كوفيد 19هجين فايروسي لأهداف بشرية

سمر المحمود

الحوار المتمدن-العدد: 6728 - 2020 / 11 / 10 - 20:42
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    

تكاد تخلو شوارع أوروبا بعد انتهاء الإغلاق العام من الفئات العمرية ما فوق الستين التي كانت تكتظ بها من قبل وتكاد أكثر من نصف المحلات في الاسواق الرئيسية أن تكون مغلقة أوعلى وشك الإغلاق
وقد يبدو الأمر طبيعيا لأول وهله لما لتأثير جائحه بهذا الحجم ك كوفيد 19 على الأرواح البشرية وعلى الاقتصاد بشكل عام, ولكن اذا ما دققنا وحللنا في تأثير هذا الفيروس على الفئات العمرية للبشر وانعكاساته على الشرائح الاقتصادية المتضررة
نلاحظ انه قد أدى على المستوى البشري إلى الفتك في الفئات العمرية المتقدمة التي تعاني من اختلاطات صحيه وتفتقد إلى المناعة الكافية لمحاربه هذا الفيروس ،
حيث ذكرت التقارير الإخبارية أن الكثير من دور العجزة في بريطانيا وإسبانيا وإيطاليا قد قتل أغلب قاطنيها، وما خفي كان أعظم,
وأدى على المستوى الاقتصادي الى ضرب الأعمال الصغيرة والمتوسطة من القطاعات الإنتاجية والخدماتية التي لم تحتمل الأعباء والتكاليف المالية لتنجو بتجاوز فترات الإغلاق الطويلة ما عدى قطاعي الصحة والتغذية لصالح الشركات الكبرى
لقد تسبب في انكماش الاقتصاد الغربي بنسبة تتراوح بين عشرين والثلاثين بالمئة ،لا بأس بذلك لمرحلة انتقالية في واقع يشهد تحولات كبرى في الإدارة المالية والاقتصادية على مستوى العالم قاطبة
فالتحولات الكبرى تحتاج إلى هزات كبرى لإعادة صياغة المنظومة ككل لما يمكنها من توجيه السياسات المحلية والعالمية حيثما تشاء وإعادة صياغة الإنسان والاقتصاد بالشكل الذي تراه مناسبا
توفر النتائج المميتة لكورونا على الفئات العمرية المتقدمة لدول الغرب المليارات سنويا من الأموال المخصصة للرعاية الاجتماعية ,
ويسبب تحديد وتقزيم الأعمال المتوسطة والصغيرة إلى تكديس رؤوس الأموال بيد الأقلية المطلقة المهيمنة
كنموذج : تخطى حجم أعمال شركة واحده كشركة أمازون خلال الأزمة تريليوني دولار أي ما يعادل ميزانيه عدة دول متوسطة الثراء لمن يفقه هذا الرقم ,ومن مثيلاتها في جوجل وسواها
وهذا الأمر ليس مجرد صدفة أيضا إنه يتحرك بنفس الدائرة المهيمنة من الأقلية المسيطرة التي يدغدغها حلم إعادة صياغة العالم بالشكل الذي يناسبها بكل ما يعتريه من قسوة ووحشية ،
إنها تبحث عن عالم جديد لا مكان فيه للفئات العمرية غير المنتجة ، لقد تم القضاء تقريبا على الفئة العمرية التي تتجاوز الثمانين بعد أن أعطت كل ما لديها من طاقة وحيوية لعجلة الإنتاج نفسها التي بدورها تخلت عنهم,
انه عالم لا مكان فيه للشركات الصغرى و المتوسطة ولا مكان فيه للمبادرات الفردية المستقلة إلا في الإطار الذي يخدم الشركات العملاقة التي تهيأ نفسها لإدارة الكره الأرضية بما فيها ومن عليها ،
أما الدول المتخلفة التابعة ذات الاقتصادات الضعيفة لم تجد بدا من الإغلاق تماشيا مع الدول الكبرى ما قد يتسبب بإفلاسها و يجعلها رهينة لصندوق النقد الدولي والدول المالكة للقرار فيه
تنفذ ما يملا عليها من شروط ويسقط عنها صفة الدول المستقلة لتتحول الى مجموعه قطاعات مملوكة للشركات الكبرى
لعل تسلسل وتداعيات هذا الفايروس حتى الأن مازالت في الفصل الأول لتتبعه فصول من الفحوصات واللقاحات والعلاجات التي تتسابق عليها شركات ودول لتكون الخام الجديد بعد ان أوشك الخام الذي ساد القرن السابق على النفاذ
وعلى قاعدة طابخ السم آكله لم تجري الرياح بما تشتهي سفنهم فالفيروس الذي بدأ في ووهان الصينية ليضرب بسرعة نمو الصين الصاروخي
وانتقل الى إيران بصيغته القاتلة ليفتك بقادتها كما تظهر تسجيلات في تحقيقات الكونجرس مع قياداته العسكرية في الخليج عن الأثر الذي يمكن أن يسببه الفايروس في خدمة مصالحهم ,
ارتدت الرياح لتعصف بنافخيها فقد أثبتت الصين جدارتها في احتواء الفايروس بسرعه قياسيه حتى قبل أن يبدأ بالتفشي في بلاد الغرب الذي بدى عاجزا بلا رؤية واضحة،
متخبطا بإجراءات غير ناجعة للتعامل مع الزائر الشرس المستجد الذي أنهك اقتصاداتها وبدأت بالترنح تحت ضربات القادم الجديد بينما عادت عجلة الإنتاج والنمو في الصين إلى ذروتها ،
من غير المتوقع أن تطابق النتائج التصورات الأولية ، فإن كان للإنسان رأي قد يكون للفايروس رأي آخر
ولعلها حبكه دراميه يقودها شيطان كورونا بما يفوق ذكاء الإنسان المتوحش .

#سمر_المحمود (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل