أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي - المسار- العدد 48















المزيد.....



المسار- العدد 48


الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي
(The Syrian Communist Party-polit Bureau)


الحوار المتمدن-العدد: 6802 - 2021 / 1 / 29 - 23:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




العدد /48/ كانون الثاني / يناير 2021
-------------------------------
الافتتاحية:

1. في ذكراه العاشرة: فشل "الربيع العربي"

بين يومي 17كانون أولديسمبر2010و18آذارمارس2011انفجرت خمسة مجتمعات عربية ذات طابع رئاسي جمهوري بدءاً بتونس وانتهاء بسورية. بين عامي 2013وو2014وجدنا عودة، بهذا الشكل أوذاك، للنظام القديم في تونس ومصر واليمن، ونصف عودة في ليبيا عبر ظاهرة اللواء خليفة حفتر والقوى المتحالفة والمساندة له، فيمااستطاع النظام السوري تسجيل أنه الوحيد بين الأنظمة الخمسة الذي لم يسقط لا كبنية ولا كرأس ولوأنه تزعزع ولم يستطع تكرار انتصاره الأمني-العسكري في أحداث1979-1982.
لم يكن هذا فقط بسبب كون القوى الجديدة التي صعدت إلى سطح السلطة في البلدان الأربعة فاشلة في الإدارة وفي الحكم وهي كلها من قوى(الاسلام السياسي)في طبعته الاخوانية مع تحالفات مع قوى أخرى من قبلها كانت في مصر من السلفية وفي ليبيا من السلفية الجهادية وفي تونس قوى ليبرالية فيما كانت في اليمن من قوى عسكرية انشقت في اللحظة الأخيرة عن النظام السابق مثل اللواء محسن الأحمر أوانزاحت عنه مثل نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي وإنما أيضاً بسبب انزياح الغطاء الدولي الأميركي عن (الاخوان المسلمين)بين خريف2012وربيع2013 ،فيما أثبتت قوى النظام القديم والقائم قدرتها على رد الموجة المضادة ثم التغلب عليها ليس فقط من خلال العمل الأمني- العسكري،كماجرى في اليمن بأيلولسبتمبر2014عبر تحالف القوى العسكرية النظامية الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح مع الحوثيين،وإنما أيضاً عبر استناد العمل الأمني- العسكري على قاعدة جماهيرية،كماجرى من قبل انقلاب 3يوليو2013 للفريق عبد الفتاح السيسي في مصر على الرئيس محمد مرسي الذي استند إلى حراك جماهيري ضخم في يوم30يونيو أومن قبل الحراك العسكري للواء حفتر في ليبيا(أيار2014) الذي من الواضح أنه يتمتع بتأييد اجتماعي كبير يمتد إلى الليبراليين وقاعدة النظام السابق ضد الاسلاميين،فيمافي تونس كان فوز (حركة نداء تونس)،وهي امتداد بهذا الشكل أوذاك لحزب الرئيس السابق بن علي ،في الانتخابات البرلمانية الأخيرة تعبيراً عن تآكل قوى الثورة التونسية.
ليس كل الحراكات الاجتماعية التي حصلت في البلدان الخمسة بثورات،ماعدا تونس ومصر حيث مثًل الحراك أكثر من نصف البالغين في المجتمع قلباً ولساناً ويداً،وليس فشل الثورات والحراكات سابقة عربية،حيث فشلت الثورة الانكليزية للبرلمان ضد الملك بين عامي1642-1649عندما عاد ابن الملك المقتول واستعاد العرش في عام1660قبل أن تقوم الثورة الدستورية على الحكم الملكي 1688-1689وتنتصر وتقوم بتثبيت الملكية الدستورية:الملك يملك ولايحكم والحكم للبرلمان،كماأن ثورة1789الفرنسية ضد آل بوربون قد فشلت في عام1815عندما عاد النظام القديم والأسرة الملكية القديمة قبل أن تزيحهم ثورة تموز1830،ثم فشلت ثورة شباط1848الفرنسية لماانتهت بحكم ديكتاتور فرد أعلن نفسه امبراطوراً كمافعل لوي بونابرت في 2كانون أولديسمبر1851.
هنا،من الملفت للنظر قوة قاعدة النظام القائم في الأنظمة العربية الثلاثة التي سقط رأسها(تونس- مصر- اليمن)أو سقطت بنيتها(ليبيا)أوالتي صمدت كنظام رأساً وبنية(سورية)،وهشاشة وضعف القوى المضادة المتحركة أوالثائرة على الأنظمة القائمة ولوأن حالات كتونس17ديسمبر2010-14جانفي2011ومصر25يناير-11فبراير2011كانت تعبيراً عن قوة شارعية مثلت الأكثرية عبر حالة فورانية ثورية،حيث سرعان مافقدت القوى الثائرة زخمها عندما وصلت للسلطة،ثم انقسمت ،وبعد هذا وعبر تجربتها السلطوية تقلصت وتلاشت قاعدتها الاجتماعية كمافي مصر وتونس واليمن،وفي ليبيا دفع الاسلاميون الكثير من القوى الاجتماعية التي كانت معهم أووراءهم أومحايدة للثورة عليهم بسبب الحكم الميليشيوي، ولدفعها نحو وضع من المساندة الاجتماعية لليبراليين وللقوى الجهوية على حساب الاسلاميين كمابان في انتخابات يونيو2014البرلمانية أولمساندة تحرك اللواء حفتر ضد الاسلاميين وهو المدعوم من بنية الجيش القديم زمن القذافي أومن قوى نظامه أومن القوى الاجتماعية المحايدة أمام حراك17فبراير2011.في اليمن عام2011كان الحراك المضاد لنظام علي عبدالله صالح أضعف من تونس ومصر وليبيا،وفي سورية مابعد درعا18آذارمارس2011كان الحراك السوري أضعف البلدان الخمسة من حيث قوة القاعدة الاجتماعية وفي ذروة قوته خلال عام2011 لم يستطع تجاوز ثلث المجتمع فيماكان الثلثان الآخران في الموالاة والتردد ثم بدأت القاعدة الاجتماعية للحراك السوري المعارض بالتآكل التدريجي منذ عام2013.
لم يكن صمود النظام القديم وعودته في البلدان التي جرى فيها "الربيع العربي" العلامة الوحيدة على فشل هذا "الربيع"وإنما أيضاً ماأدى إليه هذا "الربيع"من كونه كان قوة دافعة نحو اظهار هشاشة البنية الداخلية للمجتمعات العربية الخمسة، وليس لتمتينها كمافي الثورتين الانكليزية والفرنسية ثم الروسية في شباط وأوكتوبر1917،حيث كان "الربيع"مصعداً للقوى النابذة للوحدة في هذه المجتمعات:الطائفية،الإثنية،الجهوية،القبلية،العشائرية،كماكان كاشفاً لمدى ضعف البنية الوطنية القطرية الحديثة في هذه المجتمعات العربية الخمسة،هذا إذا تركنا العروبة جانباً. كان التفكك البنيوي للمجتمع في لحظة الانفجار سبباً وآلية لاستدعاء الخارج من السلطات والمعارضات وللاتكاء عليه في الصراع الداخلي ضد المواطن الآخر في المجتمع،وبالتالي لكي يصبح الخارج،سواء كان قوى دولية أواقليمية،هو المتحكم بالصراع المحلي.أيضاً كان التفكك الداخلي في لحظة الصراع هو السبب في نمو قوى التطرف،مثل داعش في (العراق و سورية) أوتنظيم القاعدة في اليمن أوالسلفية الجهادية في ليبيا فيمايلاحظ أن نمو التطرف في مصر متعلق بحركة استبدالية عند الاسلاميين بعد هزيمة3يوليو2013للنزعة الاخوانية الأصولية بالسلفية الجهادية فيمايبقى المجتمع المصري الأقوى تماسكاً من حيث البنية الداخلية هو والتونسي وهذا مايجعل التطرف الاسلامي في البلدين حركة أيديولوجية انزياحية ذات قاعدة اجتماعية ضعيفة ،ولوأن سورية أثبتت تماسكاً أقوى أمام الاحتراب الطائفي في أعوام2011-2016بالقياس للبنان1975-1990وعراق2003-2014إلاأنها كانت ذات خاصرات رخوة في محافظة ادلب وأرياف حلب والرقة وديرالزور والحسكة حيث رأى تنظيم داعش بنية خصبة للزرع أكثر أوتوازي ماكان في العراق.
_____________________________________________

2. من زوايا الذاكرة
- الدكتور جون نسطة –

وصلنا إلى مدينة لايبزغ الشهيرة في تاريخ ألمانيا ،فيها جامعة تاءسست قبل 850سنة،وفيها تقع اول مطبعة في العآلم،ويقام فيها في السنة الواحدة معرضان،تجاري وصناعي في الربيع والخريف،بالاضافة الى معرض الكتاب.وفيها ايضا اثار لتواجد الأديب الألماني الأكبر غوته،مثال القبو الحانة كان يزورها لتعاطي خمرته الممزوجة بالماء والمعروفة،اي الحانة،عالميا تحت اسم
Auerbachs Keller.
وفي بداية الستينات بنيت في لابزيغ دار أوبري كبيرة بعد تهدم السابقة بقنابل الحرب العالمية الثانية.
التحقنا بمعهد هيردر لتعليم اللغة الالمانية، وأقمنا في بيت للطلبة قريب جدآ من المعهد الذي يشكل المكان الرئيس لتعليم اللغة لكل طالب أجنبي يرغب بالدراسة في ألمانيا الديموقراطية.
كان فريقنا من أكبر الفرقاء الأجانب في المعهد وكنا لا نزال نطلق على أنفسنا اننا من لبنان بناء على توصية رفاقنا الألمان حرصا على علاقتهم الرسمية مع الجمهورية العربية المتحدة.
كان الدوام من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الثانية عشر ظهرا ثم فرصة غذاء تمتد حتى الثانية بعد الظهر نعود بعدها إلى المدرس حتى الرابعة بعد الظهر. كان المطعم يقع في نفس بناء مسكننا ويقدم ثلاث وجبات يومياَ. طعام الغذاء كان فيه حرية الخيار لثلاثة أطباق مختلفة وذلك لقاء سعر يكاد يكون رمزيا.
في الفصل الأول من ايلول حتى شباط كانت الدروس كلها منصبة على اللغة ...قواعد تمارين ...محادثة وكتابة إنشاء. وفي الفصل الثاني بدئنا نتلقى دروسا تتعلق بمواد علمية من علم الاحياء لمن يرغب بدراسة الطب وفيزياء ورياضيات لمن يرغب بدراسة الهندسة وهكذا.
وعدد من الرفاق الصغار السن الذين لا يحملون شهادة البكالوريا، أن يدرسوا في المدرسة الشعبية العليا لتحصيل هذه الشهادة التي تأهلهم لدخول الجامعة ولهذا لم نتمتع بعطلة دراسية على الاطلاق.
في بداية الفصل الثاني أيضآ، خصص لنا أستاذا رقيقا، مهذبا، ودودا، مثقفا ماركسيا يناقش معنا في الساعة الأولى الموضوعات الاساسية المطروحة في جريدة الحزب الاشتراكي الموحد ألمانيا الجديدة وفي مقدمة هذهِ الموضوعات كانت الأوضاع في جمهورية الكونغو ونضالات القائد الكبير لومومبا، الذي كان يناضل من اجل استقلال وحرية بلاده من الاستعمار البلجيكي الشرس.
وبعدها في شهر كانون الثاني من العام 1961جرى اختطافه وقتله على يد العميل موريس تشامبي، على أثر ذلك أطلق اسم لومومبا على معهد اللغة وعلى اسم الشارع، الذي يقع عليه المعهد وأقيم له تمثالا في نفس الشارع.
كان راتبنا المنحة المجانية، الشهري، يبلغ 280 مارك، ندفع مبلغ 10مارك أجرة شهرية للسكن ومثله اشتراكا حزبيا. وكنا منظمين في فرق حزبية تضم 5الى6رفاق، تعقد اجتماعا دوريا كل اسبوع، يجري فيه الحديث عن السياسة وموقف الحزب من الاحداث، وعن الحملة المستمرة من اجل إطلاق سراح الرفيق فرج الله الحلو، علما بان قيادة الحزب كانت على معرفة اكيدة باستشهاده، وهذا شيء لم أرضي عنه بقرارة نفسي، وشكل لي أزمة داخلية، ولكن هكذا كانت تقتضي السياسة.
ويجري في الاجتماع بحث الاوضاع الدراسية لكل رفيق على انفراد، وحث الجميع على الإجتهاد، ومساعدة من يحتاج لدعم او دروس اضافية من قبل الرفاق المتمكنين.
كانت قيادة الحزب قد اتخذت قرارا ينص على ضرورة ان تكون الدراسة الجامعية لكل الرفاق محصورة بالدراسات العلمية، هندسة، فيزياء، كيمياء،
الخ.
كنت أميل إلى دراسة التاريخ أو الفلسفة أو علم الاجتماع والسياسة وكان هذا أمرا مرفوضا فتوجهنا، أنا وبعض الرفاق بسؤال الى القيادة عن امكانية دراسة الطب فكان الجواب لا مانع.
كان الرفيق طيب تيزيني،الذي كان يرغب ايضا بدراسة الفلسفة مضطرا مثلي لان يدخل الى كلية الطب مع عدد لا بأس به من الرفاق. ولكن وفي نهاية الفصل الأول، أصبح مقتنعا،عمليا،بأنه غير مؤهل على الاطلاق لهذه الدراسة، وانتسب بعدها باستثناء إلى كلية الفلسفة.كان الطيب رجلا مجتهدا دؤبا،منكبا على القراءة والدرس.أذكر أنه أمضى مدة ثلاثة شهور يقرأ في كتاب أصول الماركسية اللينينية.كان يحفر بالصخر كل حياته العلمية.ولم يكن مهتما بالعمل الطلابي،ولم يكن يسعى الى مناصب حزبية.
في بداية الإنتقال إلى الجامعة كان علينا أن ندرس اللغة اللاتينية، بشكل مختصر،وبالجانب الذي يتعلق بدراسة الطب.
خلال عام كامل تعلمت اللغة الألمانية بشكل متقن وحصلت على بكالوريا ألمانية، وانهيت دورة لتعلم اللاتينية المختصرة. ولم أتمتع بإجازة صيفية طبعا.
في شتاء العام 1960على العام 1961، مرت على مدينة لا يبزغ موجة صقيع غير معهودة وصلت فيها درجات الحرارة الى عشرين تحت الصفر وأحيانا أكثر مترافقة بكميات عالية من الثلج مما ادى الى توقف الدراسة، واغلاق المدارس والعديد من المؤسسات والشركات توفيرا للطاقة. كانت الثلوج متراكمة على الطرقات والارصفة، بشكل يعيق السير. قامت منظمتنا الحزبية بالتطوع إلى جانب الشبيبة الالمانية الحرة لتنظيف الشوارع والارصفة من الثلج والصقيع لمدة إسبوع، مما ترك أثرا طيبا لدى رفاقنا الألمان.
بداء الفصل الأول بكلية الطب بدراسة التشريح، والفيزياء البيولوجية والكيمياء البيولوجية وعلم الوظائف وهو علم هام جدا بثقافة الطبيب.
كنا 600طالب مقسمين الى قسمين وكل قسم موزع على فصائل عديدة تضم كل منها 20حتى 25طالبا.يجتمعون لبحث اوضاعهم الدراسية والسياسية وترتيب مواعيد الفحوص.

من الجميل أن اذكر أن هذا الفصيل الذي يضم أيضا طلابا اجانب، كان يسمي طالبا ألمانيا بصفة الراعي يساعد كل طالب أجنبي خلال فترة الدراسة.
كان من نصيبي شاب ألماني يدعى هايلمان.من صفاته الجدية في كل المواقف لا يعرف الضحك ابدأ ولا يشارك باي حديث إجتماعي،متمكن من الفيزياء والرياضيات منكب على الدراسة بشكل دائم.كان يشرح لي أحيانا بعض الامور المعقدة والتي كان لها علاقة بعلوم الفيزياء .
في بداية الفصل الأول انتقلنا عون وأنا إلى بيت للطلبة مشاد حديثا قريب جدا من كليات الطب ويضم طلابا من كل بلاد العالم ومنهم اردنيون، وعراقيون، ولبنانيون، وكلهم تقريبا كانواْ شيوعيين يدرسون على حساب جمهورية ألمانيا الديموقراطية. في هذا البيت الحديث كانت أغلب الغرف مجهزة لطالبين، ومن الطبيعي ان يكون صديقي عون شريكي في هذه الغرفة.
في هذا البيت كان هناكَ مكتبا يمثل عمادة الجامعة، ووزارة التعليم العالي يرعى أمور الطلاب من كل النواحي الدراسية والاجتماعية ويتقبل الشكاوى والطلبات ويرأسه رجل إسمه فيشر، صاحب قرار ودراية بكل امور عمله منفتح ومتفهم.
في هذه السنة قمنا بتأسيس أول رابطة للطلاب السورين في لابزيغ وكنت انتخب دائما لعضوية هيئتها الادارية، وأحيانا لرئاستها.
وعلى النطاق الحزبي لابد من ذكر أنه في لابزيغ كان هناك منظمة حزبية صغيرة قبل حضورنا نحن إلى هنا يرجع تأسيسها إلى العام 1957، بمبادرة من الرفيق خير الدين جبريني، والتي كان من عدادها على ما أذكر الرفاق جورج هزيم ديب ومروان بالي واحمد رسول وأخرين. تم ضمهم الى المنظمة وتوزيعهم على فرق حزبية متعددة.
على رأس هذه المنظمة الكبيرة نسبيا تشكلت قيادةٍ، على الطريقة الستالينية البكداشية، أي بدون انتخابات او مشاورات مع كل الرفاق، مؤلفة من الرفاق عبد الله حنا، رئيسا، وسلطان ابازيد، وزياد إدريس وجون نسطه، وتكليف الرفيق عون جبور بمهمة مسؤول مالي، نظرا لدقته ومهارته في هذا المجال، دون ان يكون من عداد الهيئة القيادية تلك. كانت الفرق الحزبية تنتخب أمينا لها ومسؤولا ثقافيا وكذلك ماليا وتكتب تقريرا عما دار في اجتماعاتها الدورية وكان أعضاء قيادة المنظمة يتوزعون بنفس الوقت على عضوية الفرق الحزبية هذه لضبط الأمور كليا.
كان رفاقنا من مجموعة لبنان قد توزعوا بقصد الدراسة على عدة مدن المانية اهمها دريزدن وروستوك وبرلين وانتظموا هناك حزبية. ولهذا كان هناك لجنة حزبية عليا تشرف وتقود كل المنظمات في ألمانيا الديموقراطية وكانت مؤلفة على ما أذكر من الرفاق الدكتور احمد فايز الفواز، رئيسا، وخير الدين جبريني، وعبد الله حنا، ومطانيوس عقل.
كان على طلاب الجامعات الالمانية القيام في شهر ايلول من عام بمساعدة الجمعيات التعاونية الفلاحية على قطاف البطاطا الغذاء الرئيسي وتجميعها باكياس، ليتم توزيعها الى المدن الالمانية المختلفة.
لم يكن هذا الواجب مفروضا على الطلاب الأجانب. ولكن منظمتنا الحزبية قررت بان يقوم كل الرفاق بالتطوع والمشاركة في هذا العمل.




3. (مقدمة منهجية لكتاب قيد التحضير بعنوان "تاريخ الأزمة السورية")
الخميس 3كانون الأول2020 - جريدة "الأخبار"
هل هناك أزمة سورية أم ثورة؟
محمد سيد رصاص

- 1 -

اخترتُ مصطلح «الأزمة» لتأطير ما جرى في سوريا، منذ درعا في 18 آذار/ مارس 2011، ولم أختَر مصطلحاً آخر. في هذه المقدمة، سأشرح المسوّغات النظرية لهذا الاختيار.


- 2 -

هناك تعريفات عدّة لمفهوم «الأزمة»: 1- في «الويكيبيديا» نجد التعريف التالي: «أيّ حدث يتّجه نحو إحداث وضع خطر وغير مستقر ممّا يؤثّر على الأفراد، أو مجمل المجتمع. الأزمة ذات تأثير سلبي على الأمن، والقضايا الأمنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والبيئية» (1).
2- يقدّم الأكاديمي الدانماركي بول سفينسون، تعريفَين للأزمة السياسيّة: أ - «الأزمة السياسيّة ترتبط بالتحدّيات التي تواجه النظام السياسيّ، بنوع ودرجة يمكن أن يهدّدا استمرار هذا النظام. في هذه الحالة، يعيش النظام السياسيّ حالة كامنة من التعطّل أو الانحلال (BREAKDOWN)، وهذا التعطّل أوالانحلال يمكن أن يظهر على السطح، إذا لم يتغيّر النظام جذريّاً في بنيته أو إذا لم تتغيّر البيئة المحيطة بالنظام» (2). ب - «الأزمة السياسيّة هي أشكال من الاحتجاج تصل إلى نطاق يهدّد قدرة أصحاب المناصب في السلطة على حفظ النظام وقدرتهم على الاستمرار في ملء أدوار السلطة» (3).

عمل رقمي يستوحي الملصقات السوفياتية التي تمجد الثورة GraphicٍRiver

- 3 - مفهوم أنطونيو غرامشي للأزمة: «الأزمة تتشكّل (أو تتكوّن - CONSIST) بدقّة، عند واقعة أنّ القديم يحتضر وأنّ الجديد لا يستطيع أن يولد» (4).
من الواضح أنّ هذه التعريفات الأربعة لـ«الأزمة»، تُعنى بحالة داخل معيّن في بلد محدّد عند لحظة صراع سياسي بين طرفَين أو عدة أطراف محلّية. الصراع السياسيّ، هنا، يمكن أن يأخذ أشكالاً سلمية (تظاهرات - إضرابات - اعتصامات)، أو شكلاً عنيفاً ضدّ السلطة القائمة. الأزمة، هنا، تتكوّن عندما لا يستطيع أحد أطراف الصراع الانتصار، وعندما لا يستطيع طرفا الصراع (أو أطرافه) الوصول إلى تسوية للصراع. يمكن لتعريف غرامشي أن يدلّ على أنّ القديم عندما ينتصر، فإنّ انتصاره لا يعني حلّاً للأزمة، بل تسكينها أو تحويلها إلى كامنة، عبر انتصاره الذي يكون بأشكالٍ عنيفة عسكريّة - أمنيّة محض، وفق تعريف سفينسون لـ«الحالة الكامنة»، وبالتالي ستكون قابلة للانفجار وتتظهّر على السطح في زمن «ما» لاحق. عند غرامشي، انتصار الجديد على القديم يعني الحل للأزمة جذرياً، فيما التسوية عبر انتقال سياسيّ لنظام جديد يمكن أن تكون حلّاً آخر للأزمة. مفهوم غرامشي للأزمة، يعني أنّ الأزمة ناتجة من استعصاء توازنيّ ناتج من عدم قدرة أحد أطراف الصراع على الحسم وكسر التوازن، وبالتالي، فالأزمة هي انسداد توازنيّ في صراع «ما»، وهو ما يستمرّ ولا يمكن كسره، حتى ولو مالت موازين القوى في هذا الميل أو ذاك، إلّا أنّ هذا لا يصل إلى الحسم أو الانتصار. يمكن للأزمة أن تصبح مركّبة، مثل الأزمة السوريّة التي كانت داخلية، حتى آب/ أغسطس 2011، عندما أصبحت إقليميّة مع تصادم أنقرة مع دمشق، ثمّ أصبحت دوليّة مع الفيتو الروسي في مجلس الأمن الدولي، بيوم 4 تشرين الأول/ أكتوبر 2011، ثمّ كان هناك طابق رابع لمبنى الأزمة، مع دخول تنظيمات دولية عابرة للحدود مثل تنظيم «القاعدة»، الذي أعلن عن تنظيمه الفرعي السوري «جبهة النصرة»، في يوم 23 كانون الثاني/ يناير 2012، والذي أصبح لاعباً رئيسياً في الصراع السوري، ثم تنظيم «داعش»، الذي أعلن تأسيسه في 9 نيسان/ أبريل 2013، وكان محرّكاً رئيسياً للصراع السوري، ليس فقط داخلياً، وإنما في كونه كان دافعاً نحو قلب نظرة أطراف الصراع الدولية والإقليميّة للأزمة السورية. الأزمة السورية كانت مركّبة: داخلية - إقليمية - دولية - تنظيمات عابرة للحدود، وفي المسار المتحرّك للأزمة، أمسك «الدولي» بمقود الصراع السوري، ونافسه «الإقليمي»، وخصوصاً أنقرة في فترة خلافها مع واشنطن وموسكو، في فترة 2013 - 2016، على رسم مسار الأزمة السورية، ثمّ كان تعاون أنقرة وموسكو، منذ 9 آب/ أغسطس 2016، عاملاً أساسياً في تحديد مسارات عسكرية في الأزمة السورية (الغطاء الروسي لأخذ الأتراك لشريط جرابلس - الباب في آب/ أغسطس 2016 - شباط/ فبراير 2017؛ سقوط شرق مدينة حلب من أيدي المعارضة المسلّحة؛ في كانون الأول/ ديسمبر 2016؛ أخذ الأتراك لعفرين في كانون الثاني/ يناير 2018؛ سقوط الغوطة الشرقية من أيدي المعارضة المسلّحة في نيسان/ أبريل 2018؛ سقوط حوران من أيدي المعارضة المسلّحة في تموز/ يوليو 2018؛ وأخذ الأتراك لشريط تل أبيض - رأس العين، في تشرين الأول/ أكتوبر 2019) ومسارات عسكرية - سياسية (مسار أستانة بين السلطة السورية وفصائل مسلّحة معارضة، منذ كانون الثاني/ يناير 2017) ومسار سياسي مثل مؤتمر سوتشي (كانون الثاني/ يناير 2018)، الذي قاد عملياً إلى تسبيق «السلّة الدستورية» على «سلّة الحكم الانتقالي»، في محادثات جنيف بين السلطة والمعارضة تحت إشراف الأمم المتحدة.

- 3 -

يمكن أن تكون «الأزمة» نتاج «ثورة» أو «انتفاضة» أو «حرب أهلية». مثلاً، حصلت أزمة سلطة في روسيا، بعد ثورة شباط/ فبراير 1917، التي أسقطت الحكم القيصري، من خلال ازدواجية السلطة بين سلطتين متنافستين هما «الحكومة المؤقتة برئاسة الأمير لفوف ثم كرنسكي» و«مجالس السوفيتات» التي نشأت مباشرة أيضاً بعد نجاح ثورة شباط/ فبراير. أمام تنامي قوة المجالس السوفياتية للعمّال والفلّاحين (ثم الجنود)، حاول قائد الجيش كورنيلوف حسم هذه الازدواجية بالسلطة الروسية، من خلال حركة عسكرية لقلب حكومة كرنسكي في آب/ أغسطس 1917، والإمساك بالسلطة، حيث وقف لينين مع كرنسكي ضد كورنيلوف وأحبطا معاً محاولته العسكرية لاستلام السلطة السياسية، رغم تصادُم، واعتقالات كرنسكي للبلاشفة في تموز/ يوليو. في تشرين الأول/ أكتوبر 1917، أطاح لينين بكرنسكي. قادت ثورة تشرين الأول/ أكتوبر، إلى حرب أهلية، بين عامي 1917 -1920، كان انتصار البلاشفة فيها حسماً لأزمة السلطة الروسية.
في إنكلترا، حصلت ثورة البرلمان ضدّ سلطة الملك المطلقة، بين عامي 1642 و1649. قادت هذه الثورة إلى حرب أهلية بين مركزين للسلطة في لندن وأوكسفورد، وإلى انقسام طبقي متجابه ومتحارب بين التجّار والمزارعين الأغنياء وأصحاب الشركات البحرية، وبين الأرستقراطيين والكهنة في الكنيسة الأنجليكانية، وإلى جيشين متحاربين، وإلى انقسام مناطقي بين لندن وجنوبها ومدن الساحل الشرقي، ومدينة مثل برمنغهام مزدهرة فيها الحرَف والمانيفاكتورات، وبين شمال لندن وغربها الريفي، وشكل أيديولوجي: طائفة البيوريتان ضدّ الكنيسة الأنجليكانية التي يرأسها الملك. انتصر البرلمان على الملك، وقطع رأس الأخير وأقيم «الكومونويلث»، برئاسة أوليفر كرومويل (5). لم تعمّر السلطة غير الملكية سوى أحد عشر عاماً، وعادت الملكية عام 1660، ولكنّها لم تستطِع الاستمرار في طريقة السلطة المطلقة. احتاج حلّ أزمة السلطة في إنكلترا إلى ثورة، بين عامي 1688 - 1689، لحلّ أزمة السلطة من خلال إنشاء الملكية الدستورية: الملك يملك ولا يحكم، حيث تحكم الحكومة المنبثقة عن البرلمان الذي كانت ثورته ضدّ سلطة الملك، منذ عام 1642، تعبيراً عن وجود أزمة سلطة، وهو ما احتاجت إنكلترا لحلّه، إلى ثورتين تخلّلتهما حرب أهلية.
كان وضع إنكلترا مختلفاً عن روسيا: أزمة سلطة بين الملك صاحب السلطة المطلقة وبين البرلمان، قادت إلى ثورة، قادت بدورها إلى حرب أهلية، ثم أزمة سلطة بعد موت كرومويل، عام 1658، حُسمت بعودة الملك بعد سنتين، ثمّ تناقض بين مجتمع وسلطة أصبحت بشكل متدرّج، في الثمانينيات، ضعيفة التمثيل الاجتماعي، ممّا قاد إلى ثورة حسمت سؤال «من يحكم، البرلمان أم الملك؟»، في عام 1689، وهو سؤال 1642 ذاته. في روسيا، ثورة قادت إلى ازدواجية سلطة حُسمت بثورة ثانية قادت، بدورها، إلى حرب أهلية، قاد انتصار البلاشفة فيها إلى تفرّدهم بالسلطة. في الصين عام 1947، حصلت حرب أهلية مسلّحة بين الشيوعيين والقوميين (حزب الكيومنتانغ)، قادت مع انتصار الشيوعيين عام 1949 إلى ثورة.
تروتسكي، هنا، يعطي تعريفاً للحرب الأهلية: «لا تعلن تجزئة السلطة عن شيء آخر غير الحرب الأهلية» (6). في إنكلترا، بين عامَي 1642 - 1649، هناك حرب أهلية، وفي روسيا، بين عامي 1917 - 1920، توجد حرب أهلية. في سوريا ما بعد 18 آذار/ مارس 2011، لا توجد حرب أهلية، رغم وجود مناطق غير خاضعة لسلطة دمشق، مثل شرق الفرات وإدلب - شمال حلب، حاولت إقامة سلطات موازية هناك. هنا، لا يوجد تماثل مع الحالتَين الإنكليزية والروسية المشار إليهما.
لم تكن هناك ثورة في سوريا ما بعد درعا 18 آذار/ مارس 2011، إذا أخذنا تعريف الأكاديمي الأميركي تشارلز تيلي (1929 - 2008) للثورة، وهو الدارس الرئيسي لميكانيزمات الحركات الاجتماعية: «هي تحويل عنيف للسلطة عبر عملية صراع تتضمّن على الأقل تكتّلَين واضحي المعالم من المتنافسين بمطالب، التي لا يمكن مزجها مع بعض في خليط واضح، من أجل السيطرة على الدولة، عبر شرائح بارزة العدد من السكان تدعم مطالب المتنافسين» (7). ضمن آليات مصطلح «الثورة» عند تيلي، يمكن إدراج «الانقلاب» و«الحرب الأهلية» و«التمرّد». هو يرى أنّ هناك انقلابات أنتجت ثورة في العلاقات الاقتصادية - الاجتماعية من حيث النتيجة، مثل الانقلاب العسكري عام 1952 في مصر، وأنّ هناك حروباً أهلية كانت نتيجتها ثورية، مثل الحرب الأهلية في إنكلترا، بين عامي 1642 - 1649 (8). أنتج تيلي في العلوم السياسية، فرعاً جديداً هو «علم سياسة النزاعات»، وقد بدأ منذ الستينيات، على ضوء الثورة الطلابية في فرنسا، بدراسة مسار الاضطراب الاجتماعي الفرنسي ليس من ثورة 1789، بل من ثورة 1830.
أنتج تيلي كتابه «من التعبئة إلى الثورة»، عام 1977، ليفتح مجالاً جديداً في علم السياسة. في كتابه هذا، يبدأ من عام 1765 في بريطانيا. طبعاً، مفهوم تيلي لـ«الثورة»، يتضمّن حتى الثورات الفاشلة، مثل ثورة 1848 في فرنسا التي انتهت عام 1851 بانقلاب وديكتاتورية لويس بونابرت، وحلّه للمؤسّسة البرلمانية قبل إعلانه الإمبراطورية الثانية في العام التالي، أو ثورة 1905 الروسية الفاشلة ضدّ الحكم القيصري. لم يكن لمن تحرّك في المجتمع السوري، بدءاً من يوم 18 آذار/ مارس 2011، معالم كتلة واضحة المعالم، ولم يكن لها مطالب محدّدة تثبت عليها، حيث انتقلت من مطلب «الإصلاح» إلى «التغيير»، إلى «إسقاط النظام»، في أربعة أشهر، ثمّ في الشهر السادس بعد أيلول/ سبتمبر، انتقلت نحو السلاح وطلب التدخّل العسكري الخارجي. ربما كان لثبات النظام في مواقعه ورفضه التنازل سبباً في ذلك، كما أنّ الاصطدام بالجدار المسدود يفسّر الانتقال نحو السلاح، وجزئياً يفسّر هذا الانتقال نحو العنف المعارض استعمال السلطة السورية للعنف ضد المتظاهرين السلميين. كانت الكتلة الموالية للنظام أكثر تبلوراً من حيث المعالم، وأكثر ثباتاً، وقد مشت وراء السلطة السورية بثبات، ولفترة أصبح عمرها الآن يقارب العقد من الزمن. بالتوازي مع هذا، لم تكن هناك قيادة واضحة للمعارضة السورية تستطيع الإمساك بمقود الحركة الاجتماعية المعارضة، وتكون هي مركز القرار وهي واضعة البرنامج. إذا انتقلنا إلى العدد المؤيّد للحراك الاجتماعي المعارِض فلا يمكن مقارنته مع لندن، 1642 - 1649، عندما كانت في ثورتها على الملك تمثّل وحدها نصف مليون نسمة يقطن في العاصمة في بلاد يبلغ عدد سكانها أربع ملايين ونصف (9). في الثورة الإيرانية ضدّ الشاه، كان مليون شخص في تظاهرة مدينة طهران، بيوم عاشوراء المصادف في 11 كانون الأول/ ديسمبر 1978 (10). كان عدد سكّان طهران يبلغ 4 ملايين و494 ألف نسمة، عام 1976 (11). رغم لجوء الشاه إلى حلّ مغادرة البلاد مع تكليف شخصية معارضة برئاسة الحكومة، هو شاهبور بختيار، فإنّ الشارع لم ينقسم بل ظلّ وراء الخميني الذي تحدّى بختيار بعد ثلاثة أيام من تولّيه منصبه، بتظاهرة في يوم 19 كانون الثاني/ يناير، كان فيها ربع سكان طهران ضدّ بختيار (12). كان الغرب واعياً لحدود قوّة بختيار، حيث وصفه دبلوماسي غربي بأنّه «كرنسكي إيراني» (13). في 11شباط/ فبراير 1979، سقط بختيار وتولّى الخميني السلطة. في روسيا، عام 1917، كانت بتروغراد وموسكو وراء لينين، في ثورة تشرين الأول/ أكتوبر، بكتلة عمّالية يقودها الحزب البلشفي، عبر جهاز هو «مجالس سوفيتات العمّال والجنود»، والمدينتان تبلغان خمسة ملايين من أصل 150مليوناً مجمل عدد سكان روسيا آنذاك (14). مع تحالف لينين مع الاشتراكيين الثوريين اليساريين، عشية ثورة تشرين الأول/ أكتوبر، قام القائد البلشفي بتأمين قاعدة فلاحية قوية للثورة كانت ظهيراً مساعداً لانتصارها.
لا يمكن للحالة السورية عام 2011، أن تقارَن بتلك الحالات الإنكليزية 1642 - 1649، ولا الروسية عام 1917، ولا الإيرانية في ثورة 1978- 1979. وبالتالي، لا ينطبق على سوريا ما بعد 18 آذار/ مارس 2011، مصطلح الثورة. يمكن للوقائع السورية أن ينطبق عليها مصطلح حراك اجتماعي معارض واسع متفرّق من دون قيادة موحّدة، جرى في مناطق حوران - ريف دمشق - ريف حلب، وفي مدن درعا - حمص - دير الزور، وفي بلدات محافظة إدلب. لم يشمل هذا الحراك المدينتين الكبيرتين دمشق وحلب، وكانت قاعدته الاجتماعية الرئيسية في الريف السنّي، وفي مدن مهمّشة. يمكن تسمية هذا الحراك بـ«الانتفاضة» uprising أو insurrection، ولكن لم تكن لها قيادة واضحة، ولا مطالب واضحة، وأساليبها تبدّلت بسرعة من تظاهرات سلمية إلى استعمال العنف المسلّح، وفي الأشهر الستة الأولى لم تكن ذات طابع أيديولوجي واضح، ولكن منذ خريف عام 2011، غلب الطابع الإسلامي على الحراك السوري المعارض، وهو ما ترافق مع استعمال العنف المعارض.
في الحالة السورية عام 2011، لا نجد وضعاً يتطابق مع الشروط الثلاثة اللازمة التي حدّدها تشارلز تيلي لنشوء ثورة:
1 - ظهور منافسين للسلطة يقدّمون مطالب حصرية تحوي بديلاً.
2 - التزامات كاملة بهذه المطالب.
3 - عجز الحكومة عن القمع. (15(
هذا الحراك الاجتماعي السوري المعارض، منذ يوم 18 آذار/ مارس 2011، أنتج أزمة سورية لها طوابق أربعة في مبناها: طوابق سورية - إقليمية - دولية - تنظيمات عابرة للحدود. يمكن لحالة التنظيمات العابرة للحدود، مثل «النصرة» و«داعش» أن تُضاف إليها تنظيمات أتت من وراء الحدود لمساندة السلطة السورية في الصراع، مثل حزب الله اللبناني، وتنظيمات شيعية عراقية - أفغانية موالية لإيران. الأزمة السورية من حيث قوة محرّكاتها الداخلية وتغذيتها الخارجية، ومن حيث تأثيراتها على إقليم الشرق الأوسط، ومن حيث تأثيراتها الدولية، هي أكبر أزمة شهدتها العلاقات الدولية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
في المقابل، لا توجد «حرب سورية»، وإنّما نزاع بين سلطة ومعارضة سوريّتين، حيث ليس هناك من حرب سورية - سورية ما دامت لا توجد حرب أهلية، وليس هناك حرب سورية من خارج على داخل، وبالطبع من داخل على خارج. هناك صراع على سوريا وصراع في سوريا بين الأطراف الدولية - الإقليمية المتصارعة والمتنازعة في الساحة السورية، والتي أحياناً تتلاقى، مثل موسكو وواشنطن، عبر تلاقياتهما في اتّفاق موسكو بين جون كيري وسيرغي لافروف، في 7 أيار/ مايو 2013، لتفعيل «بيان جنيف1»، الصادر في 30 حزيران/ يونيو 2012، ثمّ اتفاقهما حول السلاح الكيميائي السوري، في 14 أيلول/ سبتمبر 2013، ثمّ اتفاقهما على القرار الدولي 2254، في 18 كانون الأول/ديسمبر 2015 الذي قاد إلى مسار جنيف التفاوضي بين السلطة والمعارضة السوريّتَين.
- 4 -

الانفجارات الاجتماعية لها آلياتها الخاصّة. أليكسيس دي توكفيل الذي درس الثورة الفرنسية والتي اعتبرها ولادة انفجارية لجنين تمّ الحبل به طويلاً في رحم النظام القديم واسم هذا الجنين «نظام الإدارة المركزية الموحّدة»، يقول في كتابه «النظام القديم والثورة» (1856)، ما يلي: «الثورة انتهجت وتبعت مسارها الخاص» (16). ثم يضيف: «عشيّة اندلاع الثورة، لم يكن الناس في فرنسا، لديهم أيّ فكرة عن كيف ستكون النتيجة» (17). تفاجأت الأحزاب الروسية المعارضة، وكذلك القيصر، باندلاع ثورة شباط/ فبراير 1917. ميزة لينين أنّه وضع بعد عودته من سويسرا في نيسان/ أبريل، خطّة هي أقرب إلى سيناريو من أجل ثورة ثانية في كراس «موضوعات نيسان»، تمّ تنفيذه بدقة في ثورة تشرين الأول/ أكتوبر، بعد ستة أشهر: الإطاحة بالحكومة المؤقتة وتسلّم المجالس السوفياتية للسلطة، والسير باتجاه ثورة اشتراكية بدلاً من الاكتفاء بالثورة الديموقراطية التي طرحها لينين عام 1905 في كتابه «خطتا الاشتراكية الديموقراطية في الثورة الديموقراطية».
الانفجارات الاجتماعية، أيضاً، ليس لها أسباب موحّدة. هناك تطوّرات مفصلية، تساعد على تهيئة الظروف للانفجار، مثل الانكسار أو الفشل أو التخبّط في مستنقع حرب خارجية كبرى، مثل الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918) التي تورّط فيها القيصر الروسي: «الحرب كشفت بشكل عنيف وفاقمت الضعف البالغ للنظام القديم، غير أنّه يصعب القول إنّها كانت السبب الحاكم لهذا الضعف» (18).
ليس العامل الاقتصادي وحده سبباً للانفجارات الاجتماعية، يقول أنطونيو غرامشي عن فرنسا 1789: «الحالة الاقتصادية نحو عام 1789، كانت على العكس من ذلك جيّدة على المدى القريب، وبالتالي على أنه لا يمكن القول إنّ كارثة الدولة المطلقة تعود لأزمة فقر... لم يختلّ توازن القوى للسبب الميكانيكي المباشر الذي هو إفقار الفئة الاجتماعية ذات المصلحة... وإنّما جاء هذا الاختلال في إطار من الصراعات أعلى من العالم الاقتصادي المباشر، إطار مرتبط بمكانة الطبقات (المصالح الاقتصادية المقبلة) وبقنوط الشعور بالاستقلال وبالسيادة وبالسلطة... فالتغييرات تحدث... لأنّ الاعتلال قد فاق حدّ التحمّل لدرجة أنّه ليس بإمكان المرء أن يرى في المجتمع القديم أية قوة قادرة على إعادة الأوضاع إلى صورتها الطبيعية بالطرق القانونية» (19). رغم هذا يبقى العامل الاقتصادي من بين فتائل التفجير الاجتماعي: «رغم أنّ هناك أسباباً معقّدة لثورات 1848 في أوروبا، فليس من المصادفة أنّها قد حدثت بعد الحصادات السيّئة للمواسم الزراعية ومجاعة 1845 - 1846، وبعد الأزمة الاقتصادية عام1847» (20). يمكن أن يكون العامل الاقتصادي، إذا أخذناه من خلال التناقض بين علاقات الإنتاج القائمة وبين قوى الإنتاج الكامنة والتي تريد نظاماً سياسياً أكثر تطوّراً من النظام السياسي القائم الذي يرعى علاقات الإنتاج السائدة، عاملاً أساسياً في انفجار المجتمعات: «اللاتوازن بين مستوى التطوّر الاقتصادي ومستوى تطوّر النظام السياسي، هو خطر مهلك لاستقرار الدولة» (21). هذا رأيناه في الاتحاد السوفياتي، حيث إنّ الفئات الاجتماعية المتطوّرة (أصحاب الياقات البيض: التكنوقراط - الأكاديميون، أصحاب الاختصاصات الجامعية) التي نتجت عن التحديث التقني والتصنيع بين الثلاثينيات والثمانينيات، أصبحت ترى في نموذج «حكم الحزب الواحد» الذي يترافق مع نموذج «رأسمالية الدولة في الاقتصاد»، بالترافق مع «نظام أوامري إداري»، عائقاً أمام انطلاق طاقاتها الاقتصادية الكامنة. هؤلاء كانوا القوة الاجتماعية (والاقتصادية الكامنة)، التي كانت وراء البيريسترويكا عند ميخائيل غورباتشوف، بين عامي 1985 - 1990، ثمّ وراء راديكالية بوريس يلتسين، منذ صيف 1990، وهم الذين أطاحوا بحكم الحزب الشيوعي السوفياتي، بين شهري آب/ أغسطس 1991 وكانون الأول/ ديسمبر 1991، نحو إقامة نظام التعددية الحزبية بالترافق مع نموذج اقتصاد السوق. تفادى دينغ سياو بينغ «بيريسترويكا» صينية، من خلال اتجاهه نحو قيادة الحزب الشيوعي لعملية التحوّل نحو «اقتصاد السوق».
لا تحدث الانفجارات الاجتماعية نتيجة مؤامرات خارجية، بل يشتغل التخطيط الخارجي على استغلال حرائق مشتعلة، إما من أجل صبّ مزيد من الزيت على النار، نحو زيادة مأزق خصم أو خصوم يشتعل بيته أو بيتهم باتجاه حشرهم في الزاوية الضيّقة من أجل فرض أجندات عليهم، أو من أجل استغلال تلك النار من أجل طبخ طبخة أو طبخات محدّدة. عمل الولايات المتحدة الأميركية في العراق، بين عامي 1991 - 2003، وبعد عام 2003 في عموم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يؤكّد موضوعة التخطيط لاستثمار أزمات وأوضاع داخلية متأزّمة وانفجارات تشتعل، وأحياناً انفجارات تكون مفاجئة بالنسبة لواشنطن (بين ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011 وسقوط حسني مبارك، تغيّرت السياسة الأميركية تجاه الحدث المصري ثلاث مرّات بسبعة عشر يوماً). هناك وثيقة كانت سرية وكُشف عنها عام 2014، صادرة عن وزارة الخارجية الأميركية، في 22 تشرين الأول/ أكتوبر 2010، ضمن القسم التابع للخارجية المسمّى «مبادرة الشراكة للشرق الأوسط - MEPI»، وهو قسم تمّ إنشاؤه في كانون الأول/ ديسمبر 2002، ويكشف في الوثيقة كيف أنّ الانتهاء من العراق أميركياً كمهمّة قد جعلت «ميبي»، منذ كانون الأول/ ديسمبر 2003، تقوم بتركيز جهودها على سوريا وليبيا. كانت «ميبي» تقوم بعملها، من خلال أنّ «السفارات الأميركية عبر مكاتبها تخطّط للتمويل وأن تكون ضابط ارتباط لتمويل المنظّمات غير الحكومية ومجموعات المجتمع المدني»، والهدف هو «بناء شبكة من المُصلحين يعلّم بعضهم بعضاً ويدعم أحدهم الآخر، ولتحفيز التغيير التقدمي في المنطقة» (الوثيقة بعنوانMIDDLE EAST PARTNERSHIP INITIATIVE:OVERVIEW 22/OCTOBER/2010)، تم الكشف عن الوثيقة في موقع MEBRIEFING.COM، في مقال بتاريخ 8 حزيران/ يونيو 2014، يحمل عنوان .S.STATE DEP.DOCUMENT CONFIRMES REGIME CHANGE IN MIDDLE EAST. هنا، تعرف واشنطن بالتأكيد أنها لا تستطيع زراعة الموز في تربة السويد، بل في تربة الإكوادور.

- 5 -

يجب دراسة الانفجارات الاجتماعية المحلّية التي تتحوّل في مسارها إلى إقليمية - دولية - منظمات عابرة للحدود، وتحديد كمّ تعداد عدد المتصارعين في تلك الانفجارات التي يمكن أن تأخذ شكل «حرب أهلية»، أو «ثورة»، أو «انتفاضة»، أو «تمرّد». وعملياً، كلّها تشكل أو تنتهي في شكل «أزمة»، عندما لا يكون هناك حسم انتصاريّ لأحد الأطراف. يقول توكفيل: «في كلّ الحروب الأهلية الأجانب يحملون السلاح» (22). في الأزمة الليبية 2011 - 2020، نجد مصر - السعودية - الإمارات - فرنسا - روسيا - ميليشيا الجنجويد - ميليشيا فاغنر، في مواجهة تركيا - إيطاليا - الجزائر - الولايات المتحدة - ميليشيات سورية مسلّحة إسلامية). في الأزمة الأفغانية 1979 - 1989، نجد الاتحاد السوفياتي - الهند مع الحكومة الشيوعية الأفغانية، في مواجهة الولايات المتحدة - باكستان - السعودية - إيران - الصين، التي كانت تدعم المنظّمات الإسلامية الأفغانية المعارِضة لحكومة كابول.

- 6 -

ليس بالضرورة أن تنتصر المعارضة أو المنافسون المواجهون للنظام القديم أو القائم. يقول غرامشي: «بوسع المجتمع القديم أن يقاوم وأن يسعف بمهلة للتنفس، قاضياً جسدياً على النخبة المضادة وناشراً الإرهاب في صفوف الجماهير الاحتياطية، أو بإمكان التصفية المتبادلة للقوى المتضادّة أن تؤدّي إلى سلام القبور، ولكن تحت رقابة حارس أجنبي» (23).

* كاتب سوري

هوامش:

(1) https:en.wikipedia.org/wiki/crisis.
(2)Palle Svenson: "stability,crisis,and breakdown: some notes on the concept of crisis in political analysis", university of Aarhus, denmark, 1985.(11pages.p.d.f).
www.tidsskrift.dk/scandinavian_political_studies/article/view/32537/30523
(p .4). يعرف سفينسون النظام السياسي بالتالي: «ما يدلّ على قيم الأهداف والمبادئ، وقواعد، وبنية السلطة» (ص 9).
(3) Svenson: "ibid",p.5
(4) "Oxford essential quotations" ,oxford university press, current online version, 2017. تعريف غرامشي للأزمة مأخوذ من «دفاتر السجن»، قسم «أزمة السلطة».
(5) G.M.TREVELIAN: "English social history", penguin books, England, 1979,pp.256-257
(6) ليون تروتسكي: «تاريخ الثورة الروسية» (ج 1)، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1971، ص 52.
(7) Jesus de Andres and Ruben ruis ramas: "charles tilly,s concept of revolution and the (color revolution) "
www.researchgate.net/publication/315668377
(p.d.f) ,p.6.
58pages))
2016 ,spain.
(8) Andres and ramas: "ibid , p.7
(9) تروتسكي، «المرجع نفسه»، ص 52
(10) لورين جنكنز: «اهتزاز الشاه»، مجلّة «نيوزويك»، 1 كانون الثاني/ يناير 1979، ص 20
(11) "The world almanac and book of facts1980" ,published by newspaper enterprise association,new york1980,p.546.
(12) «إيران بعد الشاه»، مجلة «نيوزويك»، 29 كانون الثاني/ يناير 1979، ص 9
(13) «إيران بعد الشاه»، المرجع السابق، ص 8
(14) تروتسكي، المرجع نفسه، ص 52
(15)CHarles Tilly: "from mobilization to revolution", university of Michigan press,1977,p.d.f copy available through center for research on social organization in the university of Michigan (255 pages), p.161.
(16)Alexis de Toqvueville: "the ancient regime and the revolution", harpers and brothers publishing, presented in divinity school in harfard university since 1919, p.d.f version, (367pages), p.32.
(17) Toqueville:"ibid", p.32
(18) إسحق دويتشر: «الثورة غير المنتهية»، ضمن كتاب «ثورة أكتوبر في نصف قرن»، دار الحقيقة، بيروت 1970، بحث دويتشر ص 27 - 161، ص 38
(19) أنطونيو غرامشي: «الأمير الحديث»، دار الطليعة، بيروت 1970، ص82
(20) Leonid Grinnin:"State and socio-political crisis in the process of modernization"
في المجلة الروسية:
"Social evolution and history" vol. 12. no. 2, september 2013, pp 35 - 76, p.54.
(21) Grinnin: "ibid", p. 64.
(22) Toqueville: "ibid", p.42.
(23) غرامشي: المرجع السابق، ص 83

4. من قتل المهدي بن بركة؟

"درج ميديا"
الياس خوري 0 كاتب وروائي لبناني

كيف مهدت احدى أكبر الجرائم السياسية للتطبيع المجاني الحاصل حالياً بين دول
عربية واسرائيل ؟
لم يعد مقتل الزعيم المغربي المهدي بن بركة سراً غامضاً، فنحن نعرف القتلة، وخصوصا بعد كتاب الصحافي الاسرائيلي رونين برغمان: “انهض واقتل أولاً”، الصادر عام 2018، والذي كشف خيوط الجريمة وسمى أبطالها: الملك المغربي الحسن الثاني ووزير داخليته محمد أوفقير، الموساد الاسرائيلي، “السي أي ايه”، وتواطوء الشرطة الفرنسية.في 29 تشرين الأول-أكتوبر 1965، اختطف بن بركة من أمام مطعم “ليب” في بولفار سان جِرمان في باريس، وعُذب وقُتل في فيلّا تقع جنوبي العاصمة الفرنسية، وحتى الآن لم يُعثر على بقاياه.
لماذا نطرح سؤالاً نعرف جوابه؟
قُتل بن بركة في سياقين:
الأول هو قيادته للمعارضة الراديكالية ضد الاستبداد في بلاده، ودعوته إلى الديموقراطية والعدالة الاجتماعية.
والثاني هو تحوله إلى أحد كبار رموز حركة التحرر الوطني في العالم، عبر دوره في الاعداد لمؤتمر القارات الثلاث الذي عُقد في كوبا عام 1966.هذان السياقان واضحان، من هنا نفهم تواطوء الاستخبارات المركزية الأمريكية ومشاركتها في الاشراف على الاغتيال، لأنها أرادت التخلص من رفيق تشي غيفارا واميلكار كابرال ومالكوم اكس.
غير أن هذين السياقين ليسا كافيين لتفسير الجريمة، بل أنهما لم يكونا ممكنين لولا تدخل سياق ثالث شبه خفي، لعب دورا أساسياً في عملية الاغتيال.
هذا المناضل المغربي الكبير كان الشهيد الأول لتحالف الاستبداد- الاحتلال، الذي يعربد اليوم نازعا أقنعته، ومعلنا أن الاستبداد لم ولن يكون سوى أحد ادوات المشروع الكولونيالي الإسرائيلي.
شخصية بن بركة الكارزمية ودوره في النضال من أجل استقلال المغرب، ثم خروجه من حزب الاستقلال الذي لعب فيه دور “الدينامو”، كما كان يسميه رفاقه، وتأسيسه لحزب يساري هو “الاتحاد الوطني للقوى الشعبية”، ووزنه العربي والدولي، كلها كانت أسباباً كافية لاعدامه الوحشي على يد الملك الذي فرض على المغرب “سنوات الرصاص الطويلة”. استاذ الرياضيات، الذي قتله الملك الذي كان أحد طلابه، جسّد في حياته وعمله حلم الحرية. والفيلم الرائع الذي أخرجته سيمون بيتون، يقدم لنا سجلاً لحياته القصيرة التي تلخّص بلاداً “مريضة بماضيها”، كما قالت بيتون في شريطها الصوتي في الفيلم.
ما هو هذا السياق الثالث وكيف نفهمه؟حكاية هذا السياق لم تبدأ عام 1965 ولن تنتهي في عام 2020، حين أعلن رسميا عن “تطبيع” العلاقات بين اسرائيل والمغرب، برعاية ترامب وصهره جاريد كوشنير، وكان الثمن هو اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.
الحكاية بدأت بعد موت الملك محمد الخامس، وتسلم الحسن الثاني العرش عام 1961. ففي الفترة الممتدة بين تشرين الثاني -نوفمبر 1961، وربيع 1964، أنجزت العملية التي يطلق عليها الاسرائيليون اسم “عملية ياخين”. وعملية “ياخين” هي جزء من سلسلة عمليات كان هدفها تهجير اليهود العرب: “بساط الريح” في اليمن 1949-1950، و”عزرا ونحميا” في العراق 1950-1952, و”ياخين” في المغرب. هذه العمليات الثلاث تمت بالتواطؤ والتعاون مع حكام هذه الدول.
كان لا بد من اليهود العرب لسد النقص الديموغرافي اليهودي في اسرائيل. هذه العمليات الثلاث كانت التطبيع الذي مهّد للتتبيع الحالي، لأنها كشفت أن الأنظمة الاستبدادية ساهمت في تأسيس دولة اسرائيل، وكانت شريكاً للصهيونية في طرد الفلسطينيين من أرضهم، وفي تأسيس ثنائية الاستبداد- الاحتلال التي تهيمن على العالم العربي.
لقد تم بيع اليهود العرب بيعاً، وقبض ثمنهم نقداً وعداً. الحسن الثاني الذي باع يهود المغرب بالمفرق والجملة، وصل به التعامل مع الموساد بأن سمح للاستخبارات الاسرائيلية بوضع آلات تسجيل في قاعات مؤتمر القمة العربية الذي عُقد في الدار البيضاء عام 1965، وفي غُرف الزعماء العرب. وهذا ما سمح لاسرائيل بأن تعرف الحالة الحقيقية للجيوش العربية المتهالكة، فبنت خطة حرب حزيران/يونيو على هذا الأساس.لكن الملك طلب ثمناً من أصدقائه الاسرائيليين، والثمن كان رأس المهدي بن بركة.
تفاصيل دور الموساد لم تعد سراً، فلقد رفض الاسرائيليون القيام بالعملية بأنفسهم، لكنهم لعبوا دوراً أساسياً في الإعداد اللوجستي على مستويي التخطيط والتنفيذ. فهم من لاحقوا بن بركة، وأعدوا خطة خطفه، وقدموا الأماكن التي احتجز فيها المناضل المغربي خلال التحقيق الذي قام به اوفقير ورجاله، ثم جهزوا أكياس الأسيد ونصحوا بدفنه في احدى الحدائق العامة، وغطوا الجريمة.هكذا تمت احدى أكبر الجرائم السياسية في باريس.
جريمة وحشية تصلح أن تكون رواية بوليسية، فاستدراج بن بركة إلى كمين “ليب”، تم بحجة صناعة فيلم عن حركات التحرر تكتبه الروائية الفرنسية مارغريت دوراس ويخرجه جورج فرانجو. وقد لعب المنتج جورج فيشون، الذي عثر عليه مقتولاَ بعد أسبوع من نشر مذكراته، دور صانع المصيدة.كما أنها جريمة قائمة على تبادل المصالح، وعلى التكامل الوظيفي.فالعلاقة التي تأسست في عملية “ياخين”، لم تنقطع منذ 1961، وأخذت أشكالاً متعددة، من التمهيد لزيارة السادات للقدس، وصولاً إلى اقامة علاقات مع اسرائيل عام 1992 التي انتهت شكليا عام 2000، لكنها استمرت ولم تنقطع.
هذه المعطيات تشير إلى الحقيقة التي أغمضت النخب عينيها عنها وتجاهلتها وأدخلتها في نظام النسيان، ولم ترها.والحقيقة الساطعة تقول ان التطبيع التتبيعي بدأ بجريمتين كبريين:الجريمة الأولى هي جريمة “تصدير” و/أو بيع اليهود العرب للدولة الصهيونية، وهي جريمة كبرى بحق فلسطين واليهود والمجتمعات العربية، التي فقدت جزءا من شعبها وحيويتها وتنوعها الاجتماعي والثقافي. فاليهود العرب طردوا من أوطانهم الأصلية بفعل عمل مشترك ومنسق بين اسرائيل والحكام العرب. اسرائيل ربحت كل شيء، أما الحكام العرب، فالتقطوا بقايا المائدة، وكانوا بذلك يحمون سلطتهم. ان فهم هذا الأداء العربي المشين يحتاج إلى قراءة متأنية لأداء “ملوك الطوائف” الجدد، الذين دمروا المنطقة وسلموها للعنصرية الاسرائيلية.
الجريمة الثانية هي اغتيال بن بركة. هذا الاغتيال ليس مجرد تفصيل، انه تجسيد لجوهر المشروع الصهيوني، الذي وجد في المستبدين العرب، كما سبق له وأن وجد في عنصريي جنوب افريقيا حلفاءه.
اغتيال قامة سياسية ونضالية وفكرية بحجم بن بركة، كان مؤشرا على وجهة السياسة الاسرائيلية في المنطقة، وهي معاداة كل تغيير ودعم الاستبداد، وقتل المناضلين.عندما قرأت خبر الاتفاق المغربي- الاسرائيلي، تراءى لي وجهان مغربيان:الروائي ادمون عمران المالح، الصديق النبيل، الذي جعل من انتمائه اليهودي جزءا من هويته المغربية، وكان قلبه ينبض بحب فلسطين.والمناضل ابراهيم السرفاتي، الذي قضى أعواما طويلة في سجون الملك المغربي، والذي تعلمتُ منه أن الصهيونية تكره اليهود وتحتقرهم وتريدهم وقوداً في مشروعها الكولونيالي.
مع صورتي المالح وسرفاتي رأيت بن بركة شهيدا، وأكتشفت أن هذا المناضل المغربي الكبير كان الشهيد الأول لتحالف الاستبداد- الاحتلال، الذي يعربد اليوم نازعا أقنعته، ومعلنا أن الاستبداد لم ولن يكون سوى أحد ادوات المشروع الكولونيالي الإسرائيلي.بن بركة هو شهيد المغرب بمقدار ما هو شهيد فلسطين وشهيد قضية الحرية في الوطن العربي وفي العالم.

5. التاريخ يعيد نفسه مرتين، المرة الأولى كمأساة والثانية كمهزلة”

مصطفى سعد
ديسمبر 26, 2020
Thelevantnews

وقد ترد في بعض الترجمات كملهاة، لكن ما نعيشه جعلني أختار كلمة مهزلة أو مسخرة وأستبعد كلمة ملهاة لأن الملهاة أولاً وأخيراً فن له قواعد وأصول.
ولن أرجع بالتاريخ طويلاً للحديث عن أول مآسينا بل سأكتفي بالقول أنً ما مثلته المسألة الشرقية وتبلور في سايكس بيكو عام 1916 بتوزيع تركة الرجل المريض وتقاسم كعكة دسمة بين القوتين الأبرز والامبراطوريتين الأقوى في حينها بريطانيا وفرنسا مازال قائما إلى يومنا هذا وإلى أجل غير مسمى لكن بشكل وأسلوب حديث يناسب هذا القرن.
إنّ ما تشهده هذه المنطقة من متغيرات ليس وليد الساعة بل نتيجة سياسات وأفكار ورؤى يتم العمل فيها وعليها منذ عقود، طبعاً هذا لا يعني أن كل هذا الفشل الذي نعيشه الآن وفي كل المجالات السياسية والاقتصادية والحقوقية والبيئية.. إلخ سببه المؤامرة على الإسلام أو سوريا أو غيرها من الأعذار التي تروج لها الأنظمة التي أخفقت في أن تنهض بشعوبها لتصنع دولة بالمفهوم الحديث للدولة.
من أهم تلك السياسات التي تتبلور الآن بشكل أكثر وضوحاً مما سبق تثبيت مفهوم “الشرق الأوسط الجديد” والذي يعود في الأصل لشيمون بيريز رئيس الوزراء الأسبق في حينها عندما طرح هذا المفهوم عبر كتابه الذي حمل ذات الاسم عام 1994. أي بعد عام من إنجاز التسوية الأمريكية للملف الفلسطيني الإسرائيلي، التسوية التي عرفت باتفاق أوسلو بعد مفاوضات خاضها الرئيس الراحل ياسر عرفات ورئيس وزراء إسرائيل اسحق رابين. (وقع الاتفاقية محمود عباس من الجانب الفلسطيني بوصفه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وشيمون بيريز من الجانب الإسرائيلي بوصفه وزيراً للخارجية في حديقة البيت الأبيض يوم 13 أيلول من عام 1993بحضور كل من ياسر عرفات واسحق رابين والرئيس الأمريكي بيل كلينتون ووزير خارجيته وارن كريستوفر).
بعد أوسلو بدا أن المنطقة على أبواب مرجلة جديدة والتوقيت هو الأنسب للبدء بمشروع شرق أوسط جديد لا تغير فيه إسرائيل من سياستها ونهجها الاستعماريين ولا تستبدل أهدافها الاستراتيجية ومشروعها الامبريالي الأصلي.
تُستبدل القبعة لكن مع الحفاظ على الرأس نفسه وتضخم في الجسد، وهذا ما تحدث عنه اسحق رابين قبل اغتياله عندما سخر من معارضيه في حزب الليكود حيث قال:” هؤلاء يقيسون قوة إسرائيل بمساحة ما تحتله من أراضٍ، أما نحن فنقيس قوة إسرائيل بما تسيطر عليه من أسواق”.
لم يبق المشروع كما هو بل تطور مع مطلع الفية الثالثة خصوصاً في أعقاب 11 أيلول وما جرى بعدها كاحتلال لعراق وتدمير بنيته المؤسسية المجتمعية بعد سنوات من الحصار مع ترافق مع تمكين قواعد للولايات المتحدة في المنطقة أهمها في دول الخليج.
أدى ذلك إلى مزيدا من الضعف والتفكك والتبعية لدى الدول العربية، وتم الترويج لطرح أمريكي جديد مستحدث من الطرح الإسرائيلي وهو “الشرق الأوسط الكبير”، تبنى المشروع الرئيس جورج بوش وأركان حربه، وفي مقدمتهم وزيرة الخارجية كونداليزا رايس ونائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع رامسفيلد.

كلما سبق هدفه تمييع الهويات لشعوب المنطقة وطنية كانت أم قومية واستبدالها بهوية “مشوشة” وتذويب المنطقة في كيان بدون معالم محددة إلا تبعيته للسيطرة الإسرائيلية المباشرة، وليس لأسباب عقائدية وايديولوجية بل لأنها عقيدة الامبريالية المهيمنة على هذا الكوكب.
تثمر النتائج الآن بعد عقود من الهزائم أمام اسرائيل وانتصار للأنظمة على شعوبها تبدأ تلك الأنظمة العربية بالتطبيع مع إسرائيل “من فوق الطاولة”.
وللمزيد من الانحطاط نسمع خطب وكلمات عن تمسكهم بالقضية الفلسطينية وشعب فلسطين.
فلسطين ليست مركزاً دينياً فلسطين ليست قبلة للمصلين ليست حجارة القدس العتيقة ولا الأقصى ولا كنيسة القيامة ليست القدس وبيت لحم ورام الله وغزة والضفة.
أن تنتصر لفلسطين ولشعب فلسطين يعني ان تنتصر للعدالة يعني أن تقف في وجه مجرم يعني أن يعود الحق لصاحبه، يعني أن تكون انساناً أولا وأخيراً.
وهنا يجب الحديث عن ردة فعل الشارع العربي ابتداء من النكبة إلى 2020 مروراً بمواجهات حزيران 1967و 1973 و1982 وعناقيد الغضب 1996 ودخول شارون الأقصى 2000 وحرب تموز 2006 والعدوان على غزة 2008 وبالتالي البرود الخفيف الناتج عن قرارات التطبيع لا يعني القبول به بل يعني أن الحالة التي يعيشها المواطن العربي في أسوأ درجاتها على صعيد الخدمات والحقوق، ويعني أنً سبب الهزيمة ليس التأخر العسكري أو العلمي أو التكنولوجي بل هذه نتائج عقود الاستبداد العسكري التابع الذي أودى بالمواطنين إلى حافة الجوع مع غياب كامل للحريات والمؤسسات.
مقاومة العدو أو الامبريالية و”المؤامرة” لا يمكن في ظل حكم أنظمة مستبدة ولا يقوى عليها شعب يبحث عن رغيف خبز وجدار يستند عليه.
الحرية هي الطريق الوحيد لخلق أنظمة تحترم شعبها وتمثل إرادته وتكتسب شرعيتها منه.
الطغاة لم يتعلموا شيئاً من الطغاة السابقين وهنا أيضاً يعاد التاريخ كمهزلة.
الهزيمة والمشاريع التي تهدد المنطقة والتقسيمات الحالية القائمة على خرائط آبار النفط والغاز والثروات لا يمكن مواجهتها بالخطب والشعر والفساد وبإعلام يجيد التهريج والتصفيق واستقبال المنجمين.

6. الشرعية كمفهوم

عندما تمارس الدولة وظائفها وتتعمق في فهم المستويات التي تعمل بها وطريقة تأثيرها بالآخرين لا يظهر لنا سوى وظائفها والمضامين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يفرض أنها تعبر عنها ما لم نقف على مفهوم الشرعية الذي تستند إليه تلك الدولة، ويمكننا القول أن كل المفاعلات التي تقوم بها الدولة يُلغى ويفقد قيمته إن فُقدت الشرعية ...
عندما نناقش مفهوم الشرعية علينا بداية التمييز وإثبات إن كانت الشرعية هي التي تؤسس الدولة أم العكس.
تستطيع الدولة حين توجد وتحكم وتمارس عملها في المجتمع وأن تخلق شرعيتها والأخلاق الخاصة بها بشكل تراكمي فإن الدولة هي التي تخلق الشرعية لذاتها ثم هل للشرعية أية علاقة بالمحكومين والمواطنين والرعايا؟ هؤلاء جميعا ليسوا إلا أدوات لخدمة الدولة وإعلاء كلمتها وذلك من جانب الشرعية للدولة بذاتها أي الدولة كمفهوم مجرد، التي هي كيان وهمي لا يوجد إلا من خلال مؤسسات وقادة ينتخبهم الشعب لتمثيله فإن أولئك القائمين على الحكم لابد أن يستمدوا مشروعية حكمهم من محكوميهم فممارسة الدولة على أرض الواقع بكل مؤسساتها وهيئاتها شيء، والدولة من حيث هي جوهر، والدولة من حيث هي جوهر قائم بذاته شيء آخر تماماً، وإن الحديث عن الشرعية ومستوياتها وحدودها في دولة ما تمارس سلطتها بفعل عامل الإكراه و الضغط على محكوميها ورعاياها لا بدّ أن يدفع بالضرورة للحديث عن حكم القانون الذي لا يمكن للشرعية أن تتبلور إلا في إطاره، وفي ميدان تسود فيه بما يمنح الجميع حقوق متساوية تمنع الدولة من أن تتدلى إلى التّسلّط والاستبداد، وهو ما عبّر عنه أحد كبار الشّرعيّة بقوله: إنّ الإنسان ليس له من حريّة وأمن إلّا في مجتمع يرتبط فيه الحكّام بقوانين مؤكّدة وليست القوانين المؤكّدة ها هنا إلا تلك القوانين الحقيقيّة التي تنفذ في الواقع بإشراف الدّولة ذاتها بما يضمن حريّةً وأمناً مؤكّدين، مع العلم أنّ القوانين ليست في التحليل الأخير إلّا مصالح أولئك الذين سنّوها وعملوا على تطبيقها حتى ولو بدت للوهلة الأولى أنها تعبّر عن مصالح مجموع أفراد المجتمع.
ولكن ولمّا كان القانون هو الضامن الأساس لحقوق الأفراد والجماعات على حدٍّ سواء في ظلّ سيادة الدّولة وتمدّد سلطتها يجب على الدولة أن لا تسنّ من القوانين ما يخدم مصلحتها فقط، لأنّها بهذا الفعل ستدفع النّاس بالضرورة إلى الاشمئزاز منها وكرههم لها، فقوّة القوانين لا تأتي من ذاتها فقط وإنما من العادة والممارسة والتكرار أيضاً أن قدم القوانين هي التي تجعلها بشكل خاص مقدّسة، وإن الشعب سرعان ما يحتقر تلك القوانين التي يراها تتغير كل يوم فالعادة والعرف والقدم هم ممن يمنحوا القوانين قوّتها وانتشارها، ما دامت القوانين أصلاً ليست التي تعطي قوّتها للبشر، وإنما البشر هم الذين يعطون قوتهم للقوانين فالقانون بهذا المعنى يعكس دوماً ظروف البشر وأحوالهم، ورضاهم وغضبهم، بل أنه يعكس مشاعرهم الباطنيّة بدرجة كبيرة و"إنّ الإنسان يكون حرّاً عندما يخضع للقوانين وليس للبشر" وهو ما برع روسو بالتعبير عنه قائلاً: "إذا أصبح وزراء القوانين حكّامها الوحيدين، واستطاعوا جعلها تتكلّم أو تصمت على هواهم فإنّي لا أرى بدّاً من عبوديّة شبيهة بعبوديتكم وأنّ مونتسكيو هنا يشير إلى مسألة معقّدة ومهمّة للغاية تتجسّد في أنّ شرعيّة القوانين لا بدّ أن تتوقف على الهيئة التي تشرّع والتي يجب أن تتميّز جيّداً التي تحكم فإنّ هيئة التشريع نفسها ستملك كمنفذة للقوانين كل القوة التي أعطتها مشرعة وهو ما يعني تدميراً كاملاً للدولة بإرادتها العامة والدولة: تعني امتلاك أدوات العنف أو احتكار أدوات العنف وأن تمتلك مؤسسات الدولة مثل جهاز الأمن وجهاز الشرطة وهذه الأدوات مرتبطة بالقانون وإذا يتم الفصل بين هيئة مشرّعة وهيئة منفّذة نضمن آن ذاك أن يكون الشّعب هو صانع القوانين، فالقوّة التي تختزنها القوانين لا بدّ أن تمارس عنفاً واستبداداً على الشّعب ما لم يكن الشّعب ذاته حرّاً يستطيع بمقتضى تلك الحريّة أن يرفضها إذ وجدها لا تعبّر عنه خير تعبير فالقانون بهذا الاعتبار يجب أن لا يستخدم لإذلال الأفراد و الشّعوب والتضييق على حريّاتهم بحجة أن من واجبهم الخضوع للقوانين على الدوام وإنما يفترض أن يستخدم بحرمان السّلطة ذاتها من أن تتعدّى على الشعب تحت مسمّيات القوانين فتتحول بذلك إلى دولة دكتاتورية ومكروهة ممن مواطنيها ورعاياها والقانون ليس عادلاً على الدوام فيما لو بقي يمثّل شكلانية مجرّدة ليس إلّا، ولا بدّ كي يتحقق العدل من أن يطبّق في الواقع آخذاً بعين النظر الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسّياسيّة لأولئك الذين يعبّر عنهم ويتوجّه لهم فإن الشرعية والحرية صونان لا يفترقان، يتلازمان في الغياب والحضور على الدّوام، وفي حال حضورهما يعني ذلك سيادة روح القانون الذي لا يفضي لإطاعة البشر وعبادتهم، وإنّما لإطاعة القانون ليس إلّا فالشعب حرّ بهذا المعنى وكما يقول روسو يطيع القوانين ولا يطيع غير القوانين، وهو بقوّة القوانين لا يطيع البشر" ومن يمتلك القوّة لا يستطيع أحد أن يطالبه بشيء وللقوّة أخلاقها الخاصّة والقوي دائماً فاعل وإن القانون بهذا يجب أن "يحمي الحريّة العامة والفردية من اضطهاده فهناك ثمة خلطاً يقع بين معاني ودلالات ما يطلق عليه الشرعية التي تحدّثنا عنها آنفاً باعتبارها شرعيّة تتمتّع بها القوانين والشّرعيّة التي تهب البشر حريّة يستطيعون بموجبها نقد تلك القوانين ومنعها من الانحراف نحو الطغيان والاستبداد وهو الخلط الذي يأتي من التصنيفات المختلفة للمكوّنات الشرعية السياسية التي تتصل بشكل الأنظمة السياسية بالضرورة، ومن أشكالها هو ما يظهر في إطار نظام الحكم الدستوري ويشير إلى شخص الحاكم الذي يكون صاحب سلطة سياسية لأنه يتولى الحكم بحسب
أحكام الدستور القائم في الدولة. أمّا في نظام الحكم الثوري هناك تصنيف آخر يشير إلى شرعية الحاكم كذلك، لكنه الحاكم الذي يستمد سلطته السياسية من إدارة الثورة على النظام السّابق ومن العقيدة المسوّغة والموجهة لهذه الإرادة فشرعيّة الحاكم شيء وشرعيّة القوانين شيء آخر تماماً لكن غالباً ما يتم التوحيد بين الشرعيتين وينظر لهما بمعيار واحد وهو الأمر الذي يظهر الحاكم والقوانين كوجهة لعملة واحدة وهو ما يودي بالضرورة إلى الدكتاتورية وإذابة القوانين في بوتقة خدمة أفراد السلطة لا أفراد المجتمع.
فالشرعية ما لم تستند إلى حكم قانون عادل يمنح جميع المواطنين فرصاً متساوية للتعبير عن ذواتهم بما يتناسب مع مواقعهم ومؤهلاتهم تبقى مجرّد شعار فارغ لا معنى له يخضع في نهاية الأمر لإرادة أولئك الذين سنّوا القوانين وبثّوها منافعهم وأهوائهم فالأنظمة السياسية الحاكمة وغير الديمقراطية لن يتسنى لها أبداً أن تتمتع بالشرعية، لأنها أي لا ديمقراطية تتمتع بدور وظيفي في إدارة الحكم، علاوةً على قيمة الشرعية التي تضيفها على الجسم المؤسساتي.

7. حرية الصحافة والطبقة العاملة

ليون تروتسكي - أغسطس/آب 1938

النص التالي هو افتتاحية العدد الأول من المجلة الماركسية المكسيكية Clave، التي نُشرت في أكتوبر 1938.
تم العثور على المخطوطة الأصلية، التي كتبها تروتسكي، حوالي عام 1977 في أرشيف تروتسكي في هارفارد.
وتُرجمت من الترجمات الفرنسية واليونانية لأرشيف تروتسكي على الإنترنت عام 1998.
ويمكن أيضاً العثور على ترجمة مباشرة من الإسبانية في الصفحة 417 من كتابات ليون تروتسكي، 1937-1938.
ترجمة: رامز الباكير
إن الحملة الموجهة ضد الصحافة الرجعية في المكسيك الآخذة في التطور. والتي يديرها قادة اتحاد العمال المكسيكي (CTM)، وبالأخص السيد لومباردو توليدانو .والتي كانت أهدافها "كبح" الصحافة الرجعية ، وذلك عن طريق إخضاعها للرقابة ، أو حتى حظرها بشكلٍ كامل.
ومع دخول النقابات العمالية طريق الحرب.
فقد استقبل الديمقراطيون المستعصون ،و الذين قد أفسدتهم تجاربهم مع موسكو الستالينية، وعلى رأسهم "المقربين من جهاز المخابرات والشرطة السرية السوفياتية (GPU)
تلك الحملة ، والتي لا يمكن وصفها إلا بأنها حملة انتحارية. فليس من الصعب رؤية أنه حتى ولو انتصرت هذه الحملة وحققت نتائج ملموسة والتي قد تناسب لومباردو توليدانو ، فإن العواقب النهائية ستقع على عاتق الطبقة العاملة.
نظرياً ، وبحسب التجربة التاريخية ، فإن أي تقييد للديمقراطية في المجتمع البرجوازي ، يكون في النتيجة موجه ضد البروليتاريا ، تمامًا كما تقع الضرائب في نهاية المطاف على عاتق البروليتاريا. فلا يمكن للبروليتاريا استخدام الديمقراطية البرجوازية إلا لفتح الطريق أمام تطور الصراع الطبقي. وبالتالي ، فإن أي "زعيم" عمالي يسلح الدولة البرجوازية بوسائل السيطرة على الرأي العام، والصحافة بشكل خاص ، هو خائن للبروليتاريا.
إن اشتداد الصراع الطبقي سيجبر البرجوازية على إبرام معاهدا وتشريعات، واللجوء الى كل اشكال التدابير التقييدية و الرقابية "الديمقراطية" ضد الطبقة العاملة. لذلك، فعلى هؤلاء و الذين لم يدركون ذلك بعد أن يتركوا صفوف الطبقة العاملة.
قد يعترض البعض من "أصدقاء" الاتحاد السوفيتي بالادعاء ان دكتاتورية البروليتاريا ملزمة باللجوء إلى تدابير استثنائية ، و خاصة ضد الصحافة الرجعية"نجيب على هؤلاء:
أولاً، هذا الاعتراض يساوي بين الدولة العمالية والدولة البرجوازية. بالرغم من أن المكسيك بلد شبه مستعمر، إلا أنها في نفس الوقت دولة برجوازية ، وبالتأكيد ليست دولة عمالية. ولكن حتى من وجهة نظر مصالح دكتاتورية البروليتاريا ، فإن منع الصحف البرجوازية أو الرقابة عليها ليس مسألة "برنامج" أو "مبدأ" على الإطلاق ، ولا وضعًا مثاليًا.
و بمجرد الانتصار ، قد تجد البروليتاريا نفسها مضطرة ، لفترة من الزمن إلى اتخاذ تدابير خاصة ضد البرجوازية ، وذلك إذا تبنت البرجوازية موقفاً تمردياً مفتوحاً ضد دولة العمال. في هذه الحالة ، فإن القيود المفروضة على حرية الصحافة تسير جنبًا إلى جنب مع جميع التدابير الأخرى المستخدمة في التحضير لحرب أهلية.
وكما نضطر لاستخدام المدفعية والطيران ضد العدو ، فلن نتسامح مع نفس هذا العدو الذي يحتفظ بمراكزه الخاصة للمعلومات والدعاية داخل معسكر البروليتاريا المسلحة نفسها. ومع ذلك ، حتى في هذه الحالة ، إذا طال أمد الإجراءات الاستثنائية لفترة كافية لخلق وضع دائم ، فإنها تحمل خطر الخروج عن السيطرة ، وإعطاء بيروقراطية العمال احتكارًا سياسيًا ، لتصبح بذلك مصدرًا لانحطاطها.
أمامنا مثال حي لمثل هذه الديناميكية ، فيما اذا نظرنا إلى الممارسات القمعية المكروهة لحرية التعبير والصحافة في الاتحاد السوفيتي. "وهذا لا علاقة له بمصالح دكتاتورية البروليتاريا". على العكس من ذلك ، فهي تساعد في حماية مصالح الطبقة الجديدة في السلطة ضد معارضة العمال والفلاحين. هذه البيروقراطية البونابارتية في موسكو يتولى رعايتها السادة لومباردو توليدانو ورفاقه.
الذين يخلطون بين حياتهم المهنية ومصالح الاشتراكية.
إن المهام الحقيقية للدولة العمالية لا تتمثل في ضبط الرأي العام ، ولكن في تحريره من رأس المال. و لا يمكن القيام بذلك إلا من خلال وضع وسائل الإنتاج والتي من ضمنها "وسائل إنتاج المعلومات" في أيدي المجتمع بأكمله. و بمجرد اتخاذ هذه الخطوة الجوهرية نحو الاشتراكية ، يجب أن تكون كل التيارات في الرأي التي لم تحمل السلاح ضد دكتاتورية البروليتاريا قادرة على التعبير عن نفسها بحرية. ويصبح واجباً على دولة العمال أن تضع بين أيديهم الوسائل التقنية اللازمة لذلك ، من المطابع ، والورق ، ووسائل النقل.
إن أحد الأسباب الرئيسية لانحطاط آلة الدولة هو احتكار البيروقراطية الستالينية للصحافة، والتي بدورها قد تؤدي الى تحويل كل مكاسب ثورة أكتوبر إلى كومة من الخراب.
إذا كان علينا البحث عن أمثلة للتأثير الشائن للكومنترن على الحركات العمالية في مختلف البلدان ، فإن الحملة الفعلية التي قادها لومباردو توليدانو ستقدم واحدة من أسوأ الحملات.
فهو يحاول مع رفاقه العقائديون أن يدخلوا في نظام ديمقراطي برجوازي أساليب ووسائل قد تكون ، في ظل ظروف معينة ، حتمية في ظل ديكتاتورية البروليتاريا. علاوة على ذلك ، فهم في الواقع لا يستعيرون هذه الأساليب من دكتاتورية البروليتاريا ، بل من مغتصبيها البونابارتيين. بعبارة أخرى ، إنهم ينقلون فيروس البيروقراطية المنحلة إلى ديمقراطية برجوازية مريضة بالفعل.
تواجه الديمقراطية الهزيلة في المكسيك خطرًا دائمًا ، مميتًا ، يوميًا من اتجاهين:
أولاً من الإمبريالية الأجنبية ، وثانيًا ، من عملاء الرجعية في داخل البلاد ، و الذين يسيطرون على أكبر دور النشر والطباعة.
فقط أولئك المكفوفين أو البسطاء هم من يعتقدون أن العمال والفلاحين يمكن أن يتحرروا من الأفكار الرجعية بحظر الصحافة الرجعية. في الواقع ، إن عظمة حرية التعبير فقط هي التي يمكن أن تخلق الظروف المواتية لتقدم الحركة الثورية في الطبقة العاملة.
من الضروري شن معركة لا هوادة فيها ضد الصحافة الرجعية. ولكن في نفس الوقت لا يمكن للعمال أن يتركوا المهمة التي يتعين عليهم القيام بها من خلال منظماتهم وصحفهم الخاصة، في مهاجمة القبضة الوحشية والقمعية البرجوازية.
قد تبدو الحكومة اليوم على استعداد تام لتلبية المنظمات العمالية. ولكن هذه الحكومة نفسها قد تسقط غدا ، وستسقط حتماً ، في أيدي أكثر العناصر رجعية في البرجوازية. ووقتها سيتم استخدام القوانين القمعية الحالية ضد العمال. فقط المغامرون الذين لا يفكرون بأي شيء سوى احتياجات اللحظة يمكنهم أن يفشلوا في حماية أنفسهم من مثل هذا الخطر.
إن الطريقة الأكثر فعالية لمحاربة الصحافة البرجوازية هي أن تتطور الصحافة العمالية. بالطبع ، الصحف الصفراء مثل El Popular ، غير قادرة على القيام بمثل هذه المهمة. لا مكان لمثل هذه الصحف بين الصحافة العمالية أو الصحافة الثورية أو حتى الصحافة البرجوازية ذات السمعة الجيدة. وما El Popular إلّا اداتاً لخدمة المصالح والطموحات الشخصية للسيد توليدانو ، الذي هو في الواقع في خدمة البيروقراطية الستالينية. طرقهم نشر الأكاذيب، والافتراءات، والتضليل، صحف لا تحوي على برنامج سياسي ولا أفكار. وصحيفتاً كهذه لا يمكنها أبدًا أن تضرب على وتر حساس في الطبقة العاملة ، ولا أن تجديهم بعيداً عن الصحافة البرجوازية لذلك نصل إلى الاستنتاج الحتمي بأن الصراع بين الصحافة البرجوازية يبدأ بطرد القادة المنحطين من المنظمات العمالية وعلى وجه الخصوص من مديريات تحرير الصحافة العمالية ومن وصاية توليدانو والوصوليين البرجوازيين الآخرين.
تحتاج البروليتاريا المكسيكية إلى صحافة نزيهة للتعبير عن احتياجاتها والدفاع عن مصالحها وتوسيع أفقها ، في سبيل تمهيد الطريق للثورة الاشتراكية في المكسيك. و هذا ما تنوي Clave فعله. ولذلك، فليكن إعلاناً لحربٍ لا هوادة فيها ضد الادعاءات البونابارتية لتوليدانو. آملين الحصول على دعم جميع العمال التقدميين ، وكذلك دعم الماركسيين والديمقراطيين الحقيقيين.



زوروا صفحتنا على الفايسبوك للاطلاع و الاقتراحات على الرابط التالي
http://www.facebook.com/1509678585952833- /الحزب-الشيوعي-السوري-المكتب-السياسي
موقع الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي على الإنترنت:
www.scppb.org

موقع الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي على (الحوار المتمدن):
www.ahewar.org/m.asp?i=9135



#الحزب_الشيوعي_السوري_-_المكتب_السياسي (هاشتاغ)       The_Syrian_Communist_Party-polit_Bureau#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسار- العدد 47
- لا للتطبيع لا للأنظمة التابعة
- المسار- العدد 46
- المسار- العدد 45
- المسار- العدد 44
- المسار- العدد 43
- المسار- العدد 42
- المسار- العدد 41
- المسار- العدد 40
- المسار- العدد 39
- 38المسار- العدد
- المسار- العدد 37
- بيان حول مايسمى بصفقة القرن
- المسار- العدد 36
- المسار- العدد 35
- البرنامج السياسي للحزب
- المسار- العدد 34
- المسار- العدد 33
- بيان حول العدوان التركي
- المسار- العدد 32


المزيد.....




- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة
- انفجارات في مقاطعة كييف ومدينة سومي في أوكرانيا
- عشرات القتلى والجرحى جراء قصف الطيران الإسرائيلي لمدينة رفح ...
- القوات الأوكرانية تقصف جمهورية دونيتسك بـ 43 مقذوفا خلال 24 ...
- مشاهد تفطر القلوب.. فلسطيني يؤدي الصلاة بما تبقى له من قدرة ...
- عمدة كييف: الحكومة الأوكرانية لا تحارب الفساد بما فيه الكفاي ...
- عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية متواصلة على رفح
- الجامعات الأميركية تنحاز لفلسطين.. بين الاحتجاج والتمرد والن ...
- بايدن يؤكد لنتنياهو -موقفه الواضح- بشأن اجتياح رفح المحتمل


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي - المسار- العدد 48