أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - الناقد نبيل عودة مارون عبود آخر... وشِعر الكلسات














المزيد.....

الناقد نبيل عودة مارون عبود آخر... وشِعر الكلسات


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 6736 - 2020 / 11 / 18 - 22:18
المحور: الادب والفن
    


بقلم: د. جميل الدويهي

يروي الناقد نبيل عودة قصّة واقعية حدثت معه، أرويها كما هي، قبل أن أعلق عليها. يخبر نبيل عودة:
دعاني صديق للتعرف على شاعر مبدع (حسب قوله) استمعت اليه ولم أجد شعرا... بل ثرثرة فارغة من أي مضمون ثقافي. او حتى من صياغة لغوية بسيطة.
حافظت على صمتي.
خلال حديثه الفارغ، عن نفسية الشاعر حين يثور شيطان شعره، فاجأني "شاعره المبدع" بالخروج عن الشعر وشيطانه بقوله انه منذ سنوات لا يلبس الا الكلسات البيضاء، وشد بنطاله للأعلى ليظهر لون كلساته البيضاء مثل الثلج، وما زلت أجهل العلاقة بين شيطان الشعر والكلسات البيضاء.
اسرعت بإنهاء اللقاء، قبل ان ابق الحصوة، رافضا حتى شرب القهوة.
سألني صديقي ونحن نبتعد: ما رأيك بشِعرِه؟ لماذا لم تقل شيئا؟
قلت له: إن لون كلساته البيضاء أكثر تألقا من شعره.
اجابني: لم افهم ما تعني؟
قلت: اشكر الله انه لم يكشف عن لون كلسونه أيضاً.
قال لي: لماذا انت دائما سلبي؟
اجبته:هل تريدني ان أمدح لون كلساته؟ لعلها بحر شعريّ جميل؟ ام يجب ان ننتظر ايضا ليكشف عن لون كلسونه؟
- وما علاقة ذلك بشعره؟
- أظن ان كلسونه وكلساته هي أهم مميزاته الشعرية!
ملاحظة: قد يقرأ زميلي هذه القصة المسجلة بدون الفذلكة القصصية لنبيل عودة. ارجو ان يوصلها له، لعله يغير لون كلساته، أما شِعره فعليه رحمة الله!

***
تعليق جميل الدويهي على النص

لا أشك لحظة في أن الناقد الحقيقي يعاني، فمن الصعب أن تقنع غير المبدع بأنه غير مبدع، فقد رسخ في عقله الباطني أنه المتنبيّ، أو نزار قباني أو محمود درويش. وبلغ البعض ادعاء النثر، وهو الجناح الثاني للأدب. علماً أن النثر يختلف عن الكتابة، فمخائيل نعيمة ناثر، وطه حسين ناثر، ونجيب محفوظ ناثر، ومحمد حسنين هيكل كاتب، وغسان تويني كاتب. لماذا؟ لأن النثر هو عمل أدبي تصويري جمالي، والكتابة هي عمل تقريري، توصيلي غير جمالي.

كتبت في حياتي حوالي 1000 افتتاحية سياسية ومقالات في مواضيع مختلفة، لا أنشرها، ولا أحتفظ بها، لأنها كتابة وليست أدباً. فإذا نشرتها احتاجت إلى مجلدات. ولو تناولها ناقد على أنها نثر، لاختلفت معه ورفضت أن يفعل ذلك، لكي لا يشوّه الحقيقة.

هذه وظيفتنا في الحياة، أن نعلن ما هو حقيقة تحت سقف القانون والمعرفة الحقّة. وليس علينا أن نعصر الظلام لنخرج منه كمّية ضئيلة من النور ونقول: هذا هو النور.

وما حدث مع شاعر الكلسات، يحدث معنا كل يوم، وما أكثر الذين لم يحفظ لهم أحد من الناس بيتاً واحداً، ولم يكتبوا قصّة أو رواية أو فكراً... يرفعونهم إلى مصاف عال، ويحشدون أنصاراً ليشيدوا بهم ويمدحوهم!

كان برتلماوس يمتلك حيوانين للفلاحة. وكنت طفلاً أراقبه من بعيد وهو يصيح لغندور وعيّوق ويلكزهما ليجتهدا في العمل. غندور البقرة وعيّوق الثور. وبينما كان برتلماوس يحرث الحقل، كان ينشد أبياتاً زجلية من نوع القرادي. وأحياناً كان بعض الرجال يذهبون إليه في الحقل، لتمضية الوقت معه في الفكاهة والمزاح الشعري. وأذكر أن برتلماوس هجا واحداً منهم له منخار طويل:

يا دِلّك يا تعتيرك... قَدّ الفشخَه تفكيرك

جايي من هونيك لهون تا تشوفيني مناخيرك.

وهكذا أصبح برتلماوس شاعراً... وله أنصار وأتباع، وقد يطبع كتباً ويترجمون له... ولو كان نبيل عودة في تلك الأيام قريباً من برتلماوس، لكان ضحك... ليس من برتلماوس، بل ممَن تجمهروا حوله، واحتاروا في أيّ اجتهاد يرفعونه به فوق الكبار. ألسنا في عصر الملك "برتلماوس" الأكبر، حيث تتفوّق الضفادع على البلابل المغرّدة؟

اعتزلت النقد، وأنا أستاذ محاضر فيه، وكتبت نقداً عن صلاح لبكي، وسعيد عقل، وأمين الريحاني، وغوته، وميشال سليمان، ومحمد الشرفي، ونزار قباني... توقّفت عن النقد لأنني رأيت مقدار الهزل الذي يحيط بالأدب. وأسال نفسي أحياناً: لماذا أنوّع وأكتب القصّة والرواية والفكر، وأنواع الشعر كلها، إذا كان ذلك لا يضيف شيئاً ولا يحدث فرقاً؟

فِلاحة برتلماوس أيضاً أغلى من شعره... ولكن ماذا تفعل بالحظّ، والسياسة، والتدليس، والدبلوماسية، والعلاقات؟ وما حيلتنا إذا كان بعض الناس يحمّلون ضمائرهم، ويحاربون المبدعين من حسَد، ويعتبرون أن شعر برتلماوس أغلى من ثلم الفِلاحة؟
جميل الدويهي: مشروع "أفكار اغترابية" للأدب الراقي - سيدني 2020



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة مبسطة: وحدة الأخلاق والفن
- يوميات نصراوي: عن الشعر والكلسات البيضاء
- يوميات نصراوي: مآسي هدم المنازل العربية
- أهمية العنوان في الإبداع وقضايا نقدية أخرى
- يوميات نصراوي
- ثلاث قصص من الأدب الساخر
- وداعا للشاعر الكاتب والمناضل حنا إبراهيم
- التشابه الجزئي
- رسالة للقائمة المشتركة حول مستقبلها كممثلة للجماهير العربية ...
- فلسفة السياسة: بين الهيمنة كنظام حكم والحل الوسط والمساوة
- يوميات نصراوي: سالم جبران – اديب، اعلامي ومفكر طليعي
- بمناسبة مئوية جمال عبد الناصر
- ابنة الناصرة بروفيسور كلثوم عودة
- يوميات نصراوي: تسجيلات من دفتري الخاص
- يوميات نصراوي: شذرات من الذاكرة
- تحقيق «هآرتس»: طمس النكبة... كيف تخفي إسرائيل الأدلة عن تهجي ...
- النكبة ليست نهاية الجريمة
- من تراثنا الفلسطيني
- كلمة اعتزاز بشاعر مبدع
- الصراع الحضاري هو ما سيحسم الصراع في الشرق الأوسط


المزيد.....




- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - الناقد نبيل عودة مارون عبود آخر... وشِعر الكلسات