أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامر أبوالقاسم - الرهان التنموي في ظل أزمة الديمقراطية التمثيلية















المزيد.....

الرهان التنموي في ظل أزمة الديمقراطية التمثيلية


سامر أبوالقاسم

الحوار المتمدن-العدد: 6736 - 2020 / 11 / 18 - 12:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إذا كانت التنمية هي رهان كل الشعوب، فإن عمودها الفقري لا يقاس فقط بتوفر الكم الكبير من الأموال أو التوفر على ثراء كبير في المواد الأولية ومصادر الطاقة، ولا يقاس بالكم الكبير من العناصر البشرية المتعلمة والمؤهلة تقنيا وإداريا فحسب، كما أنه لا يقاس حصرا بما هو منصوص عليه في الدساتير والقوانين التنظيمية والعادية وما يُبَثُّ في الاستراتيجيات والخطط والبرامج الحكومية من كم هائل من الإجراءات والتدابير، وإنما هي نسق من العلاقات بين كل هذه العناصر والوسائل كاملة، والتي تجد لها أثرا في الواقع المعيش للمواطنين داخل بلدانهم.
فوجاهة الأسس النظرية للديمقراطية التمثيلية، لا يمكنها من الناحية العملية أن تحجب طرح العديد من الصعوبات، ومنها ما يتعلق بتعبير الانتخابات عن الإرادة العامة، خاصة في ظل تدني المشاركة السياسية والانتخابية لأعداد كبيرة من المواطنين، وفي سياق وضع انتخابي محكوم بسيطرة المال والدين على اختيار المرشحين واستمالة الناخبين.
وإذا كان الأمر يتعلق بنقد للديمقراطية التمثيلية من قبل مفكرين كبار بالنسبة للدول التي صارعت من أجل بناء النموذج الديمقراطي منذ أزيد من قرنين، فإن أزمة الديمقراطية التمثيلية في بعض الدول التي تتلمس طريقها نحو الديمقراطية، تكتسي طابعا حادا ومركبا، لكونها اكتفت في غالب الأحيان بتبني الواجهة الديمقراطية بمضمون متسلط.
فقد أعاد الضغط الشعبي على الحكومات تساؤلات جوهرية حول ماهية الديمقراطية التمثيلية وأزمتها. خاصة مع وجود ردود شعبية رافضة لإجراءات وقوانين ومشاريع حكومية، ومع استحضار أن عالم السياسة يجذب إليه أسوء أنواع البشر ويفسد أطيب من فيهم، وهو ما يفسر ظاهرة تطبيع الممارسين الحزبيين مع أسوأ ما في السياسة من آثار ضارة بالمصلحة العامة للوطن والمواطنين.
فالإذعان للضغط الشعبي يعتبر خروجا عن منطق الديمقراطية التمثيلية، وعدم التجاوب معه يعتبر طعنا في جوهر الديمقراطية. وبالتالي، فالنظام التمثيلي اليوم بين مطرقة الشرعية القانونية والتنظيمية وسندان المشروعية الشعبية والديمقراطية.
وما يتضح هو أن تقصير البرلمانات في أداء مهامها تجاه مجتمعاتها له من قوة التأثير السلبي ما يجعله يشكل سببا رئيسيا في مآلات أوضاع بعض البلدان التي عرفت حراكا اجتماعيا عاصفا. ومن غير المقبول أن تعاني البرلمانات من فقدان مصداقيتها، لعدم تركيز أهدافها على خوض معارك التمثيلية الحقيقية، في إطار استراتيجية مواجهة الإكراهات ورفع التحديات من أجل قيام مجتمعات العدالة وتكافؤ الفرص وبناء اقتصادات وطنية قادرة على محاربة الفقر والإقصاء الاجتماعي.
وليس من الديمقراطية في شيء زيادة الحواجز بين البرلمانات ومنتخبيها، وترك الفرصة سانحة للحكومات للاستمرار في عدم مراعاة حاجات الشعب ومشاكله، والسعي إلى إقامة علاقات تطبيعية مع سياسات تدبيرية في غير الصالح العام الشعبي والتسليم بالمعضلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية كقضاء وقدر.
إن السؤال عما إذا كانت البرلمانات تشكل تعبيرا عن الديمقراطية أم عامل تعطيل لها مطروح من الناحية النظرية منذ القرن التاسع عشر، حيث تم الوقوف على معطى فقدانها لقاعدتها الأخلاقية والفكرية وعجزها عن أداء دورها بسبب صراعها مع الديمقراطية، وعلى نواقص المشاريع البرلمانية وأخطائها وعبثيتها وابتذالها في بعض الحالات بسبب هيمنة السياسات غير المحترفة والأزمات الحكومية المستمرة.
وفي تجربتنا الوطنية، على الرغم من التقدم النسبي المنصوص عليه دستوريا من حيث الفصل بين السلط، والاعتراف بالمساواة التامة بين الرجل والمرأة، وضمان الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الثقافية الأمازيغية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وعلى الرغم من استحضار التوازن المطلوب بين المؤسسات الدستورية من حيث إعادة تشكيل الهيئات المنتخبة وفقا لمقتضيات الدستور الجديد وأجرأة خيار الجهوية الموسعة واعتماد المقاربة التشاركية وربط المسؤولية بالمحاسبة، وعلى الرغم من إقرار وضمان حقوق وحريات الإنسان وملاءمة القانون الداخلي مع القانون الدولي وضمان تعددية حزبية وتوفير الشروط القانونية للتنظيم والتعبير الحر عن الآراء، ومنح إمكانات أوسع للعمل المدني، وعلى الرغم من الالتزام بإقامة انتخابات منتظمة، واللجوء إلى تبني الكوطا النيابية كإجراء تدخلي لضمان حصول بعض الفئات (النساء والشباب) على نسبة محددة من المقاعد النيابية والجماعية في إطار تمييز إيجابي يعيد إليها الاعتبار، ويعمل على التخفيف من حدة التداعيات السلبية لأزمة الديمقراطية التمثيلية.
على الرغم من كل ذلك، يتبين أننا لم نَسِرْ بَعْدُ في اتجاه تعبير الانتخابات عن الإرادة العامة، وتقوية البناء الحزبي بالمغرب، والمساهمة في فرز أقطاب سياسية متنافسة فيما بينها على مشاريع مجتمعية واضحة وبرامج سياسية دقيقة، في إطار حكامة سياسية وإدارية جديدة في التدبير، تكمل النقص الحاصل في الممارسة الديموقراطية، وتسعى إلى الاستفادة أكثر من كل الطاقات والإمكانات البشرية على اختلاف تكويناتها الفكرية والسياسية وإلى الاستثمار في العنصر البشري وتحسين نوعية عيشه في إطار تنمية شاملة ومستدامة، وتهدف إلى ممارسة القيادات السياسية المنتخبة والأطر الإدارية المُعَيَّنَة الحكم من أجل تحسين نوعية حياة المواطنين وتحقيق رفاهيتهم، برضاهم وعبر مشاركتهم ودعمهم.
وهو ما يفيد أن التغيير لا يقتصر على الرغبة في إحداثه، ولا ينحصر في إدراك سمات المرحلة وامتلاك رؤية حول طرق التدبير، بل يتعداه إلى معرفة طبيعة وشكل التحولات الاجتماعية ومدى تأثيرها على الحياة السياسية، واستيعاب رهان التحديث وعلاقته بالبعد الثقافي العام وما يتطلبه من رهان على التنشئة الاجتماعية للأجيال الصاعدة.
فقد يتفهم الناخبون صعوبات الوضع على المستويات الاقتصادية والاجتماعية، جراء الإكراهات الاعتيادية والطارئة، لكن ما لا يمكن هضمه هو غياب الإرادة في الذهاب بعيدا في مجالات إيقاف نزيف فضائح السياسة والسياسيين ومحاربة الفساد والقضاء على نظام الريع وعلاقات الزبونية والمحسوبية، وكذا تجاوز منطق إقصاء وتهميش الأشخاص المؤهلين للقيام بالمسؤولية داخل المؤسسات، وهو ما يحول دون الزيادة في انخراط المواطنين في النقاش العمومي والمشاركة السياسية.
لذلك، فعلى الرغم من أن بلادنا صبت اهتمامها على محاولة تطوير مستوى التعاطي مع الديمقراطية التمثيلية بأشكال وصيغ تصب في اتجاه التأكيد الرسمي على المشاركة الواسعة للناخبين في توجيه وإدارة النظم السياسية، وعلى الانخراط في ورشي الجهوية الموسعة وتعديل الميثاق الجماعي في إطار العمل على تطوير نظام اللامركزية الترابية، إلا أن كل ذلك لم يؤد عمليا إلى تجاوز أعطاب الديمقراطية التمثيلية.
فلا هي شكلت نقلة في تغيير العقليات، ولا هي جسدت مدرسة لممارسة الديمقراطية والعمل المدني، ولا هي زرعت نواة القرب من المواطنين، ولا هي يسرت أمر الانخراط الجماعي في السياسة وصنع القرار، بما يسمح بتحسين مجالات العيش وتحقيق وجود أفضل وإعطاء مؤشرات دالة على مستقبل مستجيب لحاجات وانتظارات المواطنين وطموحاتهم ومُطَمْئِن من حيث توحيد الإرادات حول مشروع مجتمعي قادر على تدبير الشأن العام الوطني والترابي في الفترات الفاصلة بين الاستشارات الانتخابية.
وهو ما يفسر النفور من الانخراط في مثل هذه الآليات العاجزة على التطور وتحقيق الغايات والأهداف، والاستعاضة عنها بأشكال جديدة في الفعل وفي التعبير عن المطالب الاجتماعية المختلفة، خارج نطاق المؤسسات (البرلمان والجماعات الترابية)، يعبر من خلالها الأفراد عن مواطنتهم في صيغ لا يتحمل مسؤولية تأطيرها وتعبئتها أي تنظيم سياسي.



#سامر_أبوالقاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل سيتم الاستعداد للانتخابات بقيادات حزبية معزولة عن تنظيمات ...
- بعض سمات التحول الجاري بالمغرب
- قانون المالية بين: المزايدات السياسية والحسابات الحزبية
- حكومة العثماني: بين حلم الادعاء وواقع الإخفاق
- الجهوية المتقدمة ومأزق السياسات العمومية والقطاعية
- المؤتمر الوطني 19 لاتحاد كتاب المغرب
- الدهاء لن يحول دون عدل الله
- نازلة نائبي رئيس حركة التوحيد والإصلاح (2) فساد وخيانة زوجية ...
- نازلة نائبي رئيس حركة التوحيد والإصلاح (1) أية مقاربة: قانون ...
- يستقبح عيب غيره، ويفعل ما هو أقبح منه
- السيد رئيس الحكومة: قلها واسترح
- الحزب الحاكم والانتخابات القادمة
- وحده الغباء الجمعي جعل -أمينة- غير آمنة
- قضايا التنوع اللغوي بالمغرب
- الحقوق اللغوية
- أَخُوكَ أَمِ الذِّئْبُ؟
- نِعْمَ الْمُؤَدِّبُ الدَّهْرُ
- -إِنَّمَا هُوَ كَبَرْقِ الْخُلَّبِ-
- نسيج العنكبوت: قراءة في -قصص الأنبياء-
- أي خيار غير الذهاب نحو انتخابات سابقة لأوانها؟


المزيد.....




- بعد تقرير عن رد حزب الله.. مصادر لـRT: فرنسا تسلم لبنان مقتر ...
- شاهد: حريق هائل يلتهم مبنى على الطراز القوطي إثر ضربة روسية ...
- واشنطن والرياض تؤكدان قرب التوصل لاتفاق يمهد للتطبيع مع إسرا ...
- هل تنجح مساعي واشنطن للتطبيع بين السعودية وإسرائيل؟
- لماذا يتقارب حلفاء واشنطن الخليجيين مع موسكو؟
- ألمانيا ترسل 10 مركبات قتالية وقذائف لدبابات -ليوبارد 2- إلى ...
- ليبيا.. حكومة الدبيبة تطالب السلطات اللبنانية بإطلاق سراح ها ...
- -المجلس-: محكمة التمييز تقضي بإدانة شيخة -سرقت مستنداً موقع ...
- الناشطة الفلسطينية ريما حسن: أوروبا متواطئة مع إسرائيل ومسؤو ...
- مشاهد حصرية للجزيرة من تفجير القسام نفقا في قوة إسرائيلية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامر أبوالقاسم - الرهان التنموي في ظل أزمة الديمقراطية التمثيلية