أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - في معنى اللّاعنف














المزيد.....

في معنى اللّاعنف


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6683 - 2020 / 9 / 21 - 15:45
المحور: الادب والفن
    


إذ أخذ رصيد ثقافة اللّاعنف بالارتفاع على المستوى العالمي، فإنها ظلّت غائبة عن مجتمعاتنا العربية والإسلامية إلا باستثناءات محدودة
«إذا رددنا على الحقد بالحقد فمتى ينتهي الحقد؟»، هذا ما قاله جوتاما بوذا مؤسس الديانة، أو الفلسفة البوذية التي تقوم على التجرّد، والزهد، والتخلّص من الشهوات والألم. ولعلّ مثل هذا المدخل يعكس بعضاً من جوانب حقيقة فلسفة اللّاعنف التي تبنّاها المهاتما غاندي لاحقاً، والمقصود بذلك المقاومة بوسائل مدنية، بمعنى عدم استخدام العنف كوسيلة للتصدي للعنف، ونيل الحقوق.
وقد دفع غاندي حياته ثمناً لذلك على الرغم من الانتصار الذي حقّقه على بريطانيا أعظم إمبراطورية في العالم وأقواها حينها، حيث تقدّم منه أحد الهندوس المتطرفين ليطلق النار عليه ويرديه قتيلاً، وهو في ذروة مسعاه للحيلولة دون انفصال الهند من خلال التفاهم والتعاون والرغبة في العيش المشترك، والاعتراف المتبادل، ما دفع الأمم المتحدة لاعتماد يوم 2 أكتوبر/ تشرين الأول، من كل عام، وهو يوم عيد ميلاد غاندي باعتباره يوماً للتسامح.
وإذ أخذ رصيد ثقافة اللّاعنف بالارتفاع على المستوى العالمي، خصوصاً بصعود حركة الحقوق المدنية بقيادة مارتن لوثر كينج، والمصالحة والحقوق المتساوية بقيادة نيلسون مانديلا، فإنها ظلّت غائبة عن مجتمعاتنا العربية والإسلامية، إلا باستثناءات محدودة، وبتقديري فإن الأمر يعود في جزء كبير منه إلى قراءات خاطئة، ومبتسرة للنصوص الدينية، بما فيها للقرآن الكريم، إضافة إلى تفسيرات وتأويلات ماضوية لا تنسجم مع روح الإسلام وجوهر رسالته الإنسانية، فضلاً عن سمة العصر والتطور التاريخي، وهي ما تُعرف بأسباب النزول، كما أن بعض النصوص بما فيها المتعلقة بالسنّة النبوية قيلت لزمانها ولأحداث وأوضاع استوجبتها، وانتهت بانتهائها، وما بقي من النصوص المقدسة وأحاديث الرسول الكريم هو القيم والمثل الإنسانية الخالدة، التي استهدفت تغيير حياة الناس من أجل سعادتهم ورفاههم فكيف نقرأ ثقافة العنف واللّاعنف في مجتمعاتنا؟
خمسة اتجاهات يمكن بواسطتها اقتفاء أثر الفكرة اللّاعنفية:
الاتجاه الأول - الرافض والإنكاري، الذي يعتبر فكرة اللّاعنف صناعة غربية خالصة، وهي بدعة لتحقيق مآرب سياسية وهدفها تثبيط عزائم العرب والمسلمين من استعادة حقوقهم المغتصبة.
ومثل هذا التفسير لا علاقة له بفلسفة اللّاعنف التي تتمسك بالحق والمقاومة المدنية لتحقيقه، وأعتقد أن العرب والمسلمين معنيون مثل غيرهم بثقافة اللّاعنف، ولاسيّما العيش بسلام واختيار طريق تطورهم الحر الاقتصادي والاجتماعي.
الاتجاه الثاني- الريادي والانعزالي، يرفض فكرة اللّاعنف لأنها غير موجودة في الشريعة حسب تقديره، لأن اعتماد فلسفة اللّاعنف سيقود إلى التحلّل وانعدام الغيرة على الإسلام، وأن في الشريعة إجابة على كل شيء، وهي صالحة لكل زمان ومكان، ففيها الريادة والأفضلية والتميّز على جميع القوانين الوضعية. وهكذا يحاول أصحاب هذا الاتجاه إرجاع كل شيء إلى الماضي من دون الأخذ في الاعتبار التطوّر الكوني استناداً إلى قاعدة «تغيّر الأحكام بتغيّر الأزمان».
الاتجاه الثالث- الانتقائي والتوفيقي، ويحاول أصحابه التوليف بين مفاهيم متعارضة أحياناً، لاسيّما بإهمال نقاط حساسة وساخنة، ومع رغبته الإصلاحية في انتقاء بعض الأفكار اللّاعنفية أو وضعها «منزلة بين المنزلتين».
الاتجاه الرابع- الاغترابي وينطلق من نقد الاتجاهات الإنكارية الرافضة والريادية الانعزالية والتوفيقية الانتقائية، ولكن بالمقلوب حين يعتبر التراث كلّه خارج سياق الحداثة ومناقضاً لها، وأن أي تفكير خارج نطاق الحداثة هو محاولة عقيمة ويائسة؛ وعلى العرب والمسلمين إن أرادوا السير في طريق التطوّر الإقرار كلياً بالمفاهيم الحداثوية من دون زيادة، أو نقصان.
الاتجاه الخامس- الواقعي والحضاري، الذي يزاوج بين الحداثة والتراث والمعاصرة والخصوصية والشمولية، مع الأخذ في الاعتبار التطور التاريخي الكوني والانفتاح والتفاعل معه للارتقاء بفكرة اللّاعنف لتصبح فلسفة عمل ومنهج حياة، والبحث في تراثنا عن تجارب لاعنفية ينبغي تعميمها وإعادة قراءتها برؤية جديدة.
إن التلاقي الحضاري والتفاعل الإنساني والتطور التاريخي للأمم والشعوب والجماعات لا يحصر الفكر في أمة، أو شعب، أو قارة، أو تيار فكري، مثلما هي فلسفة اللّاعنف، بل هي حصيلة مزاوجة وتطور طويل الأمد يمدّ جذوره عميقاً في التراث الإنساني ويجد صورته في الحداثة وفي خلفياته لفلسفة الأديان والأيديولوجيات والأفكار المختلفة.
[email protected]



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزيز محمد شيوعيـة بـلا جنـاح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة ا ...
- البوسنة وحرب القرون الوسطى
- مع الدكتور جورج جبور: حين يكون المفكّر رجل دولة
- ستة أنساق لثقافة اللّاعنف
- عن الإرهاب وضحاياه
- عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار - الحلقة الث ...
- في الدستور والدستورانية و-الدسترة-
- عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة السا ...
- العلوم الإنسانية وإعادة الاعتبار
- عزيز محمد شيوعيـة بـلا جنـاح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة ا ...
- عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة الخا ...
- عزيز محمد شيوعيـة بـلا جنـاح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة ا ...
- عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة الثا ...
- لبنان.. هل يمكن بقاء القديم؟
- حين يراد إخضاع الفلسفة للسياسة الليبرالية و-الليبرالية الجدي ...
- عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة الثا ...
- عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار 1
- ثلاثة عقود على غزو الكويت .. كارثة مدمّرة
- غزو الكويت.. «الزمن العابس»
- لبنان.. الوجه الآخر


المزيد.....




- رواية -الحرّاني- تعيد إحياء مدينة حرّان بجدلها الفلسفي والدي ...
- ضجة في إسرائيل بعد فوز فيلم عن طفل فلسطيني بجائزة كبيرة.. و ...
- كيت بلانشيت ضيفة شرف الدورة الـ8 من مهرجان الجونة السينمائي ...
- رائحة الزينكو.. شهادة إنسانية عن حياة المخيمات الفلسطينية
- لحظة انتصار على السردية الصهيونية في السينما: فيلم صوت هند ر ...
- -أتذوق، اسمع، أرى- كتاب جديد لعبد الصمد الكباص حول فلسفة الح ...
- “انثى فرس النبي- للسورية مناهل السهوي تفوز بجائزة “خالد خليف ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الشلوخ في مجتمعات جنوب السودان.. طقوس جمالية تواجه الاندثار ...
- سوريا.. فوز -أنثى فرس النبي- بجائزة خالد خليفة للرواية في دو ...


المزيد.....

- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - في معنى اللّاعنف