رزكار نوري شاويس
كاتب
(Rizgar Nuri Shawais)
الحوار المتمدن-العدد: 6713 - 2020 / 10 / 24 - 21:54
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
قد ينتقدني البعض على محتوى هذا المقال ، قائلين ما شأنك و أنت البعيد ، بما يحدث في (ليبيا) و بالحرب بين ( آذربيجان و أرمينيا ).. ؟ أقول لست من مناصري الحكومات لكني مع حق الشعوب في الحياة بالعيش بحرية و كرامة ..
لكن لا بأس فالباب مفتوح و على الرحب و السعة لكل الأنتقادات
إنّ اتفاق وقف إطلاق النار و المواجهات المسلحة بين الأطراف الليبية المتنازعة كخطوة أولى للتقدم على مسار السلام و الاستقرار السياسي و الاجتماعي لتلك البلاد سيفتح الطريق امام التفاهمات السياسية و الاقتصادية التي ستصب حتما لصالح عموم الشعب الليبي و ستكون لبنة الأساس لعملية إعادة البناء و التنمية و نهوض هذا البلد الذي يملك من الموارد و الثروات ما يمكنّه من تحقيق ذلك ..
المانيا ، فرنسا ، ايطاليا ، الولايات المتحدة و روسيا ، الصين و بريطانيا ، مصر و تونس و المغرب ، منظمة الأمم المتحدة و البرلمان الأوربي و جامعة الدول العربية .. و الى اخر قائمة طويلة من دول هذا العالم ، التي رحبت بحرارة بهذا الاتفاق و اعربت عن دعمها له ..
فقط تركيا ، أو بالاحرى رئيسها و حزبه (الاخواني) الذي جاء رد فعله على الاتفاق ( بأنه يفتقر إلى المصداقية ) و عبّر ( لا شعوريا) عن أمله باستمرار فتنة الاقتتال الليبي و فشل الاتفاق ، بقوله ( إن الاتفاق لم يتم بأعلى المستويات و مسألة اانهياره مسألة وقت ) ..!
و على نفس هذا النهج و الرؤية يأتي تعامل ( الاخوان الحكام للدولة التركية ) مع النزاع المأساوي الدموي بين آذربيجان و أرمينيا . فالمجتمع الدولي ككل تدخل بمساعيه الحميدة بين الدولتين و طلبت منهما اعلان هدنة انسانية بينهما في مناطق النزاع المسلح باتجاه وقف دائم لاطلاق النار و البدء بمفاوضات نحو حلول سلمية لمسببات النزاع وتجنيب السكان المزيد من الخسائر في الارواح و الممتلكات و النزوح عن ديارهم و مناطق سكناهم .. مرة أخرى يقف اوردغان و حزبه ضد الارادة الدولية هذه و كل خطط و محاولات تهدئة الوضع بصب الزيت على النار و تحريض الحكومة الاذرية و تشجيعها على مواصلة الحرب معربا عن استعداده ( الكريم) لتقديم كل اشكال الدعم لآذربيجان من سلاح و عتاد و مرتزقة ارهابيين بل وحتى التدخل عسكريا فور طلب اذربيجان ذلك من تركيا ..! . فيبدو الامر وكأن فكرة اعادة تركيا (لفاجعة الابادة الجماعية للارمن على يد تركيا العثمانية و التي لم تعتذرعليها تركيا حتى الان ) تستهوي الرجل .. !!
ولا ندخل في التفاصيل الأخرى المملة لمواقف تركيا الاخوانية ، فقط نشير الى بعضها و منها ، الاستعراض الاستفزازي للقوة شرق البحر الابيض المتوسط و بحر ايجة و سواحل قبرص التي تذكر العالم بقصص القرصنة القديمة ، و كذلك موقفها من موجات الهجرة و الباحثين عن اللجوء في اوربا و استخدامها كورقة ابتزاز و بلطجة للضغط على اوربا و مجتمعاتها ، كذلك تورط نظام حكم الاخوان التركي في دعم تنظيم داعش و غير داعش من تنظيمات و جماعات الارهاب الناشطة في المنطقة باسم الاسلام و شراكتها المكشوفة لها في تهريب النفط و الاثار المسروقة و حرق الغابات و بساتين الزيتون و نهب المحاصيل و ممتلكات المزارعين و غيرهم من السكان في مناطق القتال المحتلة من قبل العصابات الارهابية في سوريا و في العراق .. و موقفها الرافض بشدة من اتفاق (بغداد- اربيل) على الادارة و الحماية المشتركة بين قوات البيشمركه و الجيش العراقي لبلدة سنجار و قراها ، كذلك معارضة تركيا لاتفاقات السلام العربية – الاسرائيلية في وقت تتمتع هي بعلاقات دبلوماسية و تجارية و سياحية كاملة مع الدولة العبرية ..! و أيضا حماية النظام التركي و إيوائها للعديد من قادة الارهاب من جماعة الاخوان المصرية و تخصيص رواتب مجزية لهم و تأمين قاعدة لتنظيم (حماس) الفلسطيني على اراضيها لاستهداف باقي القوى الفلسطينية ..
لا مراء في القول ان تركيا كدولة تحتل موقعا استراتيجيا مهما على خارطة الشرق الاوسط ، و بما تمتلك من قدرات عسكرية تعد قوة اقليمية عظمى في المنطقة ، خصوصا انها دولة عضو في حلف شمال الاطلسي (الناتو) و للحلف هذا قواعد عسكرية متطورة بعددها و امكاناتها على اراضيها ، لذا يمكن القول ان لاخوف عليها لا من اعتداء و لا من غزو خارجي لها ، و بهذا فهي تملك فرص جيدة لأن تلعب دورا بناءً و ايجابيا في المشهد السياسي و الأقتصادي في عموم منطقة الشرق الاوسط و أطرافها و بما يعود عليها بالكثير من النفع و من مسببات الرخاء و الرفاه لشعوبها من اتراك و كورد و عرب و ارمن و اشوريين و غيرهم من الاثنيات القومية ضمن اطار دولة تركيا ، لكن الغريب في امرها هو في تحركاتها السياسية المتغطرسة غير المقبولة في الاعراف الدبلوماسية الدولية و حتى من قبل حلفائها ، و التي منها تنصلها من التزاماتها حتى مع اقرب حلفائها و على سبيل المثال نشير الى ازمتها مع الولايات المتحدة و دول الناتو بسبب شرائها لمنظومة (اس 400) الصاروخية الدفاعية الروسية و تفعيلها ، في وقت يمكن القول فيه ان تركيا لا تحتاج لمثل هذه المنظومة الصاروخية لتقوية دفاعاتها ( ألا اذا كانت تخفي نوايا اخرى ) فإنها كدولة عضو في الناتو ستحظى بكل اشكال الدعم التسليحي من قبل حلفائها في الاطلسي اذا واجهت في يوم ما مخاطر او حتمالات اعتداء خارجي عليها قبل و قوعها .
إن السياسات التي تنتهجها تركيا الاخوانية بدءاً من حربها الداخلية العنصرية ضد مواطنيها الكورد و تدخلاتها العسكرية الباهظة التكاليف و دعمها لجماعات الارهاب الاصولي الاسلامي في سوريا و ليبيا و العراق و كلف تسليح المؤسسة العسكرية و الفساد المالي الواسع النطاق في مؤسسات الدولة التي يديرها الاخوانيون ، ألحقت افدح الخسائر و الاضرار بالاقتصاد التركي و تسببت في تراجعات قياسية لقيمة الليرة التركية و في كساد السوق بسبب الغلاء و ارتفاع اسعار السلع و لوازم معيشة المواطنين اليومية ناهيك عن ارتفاع معدلات البطالة و تفشي الجرائم بانواعها مع تصاعد حملات القمع الشديد للمحتجين و الناقمين بسبب تردي احوالهم المعاشية و زجهم في السجون بتهمة الارهاب (الجاهزة ).
إنّ الدعم المالي الذي تقدمه دولة قطر (الراعية و الداعمة لكل التنظيمات الارهابية الاسلامية في العالم) بضخ ملايين الدولارات لتركيا بين حين و آخر ، ليس سوى دعما موجها لتصعيد و استمرار السياسات الحالية التي تنتهجها تركيا الاخوانية في المنطقة و شرق اوربا و شمال افريقيا و ليس لبناء و نهوض الاقتصاد التركي المتهاوي ، فقطر ترى في حزب اوردغان و موقع تركيا الجغرافي و قوتها العسكرية و البشرية ، ذراعها لتحريك و استمرارية مشروعها المتخلف المريض لتأكيد حضورها و وجودها كقوة مؤثرة في ملاعب السياسات الدولية ، لكن عبر طريق دعم الارهاب الاصولي الاسلامي اينما كان في العالم و توفير ملاذات امنة لرموزها المكشوفة و المطلوبة .
و عليه فإن الاقتصاد التركي سيشهد المزيد من التراجع و بالطبع فإن عبء هذا التراجع سيقع بكامل ثقله على عاتق ابناء تركيا ، الامر الذي سيرافقه المزيد من السخط و التذمر تعالج بالمزيد من القهر و القمع ، و باتجاه تحول الدولة الى دولة استبداد بكامل مواصفات الاستبداد ، و هذا بالطبع لن يكون لصالح اوردغان و حزبه في اية انتخابات قادمة ..
لكن هل سيتخلى اوردغان عن سياساته هذه ؟ الجواب هو ( لا ) ، و الامر هذا ليس بالمستغرب ، فركيزة الايدولوجية الاخوانية الفاشيّة الطباع هو :
اولا - التمسك بالسلطة و النفوذ متى ما تمكنت من استحواذها و بكل ما تملك من سبل و وسائل حتى لو كانت في اغلبها لا اخلاقية و غير مشرعة و غلق الابواب امام كل السبل المشروعة لتبادل السلطة ديمقراطيا .
ثانيا - لم يتخلى الاخوانيون عبر كل تأريخهم و لا يتخلون عن نهج تعاملهم السياسي ضمن مجتمعاتهم و مع مجتمعات الاخرين و الذي يتمثل في اثارة الفتن و الصراعات الداخلية و بينها و بين المجتمعات الاخرى بل وحتى بين صفوف تنظيماتها هي نفسها و ذلك بتحريك و اثارة المصالح و الاطماع الفردية و بتهييج النزعات القبلية – العشائرية و العنصرية – القومية و الدينية – المذهبية و فق مبدأ ( من أجل أن تَسدْ أشعِلْ نيران الفتنة ، أججّها و لا تدعها تخمد ..) هو ذلك الدرس القديم الذي لا يستوعبون غيره ، الدرس الذي لقنه اياهم اسيادهم في بدايات تأسيس أولى تنظيماتهم ..
و بالطبع لا يشذ حكام ايران المعممين عن هذه القاعدة و اغلب ما ورد في هذا المقال ، فهم و حكام تركيا الاخوانية توائم بنفس الطباع و السلوك ، لكن بأزياء مختلفة .
#رزكار_نوري_شاويس (هاشتاغ)
Rizgar_Nuri_Shawais#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟