أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث عشر/ 1














المزيد.....

زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث عشر/ 1


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6706 - 2020 / 10 / 17 - 20:40
المحور: الادب والفن
    


الناس في الحارة ما انفكّوا يلهجونَ بمأساة ابنة زينو البكر، لحين أن طغت عليها التطورات السياسية. في هذا الشأن، تزامن مبتدأ العام 1953 مع خبرٍ أكثر جدّة، سيثيرُ عاصفةً عنيفة طوال أشهر عديدة، لاحقة. رجل سورية القويّ، الشيشكلي، اتخذ عدة إجراءات دستورية تمهيداً لتبوئه سدّة الرئاسة بعدما قبع في الظل في خلال السنوات الأخيرة. طموحه، الذي ظهرَ جلياً، كان في ذلك الشتاء القاسي حديثَ الجلسات العائلية حول المدفأة. وهوَ ذا جمّو، يتنبأ للرجل بمصيرٍ مشابه لمصير قريبه؛ حسني الزعيم: " السياسيون النقليديون، أخذوا العبرة مما جرى في الماضي، ولن يسمحوا لضابطٍ مرةً أخرى بالقفز إلى منصب رئاسة الجمهورية "، قالها مذكّراً الحاضرين بأحداث شهدوها قبل نحو أربعة أعوام. ثم انتهى إلى القول: " كذلك لا يرغبون بتكرار ما حصل في مصر مؤخراً، لما انقلب الجيش على الملك واحتكر جميع السلطات وحلّ الأحزاب ".
كان رجلُ بيان يتكلم يومئذٍ بصفة المسئول التنظيميّ لحلقة من شبان الحارة، أعتادوا على الاجتماع أسبوعياً في بيتٍ مختلف، لإبعاد أنظار رجال الأمن السياسي ومخبريهم. كان منزله مراقباً بشكل خاص، وقد اشتبه هوَ بشخصين على علاقة بالأمن من أهالي الزقاق. أحدهما، كان زميله في السلاح ثم اشتغل عقبَ تسريحه في النول مع شقيقه سلو. أما الآخر، وكان سميّه، فقد عمل كمرافق لعدد من الضباط الكبار في السنوات الأخيرة. برغم هذه الشكوك، اتخذ جمّو الاحتياطات اللازمة في حال الاضطرار للاجتماع في منزله. من ذلك، قدوم أعضاء الحلقة عن طريق بيت الجار حمّوكي، وكان كما علمنا رفيقه في التنظيم. في حالة أخرى، كان كلّ من الأعضاء يحضر مع زوجة، أو شقيقة، لايهام المخبرين أنه بصدد زيارة عائلية.

***
اعتادت بيان على تلك الزيارات العائلية، المزعومة. لكنها، في المقابل، لم توثق علاقتها بنساء الرفاق. مع ذلك، كانت منفتحة على أحاديثهن العامّة، فتجدها أكثر جدية ونفعاً من لغو النساء المألوف في أمور تافهة. قريبتان من العشيرة، كانتا بين أولئك الرفيقات، وقد دأبتا أحياناً على زيارتها في خارج أوقات الاجتماعات. الأسنّ فيهما، " بدور "، كانت تكبر جمّو بثلاثة أعوام؛ فيما الأصغر، " فاطي "، كانت بعمره تقريباً. هذه الأخيرة، وكانت شأن شقيقتها تعلّم في مدرسة ابتدائية بالحي، عُدّت في صباها خطيبة له. لكن أشقاءه الكبار، ضغطوا عليه وقتئذٍ كي يصرف النظر عن الاقتران بها. برروا ذلك بكونها في مثل عُمره، مثلما أنها لم تحظَ بنصيبٍ يُذكر من الحُسن. لكنّ السببَ الحقيقيّ، كمنَ في تحدي كلتا الشقيقتين للعرف السائد؛ بأن ظهرتا بوجه مكشوف وملابس عصرية. كذلك تم توقيفهما ذات مرة لساعاتٍ في أحد أقسام الأمن، على خلفية تظاهرة نسائية في مركز المدينة.
بدور، كانت أيضاً بطلة فضيحة ارتبطت باسمها. جرى ذلك قبل عقدٍ من السنين تقريباً، وكانت قد تعينت حديثاً في مدرسة بالحارة الجديدة. منزل أبيها، يطل مباشرة على الجادة ويبعد قليلاً عن مدخل حارة الكيكان. هنالك بالقرب من المنزل، كان يقوم محلُ حلاقة، اعتادَ بعضُ الشبان على التواجد بالقرب منه. كانوا بغالبيتهم من المنحرفين، العاطلين عن العمل، لا هم لهم سوى شغل الوقت بالأحاديث عن مغامرات مزعومة مع الفتيات. ذات يوم، وكانت بدور عائدة من المدرسة، فتحت حقيبتها قبيل الوصول للدار بغيَة إخراج مفتاح الباب. فانتثرت من الحقيبة بعضُ الأشياء، منها صورة شخصية لم تنتبه هيَ لبقائها على الأرض بين قصاصاتٍ ومناديل مهملة. أحد أولئك الشبان، وكان يراقب الفتاة، ما لبثَ أن هُرع لالتقاط الصورة ومن ثم وضعها في جيبه. في اليوم التالي، أشاع الشابُ خبرَ علاقته مع بدور، وكان يُظهر صورتها وعلى وجهها الآخر إهداءٌ بكلماتٍ عن الإخلاص للحب وما إلى ذلك من تلفيق. على الرغم من تهافت رواية ذلك الشاب الأرعن، فإنها بقيت لفترة طويلة متداولة بين أولئك المغرمين بالقال والقيل. في النتيجة ( علاوة على أسبابٍ أخرى سبقَ وذكرناها )، انقطع سبيلُ الخاطبين إلى بيت كلتا الشقيقتين، بما في ذلك رفاقهما في التنظيم السياسيّ!

* الرواية الأخيرة من خماسية " أسكي شام "



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني عشر/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الحادي عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الحادي عشر/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الحادي عشر/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل العاشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل العاشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل العاشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن/ 2


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث عشر/ 1