أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - عُسر «الديمقراطية» عربياً














المزيد.....

عُسر «الديمقراطية» عربياً


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6723 - 2020 / 11 / 4 - 23:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




«العربي يُعجب بماضيه، وأسلافه، وهو في أشد الغفلة عن حاضره ومستقبله». هذا ما كتبه جمال الدين الأفغاني، قبل قرن ونيف من الزمان، فماذا يمكن أن نقول الآن، والعديد من البلدان العربية تواجه تحديات مختلفة تعيق انتقالها إلى فضاء المشروعية القانونية والدستورية ومناخ الشرعية السياسية المقترنة برضا الناس والمنجز التنموي الذي يلبي حاجاتهم الأساسية المادية، والروحية.

وخلال العقد الماضي شهدت العديد من البلدان العربية أحداثاً كبرى وضعت نُظمها السياسية في موقف حرِج للغاية، فترنح بعضها بين التشبث بالبقاء، وبين الانتقال والتغيير، خصوصاً أنه لم يكن هناك حامل اجتماعي جاهز، ولا وجود لبرنامج سياسي متفق عليه للتطبيق لمرحلة الانتقال، وكل ما حصل هو إنهاء شكل من الاستبداد، لكن ثمة أنواع جديدة منه بدأت تتصادم مع تطلعات الناس للتغيير الجذري، فالثورة ليست شعارات وأحلاماً وردية وتمنيات، وإنما هي «حَفر في العُمق، وليس نقراً في السطح»، على حد تعبير المفكر السوري ياسين الحافظ.

ومع بدايات ما يسمى ب«الربيع العربي» تدفقت بعض المصطلحات إلى ساحة العمل السياسي مثل «التحول الديمقراطي»، و«مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية»، و«التغيير الديمقراطي» لدرجة فاض بها المشهد حد الطوفان، وعلى الرغم من أنها لا تزال متداولة وسارية، إلا أن بريقها بدأ يخفت بالتدرج، فصخرة الواقع كانت صلدة جداً، فليس مجرد الإطاحة بالأنظمة الفردية، أو التسلطية، أو الاستبدادية، سيفتح الباب أوتوماتيكياً أمام التطور الديمقراطي، فثمة عقبات وعراقيل جمة حالت، وتحول دون إنجاز، أو استكمال عملية التغيير المنشودة؛ منها أن القوى المخلوعة لا تزال قوية ومؤثرة لدرجة يمكنها إعاقة عملية التغيير؛ كما أن المحيط الذي يتم التحرك فيه لم يكن مؤهلًا لاستيعاب عملية التغيير، داخلياً، أو خارجياً، إقليمياً ودولياً، بسبب استقطابات دينية وصراعات طائفية، ومذهبية، وإثنية، فضلاً عن علاقات عشائرية، وعادات وتقاليد ثقيلة وبالية تحول دون ذلك، وبعد ذلك فالانتقال الديمقراطي يحتاج إلى بيئة ديمقراطية، وتُربة خصبة لبذر بذورها، ووعي ديمقراطي، وثقافة أولية ديمقراطية، وهذا يحتاج إلى إعادة النظر بأنظمة التعليم والمناهج الدراسية، للقضاء على الأمية والتخلف، وهو غير المناخ والبيئة التي شهدت تحولاً سريعاً نحو الديمقراطية كما حصل في أوروبا الشرقية.

وهكذا ظلت صورة الديمقراطية ضبابية، لا سيما حين يتم اختزالها بإجراء الانتخابات، أو بعض هوامش حرية التعبير، أو غيرها، حتى أن القوى الراغبة في التغيير واجهت خلافات حادة عند أول منعطف يصادفها، يتعلق بعضها بالدستور، وصياغاته، ولا سيما علاقة الدِين بالدولة، حيث لعبت حركات الإسلام السياسي دوراً مؤثراً في فرض رؤيتها المحافظة بخصوص عدد من القضايا، منها قضايا الحريات، وحقوق المرأة، والموقف من التنوع والتعددية الثقافية الدينية، والإثنية، وغيرها.

ولأن حركة الاحتجاج مفاجئة وعفوية، ولم تتوفر لها مستلزمات التغيير، فقد تصدر المشهد على نحو سريع تيار الإسلام السياسي الوحيد الذي كان الأكثر تنظيماً وحضوراً، وتمكن بشعارات عامة، وعاطفية، وشعبوية، التأثير في صناديق الاقتراع، والإمساك بالسلطة، كما حدث في تونس، ومصر، وقبل ذلك في العراق بعد الاحتلال، وفاز في انتخابات المغرب، وحاز على مواقع في الكويت، إضافة إلى الأردن، كما حاول أن يلعب دوراً مؤثراً في سوريا، وليبيا، واليمن، إثر اندلاع حركات الاحتجاج والانقسامات الداخلية.

يقول محمد عبده «حين ذهبت إلى الغرب وجدتُ إسلاماً ولم أرَ مسلمين، ولما عدت إلى الشرق وجدت مسلمين ولم أجد إسلاماً». كتب ذلك في عام 1881، وقبله عاش في باريس رفاعة الطهطاوي أربع سنوات، من عام 1826 - 1830 وكان شيخاً أزهرياً، فأدهشه ما رآه من تطور في فرنسا عزاه إلى نظامها السياسي، والقانوني المنفتح على الحريات، وموقع المرأة، إضافة إلى نظام التعليم والتثقف بالعلوم، فدعا إلى إصلاح المعاهد الدينية على طريقة هوبز الذي كان قال: «أي إصلاح مفتاحه بإصلاح الفكر الديني»، وحذا حذوهما أحمد أمين، وعلي عبد الرازق، وطه حسين، وخير الدين التونسي، وعبد القادر الجزائري، وعبد الحميد بن باديس، ومحمد حسين النائيني.

الديمقراطية نتاج تطور تاريخي طويل الأمد، فما زالت بلادنا العربية تعاني صدمة الاستعمار، وتأثيراتها مستمرة في الوعي، والثقافة، وما نحتاج إليه هو تهيئة البيئة المناسبة والبُنية التحتية من دستور، وقوانين، وقضاء، وتعليم، وفاعلين سياسيين ومجتمع مدني في إطار مواطنة متكافئة تقوم على قاعدة الحرية، وأساسها المساواة، والعدالة، والشراكة، ومثل هذا يحتاج إلى تراكم تدرجي طويل الأمد، وليس مجرد تغيير نظام بنظام، لأن طريق الديمقراطية لا يأتي دفعة واحدة، بل هو شائك، وتدرّجي، وعسير.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللّاعنف.. المستحيل والممكن
- العدل والعقل
- منتدى الثلاثاء الثقافي : التنوّع والتواصل والفضاء المعرفي
- حين يغيب المشروع العربي تتصدر المنطقة ثلاث مشاريع هي: الصهيو ...
- غاندي وروح الحقيقة
- مجلة المستقبل العربي - الريادة والأفق
- عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة الثا ...
- عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة الحا ...
- عن الفلسفة والدين
- عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة العا ...
- -اللحظة- الآسيوية
- الدولة والدولانية في العراق إشكاليات منهاجية وعملانية
- حكاية منصور الكيخيا والاختفاء القسري
- المواطنة الحاضنة للتنوّع
- 40 عاماً على الحرب العراقية - الإيرانية: مصارعة على الطريقة ...
- في معنى اللّاعنف
- عزيز محمد شيوعيـة بـلا جنـاح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة ا ...
- البوسنة وحرب القرون الوسطى
- مع الدكتور جورج جبور: حين يكون المفكّر رجل دولة
- ستة أنساق لثقافة اللّاعنف


المزيد.....




- مهاجمة وزير خارجية إسرائيل لأردوغان يثير تفاعلا بعد إعلان تر ...
- بالصور.. أمطار دبي بعد أسبوعين على الفيضانات
- روسيا تقصف أوديسا بصاروخ باليستي.. حريق ضخم وعشرات الجرحى
- ما علاقة الغضب بزيادة خطر الوفاة؟
- تعاون روسي هندي مشترك لتطوير مشروع القطب الشمالي
- مستشار أوربان يشرح طريقة كسب -صداقة- الولايات المتحدة
- البنتاغون: قوات روسية تتواجد في قاعدة واحدة مع عسكريين أمريك ...
- أكبر جامعة في المكسيك تنضم للاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلس ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /03.05.2024/ ...
- -لم أمنح الوقت للرد-.. سبيسي يهاجم فيلما جديدا عن -اعتداءاته ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - عُسر «الديمقراطية» عربياً