أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - من جمال خاشقجي إلى روح الله زَم: يدُ الاستبداد الطويلة














المزيد.....

من جمال خاشقجي إلى روح الله زَم: يدُ الاستبداد الطويلة


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 6769 - 2020 / 12 / 23 - 09:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



من البديهي أن مواجهة الكلمة بالسيف هي من معالم الاستبداد. فبطبيعته لا يتحمّل الاستبداد الكلمة المعارضة، ولو كان واثقاً من قوة حججه ومن قدرته على إقناع الناس بها، وقابلاً بتباري الآراء على أن يعود الفصل للأكثرية الشعبية، لما كان استبداداً بالأصل. فحيث إن قوام الحكم الاستبدادي هو أن يفرض نفسه على الشعب قهراً، لا يسعه سوى أن يعالج المعارضة بالبطش والنقد بإسكات الناقدين، سواء أكان الأمر بكمّ أفواههم أو نفيهم أو زجّهم بالسجون، أم بإعدامهم. والحال أن تعبير «الإعدام» باللغة العربية بليغ جداً في هذا المجال، إذ يحيل إلى نقل من يُنفّذ به الإعدام من الموجود إلى المعدوم. هكذا يعالج الحكم الاستبدادي المعارضة التي يرى فيها خطراً على استئثاره القسري بالسلطة، مغفلاً أن الفكر يحيى ولو زال المفكّر وأن الكلمة تبقى بعدما تصدأ السيوف وتنكسر.
وثمة تراتب في شرارة الأنظمة الاستبدادية يشكّل طولُ يدها القمعية مقياساً من مقاييسه، حيث إن الأنظمة الأكثر استبداداً لا تكتفي بممارسة بطشها داخل حدودها، بل تسعى وراء إعدام معارضيها أينما وُجدوا، ولو بخرق سيادة الدول الأخرى والطعن بقوانينها. وقد شهد العصر الحديث ازدياداً حاداً في تلك الظاهرة سببه أن طُرق التواصل شهدت قفزة نوعية في القرن العشرين وقفزة أخرى في القرن الراهن، جعلتا أنظمة الاستبداد تتخلّى تدريجياً عن نفي المعارضين إلى خارج حدود دولها، بل تجهد كي تطالهم في الخارج بالأساليب المذكورة. وقد كان أول نظام استبدادي مارس مطاردة المعارضين خارج حدوده على نطاق واسع حكم ستالين في الاتحاد السوفييتي، الذي لم يكتف بإعدام مئات الآلاف من المعارضين السياسيين في الداخل والزجّ بمئات آلاف الآخرين في معسكرات الاعتقال، بل أوكل إلى مخابراته مهمة قتل معارضيه البارزين في الخارج، وأشهرهم مؤسس الجيش الأحمر، ليون تروتسكي، الذي اغتاله أحد عملاء المخابرات الستالينية في المكسيك قبل ثمانين عاماً بالتحديد، وذلك بعد فشل محاولات قتل سابقة.
أما منطقتنا التي تتميّز بتعدّد أنظمة الاستبداد فيها، فلديها سجّل طويل حافل بأسماء المعارضين الذين طالتهم يد البطش الطويلة خارج حدود بلدانهم. وربّما كان أشهرهم في القرن الماضي المناضل المغربي الكبير المهدي بن بركة، الذي كان اغتياله في فرنسا سنة 1965 من أولى ثمرات التعاون بين مخابرات الحكم المغربي والموساد (بمساهمة المخابرات الفرنسية، بالطبع) وهو تعاون سبق إقامة العلاقات الرسمية بين المملكة والدولة الصهيونية بوقت طويل جداً. أما «مآثر» النظامين البعثيين العراقي والسوري في اغتيال المعارضين في الخارج، فغدت مبكّراً سمة أساسية من سمات هذين الحكمين المجرمين.

هذا وقد رأينا خلال السنتين الأخيرتين حادثتي إعدام لمعارضَين بارزَين من قِبَل النظامين اللذين يدّعيان الارتكاز على الدين في منطقة الشرق الأوسط، ألا وهما النظام الملكي السعودي والنظام الثيوقراطي الإيراني. أما الاختلاف بين طريقتي الإعدام فبليغٌ في التدليل على الفرق بينهما. وقد بات اغتيال الحكم السعودي لجمال خاشقجي أشهر من أن يحتاج إلى الوصف، بيد أن المُلفت فيه هو الطريقة الرعناء التي حاول بها أزلام محمد بن سلمان تمويه جريمتهم وإخفاء معالمها. وهي محاولة تعبّر عن ارتهان الحكم السعودي بالحماية الأمريكية، وقد أدرك بن سلمان أن قيامه باغتيال خاشقجي من شأنه أن يخلق له مصاعب في الولايات المتحدة، فحاول تنفيذ الاغتيال سرّاً وفشل في ذلك أيما فشل.
أما المخابرات الإيرانية فقد استدرجت المعارض روح الله زَم إلى العراق بالتحايل عليه مثلما استدرجت المخابرات السعودية المعارض جمال خاشقجي إلى قنصلية المملكة في إسطنبول بالتحايل عليه. لكنّ الإيرانيين لم يحاولوا قط إخفاء جرمهم، بل نظّموا خطف زَم في العراق ونقله إلى إيران وتباهوا باعتقاله في سجونهم، وقد أخضعوه لمحاكمة صورية على طريقة أنظمة البطش المعهودة ونفّذوا به الإعدام شنقاً في الثاني عشر من الشهر الجاري بصورة مكشوفة ورسمية تماماً. والاختلاف هنا ناتج عن كون النظام الإيراني ـ أو على الأقل جناحه المتشدّد المهيمن، الذي يمثّله «المرشد الأعلى» وجهاز «حرّاس الثورة الإسلامية» ـ لا يبالي لصورته في الخارج بقدر ما يخشى المعارضة الشعبية في الداخل. فقد أراد النظام الثيوقراطي تلقين درس لتلك المعارضة حيث كان روح الله زَم قد قام من منفاه الفرنسي بدور بارز في نشر أصوات الانتفاضة الشعبية الإيرانية وصُورها من خلال شبكات التواصل على الإنترنت. هذا وسوف تحوم لعنة الجريمتين فوق النظامين المجرمين حتى سقوطهما الآتي لا مُحال، عاجلاً أم آجلاً ومهما تعدّدت جرائمهما.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقد الأول من السيرورة الثورية العربية
- تواطؤ «وطن حقوق الإنسان» مع وائدها
- خمسون يوماً محفوفة بأخطار حرب إقليمية
- بن سلمان يتحدّى بايدن بتصرّف أرعن جديد
- الحلف الثلاثي الرجعي: موسكو وأبو ظبي والقاهرة
- مكالمة سرّية خطيرة بين ترامب والسيسي
- أين الحضاريون في صدام الهمجيات الجاري؟
- هل الرسوم أخطر ما يتعرّض له المسلمون؟
- فرنسا… من شفرة السِكّين إلى شفير الهاوية
- أردوغان وإفلاس العثمانية الجديدة
- غباء العنجهيّة الذكوريّة… لاسيما الجبان منها
- ماذا تبقّى من جمال عبد الناصر بعد نصف قرن؟
- السودان: قذارة الابتزاز الأمريكي وحقارة الرضوخ له
- من المأساة إلى المسخرة: حول حفل التوقيع في البيت الأبيض
- بن سلمان في الميزان: هل ينتهي تولّيه العهد قبل العهد؟
- فرنسا ووهم الاستعمار المستدام
- نتنياهو وبن زايد يشاركان في حملة ترامب مرة ثانية
- «حزب الله» من التحرير إلى الطغيان
- «كلّن يعني كلّن»!
- الاستبداد وتلفيق التهم: عمر الراضي نموذجاً


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - من جمال خاشقجي إلى روح الله زَم: يدُ الاستبداد الطويلة