أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوزان العبود - -الطائي- إهداء إلى روح الفنان -حاتم علي-














المزيد.....

-الطائي- إهداء إلى روح الفنان -حاتم علي-


سوزان العبود
فنانة تشكيلية

(Suzann Elabboud)


الحوار المتمدن-العدد: 6792 - 2021 / 1 / 19 - 03:39
المحور: الادب والفن
    


"الدنيا لسه بخير إذا في بلد كاملة بتطلع بجنازة فنان"*

‏201𔆦
جالساً على كرسيه الضخم غائراً براحة بين جنباته ناظراً إلى شاشة تلفاز ضخمة غطت جدارا سميكا من أوله إلى آخره مراقباً بثاً مباشراً لآلاف السكان النازحين من مخيم اليرموك متدافعين بمشهد تقشعر له الأبدان، مشهد يشبه يوم الحشر, فيثير الرعب في النفوس, حيث يتدافع البشر كنهر جارف غزير لايتوقف..،صراخ أطفال..، عيون أمهات باكيات..، عويلهن.. ،وكسره الرجال..، كل ذلك كان في لحظة مصيرية عندما أعلن وقف إطلاق النار لتأمين المواد الغذائية للسكان الذين حرمهم منها لشهور .
مراقباً المشهد المهول..، كان يبتسم ابتسامة المنتصر.

‏202𔆥
جالساً على كرسيه المتعفن الضخم غائراً متهالكاً بين جنباته فاغراً فاهه محدقاً في شاشته التي مازالت تغطي الحائط السميك الذي بدأت الشقوق تغزوه، يراقب البث المباشر للجثمان العائد إلى الوطن بعد سنين من النفي، مندهشاً من كل تلك الحشود الضخمة التي خرجت في نعي روح طيبة، وكأنه اتفاق ضمني بين أطياف الشعب لرد الجميل لتلك الروح التي أحست بهم، بآلامهم معاناتهم ، فأحبوها من غير إجبار واجتمعوا حولها في يوم الحقيقة، حقيقة أن الشعب طيب، وأن الطائفية التي ألصقت كصفة فيه كانت قد زرعت فيه زرعاً، ولم تكن من جوهره، فلم يعرف أحد منهم الى أي طائفة ينتمي ذلك الإنسان الفنان، كل ماعرفوه أنهم أحبوه فاجتمعوا بإرادتهم الحرة يطوفوا بجثمانه دمشق ويسقطوا كل الأقنعة، فذلك الرجل الذي كان يوماً طفلاً صغيراً معلقاً على أكتاف خاله يعيش نزوحه الأول من الجولان، فينغرس المشهد الأليم في ثنايا قلبه وروحه ليجَسَدَ كل ذلك الألم في التغريبة الفلسطينية، وتمر السنون ليغدو الطفل رجلاً يعيش كل آلالام التغريبتين .

اللاجئين..، المهجرين..، والمغتربين، تسمروا أمام الشاشات الصغيرة التي باتت تكبر وتكبر وهي تبث مشهد الجثمان محمولاً على الأكتاف وهو يطوف حاجاً في حارات دمشق وأزقتها للمرة الأخيرة مودعاً كل حجرٍ فيها، وكل منهم يتمنى لو كان يطوف شوارعها ولو بكفن.
بكى السوريون أنفسهم، بكوا دمشق المدمرة، وبكوا الطائي المُحِب ثم أنشدوا في وداعه :
نامي إذا يا روحو نامي الآن ...
هي آخر الأحلام نطلقها على عجل ونمضي ...
هي آخر الأيام ... نطويها .. وننحي في سلام ...
نامي إذا يا روحي فقد نفذ الكلام ...

وهناك بعيداً اقتحمت أصوات الشعب نافذة قصره صادحةً :
لا تسل عن سلامــته
روحه فوق راحته
بدلته همومه
كفنا من وســـــادته
هو بالباب واقف
والردى منه خائف
فإهدأي يا عواصف خجلاً من جراءته
صامت
لو تكلما لفظ النار والدما
قل لمن عاب صمته
خلق الحزم أبكما
وأخو الحزم
لم تزل يده تسبق الفما
فاهدأي يا عواصفُ
خجلاً مِن جراءتِهْ

علا الصوت وعلا حتى اخترق أذني الطاغية وكل خلية فيه فانصهر جسده المتعفن مع الكرسي، وتلاشى في صمت.
_____________
* “الدنيا لسه بخير، إذا في بلد كاملة بتطلع بجنازة فنان”
عبارة مقتبسة من عبارة قالها الفنان "خالد تاجا" في أحد مشاهد مسلسل الفصول الأربعة في جزئه الأول، ضمن أحداث حلقة حملت اسم “أصدقاء نزار قباني”، واستعان فيها المخرج "حاتم علي" بمشاهد حقيقية من جنازة "نزار قباني" .
حيث يقول عن جنازة الراحل نزار قباني :
“الدنيا لسه بخير، إذا في بلد كاملة بتطلع بجنازة شاعر”.
وللمفارقة فقد دفن المخرج "حاتم علي" بنفس المقبرة التي دفن فيها الشاعر "نزار قباني" وهي مقبرة "الباب الصغير" وشيعهما الشعب بجنازتين عفويتين مهيبتين.



#سوزان_العبود (هاشتاغ)       Suzann_Elabboud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الميلاد- قصة قصيرة بالعربية والانكليزية
- القبطان
- قراءه في كتاب -خارج الحديقة... داخل السور- للشاعر  عبدالقادر ...
- قصة -آزاد- مرفقة بقراءة أدبية وبترجمة للكردية والانكليزية
- -النفق-
- -الكرامة-
- أدونيس - من الكلمة إلى اللوحة -
- بس خلاص
- الميلاد
- -الدرويش-
- القفص
- معرض - أرواح ملونة - في برلين
- أفق
- -العبور-
- - في المسلخ -
- - بلاد العم سام -
- - ذهاباً إلى اسكودار -
- -بلد القانون-
- -اصمت-
- - قطتي -


المزيد.....




- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوزان العبود - -الطائي- إهداء إلى روح الفنان -حاتم علي-