أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمر المحمود - رتابة مألوفة














المزيد.....

رتابة مألوفة


سمر المحمود

الحوار المتمدن-العدد: 5560 - 2017 / 6 / 23 - 02:57
المحور: الادب والفن
    


كل شيء تركه (حين مغادرته المنزل ومكوثه الطويل في المشفى ) مازال مكانه ،هدوء الغبار يستلقي على الأرض والجدران على وجهه البارد الوحيد في الصورة المحنطة لتخرجه ، حتى أشواك الصبارة المتيبسة نالت نصيبها من حبيباته الناعمة وعانقتها في سكينة مريبة ، يجول ببصره أرجاء المنزل مجرجرا قدميه حتى المطبخ الذي تفوح من فمه رائحة الغياب فيطبق على أنفه بامتعاض متفحصا خزائنه الفارغة وكيس القمامة الذي نسي إلقاءه في الخارج
هذا الامتعاض المبطن بشيء من الراحة ما لبث أن تحول إلى اطمئنان فكل شيء مازال يوحي بالعادي ولا شيء يدعو للشكك والقلق ، بالكاد تذكر هاتفه المحمول الذي حملقت أزراره كعيون أصابتها الدهشة وهو يفتح درج المطبخ حيث تركه عند تلقيه آخر مكالمة من المشفى ، يشرع بابتسامة متخشبة يعيد الرسائل الصوتية منصتا لها بغرور شخص ذو كيان اجتماعي يسترعي الاهتمام ، لا أحد هاتفه بذلك الإلحاح من قبل ، بل لا أحد يهاتفه إلا لحاجة ملحة ما في العمل
- مرحبا يؤسفنا إعلامك أنه لم يتواجد متبرع حتى الآن
- مرحبا نبارك لك وجود متبرع وسيتم تحديد العملية في أقرب وقت ممكن
- مرحبا تم تحديد العملية في الساعة السابعة من ...
- مرحبا تم إرجاء العملية حتى ...
- مرحبا ..
يتمطط بلذة في جو من البلادة والخمول ويعاود جولته في المنزل مفكرا أنه الصوت المريح للأحاسيس المعتادة، قدماه غادرت بحذائها وعادت برتابة الخطوة ذاتها، لا شيء تغير، يفرك بأصابعه جبهته كمن يحفز فكرة غير ناضجة .. أجل .. وينتفض بكليته مرددا: كم من السعادة في المألوف .... في توقعات متجردة من الغرابة ، جهزت في قوالب محكمة الإغلاق ، خالية الرؤى
ثم يخطو حتى غرفة النوم في حركة ليست ذات معنى ، يتمشى بين النافذة والسرير كأنما يستمتع بأفكار تثبت فعاليتها ، فجأة يثبت عينيه على الساعة يتفحصها بملامح جدية ، كان المنبه الهرم قد فقد حيويته بصراخه المتكرر في السابعة من كل يوم ، يزم شفتيه عليه الآن شراء ساعة جديدة ، يتجه نحو خزانته يتمعن في ثيابه رغم أن بذلتي العمل الوحيدتان اللتان تمارسان نشاطهما في الخروج ، ينفضهما بعناية كمن ينفض عنهما النوم منتزعا بعض الأوبار العالقة ، و يعيدهما بحرص حيث يقع بصره على الأحذية المركونة كجنود مشاة متهيبة محكومة بالثبات ، تغمره نشوة الرضى ، لا شيء تغير لاشي ، متمتما في سره في الغد أو بعد غد سأعود للعمل وستظل الأمور طبيعية كما كانت ، يتمدد بحركة آلية على السرير المستريح في إجازته ، يحس أن روحه قطن أبيض أمتلأ بخفته والسرير تحت جسده تفصله عنه مسافة اطمئنان لا تخلو من سؤال يعكر سكينته لوهلة : ذاك الرجل الذي تم التكتم على هويته ، كل ما عرفه أنه مل التذمر فانتحر وجاء في وصيته أنه يتبرع بقلبه لأكثر الأشخاص رضا وقناعة ، ومن حسن حظه أنه كان الشخص المتلقي بعد انتظاره الطويل بقلبه القديم المتعب رغم أنه شخص نباتي لم يدخن أو يشرب يوما ، ولكن الأطباء أخبروه أن مرض قلبه خلقي ،
يتقلب ذات اليمين وذات الشمال قبل أن يستقر على ظهره محدقا في السقف
يا إلهي .. يزفر ويزم شفتيه مستهجنا : كيف لشخص تملكه الحياة أن يتذمر؟ .. عجيب أمر هذا الرجل .. عجيب





#سمر_المحمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شرٌّ تبرَّج بمحبَّة إله
- خلفاء التاريخ
- بوصلة
- أرضنا وسماؤنا
- مُرَاهَقة
- نضج
- زيارة منتصف الليل
- صدق المنجمون ولو كذبوا
- عندما سقطت تنورة المعلمة
- شأن عادي
- نصف حلم
- جرائد الطريق
- عُطَاس
- قصة ( إلا الحذاء )
- لم تكن تجرؤ .. الحرب
- غياب في وجود
- الحق العمالي همساً
- طوفان الحرب بإنتظار سفينة ألإله
- شاهده قبر


المزيد.....




- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمر المحمود - رتابة مألوفة