أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن مدن - فُتوّة العقل














المزيد.....

فُتوّة العقل


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 6732 - 2020 / 11 / 14 - 11:44
المحور: الادب والفن
    


حكى الراحل محمود العالم انطباعاته عن لقاءات جمعته وطه حسين، وسأكتفي هنا بالإشارة إلى لقاءين، الأول حين كان العَالِمُ لما يزل شاباً يافعاً شغوفاً بالتعلم، وكان اسم عميد الأدب العربي قد ذاع يومها، ما جعله منارة ملهمة للأدباء الشباب. أما اللقاء الآخر فقد جرى بعد أن بلغ العمر من طه حسين مبلغه، حيث زاره العالم في بيته للاطمئنان عليه.
اعتاد ثلاثة من الشباب الموهوبين الذين غدوا بعد حين من أهم رموز الثقافة في مصر كل في مجاله: مصطفى سويف عالم النفس الشهير الذي طعمه باهتمامه العميق بعلم الجمال، يوسف الشاروني أحد أعمدة القصة القصيرة في مصر والعالم العربي، ومحمود العالم نفسه الذي سيغدو بعد حين من أهم النقاد والمفكرين المصريين والعرب، على زيارة طه حسين في بيته بانتظام ليستزيدوا من علمه.
عن تلك اللقاءات كتب العًالِم يقول: «ذهبنا إلى المعلم الأديب نتحدث عن ملكوت الأدب والفن والجمال، فإذا به يأخذنا إلى ملكوت الفعل العقلاني الذي يغير ويجدد. وأدركنا حينها أن طه حسين ليس بالمفكر المحلق في آفاق النظريات وإنما هو المفكر العملي المشغول بهموم الواقع الحي لأمته».
أما اللقاء الأخير فقد أتى بعد أن طويت السنوات والسنوات. «كانت لحظة تقترب بنا من النهاية» على وصف العَالِم.
كان العمر قد تقدم بطه حسين، حتى أن العَالِم لم يكد يرى له جسداً اللهم إلا بقية شيء لم يعد يملكه، وإنما يحمله له غيره، لكن أما وأن الجسد قد ذوى، لكن ذلك العقل المتقد ظل متقداً: «كدت لا أرى أمامي غير رأس كبير وعقل متوهج بالحكمة».
في تلك الزيارة تحدث طه حسين لزائره عن قضية الشرق والغرب، وقضية التراث والعصر. لم يكن هناك التباس في فكره. كان يرى بوضوح غامر شفاف أننا نعيش حضارة واحدة وإن اختلفت في داخلها وتنوعت الخصوصيات القومية والثقافية، على أن لا حاضر لنا بدون أن نحسن إدراك عصرنا وأن نكون شركاء فاعلين في هذا العصر.
تلك كانت المرة الأخيرة التي التقى فيها العَالِم من يعده معلماً له.
بعدها أتت لحظة مهيبة. هي تلك التي خرج فيها جثمان طه حسين من جامعة القاهرة نحو مثواه الأخير. الجامعة التي رعى استنارتها العقلانية وحمى ديمقراطيتها وتقاليدها بقدر المستطاع. جثمانه لم يكن يتحرك بين أصحاب الياقات البيضاء من كبار رجال الدولة وأصحاب الحلل من المثقفين، وإنما بين جلابيب البسطاء من أبناء شعب مصر الذين ربما لم يقرأوا له شيئاً، ولكنهم بالفطرة يشعرون بأنه واحد منهم، كرس حياته كلها من أجل أن تكون حياتهم وبلدهم أفضل وأجمل.



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجدران الغليظة
- ديستوفسكي في مرآة فرويد
- بيرم التونسي .. سيرة الجوع والمنفى
- (الجغرافيا تاريخ ساكن .. التاريخ جغرافيا متحركة)
- الترامبية
- ما يطلبه المستمعون
- مركزية الدولة لا شموليتها
- هل للدماغ هوية؟
- يوم تخلينا عن ابن رشد
- مجيد مرهون ابن البحرين المعدم الذي طافت موسيقاه العالم
- عن أي (ليبرالية) يجري الحديث؟
- التاريخ حاضراً
- من يصنع الطاغية؟
- العابرون للطوائف
- للمقهورين أجنحة
- (كوتا) للنساء
- الوطني والعالمي
- معارف أم معلومات؟
- حديث عن (الأقليات) في العالم العربي
- سوبر ماركت كبير


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن مدن - فُتوّة العقل