أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر سالم - إستنطاق الصحراء














المزيد.....

إستنطاق الصحراء


حيدر سالم

الحوار المتمدن-العدد: 6712 - 2020 / 10 / 23 - 16:29
المحور: الادب والفن
    


لا يكتب إبراهم الكوني رواية قدرما يحاول تجسيد الصحراء بكلمات!، لم أنتبه للصحراء من قبل، كانت مكانا مقفرا، أما بعد تعرفي على الكوني منذ سنوات؛ صارت رمزا، ممتلئة بالحكمة، و تختزل الوجود!!

التبر، رواية صغير الحجم، أتَمّها عام ١٩٨٩، تدور بين أوخيّد و صديقه الأبلق، بعيرٌ يكاد ينطق، يبكي، و يضحك، يغضب و حكيم، أو إختصارا للألقاب إنه رسول" ما أندرُ مثل هؤلاء الرسل" !، في الصحراء كل شيء يختبئ خلف غمامة صمت،واضحة ساكتة، باطنة صاخبة! ، لذا و بعد أن إرتكبت الحضارة واحدة من مساوءها التي لاتحصى؛ أنها قتلت التأمُل، و صرنا مطيةَ أفكارٌ جاهزة، يعلبها لنا أبطال أوربا!، لا ينكرُ أحدنا لما لأوربا من فضلٍ كبير،لكنها مسخت كل الأفكار و حولتها إلى مجرد أضحوكة لا قيمة لها، و بات تاريخها تأريخ الفكر البشري!، و من المهزلة ألا نعود بتأريخ الفلسفة إلى بوذا، ألأن الرجلَ طالب بالتأمل و جعله شرطا للخلاص؟ ، من هنا ينطلقُ الكوني، يستنطق التراث، محملاً بالأساطير، شخوصهُ تسمع همهمات الجن، و تتكلم مع الودّان و البعير،تصمت فنسمعها، ندخل للصحراء فنراها مكتظة، فيكشف أول سر أمامنا" الصحراء رمز الوجود " ! ، و في رواية نداء ما كان بعيدا، يفكك المكان و يفلسفه ، أن الصحراء بحرٌ من رمال، و البحر صحراءٌ من ماء؟ ..... أول شفرة يجب أن نفكها أن الكوني يتحدث عن مكان أسطوري، و زمن فالت من قوانين الزمان، و من ثم أن الخلف إذا ما مال عن قوانين الشيخ، تبتلعه دوامة التيه، إذن نحن نعيش في مكان و زمان خارجان عن قوانينهما في مدننا، و أننا نعيش في فكر بكر، لم تلوثه أصابع عولمة،نحن مع أساطير تمشي حرة طليقة لا تمكث في مكان،و لسنا أمام كائناتٍ مدجنة، يصلها الأكل و التفكير في علب صفيح، يعيشون كما أكلهم في علب جاهزة!.

الأسماء في روايات الكوني غير مألوفة، فهو يحمل تراث الطوارق الخصب لنا، فلن نفهم النص إلا بالإعتكاز على الهامش، شارحاً لنا أساطيرهم و ملاحمهم الغائبة عنا، ندخل معه عالماً جديداً، و فور دخولك تخلع عنك رداء الآيدلوجيات التي يراها مدمرة تحارب الطبيعة، نقرأ إقتباسات من سائر الملل، فالكوني ينهل من كل ماء عذب، لا تلوثه جرثومة التحزب المديني، فهو متملص من طابع المدن، أن يكون له إسم يحمله، و يركن داخل تبويبات لاتحصى يحملها فرد المدينة على ظهره حتى حتفه، إسم مدينته، ثم منطقة فزقاق، ورقم هوية، فرقم جواز سفر، إنسان الصحراء يعيش حرا من أرقام السجلات، كما هو حرٌ من وسمه داخل خندق فكر واحد.

تناقش الرواية فكرة التملك، نحن أمام كتاب أنجلس ذاته لكن على وتر آخر، يعزف الكوني بطريقته الخاصة، يتلاعب بالكلمات العربية ( لغته الثانية )، و يأخذها معه مطواعة إلى حيث عمقها، فهو عالم باللغات له كتاب في سبع مجلدات ( بيان في لغة اللاهوت )... يتحدث حوالي ٩ لغات، لذا فهو يبحث في الكلمة، يستنطق سرها و مخابئها اللاهوتية القديمة، تقرأ لغة تراثية حداثوية ، هذا المزيج هو مصدر ما ذكرناه أولاً ؛ التأمل، أجزم أن أغلب الكتاب العرب لم يعرفوا عمق لغتهمو تراثهم، فهم أبناء دولٍ خطت حدودها من غيرهم، تبدلت ثيابهم و طعامهم و لغتهم، فلا ننتظر منهم كتاباً بلغتهم، بل إنهم يكتبون مرغمين بلغة يعتبرونها ميتة، عن واقع مجمعة أوصاله من ركام غير مستعمل خارج حدودهم، يحيي رجلٌ لغةً هي ليست لغته و يعتبرها من أكبر اللغات ثروة و عمقا و يرفض أن يكتب بالروسية التي يجيدها مثل العربية.

لماذا أركز على التأمل و المكان و اللغة؟ لأنهن فاتحة كبيرة لأعمال الكوني، أما الرواية نفسها فهي كنزٌ آمل أن يحصل عليها من يقرأ ما كتبته هنا، و يعيش مع الأبلق، صديق أوخيّد، فإنني متأكدٌ أنه سيصبح صديقه....

إشارة أخيرة .... روايات الكوني تحمل على أغلفتها آثار أسلافه، فهن عبارة عن معرض عظيم خارج أسوار المعارض العالمية التي تعتاش على سرقة تراثنا.... ذلك التراث الذي يحتاج أن نعود إلى كنوزه، و لن نعود......



#حيدر_سالم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإقصاء
- بطء .. قصة قصيرة جدا
- البوح
- لماذا لا نقرأ إبراهيم الكوني ؟
- الايقاع و محمد عبد الوهاب / الجزء الاخير
- المحلن المنسي / عبد العظيم عبد الحق
- ماركس بدون فيسبوك
- لايكات بدون حدود
- الشهد و الدموع مرة أخرى ، و للأبد
- الايقاع و محمد عبد الوهاب / الجزء الثاني
- الايقاع و محمد عبد الوهاب / الجزء الاول
- كافكا ليس كابوسياً
- أرصفة مريدي - قصة قصيرة
- مقطع من قصة ( ن ) / قصة طويلة
- أسير مريدي - قصة قصيرة
- حسناء مريدي - قصى قصيرة
- حسناء مريدي - قصة قصيرة
- الثياب الرثة تقلقكم
- المتفوقون بالعمل !
- طالبُ المُستنصرية الأخير - نص


المزيد.....




- باب كيسان.. البوابة التي حملت الأزمنة على أكتافها
- -بدونك أشعر أني أعمى حقا-.. كيف تناولت سرديات النثر العربي ا ...
- نذير علي عبد أحمد يناقش رسالته عن أزمة الفرد والمجتمع في روا ...
- المؤرخة جيل كاستنر: تاريخ التخريب ممتد وقد دمّر حضارات دون ش ...
- سعود القحطاني: الشاعر الذي فارق الحياة على قمة جبل
- رحلة سياحية في بنسلفانيا للتعرف على ثقافة مجتمع -الأميش- الف ...
- من الأرقام إلى الحكايات الإنسانية.. رواية -لا بريد إلى غزة- ...
- حين تتحول البراءة إلى كابوس.. الأطفال كمصدر للرعب النفسي في ...
- مصر.. الكشف عن آثار غارقة بأعماق البحر المتوسط
- كتاب -ما وراء الأغلفة- لإبراهيم زولي.. أطلس مصغر لروح القرن ...


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر سالم - إستنطاق الصحراء