يحمل فيلاً على رأسه!

حسان الجودي
(Hassan Al Joudi)

الحوار المتمدن-العدد: 6746 - 2020 / 11 / 28 - 14:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

يكتبُ : يحمل الرجل صندوقاً ثقيلاً بوزن الفيل على رأسه. يبدو الأمر قابلاً للتصديق، فمن الممكن احتواء الصندوق سبائك ذهبيةً أو مكعبات يورانيوم ذات كثافة هائلة . ومن الممكن أن يكون الرجل رياضياً قوياً خارقاً بشكل من الأشكال.
أما حين يكتب: يحمل الرجل فيلاً على رأسه.فلن يصدق أحد هذه المقولة.
إنها اللغة المخادعة إذاً! والتي تستطيع بمكرها الأصيل تمرير ما لا يقبله عقل أو منطق.
كم هي بارعة في عملها هذا، كم استطاعت عبر العصور إخراج المؤلفات الضخمة إلى النور ، وكم أثّرت في الملايين وهي مجرد منتج جميل يتهافت أمام تضارب المصالح.
يدرّب اللغةَ السحرةُ، وهم أعضاء في فريق الصقور الروحية التي تحلق دائماً، وهي تراقب العالم الصغير ، وترصد أدقَّ تفاصيله، لتنقض فيما بعد على الفريسة السهلة.
بل إنهم أعضاء في فريق الببغاوات الذكية التي تحاكي الكون ، وتضيف إلى تلك المحاكاة ، أصواتاً تدّعي أنها لآلهة عظيمة موجودة في خيالاتهم ، فتندفع الجموع وراء رسالاتهم الخالدة.
بل إنهم أعضاء في فريق الخياطين الذي يفصل بذاّت الجنود لتكون سهلة الإختراق، وبذات القتلة لتكون عصية على الموت. وهكذا يضبط إيقاع الحروب ، إيقاعُ اللغة ذاتها: أمام سرْ، أمام متْ، أمام ارفعِ الفاعل، واكسرِ المجرور!
لقد انتشينا بخدع ماركيز العظيمة في عزلته المئوية. وقد صدقنا أليس في بلاد العجائب، وأصابنا غثيان سارتر، وشاركنا في حفلة تيس ماريو بارغاس يوسا ،وخسرنا ثروتنا ونحن نراهن على الفكر الاجتماعي النظيف، وهرمنا ونحن نشرب أكاسير الخلود، وحبلنا بالوهم ونحن نضاجع ذواتنا في غرف القراءة الفسيحة.
وها نحن نصر على تصديق تلك اللغة ، كما يصدّق حوت أزرق ضخم ابتلاع إنسان عبر حنجرته الضيقة ذات القطر 30 سم.
إنها اللغة العبقرية التي خلقت نفسها قبل الأفكار، فاستطاعت ترويضها لتكون صنيعتها إلى الأبد.
إنها اللغة التي ابتكرت الفايروس قبل الكمامة وقبل الشفاء. كي تتوعدنا بالموت ، حين لا نؤمن بصدقها.

#حسان_الجودي (هاشتاغ)       Hassan_Al_Joudi#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل