أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اخلاص موسى فرنسيس - الأجنحة














المزيد.....

الأجنحة


اخلاص موسى فرنسيس
(Eklas Francis)


الحوار المتمدن-العدد: 6802 - 2021 / 1 / 29 - 09:29
المحور: الادب والفن
    


انتهى الوقت، كانت ساعة الغروب والسماء تستعير من الشمس خيوطها السلسة، لتخلع على الشفق الدفء والألوان. كانت الهضبة تطيل المكوث في مواجهة الريح، تتزيّن بلازورد الشعاع الهابط فوق البحر. أجلس على كتف الوادي، والنخيل تهدهده الريح، يتمايل وكأنّه عازف كمان خارج من عمق الوادي، تشهق الأغنية، وتخيّم رعشة من البرودة على المساء. ما زلت أحملق في المرئي أمامي، أصغي إلى إيقاع الصوت الآتي من الغيب، وكأنه فارس يمتطي صهوة فرس أصيل، أو خارج من عمق أساطير الصحارى العربية، في عينيه "حزن نبوي" يسكن الكهوف، يلفّ في يديه أواخر وريقات الحياة. بدأت الظلمة تجتاح الأرض المبلّلة بمطر أمس، العصافير تزقزق من بعيد معلنة قدوم الليل. ضممت الكنزة الصوفية أتقي لسعة البرد، وجلست أتّأمل الأغصان تعانق الريح ممزوجة بضجيج السيارات المسرعة. يشبهني كثيراً هذا الغصن الشارد، توقّفت الماكنة البشرية ساعة الشفق، وما زال الملّاح الخارج من البحر، يرتدي قبعة سوداء، فكرة تنساب من بين يدي، أحاول صوغه بكلمات على الآلة الكاتبة، امتداد لتلك الحضارات القديمة، سارية تخفق بوجه الريح، ونحو شطآن المساء يلوّح بيده، مخرجاً من حقيبته آلة الهارمونكا، يبثّ فيها من روحه، فتأتي الألحان جذوة من حياة، تنساب مذهبة محمرة، تتماوج، وتصدح مثل نواقيس الكنائس القديمة، تتلألأ، تصخب مثل النوارس، مثل تيار في غور البحر، يلج الفراغ، يملأه من همس الآلهة، عندليب يغرّد في صومعة الليل، ليس ثمّة ثالث بيننا سوى حلم يجمعنا. في الأفق الممتدّ فوق المدينة، وعلى السفح المقابل من الكرة الأرضية، متعثرين بسور المسافة، يتفجّر الحنين حين يسدل الليل ستاره، مثل امرأة تسدل شعرها الأسود على جسدها الغضّ الأبيض، يعزف ألحاناً طفولية، فيخرج القمر من خلف الجبل، يخيّم بنوره الفضيّ على الجبال، يتأرجح مع صوت الهارمونكا. في حضرة هذا الجنون أخاف الوقوع في حبّ الحياة الخارجة من بين الشفتين، ومثل تلميذة أخاف أن تجرفني دوامة العيون. كيف لهم أن يتّهموا الشتاء بفصل الموت، أغرق فيه بالحياة، وأغوص في عتمة الغابة، أبحث عن ظلّه، أسير بلا هدى، أنتظره يخرج من المرآة في يدي، أفكّر بالغد، وأفكّر بالطير الحائر المحلّق فوق رأسي. أبتعد، أهرب من تلك المسوّدات القديمة. عندما ينام الهواء على سطح البحر، سأعود للتجول في الغابة، أطرد الحيرة، وأغلق على طيفك عينيّ. مرة أخرى رائحة الأرض بعد المطر توقظ فيّ الحنين، تمتزج برائحة الصنوبر والحطب المحروق، تناديني فألوّح له خجولة، أحمل قلبي بيد مرتبكة إلى بستان الرغبات المعصومة، أقرضها وأنفاسنا ملتهبة والابتسامة مسروقة، أرفعها على مذبح المستحيل، ينفخ دخان أنفاسه في حديد الهارمونكا، يبعث فيها الحياة، يسأل سنونوتين مسافرتين إلى الربيع الآتي ، تبادلنا معهما العمر والأجنحة.



#اخلاص_موسى_فرنسيس (هاشتاغ)       Eklas_Francis#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة د. مريم الهاشمي في ديوان وأمضي في جنوني للشاعرة اخلاص ...
- لسنا قصّة عابرة.
- وسادة التيه
- قراءة في ديوان الشاعر جميل داري -لا جناح لي-
- أشجانِ الخلودِ
- الأفعى
- قراءة في القصة القصيرة -تحت المظلة- للكاتب نجيب محفوظ
- -حبة مطر-
- ما نكتبُ هو صدًى لأفكارِنا ورؤانا
- تناقضات...من المجموعة القصصية -على مرمى قٌبلة-
- قراءة في رواية اخلاص فرنسيس “رغبات مهشّمة- عرض ونقد مصطفى ال ...
- مثقلين بالوجع
- البيوتُ، الأماكنُ، والذّكرياتُ
- “علاوي” على موعد مع الحياة
- فستان أزرق فارغ منّي.
- فيروز فعل الإيمان والغبطة
- يوم الطفل العالمي
- الوردة ذات التويجات المبعثرة (مصطفى النجار)
- اعترافات
- -تجلّيات حب- شعر مصطفى النجار


المزيد.....




- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...
- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اخلاص موسى فرنسيس - الأجنحة