أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نبيل عودة - يوميات نصراوي: سالم جبران – اديب، اعلامي ومفكر طليعي















المزيد.....

يوميات نصراوي: سالم جبران – اديب، اعلامي ومفكر طليعي


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 6692 - 2020 / 10 / 1 - 01:04
المحور: سيرة ذاتية
    


توجد بين اوراقي عشرات التسجيلات عن نشاطي الإعلامي والفكري مع الشاعر والمفكر والإعلامي سالم جبران. عمليا أستطيع ان أقول إني منذ بداية عام 1962، ارتبطت نشاطا وفكريا واعلاميا بسالم جبران. كنت وقتها في الصف التاسع، نشرت قبل ذلك قصة قصيرة في مجلة الجديد، وكنت أصغر الكتاب المحليين الذين تنشر لهم مجلة الجديد الثقافية قصة قصيرة في ذلك الوقت.

بداية تعرفي على سالم كانت حين قدت نضالا طلابيا في المدرسة الثانوية المهنية "اورط عمال"، اذ كمدرسة عربية لشبكة يهودية، لم يجر تجهيز المدرسة بماكينات لأشغال الحدادة الفنية. كان سالم محررا لمجلة الغد الشبابية الشيوعية، حضر لمدرستنا ليكتب عن الاضراب، تعرفت عليه وعرفني من قصتي ودعاني للتواصل معه في مجلة الغد، ثم جندت عددا من الزملاء للقاء اسبوعي في نادي الشبيبة الشيوعية في الناصرة، حيث قدم لنا سلسلة محاضرات تثقيفية وفكرية أثرتنا واثرت على خياراتنا السياسية فيما بعد.

بدأت، بناء على طلبه، احضر الاجتماع الشهري لهيئة تحرير مجلة الغد ومقرها في حيفا، وكلفت بعدة مهام سهلة، مثل الكتابة عن النشاطات المسرحية والغنائية والندوات المختلفة التي كانت تعقد في الناصرة (اليوم تلاشت تقريبا) وعن بعض الكتب التي صدرت وقتها، أي أدخلني لعالم النقد، الأمر الذي ترك أثره على تطوري الثقافي والإعلامي والصياغي اللغوي، حيث أنى اكتب حتى اليوم دون المام جيد بقواعد اللغة العربية. نشاطي تحت اشرافه بمجلة الغد اثرى قدراتي التعبيرية واللغوية، الى جانب استيعابي لمفاهيم فكرية وثقافية جديدة، بعد فترة من نشاطي الصحفي، كلفت بكتابة تقارير صحفية عن واقع المجتمع العربي، هدم المنازل، مصادرة الأرض، اضرابات ومشاكل طلابية تعليمية مختلفة، الى جانب مواد أدبية نشرت بعضها في الغد.

سالم ليس مجرد كاتب آخر، انما سياسي مجرب تمرس في أعظم مدرسة سياسية عرفها العرب في اسرائيل، والتي تخرج منها أبرز المثقفين والأدباء والصحفيين والمناضلين، ومنهم اولئك الذين يغنون اليوم بصوت نشاز موالاتهم القومية او النضالية المدعية والتي وجه لها سالم صفعة مدوية في مقالاته المختلفة، طبعا نشأ سالم في مدرسة الحزب الشيوعي وصحافته السياسية والثقافية والفكرية، وقد تلاشت هذه الصحافة وحزبها والتنظيم الشيوعي، مع اضمحلال الحزب وسيطرة الشيخوخة الفكرية والثقافية على كوادره القيادية ونهجه وتنظيمه. وكان استبعاد سالم عن رئاسة قائمة الجبهة/ الحزب الشيوعي، للكنيست هي المفصل الحاسم ببدء اضمحلال مكانة الحزب الشيوعي وجبهته.

عملت معه في مجلة الغد لمدة ثلاث سنوات، أي فترة كوني طالبا ثانويا، ثم واصلت دراستي لهندسة الميكانيكيات لسنتين قبل ان يوفدني الحزب الشيوعي لدراسة الفلسفة والاقتصاد السياسي والعلوم الاجتماعية في موسكو. بعد دراستي عملت محترفا حزبيا حتى استقلت لأسباب لا مجال لأوردها هنا، ودخلت سوق العمل بالصناعات الثقيلة كمدير عمل وفيما بعد مديرا للإنتاج، لاغم أنى كنت أتوقع اختياري للعمل الإعلامي بعد انتصار الجبهة في انتخابات بلدية الناصرة. لكن يبدو ان ما ناضلنا لإسقاطه سياسيا واداريا، استبدلناه بما هو أشد فسادا وانتهازية، مما دفعني لسوق العمل بالصناعة وليس بالإعلام او التعليم. طبعا خلفيتي الهندسية كانت أكبر مساعد لي للتقدم المهني والإداري.
عام 2000 أقيمت صحيفة جديدة هي صحيفة "الأهالي" (لصاحبها علي دغيم من سخنين)، وكنت بتلك الفترة مصابا بحادثة عمل. دعاني سالم للانضمام اليه في تحرير صحيفة "الاهالي" التي صدرت أسبوعيا ثم نصف اسبوعية، ثم ثلاث مرات في الأسبوع. وقد أصر سالم على صاحب الجريدة ان يقع الخيار على شخصيا وليس على صحفيين لهم اسمهم وتجربتهم في الصحافة المحلية، وليس مدير عمل في الصناعات المعدنية كما كنت اعرف وقتها.
عملي مع سالم في الأهالي، وانا كاتب متمرس وورائي مئات النصوص الأدبية والنقدية والسياسية، ككاتب مستقل، كشف امامي قدرات سالم ومواهبه النادرة، وأفخر بالقول أنى تخرجت من جامعة سالم جبران الصحفية والفكرية، ولا اظن انه توجد جامعة في مستوى جامعتي. حقا حملت القلم منذ كنت في الخامسة عشرة من عمري، عندما نشرت قصتي الاولى، الا انني لا أستطيع القول أنى اصبحت صحفيا، وصاحب رأي مستقل، الا بعد عملي مع سالم في تحرير " الاهالي " التي حولناها، الى منبر مميز، والى تجربة صحفية لا سابق لها في الصحافة العربية في اسرائيل على الأقل، اثارت قلق كل الفلق الحزبية من قومية وشيوعية واسلامية، فاتحدوا في الضغط لإبعادنا عن " الأهالي" او اغلاقها.
كان يفرحنا عندما يتصل معنا رفاقنا الشيوعيين الكبار في السن، ليقولوا لنا انهم يقرأون الاهالي لمعرفة الموقف الشيوعي الصحيح. وكانت تلك أحسن شهادة لصحة فكرنا ومواقفنا، وأعظم اجر يعوضنا عن معاش الفقر الذي قبلنا به على مضض في سبيل بناء منبر فكري متنور وغير مهادن للعفن الفكري والسياسي. وربما يتفاجأ البعض إذا قلت ان عدد الصحفيين العاملين في "الاهالي " لم يتجاوز الأثنان، سالم جبران ونبيل عودة.
سالم جبران يذكرني بالمفكر الشيوعي الايطالي الرائع " غرامشي "، وقد حثني على قراءة كتاباته، التي طرح فيها رؤياه الفكرية الماركسية المبدعة، بدون اجترار دوغماتي للمقولات، كعناصر دينية غير قابلة للتحسين والاضافات. وعالج بجرأة ورؤية حديثة في وقته، للعديد من القضايا الملحة للمجتمع الايطالي، وللمسائل الفكرية العامة للماركسية. وقدم نموذجا للمفكر الماركسي المنفتح على مجمل الحركة الفكرية بلا تزمت ماركسي -ديني. وللأسف الشديد، عنما اعود الى غرامشي أجده أرقي بمراحل هائلة عن الفكر والمناهج الشيوعية التي ما زال البعض يرددها كالببغاوات منذ مطلع القرن العشرين. وما زالت معظم الاحزاب الشيوعية الشرقية تسجن نفسها داخل غرف مغلقة بإحكام، خوفا من "الانحراف" عن التوراة "الماركسية – اللينينية -الستالينية ". واكاد اكون واثقا مما اقوله، بأن الكثيرين من القيادات التي تحسن الضجيج، هم اشباه اميين ماركسيا، والمامهم لا يتعدى بعض المفاهيم السياسية والشعارات التي عفى عنها الزمن.

رأيت من واجبي ان الفت النظر لهذا المفكر الطليعي البارز، سالم جبران، لما شكله فكره من رؤية عقلانية متزنة، ومن تجربة حياتية فكرية وسياسية نادرة، انعكست في كتاباته ونشاطه الفكري والسياسي المتشعب في الوسطين العربي واليهودي.

الى جانب نشاطاته الإعلامية كان الشعر معشوقة سالم الأولى. وسالم شاعر مبدع، وكان ضمن شعراء المقاومة الذين أشار إليهم الشهيد غسان كنفاني.
اريد ان اكشف انه بعد انقطاع قسري عن الابداع الشعري، تحت عبء المسؤوليات السياسية والتثقيفية والصحفية التي قام بها وهو في الحزب الشيوعي، عاد الى الابداع الشعري اثناء نشاطه كمحرر لصحيفة الأهالي، وانا شخصيا مارست الضغط عليه ليبدأ بنشر جديده الشعري، كنت ارجوه ان يبدأ بنشر قصائده، نشرت له قصيدتين، احداها رثائه لمحمود درويش والتي كتبها أصلا باسم سعيد الحيفاوي. والثانية بعد انسحابه من الحزب الشيوعي على أثر الانقلاب ضده، وموقف قيادة الحزب المتخاذل، الذي كان بداية تفكك وضعف التنظيم فكريا وسياسيا. سمى تلك القصيدة باسم "عاشق النهر".
كنت اتمنى ان أقرأ قصائده منشورة على المواقع الى جانب كتاباته السياسية والفكرية …
للأسف كتاباته الشعرية التي كتبها اثناء تحريره للأهالي مفقودة حتى اليوم، وخاصة ديون غزلي قراته، وقرأ مقاطع منه امام عدد من الأصدقاء بجلسة خاصة، لكنه رفض ان ينشر قصائد منه وقال انه سيؤجل ذلك لوقت مناسب أكثر، لكن الحياة لم تمهله، وعبثا بحثنا انا وزوجته عن ديوانه المفقود.

وثيقة: قصيدة "عاشق النهر" لسالم جبران

عندما تدافعوا إلى المنصّة
مثل قبيلة مندفعة إلى الثأر،
فيهم العربيد والمهرّج
فيهم اللاعق والسارق
فيهم السكران والنصّاب
فيهم الحثالات التي تطرب لصوت تصفيقها
فيهم الهتّافون المحترفون
فيهم مشلولو التفكير العاجزون عن الحلم –
قرّرتُ أن أنزل عن المنصّة
لا مهزوما ولا هاربا
بل رافضا أن أشارك في المهزلة
رافضا المشاركة في المسؤوليّة عن الفضيحة
هم صعدوا إلى رقصة الانتحار
وأنا لم أنزل، بل صعدت
صعدتُ إلى ذاتي الحرّة، صعدت إلى جبل الحريّة
بقيتُ مع الناس، واحدا من الناس
الشمس في قلبي
لم أستبدل حلمي بحلم آخر
بل نفضتُ عن حلمي الغبار
ليس عندي وقت حتى لاحتقار
القبيلة التي اندفعتْ للثأر
بعد انعتاقي فقط،
أعرف تماما الفرق بين المستنقع والنهر
أنا حليفُ النهر
أنا عاشق النهر!



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمناسبة مئوية جمال عبد الناصر
- ابنة الناصرة بروفيسور كلثوم عودة
- يوميات نصراوي: تسجيلات من دفتري الخاص
- يوميات نصراوي: شذرات من الذاكرة
- تحقيق «هآرتس»: طمس النكبة... كيف تخفي إسرائيل الأدلة عن تهجي ...
- النكبة ليست نهاية الجريمة
- من تراثنا الفلسطيني
- كلمة اعتزاز بشاعر مبدع
- الصراع الحضاري هو ما سيحسم الصراع في الشرق الأوسط
- فلسفة مبسطة: هل كان نيشته نازيا ام عدوا للنازية؟
- قضايا مشينة تكشفها الصحف الاسرائيلية
- القومية العربية بين الحقيقة والأسطورة!
- في الذكرى الثانية عشر لرحيل شاعر فلسطين محمود درويش
- يوميات نصراوي: النقد الشخصاني ثرثرة بلا مضمون!!
- السخرية النبيلية شيء آخر غير السخرية
- تعمق دور المجتمعات المدنية في العالم
- ملاحظات سريعة عن السخرية في -عجيبة بيت أبي بشارة- لنبيل عودة
- سميح صباع شاعر غادرنا قبل الأوان
- هل كان الشعب الفلسطيني ضحية لأسطورة؟
- فلسفة مبسطة: التعددية ضرورة تاريخية لتطور الماركسية، هل تجاو ...


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نبيل عودة - يوميات نصراوي: سالم جبران – اديب، اعلامي ومفكر طليعي