ! قصة قصيرة جدا
- صمت! قصة قصيرة جدا
- توظيف! قصة قصيرة جدا
- تنافس! قصة قصرة جدا
- بسالة! - قصة قصيرة جدا
- حِسبة - قصة قصيرة جدا
- شرٌّ كبير - قصة قصيرة جدا
- استرخاء قصة قصيرة
- راية / ق ق ج
- استماتة / ق ق ج
- مليكٌ وعصفورة
- نصفُ إنسان!
- حيرةُ عينين / قصة
- تدريبٌ عسكريٌّ عربيّ


المزيد.....




- وفاة الممثل والناشط البيئي روبرت ريدفورد عن عمر يناهز 89 عام ...
- نجم الفنون القتالية توبوريا يعرب عن تضامنه مع غزة ويدعو إسرا ...
- نجم الفنون القتالية توبوريا يعرب عن تضامنه مع غزة ويدعو إسرا ...
- عودة قوية للسينما البحرينية إلى الصالات الخليجية بـ-سمبوسة ج ...
- كيف نكتب بحثا علميا متماسكا في عالم شديد التعقيد؟
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- هند صبري لـCNN: فخورة بالسينما التونسية وفيلم -صوت هند رجب-. ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الدوحة.. متاحف قطر تختتم الأولمبياد الثقافي وتطلق برنامجا فن ...
- من قس إلى إمام.. سورة آل عمران غيرتني


المزيد.....

- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمش - أحراش، وأفيون، وكرة مذهبة