أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسان الجودي - الصابون














المزيد.....

الصابون


حسان الجودي
(Hassan Al Joudi)


الحوار المتمدن-العدد: 6425 - 2019 / 12 / 1 - 23:31
المحور: الادب والفن
    


كان أبي نحيفاً وهزيلاً، مثل عود من إكليل الجبل الذي دأبت أمي على زراعته في الحاكورة القريبة.
أمضت أمي معظم عمرها في صناعة الصابون الذي برعت في إضافة الأعشاب إليه كعشبة الليمون أو القرفة أو إكليل الجبل أو إضافات اخرى كالعسل واللافندر أو القهوة أو الشاي الأخضر.
استخدمت أمي جميع الدهون الممكنة، الحيوانية والنباتية لصناعة صابونها، وكانت ترسلني دائماً إلى عطاري المدينة لشراء زيت جوز الهند أو زيت الخروع أو زيت بذور اللفت . أما شحوم الخراف والعجول فكانت تحصل عليها من مصادر أخرى.
كانت هوايتي المفضلة مساعدة أمي في عملها ، لأستمتع بعدها بتقطيع الصابون ذي الرائحة المعطرة الفريدة. أما أبي ، فكان يجلس دائماً مراقباً أعمالنا مستمتعاً بلفافة التبغ البلدي.
دعتني أمي ذات صباح إلى غرفتها ، وكان ذلك في بداية مرضها الثقيل . وأشارت إلى صندوق خشبي كبير تحت سريرها وقالت:
-هو لك. لا تفتحه إلا بعد موتي
سألتها عن محتواه. فقال باستخفاف :
-مجرّد صابون مصنوع خصيصاً لأجلك يا ميمون.
لكنه بالتأكيد لم يكن صابوناً عادياً . كان صابونا استثنائياً بكل المقاييس. دأبت على استخدامه كل يوم ، فاكتسبت طلاوة في اليدين والروح والجسد . وأثّر في كياني كما يؤثر الشِّعر تماماً.
هل علي شكر أبي أيضاً على مساهمته العظيمة في منح الدهون المنكّهة بالشِّعر ؟
أم ترى أمي هي ذلك الشبح الخفي الذي طالما أخبر عنه :
-يأتي إلى سريري كل ليلة. يتسرّب كالماء تحت جلدي ويتحرّك بلطفٍ في عروق الجسد. فأحس بخفة فائقة في الكيان، ورغبة في البكاء العميق تحدوها رغبة في كتابة القصائد .
لقد كان أبي شاعراً هزيلاً متواضعاً
وأمي كانت صانعة صابون عظيمة
بينما ميمون يواصل الحيرتين: الحياة القذرة أم الموت النظيف؟



#حسان_الجودي (هاشتاغ)       Hassan_Al_Joudi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكلمة
- من منكم؟
- صيّاد الشعراء
- الشيخ ترامب
- ريح موت
- ورق التوت
- من كتاب الحيوان
- مقامات


المزيد.....




- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...
- فيلم -مجرد حادث- للمخرج الإيراني جعفر بناهي يمثل فرنسا في تر ...
- غداً في باريس إعلان الفائزين بجائزة اليونسكو – الفوزان الدول ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسان الجودي - الصابون