كيفية صناعة قبائل وهمية وتاريخ مزور للشعوب

طارق محمد عنتر

الحوار المتمدن-العدد: 6696 - 2020 / 10 / 6 - 17:28
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    

من المؤكد لي علميا وتاريخيا ومنطقيا أن الشعوب والقبائل لا تهاجر. بعكس ما تدعيه روايات السياسية والتراثية الملفقة للكثير جدا من القبائل المزيفة وكذلك زجت في عقول القبائل والشعوب الأصيلة. فإدعاءات أن أي شعب أو قبيلة قد نزحت من أقاليم بعيدة يمكن ضحده وتكذيبه بسهولة بالرغم من أن تلك الأدعاءات أصلا لاتسندهم أي أدلة سوي وسائل النقل والتقادم وهم لا يعتبروا أدلة
يتسائل كثيرون من أين جاء وما هو أصل الفولاني والذين لهم مسميات كثيرة في أقاليم جنوب وادي النيل والشرق ودارفور مثل الجعليين والبقارة والكواشة والكردافة والبديرية؟ وللأجابة يجب أولا توضيح الفرق بين الأدارات الأهلية وحكام المجموعات وبين الشعب أو المجموعة نفسها والتي تدعي أنهم قبائل وأنهم مهاجرون أستوطنوا نتيجة هجرات جماعية لقبائل وشعوب.
ما حدث هو كالآتي: عصابات أجنبية محدودة العدد من شرق اسيا وما نتج منهم عبر غزواتهم المستمرة منذ 2400 ق م أعتدت وهزمت ممالك وشعوب وحضارات نتيجة غلبة حرب العصابات علي منهج الحرب النظامي. فدائما ما تكون أساليب الهجوم والكر والفر العدواني الإرهابي المتكررة الطويلة الأمد أقوي من الدفاعات للمجتمعات المستقرة المسالمة.
نتج عن هزيمة المجتمعات المستقرة وأنتصار العصابات الصغيرة إستيلاء تلك العصابات علي السلطة في القبيلة والشعب المنهزم. وتضخم حجم العصابات الغازية المحتلة بإضافة المزيد من الرقيق من الشعب والقبيلة المنهزمة وأيضا بعملاء وخونة منهم يسعوا لإستممرار وضعهم المنهار بخدمة العصابات الأجنبية. وبذلك تكون بعد سقوط القبائل والشعوب مجموعات جديدة أكبر عددا من عصابات الغزاة ويكون في مركزها قادة العصابات الصغيرة الغازية مع العديد من العناصر المحلية المنهزمة والعميلة والرقيق.
وتبدأ حقبة تاريخية جديدة علي أنقاض التاريخ العريق الصحيح الذي يتم تخريبه بإستمرار بواسطة المستعمرين وشركائهم وعملائهم. ويذهب الغزاة المحتلين إلي إختراع مسميات وروايات وتراث مزورة وهمية تدعي لهم أصل محلي وتبرر تواجدهم المستحدث بهجرات الشعوب والقبائل التي لم تحدث ابدا. ونفي الاصل العربي هو تبرئة للعرب الافاضل من جرائم الاحتلال والغزو
فالفولاني بكل مسمياتهم واشكالهم هم عبارة عن قسمين واضحي الملامح وهما فئة صغيرة لونهم أصفر وشكلهم أقرب إلي حلب الشام العموريين وكذلك للبربر. أما غالبية الفولاني فهم سود اللون وشكلهم مثل قبائل غرب أفريقيا وهم السودانيين والمنتشرين من شمال نيجيريا وحتي سواحل المحيط الاطلسي. لذلك من الواضح أن الفئة التي كونت الفولاني هم الاكاديين الترك مع العموريين البدو الشوام الاعراب (والاكاديين الترك مع العموريين الحلب هم الهكسوس) وانضم لهم البربر من شمال افريقيا.
لذلك الفولاني يتنازعهم قطبين الاول الاصغر والاكثر قدم ويميلوا للاعراب الحلب وللترك ويتحدثوا العربية بلهجات. والقطب الآخر الاكثر عددا وهم السود المنتزعين من غرب أفريقيا أو السود شركاء وعملاء الفولاني الأصفر وهم يتحدثوا الفلفلدي والهوسا وتعلموا عربية بلهجات في وقت متأخر. علما بان الاعراب ليسوا ابدا عرب لان العرب الحقيقيين هم اشقاء الحبش والبجا ويشبهوهم
وكما أن أصل الفولاني الأول الذي غزي أقاليم جنوب وادي النيل متعدد الأصول فأن الفولاني الذي استولي علي السلطة وأستعمر جنوب وادي النيل وتضخم بعدد إضافي من الرقيق والمنهزمين والعملاء زاد عليهم تعدد الأصول والأشكال نتيجة لتعدد القبائل الأصيلة المنهزمة وإنتشارهم الجغرافي. والسودان ليس عربي بل به اعراب ورقيقهم تعلموا العربية وفرضوا العربية علي الغير
منذ موجات غزو الفولاني الاولي عام 1500 ق م ثم مطاريد الاندلس عام 1500 ثم التركية عام 1820 ظهرت عصابات الفولاني الاصفر مع الاسود في الأقاليم النيلية. وإندسوا في قومياتهم وظهرت بهم مسميات جديدة تدعي أنهم قبائل مثل البديرية والجعلية من زعيم عصابة اسمه سعد ابو مسمار ابو دبوس. ولكنهم في الحقيقة يمثلوا السلطة المحتلة والادارة الاهلية المتعاونة ورقيقهم فقط. كذلك علي نفس النمط كان حكام الفور من سليمان سلونق في القبيلة التي مسحوا اسمها واطلقوا عليها اسم الفور عام 1600 ميلادي
وتكرر نمط احتلال الفولاني واختراع الفئة المحتلة مسميات قبلية في الشرق في زمن الفونج وهم عصابات فولاني مع جانب من القبائل المنهزمة والرقيق فظهرت فئة الدقلل واطلقوا علي قبيلة الخاسا لقب البني عامر وتعني اتباع عامر وهو جعلي فلاتي
خلاصة القول هو أن مكونات القبائل والشعب في جنوب وادي النيل ويشمل الشرق والجنوب وكردفان وما يدعي دارفور هم اصلاء وعريقيين ولم يأتوا من أي مكان من خارج أوطانهم. وتم التلاعب بتاريخهم وتراثهم ومفاهيمهم بواسطة عصابات الفولاني الغازية المحتلة والتي تعاني في نفسها من نفس مشكلة التضليل والتزوير.
لأن الفولاني الاسود هم ضحايا وعملاء من غرب افريقيا. كما ان الفولاني الاصفر الذي صنع الفولاني الاسود ليس افريقي ولا حتي عربي بل تركي مع عموري اعرابي حلبي شامي. وبالتالي فالمجموعات والاسماء الوهمية التي اخترعهم الفولاني الاصفر والاسود بعد استيلائهم علي السلطة والثروة لا علاقة لهم بالقبائل ولا بالهجرات ولا بالعرب ولا بافريقيا الحرة والتي ينتمي اليها كل قبائل جنوب وادي النيل في مستعمرة السودان. https://wp.me/p1TBMj-PX

#طارق_محمد_عنتر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات