أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - المواطنة الحاضنة للتنوّع














المزيد.....

المواطنة الحاضنة للتنوّع


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6685 - 2020 / 9 / 23 - 18:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


باحث ومفكر عربي
حسناً فعل "منتدى الفكر العربي" حين نظم ندون بعنوان " المواطنة الحاضنة للتنوّع" لكونها مسألة راهنية وحيوية أولاً، وثانيا- لأنها تثير اختلافات بحاجة إلى حوار ونقاش حولها يساهم فيه مثقفون وباحثون وناشطون من مختلف التيارات الفكرية: اليسارية والقومية والدينية ، خصوصاً علاقة ذلك بمفهوم الدولة : هل هي دولة مدنية وأين موقع الدين فيها؟ خصوصاً وأن المواطنة العابرة للهويّات الفرعية تشتبك معها.
ويعود سبب النقاش واحتدامه إلى أن الدولة العربية المعاصرة لم تستطع بعد الوصول إلى شاطئ السلام ببناء دولة المواطنة على أساس التعددية والتنوّع واحترام المواطنة الحاضنة للتنوّع والاختلاف والهويّات الفرعية.
هناك من يحاول خلط مصطلح العلمانية بالدولة المدنية ، الأمر الذي يثير حساسية والتباساً بسبب تجارب بعض البلدان الاشتراكية السابقة، مثلما هناك من يحاول أن يقحم الدين بالدولة لدرجة اعتبار كل أمر خارجه إنما هو صناعة غربية واختراع مشبوه بزعم مخالفة فكرة الدولة المدنية للتراث والتاريخ والدين والإيمان، في حين أن المواطن الفرد هو الأساس، وأي مواطن لا يمكن حصره بهويّة واحدة واختزاله إلى حقل واحد.
مثلما هناك من يريد قطع الصلة بالتراث بزعم أن الأخير عائقاً أمام تقدّم الدولة واندماجها بعالم الحداثة والمدنية والعلمانية ، وينسى هؤلاء أن المفهوم التغريبي الذي يدعون إليه إنما يتنكّر لمساهمة تراثنا الفكري القانوني العربي بالتراث العالمي منذ قيام دولة المدينة التي أسسها الرسول وهو دستور محمدي اعترف بالآخر ووضع قواعد أولية للبنة المواطنة بمعناها الجنيني.
ثلاث إشكالات تتعلّق ببعض القضايا الخلافية ذات الخصوصية في كل مجتمع، الأمر الذي بحاجة إلى إعادة قراءة وتفسير وتأويل بما ينسجم مع روح العصر؛
أولها- الموقف من المجاميع الثقافية الدينية والإثنية والسلالية واللغوية .
وثانيها - الموقف من حقوق المرأة ومساواتها مع الرجل ، علماً بأن الدول العربية كانت وقعت على " اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة " أي اتفاقية سيداو لعام 1979 ، لكنها ما تزال تتحفظ على بعض موادها .
وثالثها- نظام العقوبات والحدود والذي يتعارض في بعض قواعده مع اللوائح الدولية بهذا الخصوص.
وتلك جميعها تندرج في إطار منظومة حقوق الإنسان، فكيف السبيل للتواؤم معها بما يجعل الخصوصية رفداً للفكرة الشمولية ، من خلال التفاعل بينهما؟ فثمة من يوقّر فكرة المواطنة الحاضنة ، وهناك من يحقّرها ، والأخير ينظر إليها نظرة أحادية وليست واحدية، في حين أن الأول يعتبر التنوّع عامل إثراء وإخصاب وليس عامل إفقار وإجداب، وهو أساس فلسفة المستقبل للمجتمعات الآمنة - السلمية.
فالمجتمعات الآحادية تتراجع في حين أن المجتمعات الموحّدة المتعددة الثقافات تتلاقح وتتقدّم، ولهذا يقتضي منّا فهم العالم المعاصر المتعدد المتنوّع المتسامح المتشارك المفتوح المتواصل الذي يتّسع للحوار؛ وسيكون مثل هذا المجتمع حاضناً للتنوّع ومشجعاً على التفاعل، على أساس الشراكة والمشاركة في الوطن الواحد في ظلّ حكم القانون، والعدالة وخصوصاً العدالة الاجتماعية، ولذلك فهي ضد الاستعلاء والتمييز والهيمنة وادعاء الأفضليات واحتكار الحقيقة.
ولا بدّ من مصالحة حقيقية بين المواطن والدولة بحيث يشعر المواطن أن الدولة هي دولته ، وأن الدولة لا تشعر أن المواطن عدوّها وأن السلطة تأتي وتذهب لخدمته، علماً بأن هناك خلطاً بين الدولة والسلطة، وأحياناً تتغوّل الأخيرة على الأولى وتحاول ابتلاعها لأغراض سياسية أو دينية أو قومية أو فكرية أو اجتماعية أو اقتصادية أو عسكرية أو شخصية أو غيرها، وقد حكمت المجتمعات منذ فجر التاريخ بواسطة قواعد مدنية واجتماعية ودينية ذات بُعد إيماني وأخلاقي وقانوني، وذلك جزء من منظومة حياتية تعكس درجة تطور المجتمع، علماً بأن القانون هو الذي ينظم علاقة الفرد والمجتمع بالدولة ويقوم بالفصل في النزاعات بينها بواسطة القضاء، الذي سيترتب جزاءً لمن يمتثل أو يخالف قواعد القانون بواسطة جهاز تنفيذي (حكومة).
إن غياب الاعتراف بالمواطنة الحاضنة للتنوّع قاد إلى أعمال عنف وحروب ونزاعات ويكفي أن نتذكر مأساة البوسنة والهرسك التي راح ضحيتها الآلاف من المسلمين، والنزاع بين قبيلتي التوتو والهوتسي في رواندا الذي ذهب ضحيته نحو مليون إنسان.
ولا يكفي تسطير المبادئ للمواطنة الحاضنة في الدستور، بل لا بدّ من نشر ثقافة التسامح والتربية عليه ونبذ التعصب ووليده التطرف ونتاجهما العنف والإرهاب، ويمكن للدولة أن تلعب دوراً جامعاً في تأمين الحق في التعليم المتوازن والقائم على أساس قبول التنوّع والتعددية ومبادئ المواطنة المتساوية ، وهو ما أكّده نداء عمان الذي صدر عن الندوة الذي اعتبر المواطنة الركيزة الأساسية في الدولة العصرية، لاسيّما بتكافؤ الفرص وتحقيق المساواة الفعلية والشراكة الحقيقية والمشاركة الفاعلة ، وهو ما ينسجم مع قيمنا الإنسانية وتراثنا العربي والإسلامي والتطور الكوني، ودعا إلى إبرام عقد اجتماعي جديد لتعزيز شرعية الحكم وبناء قواعد مشتركة للعيش معاً في إطار المواطنة الحاضنة للتنوّع وتحت حكم القانون.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 40 عاماً على الحرب العراقية - الإيرانية: مصارعة على الطريقة ...
- في معنى اللّاعنف
- عزيز محمد شيوعيـة بـلا جنـاح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة ا ...
- البوسنة وحرب القرون الوسطى
- مع الدكتور جورج جبور: حين يكون المفكّر رجل دولة
- ستة أنساق لثقافة اللّاعنف
- عن الإرهاب وضحاياه
- عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار - الحلقة الث ...
- في الدستور والدستورانية و-الدسترة-
- عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة السا ...
- العلوم الإنسانية وإعادة الاعتبار
- عزيز محمد شيوعيـة بـلا جنـاح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة ا ...
- عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة الخا ...
- عزيز محمد شيوعيـة بـلا جنـاح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة ا ...
- عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة الثا ...
- لبنان.. هل يمكن بقاء القديم؟
- حين يراد إخضاع الفلسفة للسياسة الليبرالية و-الليبرالية الجدي ...
- عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار- الحلقة الثا ...
- عزيز محمد شيوعية بلا جناح: الاستعبار والاستبصار 1
- ثلاثة عقود على غزو الكويت .. كارثة مدمّرة


المزيد.....




- أمام المحكمة.. ستورمي دانيلز تروي تفاصيل اللحظات قبل اللقاء ...
- سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.. هذا ما قاله ...
- زاخاروفا: الأسلحة التي يزود الغرب بها أوكرانيا انتشرت بالفعل ...
- النيابة العامة الروسية تعلن أنشطة منظمة -فريدوم هاوس- الداعي ...
- -لإرسال رسالة سياسية لتل أبيب-.. إدارة بايدن تتخذ إجراءات لت ...
- أغنية -الأب العظيم- لزعيم كوريا الشمالية تجتاح تيك توك وتحدث ...
- نتنياهو: إسرائيل لن تسمح لحماس باستعادة الحكم في قطاع غزة
- قاض فرنسي يرد شكويين رفعهما حوثيون على بن سلمان وبن زايد
- بيسكوف: الشعب الروسي هو من يختار رئيسه ولا نسمح بتدخل دول أخ ...
- أوكرانيا تعلن إحباط مخطط لاغتيال زيلينسكي أشرفت عليه روسيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - المواطنة الحاضنة للتنوّع