أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد ابو غوش - كيف نهزم أنفسنا؟














المزيد.....

كيف نهزم أنفسنا؟


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 6778 - 2021 / 1 / 4 - 01:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كيف نهزم أنفسنا
نهاد أبو غوش*
مضى عام آخر، وها نحن نستقبل عاما جديدا، ليس في سيرتنا وحياتنا الشخصية فحسب، بل في عمر النكبة والهزيمة، والاحتلال المديد الذي باتت قيوده هي السمة المميزة لحياة الشعب الفلسطيني لعقود متتالية، سواء لمن بقي في وطنه ويعيش تحت الاحتلال، أم لمن تشرد في بلدان المنافي والشتات، واقتلع من أرضه ووطنه فحرم حتى من أبسط حقوقه المدنية والإنسانية في العمل والسفر والتعليم وحتى من الانتساب المادي والمعنوي لوطنه. ولا يلوح في الأفق ما يدل على قرب زوال هذا الكابوس الذي يخيّم على حياتنا كما خيم قبل ذلك على حياة آبائنا وأمهاتنا، ويبدو أنه سيرافق أبناءنا أيضا لأمد طويل إذا بقيت أمورنا على حالها.
وفي تفسير ما لحق بنا من هزائم وما آلت إليه أحوالنا من خسارات، فقد اعتدنا أن نشرح ونُفصّل الأسباب الخارجية الموضوعية أي تلك الخارجة عن نطاق إرادتنا، من قبيل الحديث عن شدة التآمر الدولي، وتكالب القوى الكبرى، وتواطؤ الأنظمة العربية، وفساد الأسلحة، من دون أن نحلل الأسباب الداخلية الخاصة بنا، ونحن لا غيرنا، المسؤولون عنها وعن نتائجها، وفي يدنا وحدنا أن نغيّرها أو أن نستبقيها.
ولاشك أن للأسباب الذاتية دورا مهما وحاسما، إن لم يكن في وقوع الهزيمة، ففي استمرارها واستقرار نتائجها، وعجزنا عن محو هذه النتائج وآثارها. ولا مبالغة في القول أننا كشعب وأمة نعيد إنتاج الظروف والعوامل التي قادت إلى النكبة، أي أننا نعيد إنتاج هزيمة أنفسنا مع أن لدينا عشرات الأغاني ومئات القصائد التي تتغنى بالانتصارات وتمجّد البطولات.
وهزيمة النفس غير الانتصار عليها، فالأولى هي أقرب للاستسلام وتفضي إلى إهداء العدو نصرا لا يستحقه ولم يكن حتميا ولا حاسما، بينما الثانية تشتمل على معان إيجابية عديدة ومرغوبة، منها تشذيب النفس وقهر الأنانية ومقاومة نزعات الشر، أما ما نحن بصدده في هذا المقام فهو ما نقوم به كفلسطينيين من مجموع الممارسات والسلوكيات الفردية والجماعية، وما يرافقها من ثقافة وأشكال للوعي والتنظيم الذاتي والمؤسسي، ونمط العلاقات التي تحكمنا في ما بيننا ، وطريقة إدارتنا لشؤون حياتنا بما فيها خلافاتنا وتبايناتنا.
أبرز الخطايا التي ما زلنا نقترفها يوميا هي إهمال الشرط الأهم لانتصار حركات التحرر وهو قانون تغليب التناقض الرئيسي (مع الاحتلال) على كل ما عداه من تناقضات ثانوية داخلية، ويكفي أن نستعرض تجربة الانقسام المريرة، لنكتشف أن وقوع الانقسام المستمر منذ ثلاثة عشر عاما ونيّف، وخطر تحوّله إلى انفصال دائم، سببه تغليب الخلافات الداخلية على التناقض الرئيسي.
عامل آخر حاضر بقوة يتمثل في غياب البوصلة، والوجهة الواضحة التي يمكن لها أن تحشد طاقات الشعب وقواه السياسية ومؤسساته وتجمعاته وأفراده، وأن تنظمها في تيار موحد، ينضوي في صفوفه طيف واسع من الآراء والاجتهادات والمتنوعة ولكنها موحدة في وجهتها الرئيسية، بحيث أن أي جهد مهما بدا صغيرا أو ثانويا يصبّ في مجرى هذا التيار الجامع العريض، الذي يمضي مثل نهر هادر تغذيه مئات الروافد والتيارات والينابيع الصغيرة، بينما في الوضع الراهن تضيع كثير من الجهود والتضحيات التي تبذل أو تذهب بددا، وتمضي من دون أن تخلّف أثرا.
نمط إدارة المجتمع والشأن العام يساهم أيضا في إعادة إنتاج الواقع المأزوم بتكويناته العشائرية والقبلية والجهوية ما قبل الوطنية، وبكل ما يرافق ذلك من أساليب وأمراض وممارسات تعيق التقدم نحو مجتمع المواطنة، والحقوق والواجبات، واحترام التخصص، وسيادة قيم النزاهة وإعمال مبدأ المحاسبة حتى في ظل الاحتلال، والمشكلة أن ممارسات كالمحسوبية والواسطة واستغلال المنصب العام لأغراض شخصية، وكل أشكال الفساد والاستبداد التي تضعف ثقة المواطن في المؤسسات السياسية، وتدفع شرائح متسعة باستمرار، والأجيال الناشئة على وجه الخصوص إلى النفور من السياسة والعمل العام، والتركيز على خيار الخلاص الفردي بل والحلم في الهجرة النهائية من هذه البلاد.
كما أن غياب البوصلة التي توحد الاتجاه، وتوضحه وتنير الطريق للجميع، يساهم في حرف أنظار الناس والمجتمع نحو قضايا عابرة وعارضة، مؤقتة وأحيانا مفتعلة، حيث لا يمر شهر من دون بروز قضية عامة صاخبة تشد انتباه الناس لأيام وأحيانا لأسابيع، ويفرغون فيها مكنون غضبهم وحنقهم، وما تراكم لديهم من ضغوط، ثم يعودون إلى حياتهم اليومية الطبيعية وكأن شيئا لم يكن. ومن الطبيعي الافتراض وفي ضوء التقنيات الحديثة التي تتيحها وسائل التواصل الاجتماعي، والسيطرة عليها من قبل جهات لا تكنّ لنا ودا، أن جهات معادية تساهم في حرف أنظار الناس عن قضاياها الرئيسية الكبرى، وتركيزها على قضايا هامشية وفرعية، أو قضايا مهمة ولكن يمكن لجهات الاختصاص المعنية أن تعالجها، وهكذا تعمل تلك الجهات المعادية على تأجيج المشاعر، وإلهاء الشعب الفلسطيني ومشاغلته بأي شيء إلا بقضيته الرئيسية.
الرأي العام هو سلطة معنوية بحد ذاتها، وهو مسطرة وأداة قياس مهمة لتقييم وتقويم السياسات حتى في الدول المتقدمة التي قطعت شوطا طويلا في بنائها المؤسسي، ولكنه يمكن أن يتحول إلى ألعوبة، وميدانا فسيحا للتحريض والتهييج إذا فشلت مؤسسات السلطة / الدولة في القيام بدورها، وإذا تنكّبنا سبيل بناء دولة القانون والمؤسسات، وواصلنا إنتاج وإعادة إنتاج الأدوات والطرائق والمفاهيم التي أدت إلى نكبتنا وهزيمتنا.
*عضو المجلس الوطني الفلسطيني



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انقلاب السحر على نتنياهو
- صناعة السلاح الإسرائيلي قاطرة للنمو ومدخل للنفوذ
- لا تتركوا المقدسيين وحدهم!
- إسرائيل تتغلغل شرق أوروبا لتطيل قرارات الاتحاد الأوروبي ودعم ...
- القدس في مهب التهويد والتطهير العرقي
- إسرائيل العنصرية تراود القارة السمراء
- اسرائيل: يمينا در!
- شعب فلسطيني موحد أم تجمعات سكانية؟
- قرار العودة للتنسيق الأمني ومخاطره على المصالحة
- الجيش الإسرائيلي مركز السياسة والمجتمع في إسرائيل
- قرار صادم للقيادة الفلسطينية
- عن اعلان الاستقلال الفلسطيني
- الفلسطينيون ومرحلة جو بايدن
- عن حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني
- ياسر عرفات أبو الوطنية الفلسطينية
- حين يكون الرئيس الأميركي مديرا لعلاقات إسرائيل العامة
- من المستفيد من نجاح بايدن: الفلسطينيون أم إسرائيل
- تجديد برامج وبنى الحركة الوطنية الفلسطينية
- الآثار الكارثية لمرحلة ترامب والدور الأوروبي المطلوب
- التسوية الإقليمية على حساب الفلسطينيين


المزيد.....




- ترامب مشيرًا إلى وجود شار محتمل لـ-تيك توك-: مجموعة من الأثر ...
- شابة تتعرض لهجوم مفاجئ في مياه عكرة نسبيًا على شاطئ بأمريكا. ...
- هذا المطوّر ابتكر تطبيقًا لمكافحة ممارسات ضباط الهجرة والجما ...
- قطاع المتاحف في السودان: خسائر فادحة جراء السرقات والتدمير ا ...
- تكنو
- قادر على رصد الصواريخ فرط صوتية وبالونات التجسس: ما هو رادار ...
- إيران: أكثر من 900 قتيل خلال الحرب وطهران تندد بالسلوك -الهد ...
- إيران تكشف عدد قتلى الهجمات الإسرائيلية خلال حرب الـ12 يوما ...
- مسح شامل للبشرة لرصد المشاكل وتقديم الحلول
- -لمحاسبة إسرائيل وأمريكا-.. إيران تُطالب بضمانات للعودة إلى ...


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد ابو غوش - كيف نهزم أنفسنا؟