أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - عبير سويكت - ما وراء قرار حمدوك تجميد المناهج(يا بنى إذا بُليت بهذا الداء فداوه بهذا الدواء)















المزيد.....

ما وراء قرار حمدوك تجميد المناهج(يا بنى إذا بُليت بهذا الداء فداوه بهذا الدواء)


عبير سويكت

الحوار المتمدن-العدد: 6781 - 2021 / 1 / 7 - 08:48
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


رئيس الوزراء السودانى عبدالله حمدوك أصدر قراراً بتجميد العمل بمقترحات المناهج و تشكيل لجنة وصفها بالقومية للعمل على إعداد مناهج متوافق عليها.

و كان الوسط السودانى مؤخراً قد شهد جدلاً واسعاً حول مقترحات المناهج وصلت حد الاحتقان بين الأطراف المؤيدة و المعارضة، فى الوقت الذى وصف د.حمدوك هذا الحراك الإجتماعى و النقاش حول المناهج و تطويرها بإحدى ثمرات ثورة ديسمبر واصفاً إياها بانها فتحت الأبواب لإمكانية الحوار الإجتماعى الديمقراطي الإيجابي .

من جانب اخر انقسمت آراء الشعب السودانى حول قرار رئيس الوزراء تجميد العمل بالمناهج ، و رأى البعض فى ذلك ما أسموه انتصار لجماعة الهوس الديني و طالبى السلطة عبر الدين، و انه خذلان لارادة الثورة و ضعف موقف ، بينما رأى اخرين ان موقف دكتور عبدالله حمدوك يكشف عن حكمة و ذكاء و دهاء فى التعاطى مع قضايا أراد لها فلول النظام شق الصف الوطنى و إضعاف موقف الحكومة الانتقالية.

على الصعيد الشخصي يذكرنى موقف رئيس الوزراء بقصة أمير المؤمنين معاوية بن ابى سفيان مع عبدالله بن الزبير ، (و اللبيب بالإشارة يفهم ).

قيل كان لعبد الله بن الزبير أرض متاخمة لأرض معاوية بن أبي سفيان، قد جعل فيها عبيداً له من الزنوج يعمرونها، فدخلوا على أرض عبدالله، فكتب إلى معاوية : أما بعد يا معاوية فامنع عبدانك من الدخول في أرضى و إلا كان لي و لك شأن.
فلما وقف معاوية على الكتاب "كان آنذاك أمير المؤمنين فدفعه إلى ابنه يزيد، فلما قرأه قال له :يا بني ما ترى؟ قال :" أرى أن تنفذ إليه جيشاً أوله عنده و آخره عندك، يأتوك برأسه، قال أو خير من ذلك يا بني؟، علي بدواة و قرطاس ، و كتب :"وقفت على كتاب ابن حواري رسول الله، و ساءني ما ساءه، و الدنيا بأسرها عندي هينة في جنب رضاه، و قد كتبت له على نفسي صكاً بالأرض و العبدان، و أشهدت على فيه،فليستضفها مع مع عبدانها إلى أرضه و عبيدة و السلام".

فلما وقف عبدالله بن الزبير علي كتاب معاوية كتب إليه :"وقفت على كتاب أمير المؤمنين أطال الله بقاءه فلا عدم الرأي الذي أحله من قريش هذا المحل و السلام ".
فلما وقف امير المؤمنين معاوية على كتاب عبدالله بن الزبير رماه إلى ابنه يزيد، فلما قرأه أسفر وجهه، فقال له :يا بني إذا بليت بمثل هذاالداء فدواه بمثل هذا الدواء.

عندما نتأمل القصة، نتوقف أولاً على اللهجة الساخنة التي إستخدمها عبدالله بن الزبير مع أمير المؤمنين آنذاك معاوية بن أبي سفيان بجلالة قدره.
و من زاوية آخري يستوقفني رأي يزيد إبن أمير المؤمنين عندما سأله أبيه :يا بني ما ترى، فما كان من الإبن إلا أن طرح حل سياسي عنيف رداً على الأسلوب الذي أعتبره تطاولاً على أمير المؤمنين.

و من ثم كان خطاب أمير المؤمنين، هذا الخطاب السياسي الذي صار أنموذجاً يحتذى به و يدرس في أعظم الجامعات، بإعتباره خطاب سياسي عبقري، يعكس فنون العبقرية السياسية، و الصفات التي يجب أن يتمتع بها القيادي الناجح من صبر، و حكمة، و مرونة في التعامل في أصعب المواقف و مع أصعب الشخصيات، و صفة التسامح، و القدرة على التحكم في النفس و امتصاص غضب الآخر بكل حكمة.
و الصدق و الشفافية التي تبرهنها الأعمال و ليس الأقوال،و تقبل الآخر المختلف معك سياسياً و فكرياً فمن المعروف أن عبدالله بن الزبير لم يكن يعترف بأمير المؤمنين معاوية و خلافته.
و من جانب آخر نلاحظ أن خطاب أمير المؤمنين لعبدالله بن الزبير و كلماته المستخدمة، كانت كلمات حكيمة، لطيفة، متسامحة، دالة على مدى إحترام أمير المؤمنين لأفراد رعيته من مؤيدين و معارضين على حد سواء و تقديره لهم، و الأهم من ذلك زهده في نعيم الدنيا و ترفها لذلك كان قراره بإعطاء أرضه و عبيده للزبير، فهذا النوع من القادة يفكرون في القيادة الرشيدة الحكيمة العادلة أكثر من تفكيرهم في المال والجاه و اتخاذ قرارات الانتصار للذات و الأنا.
لهذا خلد التاريخ السياسى و الإنسانى هذا الموقف الحكيم لمعاوية و مازال خطابه خالداً يعبر عن حكمته و سياسته العبقرية و قيادته الرشيدة .
و من ثم يتبين لنا أن هذا الخطاب السياسي العبقري الذي أثلج قلب عبدالله بن الزبير كانت ثماره السياسية، إعتراف عبد الله بن الزبير بشرعية معاوية بن أبي سفيان كأميراً للمؤمنين، و هو يثنى على حكمته و يأكد على أن إختيار قريش له كان صائباً .
و من خلال هذه المواقف السياسية العقلانية الحكيمة لمعاوية بن أبي سفيان، يتضح لنا أن مجتمعنا السوداني في حاجه ماسة إلى مثل هذاالنوع من القيادة الرشيدة الحكيمة التي نعول عليه في إحداث تغيير جذري، فالخطاب السياسي العنصري لبعض القيادات السياسية يولد الأحقاد و الفتن و يعمق الجروح ، و يخلق النزعات القبلية، و يزيد الشق بين أبناء الوطن الواحد و يفرق و لا يجمع، و المرونة والحكمة في التعامل مع المؤيدين و المعارضين لأي قيادة سياسية مهم جداً كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، و مهارة الوسطية عند تنافرالآراء والأفكار و احتدام النقاش هي مهارة على القائد السياسي الحكيم أن يتقنها حتى يتمكن من خلق التوازن المطلوب، لأن عمل القائدالسياسي يدور حول هذا المحور( شؤون الوطن و المواطنين) بمختلف آرائهم و أفكارهم و توجهاتهم، و نقد الذات هو أول خطوة نحو النجاح،و ارساء قيم إحقاق العدالة و المساواة ، و احترام حرية الرأي والتعبير التى هي أبسط الحقوق و عدم كبتها.
و فى ذات الوقت نبذ و رفض اى محاولة لمحاولات إغتيال كل من له رأي أو فكر آخر لانه نوع من الإرهاب و الاضطهاد الفكري و الإستعباد،فالعبودية ليست هي عملية الرق فقط بل هي مجمع واسع، العبودية أشكال و أنواع.
و مقولة السياسية فن الممكن لا تعني ممارسة القذراة و الخباثة في طرق و أساليب إغتيال الطرف الآخر، السياسية ليست خباثه و لكن محور إنساني لتغيير حياة الفرد إلى الأفضل و إرساء تعاليم التسامح والتعايش السلمي و تعزيز ثقافة الحوار و السلام العالمي.

و أختم مقالي هذا بأن الحكمة في القيادة السياسية مهمة جداً، الحكمة ضالة المؤمن فخذ الحكمة ولو من اهل النفاق، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً.



#عبير_سويكت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة إقتصادية فى موازنة 2021
- معركة المناهج فى السودان خفايا و خبايا، ما بين أئمة السلطان ...
- معركة دكتور عمر القراى مع علماء السلطان المتوجهين من دعارة د ...
- عيسى عليه السلام إبن البكر البتول موضعه و موقعه فى الإسلام .
- أساطير حول حقيقة بابا نويل(سانتا كلوز) هل هو عيد البهجة و ال ...
- أساطير حول حقيقة بابا نويل(سانتا كلوز)،القديس نيكولاس ينتصر ...
- أساطير حول حقيقة بابا نويل(سانتا كلوز)، هل هو الرجل الحكيم أ ...
- المجلس التشريعى القومى القلعة المصفحة ضد الانقلاب على المدني ...
- شهادة للتاريخ حتى لا ننسى موقف الحزب الشيوعى من الوثيقة الدس ...
- اليوم العالمي لذوى الإعاقة فى السودان و ذكرى نفحات برنامج ال ...
- الإيدز فى السودان ما له و ما عليه -سلامة الفرد من سلامة المج ...
- تجربة التأمين التكافلى الإسلامى ما لها و ما عليها
- المؤتمر السودانى القومى الأول لصناعة التأمين في السودان ( ال ...
- الصادق الإمام زعيم الانصار الهُمام الإنسان سمح الوصوف يا رب ...
- مؤتمر المائدة المستديرة للحريات الدينية العالمي
- المؤتمر الدولى الإسلام و التجديد ما بين الأصل و العصر
- تقرير البيئة نحو إقتصاد أخضر مكسى بلون السندس تزفه أنغام الس ...
- محاولة الذين فى قلوبهم مرض طمس الحقائق بالإغتيال الشخصي و ال ...
- رفع الدعم فى السودان ما له و عليه حقائق،ضرورة، مبررات
- الأمل الأخضر الذى يتمخطر فى بهاء المؤتمر الإقتصادى القومى ال ...


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - عبير سويكت - ما وراء قرار حمدوك تجميد المناهج(يا بنى إذا بُليت بهذا الداء فداوه بهذا الدواء)