أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمش - حيرةُ عينين / قصة














المزيد.....

حيرةُ عينين / قصة


عمر حمش

الحوار المتمدن-العدد: 2992 - 2010 / 5 / 1 - 18:48
المحور: الادب والفن
    


حيرةُ عينين

قصة قصيرة

عمر حمَّش

رأت الكوخَ بهيمةً، يغطسُ في ليلِ السواد، طيلة ليلةٍ دوّخها فيها الشخير، وفراشاتٌ سوداءُ ظلَّت ترّفُ لعينيها، وتشهقُ لها يائسة.
ولمّا الفجرُ تنفس؛ ارتفعتْ، ثمّ استقامت على ساقين مثل بوصتين، فثقل الرأسُ؛ وانطلق طاحونةً تجرشُ نارا.
عيونُ الصغار تفتحتْ، فخالتِ الرضيعةَ من لفافتها قد قفزت، فضربتْ بلا وعيٍ ثدييها، ولقد قال عقلها: جفَّ الكيسان.
وانحدر الدمعُ الساخنُ، وجلدُ الخدينِ الناشفُ اشتعل.
وعوت طائرةٌ في السماء، فأصغت؛ حتى صار العواءُ أنينا، ثمَّ انتحر، لكنَّها اهتزت فجأةً في زمجرةٍ، وفوقها الصفيحُ اهتاج، والأرضُ مادت، وبدايات النور المتسللة بكتْ!
وقفتْ في عتم الليلِ مثل شبح، حتى رأتْ فمَ الصغيرةِ قد عاد خاتما انغلق، فشرعت ترتدي ثوبَها، وحلقُ زوجها كان لم يزل يصفرُ معربدا، ورأتُ سطحَ الصفيحِ يفتلُ موجاتِ الشخير، ويلقي بها على الحيطان، فتلتفُّ؛ لتسقطَ حشرجةً عائدة، ثمَّ تتقطعُ على حفرةِ الفمِ المزمجرة!
بالأمس كان كهلُها قد رنا، وقد قال: إيه ..شاخ الجمل!
وأسقط دمعتين على جلدٍ مثل ورقٍ انقبض!
ثم مدّها طويلةً ثانيةً: إيه ..
وانكفأ.
في فجرِ الكوخِ ألقت على النائمين آخر نظرةٍ، ثمَّ ولَّتْ تحملُ سلتها هاربة!

****
في الخارج كان الضبابُ يقفُ مثل ألواحِ حديد، وبصرُها كان يحملُ صوَرَ الصغار العالقة، وفي الشارِعِ رأتِ الشخيرَ يتنقلُ على ساقينِ، وخيوط الشمسِ تجاهدُ باهتةً، ومضتْ تدقُّ التراب، وتدفعُ بصدرها ألواح الغبار، إلى أن عبرتْ السوقَ القريب، فمشتْ بين بضائعه المصففة، وتوغلت بين الباعةِ في دربٍ طويل، وتفرستْ، فحمّلتْ بعينيها ما اشتهتْ، تخيرتْ للرضيعةِ حليبا، ثمّ ثيابا للصغار، ومن بسطة ألعابٍ غرفتْ عرائس ودببا، ولفّت كهلها – البعيدَ - بعباءةٍ؛ ورأته يقعدُ فيها؛ ويحدقُ من على عتبةِ الكوخِ، فانتشت في ثوبِها العتيق؛ وهي تمرُّ بالفساتينِ المعلقة!
ظلّت تمني النفس، حتى عربدت السماءُ من جديد، وشهق النهارُ؛ وقد شقَّه البرقُ، ثمَّ الرعدُ انفجر، فرماها في عفرِ الرماد على سلتها الفارغة، ثمَّ قامت تجري إلى الكوخ، إلى أن فوجئت بجمهرةٍ تصدُّها على باب الزقاقِ، فتعلقت بأكتافهم؛ وأخذت تصوِّبُ عينيها مترنحة؛ كانت حجارةُ الكوخِ قد تناثرت، وكان عليها رجالٌ يتلقطون اللّحم، ويحومون بأكياس؛ فلم يسعفها الصراخُ؛ وهوت فوق سلّتها؛ وقد رأت عيني الرضيعةِ من على حجرٍ تقفزان؛ وترشقُانها بنظرةٍ حائرة!
1 / 5 / 2010
[email protected]



#عمر_حمش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تدريبٌ عسكريٌّ عربيّ


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمش - حيرةُ عينين / قصة