أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمر المحمود - زيارة منتصف الليل














المزيد.....

زيارة منتصف الليل


سمر المحمود

الحوار المتمدن-العدد: 5271 - 2016 / 8 / 31 - 05:06
المحور: الادب والفن
    


زيارة منتصف الليل

عند وفاة زوج أم عبدو كان العزاء المخصص للنساء يتخلله ثرثرة مبتورة بذكر محاسن المرحوم أبو عبدو والترحم على عشرته مع مواساة متحفظة بمظاهر ألم لفظي في أذني زوجته المفجوعة برحيله المبكر
في السبعين ؟! لم يكن يشتكي من أي علة ..وتكمل بحزن زاد من تغضن وجهها :
- خرج من الحمام عاريا ليلبس طقمه الأسود الجديد متهيئا لعرس ابنة أخته حين حدث التفجير. وتجهش بالبكاء مرسلة نثارا من لعابها ومخاطها مع كلماتها: التفجير الكارثة.... التفجير الذي مزقه أشلاء
ليغزو النسوة المعزيات تعاضد عاطفي تخلله تنهدات زادت وتيرتها استطالة الحرب مع استذكار لفجائعها كان من المحتمل أن يطول لولا تدخل صوت حماسي مندفع كرصاصة: الصلاة على روح المرحوم
مع ثرثرة جانبية استمرت تنعي ميتته الشنيعة
وهكذا مع انتهاء فترة العزاء والجنازة أصبح حديث ام عبدو مثيرا للدهشة والعجب عندما تسترسل في تخيلاتها عن المرحوم الذي يأتيها بالمنام، يخبرها أنه منزعج لأنه مات قبل أن يرتدي الطقم الذي أشتراه بمبلغ باهظ ادخره من راتبه التقاعدي وأنه مقهور ويعاتبها على دفنه بدونه مع معرفتها ببرودة الطقس ..و بين غمز ولمز جاراتها تروي وكيانها ينضح بالتعاسة:
- مع منتصف الليل تحديدا أكون نصف غافية مشغلة الراديو على الإذاعة المحلية. يزورني .. تصمت لحظة كأنما تجس سخريتهن المبطنة التي تمر عليها دونما اكتراث، لتهمس بانفعال ظهر كخليط بين خوف وتمني
أنها سمعت المطرب بالراديو يغني بصوته.
ومع تكرر الزيارات الليلية للمرحوم تفكر أم عبدو الأرقة أن تستشير عالمة روحية لتخبرها برأسها المنكس أن زوجها عاجز عن الانتقال للعالم الآخر بسبب حبه لها متذرع بالطقم الأسود ليبقى يتردد عليها
فيزداد ارتباكها ويرتفع صوت ضميرها على الانتشاء والزهو الذي خامرها،
تحسم أمرها أخيرا بعد خطوات مترددة وتضع الطقم الأسود في مدفنه الخاص محدثة نفسها بغنج أن الأمر سيبقى طي الكتمان
لكن تكرر غياب أم عبدو عن صباحات القهوة جعلت جاراتها يفكرن بمداهمتها في منزلها ليفاجئن بحزنها وشرودها حتى أنها توقفت عن التحدث عن أبو عبدو لا بخير ولا بشر رغم محاولتهن معرفة أين وصل المرحوم معها في المنام ؟! بسخرية لاذعة تحولت لشعور بالذنب ولطف يشبه الرثاء مع دوام همها واكتئابها
لكن أم عبدو التي بدت أنها كظمت غيظها طويلا تنفجر بالصراخ مسلمة نفسها للذة البوح كنهر دافق: ظننته يحبني حتى علقت روحه في عالمي وعجزت عن الانتقال للعالم الآخر،
وبأنفاس متقطعة متجاهلة التقاط أنفاسها: لم أكن أعرف أن كل غايته من زيارتي هو الحصول على طقمه الأسود
ثم تجهش ببكاء يشبه خوار عجل وبأسارير توحي بخطورة ما حدث وسط ذهول جاراتها: منذ ذلك اليوم الذي وضعت فيه الطقم في مدفن أبو عبدو لم يأتي لزيارتي لا في منتصف الليل ولا فيما بعد منتصف الليل.



#سمر_المحمود (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صدق المنجمون ولو كذبوا
- عندما سقطت تنورة المعلمة
- شأن عادي
- نصف حلم
- جرائد الطريق
- عُطَاس
- قصة ( إلا الحذاء )
- لم تكن تجرؤ .. الحرب
- غياب في وجود
- الحق العمالي همساً
- طوفان الحرب بإنتظار سفينة ألإله
- شاهده قبر


المزيد.....




- صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
- كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير
- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمر المحمود - زيارة منتصف الليل