أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - فراس حاتم - ماذا علمنا جدار برلين ؟















المزيد.....

ماذا علمنا جدار برلين ؟


فراس حاتم

الحوار المتمدن-العدد: 6694 - 2020 / 10 / 4 - 14:31
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


التاريخ ليس كتابا يقرأ او سيرأ ذاتية تروى بل هو واقع نعيشه , ذكريات مؤلمة و سعيدة تعيش في وجداننا و تجارب نتحمل فيها مرارة الفشل و حلاوة النجاح تعطينا دفعة امل لمستقبل افضل من خلال استقاء العبرة و الدرس لكي لا تتكرر الماساة التي عشناها بل تكون بداية لسلسة نجاحات لكن و من ابرز تلك النجاحات كانت نجاح اخر للشعب الالماني في هدم جدار برلين بعد ان حقق المعجزة الالمانية في اعادة المانيا المدمرة بعد الحرب العالمية الثانية لتكون نموذجا اوروبيا و عالميا لكن السؤال ما العوامل التي ساعدت في نجاح اعادة توحيد المانيا الغربية و الشرقية تحت راية جمهورية المانيا الاتحادية ؟
كانت من ابرز العوامل التي ساعدت البلدين هي :
عوامل سياسية:
كان من ابرزها مشارفة الحرب الباردة على النهاية مع ظهور مشروع البيروسترايكا للزعيم السوفيتي غورباتشوف الذي كان سببا في حل الاتحاد السوفيتي و البدء بانهيار الكتلة الشرقية و بداية الثورات فيها التي كانت المانيا الشرقية تعرف بانها ستنضم الى المانيا الغربية اذا انتهى الحكم الشيوعي من جهة و حل الاتحاد السوفيتي من جهة اخرى على و هذا على صعيد المانيا الشرقية التي كانت ترى في المانيا الغربية عدوا لها و ان المانيا الشرقية هي الوريث للحضارة الالمانية الرائدة .
اما المانيا الغربية كانت على راس خططها هو الاتحاد الاوروبي الذي كان المستشارين هيلموت شميت و هيلموت كول هم مهندسين مشروع الاتحاد الاوروبي الذي سيكون لاحقا بديل عن السوق الاوروبية المشتركة و يجعل لاوروبا مكانة في هذا العالم مرموقة نسبة لتاريخها و تقدمها السياسي و الاقتصادي جميعا لكن التحدي الاكبر هو الوحدة الالمانية اولا و الاوروبية لاحقا و هنا ياتي العمل من اجل الاعداد للوحدتين الالمانية و الاوروبية من خلال الحفاظ على الاتصال السياسي بين البلدين و عدم الانجرار وراء الحروب و تجنيب الشطرين الازمات المحتملة حتى سقوط جدار برلين و اعادة توحيد المدينة بشطريها الشرقي و الغربي لتكون عاصمة جمهورية المانيا الاتحادية .
عوامل اقتصادية :
ما من اصعب ان ترى حضارة عظمى مثل الحضارة الالمانية ان تراها مقسمة بنظامين اقتصاديين مختلفين المانيا الغربية على سبيل المثال كانت تتبع النظام الراسمالي الذي يعرف باقتصاد السوق التي عرفت من خلالها اضخم الصناعات منذ الحرب العالمية الثانية و ارتباطها بالاقتصاديات الحرة مثل الولايات المتحدة الامريكية , المملكة المتحدة ,اليابان و كندا و غيرها من الدول المتقدمة بداية من الصناعات الخفيفة الى الصناعات الثقيلة مثل السيارات و الطائرات و غيرها من خلال الاعتماد على الطاقات البشرية الالمانية و الاستثمارات الخارجية سواء التي يتم استقطابها الى السوق الالماني الغربي او التي تبحث عن فرص مختلف دول العالم .وهذا كله ساهم في تعزيز قيمة المارك الالماني اي العملة و تعزيز دور بون اي العاصمة للالمانيا الغربية لتكون مركز جاذب للتقدم و الازدهار في مختلف المجالات لكن كان هناك العائق و الحسرة هي الانقسام بعد الحرب العالمية الثانية و تاثيره الاقتصادي على المانيا و اوروبا و العالم على ان المانيا الشرقية التي كانت تتبع الاقتصاد الاشتراكي حيث كانت السنوات الاخيرة هي سنوات فقر و معاناة من شحة فرص العمل فضلا عن تراجع قيمة المارك الالماني الشرقي الامر الذي جعل كثير من الالمان الشرقيين يلجاؤن للعمل في المانيا الغربية من خلال عبور الحدود بين البلدين .لذلك تعتبر المانيا الشرقية شوكة في خاصرة المانيا الغربية التي تعتبرها في ذات الوقت تهديد من جهة و لايمكن اكمال الازدهار الاقتصادي من دون الوحدة بين القسمين من جهة اخرى الامر الذي كان سببا في استيعاب الالمان الشرقيين في السوق الالمانية بعد الوحدة و خطط الحكومة الفيدرالية في اطلاق مشاريع تطوير في مختلف الولايات الالمانية الشرقية من اجل دمجها و تسريع عجلة نموها في الاقتصاد الالماني الذي كان يعاني فترات ركود بعد الوحدة ليشهد انطلاقة بعد سنوات قلائل و يكون واحد من اقوى الاقتصاديات الاوروبية و العالمية بعد توحيد الشطرين في المانيا و الانضمام للاتحاد الاوروبي و العملة الاوروبية اليورو التي كانت سببا في الازدهار الاقتصادي من خلال جعلها قوة اقتصادية اوروبية و دولية .
عوامل اجتماعية :
ليس فقط السياسة كانت سببا و لاحتى الاقتصاد هو الشرارة بل المجتمع الذي كان سببا في اتخاذ قرار الوحدة و الارادة بين البلدين في العودة ليكونا بلد واحدة و شعبا واحد بدلا من بلدين لشعب واحد و لان قوة المانيا بوحدتها التي كافح الشعب الالماني في الحفاظ عليها و ترميمها و صونها و اعادة اعمار المانيا كانوا اسوة حسنة في ان ينزلوا الى الشوارع و يعيدوا اعمارها و ينظفون شوارعها من انقاض حرب مدمرة لكن ما ان اكتمل بناء جدار برلين في اغسطس عام 1961 حيث الجدار الشرقي تابع للسوفيت و الغربي للولايات المتحدة , فرنسا و المملكة المتحدة .هنا الجدار لم يكن فقط جدار اسمنتيا كونكريتيا فقط بل كان جدار فكريا سببا في تثبيت اسسه فلا يمكن ان ينهار اسمنتيا من الكونكريت من دون انهيار الجدار الفكري بين الطرفين و كان هذا الدليل حين ما انتفض الالمان الشرقيين على الجدار ردوا لهم التحية الالمان بالانتفاضة في الجدار المقابل حتى انهار الجدار و استقبل الجميع بعناق و ترحيب و السبب هو لانهم شعب واحد نعم لا نكران لما عانوه ما بعد الوحدة الطرفين لكن الوحدة كانت هي الخيار الافضل للجميع من اجل المانيا اقوى .
عوامل ثقافية :
المانيا ليست فقط على مر التاريخ قوة عسكرية او اقتصادية بل المانيا هي وريثة حضارة عظيمة كانت سببا في ولادة ترابط ثقافي عظيم من خلال الادب لجوته و ايمانويل كانت , الموسيقى لبيتهوفن و باخ في رائعته بوابة براندنبرغ التي تفصل برلين الشرقية و الغربية عن بعضها و شهدت عناق الشعبين بعد انهيار الجدار لبعضهما البعض بالاضافة الى بسمارك ابو الواقعية الالمانية و هندنبرغ مؤسس الدولة الالمانية الحديثة . لكن بالرغم الاختلافات العرقية بين الشطرين و الثقافية بينهما سواء الشرق او الغرب لكن ادرك الشعب الالماني انهم واحد وورثة حضارة واحدة و مخزون ثقافي عظيم جعل حلم الوحدة ممكن بعد ان كان مستحيل ان يحدث فلا يمكن لشعب وريث ثقافة ان يضع حدودا جغرافية له مازال يشترك بالحضارة مع اخيه في الجانب الاخر فكان لابد اعادة الوصل و هدم الجدار الثقافي و اعادة الامل للشعب نفسه ليكون منارة لنفسه و لمجتمعه و العالم اجمع و الدليل نهضة المانيا الاتحادية من خلال استيعابها لمختلف الثقافات مع الاعتزاز بالهوية الالمانية الام التي تجمع الجميع .
و هذه العوامل كانت سببا في نجاح جمهورية المانيا الاتحادية و اندماجها ضمن الاتحاد الاوروبي و عملتها الموحدة اليورو الامر الذي ساعد الاقتصاد الالماني في ان يكون حصين من الافلاس و الترهل و الدليل كان الاقتصاد الالماني قويا اثناء الازمة العالمية 2008 نتيجة لكونها قوة اقتصادية و صناعية استطاعت اثبات نفسها .و يعود ذلك لتفوقها العلمي حيث ان المانيا سنويا تسجل 30000 براءة اختراع في مختلف المجالات كانت سببا في تحقيق طفرات صناعية فتحت للاقتصاد الالماني فرصا جديدة للاستثمار سواء على المستوى المحلي , الاوروبي و العالمي .و لا ننفي نقص الايدي العاملة في السوق الالمانية على الرغم من المستوى العالي في الخدمات الاجتماعية من الصحة و التعليم و القضاء لكن هذا كان سببا في اعتماد المانيا على الايدي العاملة الاجنبية لا لتكون بديل بل لتكون مكمل للايدي العاملة المحلية و دمجها في السوق الالمانية من اجل ان تكون السوق الالمانية قوية يجب ان تضخ فيها دماء جديدة التي كانت سببا في نجاح توحيد المانيا في جمهورية المانيا الاتحادية .
لكن المصادفة هنا ان ذكرى توحيد المانيا 3 اكتوبر عام 1989 و ذكرى استقلال بلادي العراق 3 اكتوبر 1932 كان دافعا لي بالسؤال هل المانيا نموذج العراق في بناء دولة حديثة على غرار جمهورية المانيا الاتحادية من خلال اخذ الدرس الاعظم من المعجزة الالمانية من جهة و العوامل التي ساعدت على توحيد المانيا مشابهة لما مر به العراق ؟ نعم ممكن ان تكون المانيا نموذجا و درسا للعراق حالما ينهار جدار المحاصصة الحزبية , القومية , الدينية و الطائفية من اجل ان تقوم فيه دولة الانسان التي يحترم القانون في ذات الوقت الذي يكون فيه فخورا بانه وريث حضارة و ثقافة و قيم اصيلة . و ان سالت عن اي جدران تتحدث ؟ نعم هناك جدار العقل قبل ان تكون الجدران الكونكريتية التي قسمت بغداد الى اقسام بدلا من قسمين فهذه الجدران لا تنهار قبل ان تنهار جدران الفكر الذي يبقيها صامدة لعقود مثل جدار برلين الذي كان الدرس الاكبر للعالم و اليوم الدرس الاكبر للعراق الذي املنا في ان تنهار فيه كل الجدران لينطلق حرا لنفسه . لمنطقة الشرق الاوسط و العالم اجمع كمنارة و نموذج يحتذى به كما المانيا التي كان حلم سقوط جدار برلين مستحيل و اصبح حقيقة لتكون جدران بغداد الحقيقة القادمة .
تحياتي



#فراس_حاتم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سنغافورة التي بكت كثيرا و ضحكت اخيرا
- الاخلاق سر نجاح العمل الدبلوماسي
- سلاما من بغداد الى بيروت
- في ذكرى ميلاد شاعر العراق الكبير محمد مهدي الجواهري
- في ذكرى ابو السلام العالمي نيلسون مانديلا
- الانتقال الديمقراطي في اسبانيا
- وداعا قيصر الكرة العراقية الكابتن احمد راضي
- مستقبل الهند في بناء مئة مدينة ذكية
- نظرة على الصناعة في العراق
- مالذي يجب ان نتعلمه من السودان في التغيير ؟
- قطاع الاتصالات في العراق الى اين ؟
- ميلاد سعيد نور الشريف
- علاج موريتانيا الحديدي مع الكورونا
- دمت عطاء و ابداع دكتور سعد الوتري
- دراسة معاصرة لاصلاحات محمد علي باشا في مصر .
- دراسة نقدية لفيلم ايوب
- في ذكرى ميلاد كوكب الشرق ام كلثوم
- يحيا العدل في باكستان
- كل عام و نجيب محفوظ بخير
- رعاية الطفولة و الشباب عصب نهضة الامم


المزيد.....




- بعدما حوصر في بحيرة لأسابيع.. حوت قاتل يشق طريقه إلى المحيط ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر مشاهد لأعمال إنشاء الرصيف البحري في قط ...
- محمد صلاح بعد المشادة اللفظية مع كلوب: -إذا تحدثت سوف تشتعل ...
- طلاب جامعة كولومبيا يتحدّون إدارتهم مدفوعين بتاريخ حافل من ا ...
- روسيا تعترض سرب مسيّرات وتنديد أوكراني بقصف أنابيب الغاز
- مظاهرات طلبة أميركا .. بداية تحول النظر إلى إسرائيل
- سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك ...
- شاب يبلغ من العمر 18 عامًا يحاول أن يصبح أصغر شخص يطير حول ا ...
- مصر.. أحمد موسى يكشف تفاصيل بمخطط اغتياله ومحاكمة متهمين.. و ...
- خبير يوضح سبب سحب الجيش الأوكراني دبابات أبرامز من خط المواج ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - فراس حاتم - ماذا علمنا جدار برلين ؟