أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الحسين شعبان - عن الفلسفة والدين














المزيد.....

عن الفلسفة والدين


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6697 - 2020 / 10 / 7 - 16:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


باحث ومفكر عربي
يوم صدر كتاب شكيب إرسلان " لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟" أجاب فيه على سؤالين الأول: عن أسباب الضعف والانحطاط التي يعانيها المسلمون؛ والثاني: عن أسباب ارتقاء الأوروبيين والأمريكيين واليابانيين ارتقاء هائلاً. وعند التفصيل أشار إلى "العلم الناقص" الذي هو أشد خطراً من "الجهل البسيط"، لأن الابتلاء بجاهل خير من الابتلاء بشبه عالم، فالإيمان صار سطحياً والإسلام مجرد قول دون فعل، والقرآن ترنيماً وترتيلاً وليس العمل بالأوامر واجتناب النواهي، مشيراً إلى خذلان المسلمين لبعضهم البعض وفساد الأخلاق، فليس المسلم من وجهة نظره هو من يؤدي الصلاة والصيام ويسبّح بحمدالله.
لقد أعاد إرسلان نقاشاً كان قد بدأه سبينوزا عن علاقة اللاهوت بالسياسة، في محاولة تفكيك فتاوى اللّاهوتيين، من خلال علاقة الدين بالفلسفة، وعلاقة العقل بالدين، فحسب اللاهوتيين ينبغي أن تطيع الفلسفة علم اللاهوت، بل أن تكون تابعة له لأنه أشرف العلوم وأرقاها.
وأشار سبينوزا إلى أن حرّية الفلسفة والتفلسف ليست ضد الدولة وأمنها مثلما ليست ضد الورع والتقى، وهدفها تفسير النص الديني (الكتاب المقدس) معترفاً بدور الدين وقيمه الأخلاقية السامية، ولكنه ينفي عنه الغيبيات والطقوس والخرافات والمعجزات؛ فالأديان بعيداً عن العصبيات ينبغي أن تعلّم الحكمة والموعظة والقيم الإنسانية، وليس غير العقل من يقوم بذلك، وهكذا فالفلسفة ليست ضد الدين ، لكنها ضد التعصّب الديني والتمترس الطائفي.
ومنذ أكثر من ثمانية قرون كان هناك من انتقد الفلسفة والتفلسف، وقد كفّر الغزالي التفسير العقلاني للدين الذي اجتهد فيه ابن سينا والفارابي، وذلك حين كتب كتابه الموسوم "تهافت الفلسفة" الذي ردّ عليه ابن رشد بكتاب عنوان " تهافت التهافت"، لكن ابن رشد الذي شدّد على أن القرآن والدين يدعوان إلى إعمال العقل بالمعنى البرهاني قُمع وأحرقت كتبه وجرت محاولات للانتقام منه وطمس صوته وتشويه سمعته،علماً بأنه أعلى من شأن الحرّية والروح، وهما أساس الدين والإيمان، لاسيّما الجوهر الصافي العرفاني النقي والإنساني.
إن جوهر تفسير ابن رشد يستند إلى أن الدين لا يمكن فهمه إلّا على ضوء الفلسفة، وهما رفيقان حميمان لا انفصال بينهما، ذلك هو الدين الروحاني العقلاني القيمي المستنير الحر، فالفلسفة حق والدين حق، والحق لا يضاد الحق، بل يوافقه ويشهد عليه.
لقد عاد ابن رشد إلينا من النافذة الأوروبية في القرن العشرين، وكان مثل هذا الغياب يفسّر لنا لماذا انحدر المسلمون في دهاليز الظلم في حين أخذ غيرهم بعلومهم ليتقدم، لاسيّما بإحكام العقل والعلم؟ وقد تنبّه إلى ذلك دعاة الإصلاح الديني من أمثال جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورفاعة الطهطاوي وعبد الرحمن الكواكبي والتونسي وغيرهم الذين تأملوا في السؤال الكبير: لماذا تأخرنا وتقدّم غيرنا؟
ومع أن دعاة الاصلاح والنهضة طرحوا السؤال إعجاباً بتقدّم أوروبا في ذلك الوقت، لكن ثقل الماضي ومخزونه السلبي ما يزال يحكمنا ويتحكّم فينا، فلم نتخلص بعد من صدمة الاستعمار التي حكمتنا لسنوات، وأعدنا ميراث الماضي في دول مركزية شديدة الصرامة، فلم نستطع أن نواكب التطور والحداثة، خصوصاً بتعظيمنا نسق العلوم الدينية على حساب نسق العلوم العقلية، فالأولى تعتبر العقل نسبي في حين أن النص مطلق، ولهذا ينبغي إخضاع الثاني للأول، بل ينبغي أن يكون تابعاً له. ويعتقد أصحاب المدرسة اللاهوتية في الفقه أن العقل محدود بحدود " الشرع" ومهمته تطبيق النصوص الدينية ، الأمر الذي يجعل العقل محدود القيمة لأنه لا يستطيع المغامرة بحثاً عن المعرفة خارج المنظور الديني.
إن مثل هذه النظرة الاستباقية لدور العقل تجعله محصوراً في إدراك ما يقوله الشرع وفي تفسير النصوص الدينية والسير لتطبيقها، وهو ما أدى ويؤدي إلى التخلف المعرفي أولاً والعقلي ثانيا والعلمي ثالثاً، وتلك معضلاتنا الأساسية، التي جعلتنا " نتحصّن" بالتخلف ونمتنع عن أي محاولة لنقد الماضي باتجاه التحديث والعصرنة التي أخذنا قشورها وتركنا لبّها، حيث حافظنا على بنية الوعي التقليدية، وحتى لو اعتمدنا التكنولوجيا الحديثة وأسسها العلمية ، لكننا بقينا نغرق في الآيديولوجيا، إذْ أننا لم ننتج المعرفة ولا تقدّم دون معرفة ، وما زلنا نرى أن العلم النافع هو نسق علوم الشريعة مستصغرين من نسق العلوم العقلية، دليلنا على ذلك ما نخصّصه من واردات من الناتج المحلي الإجمالي لشؤون البحث العلمي.
ونستطيع القول أنه لا يمكن إحراز نهضة حقيقية دون الإقرار بالحق في الفلسفة والتفلسف، وبالتالي الحق في الاختلاف والاجتهاد والحرّية خارج دوائر الإجماع المصطنع، لأن ما يحرك التاريخ هو الصراع والحوار والجدل والاختلاف والتبادل والتفاعل، وإلّا فإن مجتمعاً ساكناً سيكون مجتمعاً ميتاً، والأساس هو حركيته وديناميته وتنوعه وتعدديته واختلافه، وتلك قيم إنسانية باعتمادها يمكن أن نواجه التحدّيات الخارجية والداخلية، في محاولات فرض الهيمنة والاستتباع الأجنبي من جهة والطغيان والاستبداد الداخلي من جهة أخرى، وذلك باستخدام العقل الذي هو أساس فلسفة الدين.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة العا ...
- -اللحظة- الآسيوية
- الدولة والدولانية في العراق إشكاليات منهاجية وعملانية
- حكاية منصور الكيخيا والاختفاء القسري
- المواطنة الحاضنة للتنوّع
- 40 عاماً على الحرب العراقية - الإيرانية: مصارعة على الطريقة ...
- في معنى اللّاعنف
- عزيز محمد شيوعيـة بـلا جنـاح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة ا ...
- البوسنة وحرب القرون الوسطى
- مع الدكتور جورج جبور: حين يكون المفكّر رجل دولة
- ستة أنساق لثقافة اللّاعنف
- عن الإرهاب وضحاياه
- عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار - الحلقة الث ...
- في الدستور والدستورانية و-الدسترة-
- عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة السا ...
- العلوم الإنسانية وإعادة الاعتبار
- عزيز محمد شيوعيـة بـلا جنـاح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة ا ...
- عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة الخا ...
- عزيز محمد شيوعيـة بـلا جنـاح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة ا ...
- عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة الثا ...


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الحسين شعبان - عن الفلسفة والدين