أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - إيران وإمبراطورية الخراب














المزيد.....

إيران وإمبراطورية الخراب


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 6780 - 2021 / 1 / 6 - 09:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



نادراً ما يلتفت المعلّقون على «الربيع العربي» وتبعاته إلى أن الحكم الإيراني كان هو المستفيد الرئيسي من الموجة الثورية الأولى التي خضّت المنطقة العربية في عام 2011. والأصحّ أن نقول إن طهران كانت المستفيد الرئيسي من انتكاسة تلك الموجة الأولى، وذلك من خلال دورها الأساسي والبارز في دعم القوى المضادة للثورة، بدءاً من تدخّلها وأعوانها الإقليميين في إنقاذ نظام آل الأسد في سوريا في ربيع 2013. وقد تبع ذلك امتداد تنظيم داعش في «الشام» ومن ثم اجتيازه للحدود في عام 2014 إلى العراق المجاور، حيث أتاح للجماعات الطائفية المسلّحة التابعة لإيران أن تتضخّم وتتمدّد وتُحكم سيطرتها على البلاد.
وفي نهاية العام ذاته، شنّ حلفاء إيران الحوثيون في اليمن هجوماً على العاصمة صنعاء واستولوا عليها بسرعة من خلال تحالفهم مع رأس القوى المضادة للثورة اليمنية، علي عبد الله صالح. أما دور «حزب الله» في لبنان، فقد تعزّز بصورة خطيرة من خلال تطوير قدراته العسكرية بدعم إيراني إبّان مشاركته في الحرب المضادة للثورة السورية، ومن ثم من جرّاء تحوّل النظام السوري إلى الارتهان بإيران. فقد أدّى هذا التحوّل الأخير إلى حلول طهران محلّ دمشق في الهيمنة على لبنان، الأمر الذي أطلق العنان لهيمنة فصيل إيران اللبناني بعد أن كان النظام السوري يلجمه حتى ذلك الحين.

هذه التطورات هي ما جعل النائب عن مدينة طهران في «مجلس الشورى الإسلامي» (البرلمان) الإيراني، علي رضا زاكاني، يعلن إثر سقوط صنعاء في خريف 2014 أن العاصمة اليمنية أصبحت العاصمة العربية الرابعة التابعة لطهران، بعد كل من بيروت ودمشق وبغداد. وزاكاني عضو بارز في جناح «المحافظين» الإيرانيين، أي الجناح الأصولي المتعصّب (اشتهر بوصفه للإصلاحيين بأنهم «أعداء الثورة»). وتبعه بعد أشهر قليلة، في مارس / آذار 2015، علي يونسي، مستشار الرئيس الإيراني للشؤون الدينية ورئيس وزارة الاستخبارات والأمن الوطني السابق ورئيس المكتب السياسي-الأيديولوجي لجيش «حرّاس الثورة الإسلامية» بتصريح مدوٍّ قال فيه إن «إيران أصبحت إمبراطورية كما كانت سابقاً وعاصمتها بغداد، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما كانت عبر التاريخ». وقد تبعه في شهر مايو / أيار اللواء إسماعيل قاآني، الذي كان نائباً لقاسم سليماني حتى اغتيال هذا الأخير وقد حلّ محلّه في قيادة «فيلق القدس» التابع لحرّاس الثورة والمتخصّص بالعمليات العسكرية خارج الحدود الإيرانية، فتباهى قائلاً: «لقد اكتسبنا قوتنا وعظمتنا في المنطقة من خلال قدرتنا العسكرية، ومن خلال الدول والتيارات التي تقف إلى جانب الثورة الإيرانية، وتعمل تحت العلم الإيراني في منطقة الشرق الأوسط».
والحقيقة أن هذا الامتداد الإيراني التوسّعي إنما يتمّ ليس على حساب شعوب البلدان العربية الأربعة المذكورة وحسب، بل على حساب الشعب الإيراني نفسه. والحال أن السمة المشتركة للبلدان الخمسة هي الخراب، سواء أكان خراباً متساوياً بكافة وأخطر معاني الكلمة كما في سوريا واليمن، أم خراباً اقتصادياً بالدرجة الأولى كما في إيران والعراق ولبنان. فحسب البنك المركزي الإيراني يفوق معدّل ارتفاع الأسعار (التضخم النقدي) في إيران 40 في المئة بوجه عام ويزيد عن الضعف بالنسبة لأسعار المأكولات كاللحوم، الأمر الذي يترافق مع تهاوي العملة الإيرانية إزاء العملات الصعبة. وهذا يعني أن مستوى معيشة الإيرانيين في هبوط مستمر ومتسارع.
هذا الواقع وثيق الصلة بالسياسة التوسّعية التي ينتهجها النظام الإيراني في المنطقة. فمن جهة، أدّت هذه السياسة إلى تشديد الخناق الأمريكي على إيران بواسطة العقوبات، ومن جهة أخرى، أضافت نفقات السياسة التوسّعية الباهظة، ولا تزال تضيف، ثقلاً كبيراً على كاهل الشعب الإيراني، الأمر الذي انعكس في الشعارات المعادية لتلك السياسة التوسّعية التي رفعتها الانتفاضات الشعبية الإيرانية المتتالية ضد حكم الطاغوت. وليست الحالة الاقتصادية بأفضل بكثير في العراق، حيث اضطرّت الحكومة إلى تخفيض سعر الصرف الرسمي للدينار العراقي في نهاية العام المنصرم بما سرّع انحدار قدرة الشعب العراقي الشرائية. أما الحالة الاقتصادية في لبنان، فحدّث ولا حرج!
إن السمة المشتركة لأذرع التوسّع الإقليمي الإيراني، ولاسيما «حرّاس الثورة الإسلامية» في إيران والميليشيات المنضوية في إطار «الحشد الشعبي» في العراق و«حزب الله» في لبنان، هي أنها أجهزة تستقي مشروعيتها السياسية-الأيديولوجية وبالتالي تمويلها من العائدات النفطية الإيرانية والعراقية، تستقيهما من دورها العسكري. ولها مصلحة بالتالي في تسعير التوتّرات السياسية بما يعزّز مشروعية هيمنتها في نظرها ونظر أنصارها، بيد أن هذا التسعير من شأنه أن يفاقم الأزمة الاقتصادية في بلدان هيمنتها. هكذا تصبح شعوب البلدان الثلاثة أسيرة حالة حلزونية على غرار ما تعاني منه كافة البلدان الخاضعة لجماعات مسلّحة مستقلّة عن جهاز الدولة الرسمي. أما مؤدّى مثل هذه الحالة عاجلاً أو آجلاً، فهو الانهيار الاقتصادي الكامل الذي يمهّد لانتهاء الجماعات وتسلّطها إثر نضوب مصدر تمويلها.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عام التطبيع وضرورة التصدّي له
- من جمال خاشقجي إلى روح الله زَم: يدُ الاستبداد الطويلة
- العقد الأول من السيرورة الثورية العربية
- تواطؤ «وطن حقوق الإنسان» مع وائدها
- خمسون يوماً محفوفة بأخطار حرب إقليمية
- بن سلمان يتحدّى بايدن بتصرّف أرعن جديد
- الحلف الثلاثي الرجعي: موسكو وأبو ظبي والقاهرة
- مكالمة سرّية خطيرة بين ترامب والسيسي
- أين الحضاريون في صدام الهمجيات الجاري؟
- هل الرسوم أخطر ما يتعرّض له المسلمون؟
- فرنسا… من شفرة السِكّين إلى شفير الهاوية
- أردوغان وإفلاس العثمانية الجديدة
- غباء العنجهيّة الذكوريّة… لاسيما الجبان منها
- ماذا تبقّى من جمال عبد الناصر بعد نصف قرن؟
- السودان: قذارة الابتزاز الأمريكي وحقارة الرضوخ له
- من المأساة إلى المسخرة: حول حفل التوقيع في البيت الأبيض
- بن سلمان في الميزان: هل ينتهي تولّيه العهد قبل العهد؟
- فرنسا ووهم الاستعمار المستدام
- نتنياهو وبن زايد يشاركان في حملة ترامب مرة ثانية
- «حزب الله» من التحرير إلى الطغيان


المزيد.....




- ترامب يناور بالغواصات النووية.. مما يتألف الأسطول الأميركي ت ...
- أوكرانيا تضرب العمق الروسي وتكشف عن فساد واسع يستهدف قطاع ال ...
- الأطفال الجائعون وتفشي البلادة الأخلاقية
- أسير إسرائيلي جائع يحفر قبره.. المقاومة تزلزل العالم
- إدانة ماليزية شعبية ورسمية لجرائم التجويع في غزة
- مواقف جديدة لإيران بشأن التخصيب النووي: استئناف القتال مع إس ...
- فيديو- مشاهد مؤثرة لطفل فلسطيني يركض حاملاً كيس طحين وسط واب ...
- رقم قياسي - هامبورغ تشهد أكبر مسيرة في تاريخها لدعم -مجتمع ا ...
- ويتكوف يلتقي في تل أبيب عائلات الرهائن الإسرائيليين المحتجزي ...
- -واشنطن بوست- تنشر صورا جوية نادرة تكشف حجم الدمار الهائل ال ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - إيران وإمبراطورية الخراب