أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فراس حاتم - الانتقال الديمقراطي في اسبانيا















المزيد.....

الانتقال الديمقراطي في اسبانيا


فراس حاتم

الحوار المتمدن-العدد: 6607 - 2020 / 7 / 1 - 23:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لكل دولة قصة نجاح تبدا من فشل و كل سلام و ازدهار لابد ان يبدا من حرب و دمار و كل سعادة لابد و ان سار فيها قطار الحزن حتى وصل الى السعادة و هنا اسبانيا كانت نموذج في هذا التحول الذي مر عليها فاسبانيا ترتبط مع العالم العربي بتاريخ كبير بداية بالحضارة الرومانية و مرورا بالحضارة العربية في الاندلس و نهاية في ايام الاستعمار الاسباني في شمال افريقيا و التي لا تزال بعضها تابعة لاسبانيا و منها جيب سبتة و مليلة التان تربط اسبانيا انسحابهما منهما بعودة جبل طارق لحكمها . لكن لاسبانيا قصة اخرى في تاريخ اهم تحول فيها و هو الانتقال الديمقراطي فيها منذ عهد الملك الفونسو الثالث عشر مرورا بعهد الجنرال فرانسيسكو فرانكو الجمهوري لتعود بعدها الملكية عام 1975 بتنصيب الملك خوان كارلوس ملكا على اسبانيا و تتويجه عليها بعد اختياره من قبل مجلس الوصاية طبعا مرورا بهذا الوقت لم يكن الدرب مزدهرا سواء في الداخل او الخارج الاسباني فقد كان يعج الداخل الاسباني بالاحتجاجات العمالية , المثقفين , الاحزاب , رجال الدين في الكنائس , العمال , الطلاب و منظمات المجتمع المدني التي كانت كلها منقسمة مع الحكم العسكري للجنرال فرانكو ام ضده الذي لا ننكر بالرغم من النهج الديكتاتوري له بالرغم من دوره الكبير في الحرب الاهلية الاسبانية او العالمية الثانية لكن الظروف تغيرت و الاحتجاجات لم تاتي من فراغ بل من فقر , بطالة و جريمة في المجتمع الاسباني و كلما كانت النية للاصلاح قوية من اي طرف يقابلها اعتراض من الطرف الاخر سواء من جهة الجنرال فرانكو او المعارضة و نتيجة للحكم العسكري تفاقمت الامور سوءا و اصبحت البلاد في وضع اقتصادي سيء اكثر نتيجة للحكم العسكري في اضعاف الوضع الداخلي في البلاد لكن الوضع الخارجي ايضا لم يكن افضل من ذلك حيث الحرب الباردة من جهة التي تسببت بعزلة اسبانيا نتيجة لمواقف الحاكم فرانكو ضد حلف الناتو و ثورة القرنفل في البرتغال التي احدثت تحولا كبيرا من خلال الترابط بين البلدين من حيث نظامين ديكتاتوريين و ضغط المثقفين و المجتمع المدني اضافة الى الوضع السياسي الهش و الاقتصادي الذان مر بهما البلدين .لكن وفاة الجنرال فرانكو نتيجة لمرض عضوي اصابة عام 1975 رسم خارطة طريقة جديدة للبلاد مختلفة و جذرية بعد ان حكم اسبانيا منذ عام 1936 بعودة الملكية بتنصيب الملك خوان كارلوس الاول ملكا على اسبانيا . و مع عودة المملكة كان يجب البدء باصلاح سياسي كان يتضمن هذا الاصلاح انهاء سلطة الجيش و جعله جيشا احترافيا قوية قادرا للدفاع عن اسبانيا لكن لا يتدخل بالشان السياسي مرورا باصلاحات هيكلية و ادارية فيه من خلال قوة مدربة و مجهزة باحدث الاجهزة سواء كانت برية , بحرية و جوية بالاضافة الى وحدة استخبارات قادرة على حماية البلاد من التخريب لذلك كان لابد لاحقا من ان تكون ضرورة في شروط عضوية حلف شمال الاطلسي الناتو عام 1985 .و ايضا اعطاء اللامركزية للاقاليم الاسبانية و انشاء البرلمانات الجهوية منها الباسك الذي يطالب الانفصال و يتمع بالحكم الذاتي و كاتالونيا التي امتدت فيها الاحتجاجات حتى عام 2017 من اجل الاستقلال لكن الحكم الذاتي في اسبانيا افضل لها من حيث ضمان لها الامن و الازدهار و العيش الكريم فالانفصال عن العاصمة مدريد يعني الضعف لاسبانيا و العودة الى الحرب الاهلية و الصراعات الداخلية فكان لابد من ادراج الحق الجهوي و الحكم المحلي مادة ضمن الدستور الاسباني. الوضع الاقتصادي لم يكن بالافضل كان لابد من اصلاحه من خلال خفض البطالة الى 1.5% حيث تجاوز عدد العاطلين عن العمل الى 800 الف شخص في عموم البلاد, خفض التضخم الى 20% و تحرير الاقتصاد , ضمان حق العمل النقابي , إصلاح النظام الضريبي من اجل وقف العجز, و خفض الاستنزاف الراسمالي الى الخارج و العمل على اجتذاب روؤس اموال اجنبة للبلاد بعد طرحها للمشاريع العملاقة تمهيدا لدخول السوق الاوربية المشتركة اللتي اصبحت عضوة فيها عام 1985 . لتتحقق كل هذه الانجازات كان لابد من خارطة طريق مشتركة لتثبيت المسار السياسي للانتقال الديمقراطي وللإقلاع الاقتصادي. وقعت المواثيق من طرف الحكومة والنقابات والأحزاب السياسية وجمعيات أرباب المقاولات. من أهم التوصيات الاقتصادية التي تم الاتفاق بشأنها عام 1977 و تعرف باسم اتفاقات المونكلو التي كانت دعامة في استقرار اسبانيا و طريقها الى الازدهار.و من البديهي اسبانيا ان تشهد استقرار سياسيا , اقتصاديا ان تشهد ازدهارا ثقافيا من خلال بفضل الاندثار التدريجي لكل معيقات الإبداع الثقافي، عرفت إسبانيا ازدهارا ثقافيا كبيرا ان تمتد هذه الحركة باحداث طفرة نتيجة لاختفاء العوائق الثقافية سواء في العادات الاجتماعية و ازدهار الفن و اقامة المعارض الفنية فيها لتعود اسبانيا بلد الفن و الفنانين مثل بيكاسو و سلفادور دالي و غيرهم من بناة الفن فيها , السينما التي حظيت باهتمام كبير من خلال تداول حلول لمشاكل المجتمع الاسباني و نقل همومه من جهة و احياء التراث الاسباني و قيمه العريقة, الموسيقى و منها دخول الجاز الروك بالاضافة الى الكلاسيك و غير انواع الموسيقى الى اسبانية بالاضافة الى المسرح التي بدورها كانت سببا في توعية المجتمع الاسباني و تنويره و انفتاحه الفكري و الثقافي بالاضافة الى الصالونات الابداعية التي كان من اهمها صالون الاديب الكبير جورجيو موراليس الذي احدث ثورة فكرية و ثقافية في المجتمع لا تقل شان عن التحولات الاقتصادية و السياسية التي حصلت في البلاد في اطار التغيير الشامل التي حصل فيها و نتيجة لخارطة الطريق التي نقلت اسبانيا الى مجتمع افضل و لاننكر لم يكن الوضع الامني بين عام 1975 الى 1985 قد تحسن تماما اذ تخللته حوادث ارهابية عدة منها قضية اقليم الباسك و ذراعها منظمة ايتا الانفصالية التي تنفذ عمليات ارهابية مرورا بالاحزاب السياسية و تنافسها الانتخابي و انتهاءا بمحاولة الانقلاب على الملك خوان كارلوس عام 1981 التي لم تضعف النية في الاستمرار بالاصلاح السياسي و التحول الى اقتصاد ليبرالي يؤمن بالانفتاح و جلب الاستثمارات الى البلاد و تحقيق الازدهار الكامل له . و من اجل ان تكون ثمار الانجازات ملموسة كان لابد من وجود اعلام حر يحترم الراي و الراي الاخر بعد انهاء الرقابة الذاتية تدريجيا و ضمان حق الوصول الى المعلومة دستوري كان لابد من حرية اعلام سواء المرئي , المسموع و المقروء و جعلها مصدر قوة للفرد و المجتمع من خلال ما قال وزير خارجية اسبانيا السابق فرانسيسكو اوردونيث بقوله افضل قانون للاعلام هو عدم وجود قانون للاعلام من اجل ترسيخ حرية الفرد و المجتمع و جعل اسبانيا افضل و احسن . و هذا ما حصل فعلا في مختلف المجالات سواء القضائية التي تم فيها تاسيس سلطة قضائية و مجلس قضائي اعلى لا يكون فيه احد فوق القانون و هذا ما شهدناه في عام 2013 و قبلها من استدعاء احدى الاميرات بنات الملك من اجل التحقيق معها بتهم فساد مالي هي و زوجها التي رد فيها الملك خوان كارلوس وولي عهد اسبانيا الامير فيليب انذاك الذي اصبح عام 2014 بعد تنازل الملك خوان كارلوس الاول ملكا على اسبانيا بتتويجه الملك فيليب السادس بان القضاء هو الحامي الاكبر لاسبانيا و القانون لا كبير فيه الامر الذي ابقى الشعب الاسباني في ثقة من قضائه و تعزيز مكانته على كل المستويات المحلية و الدولية لان الفساد المالي كان سببا في ازمة وقعت في افلاس البنوك في اسبانيا الامر الذي تطلب مكافحة الفساد بقوة من اجل ضمان رخاء اقتصاد البلاد و نموه لذلك وقوف اسبانيا قوية ضروري من اجل اوروبا افضل و عالم افضل . و هذه التجربة الفريدة من نوعها هل ممكن ان تكون نموذجا لنا في العالم العربي من اجل بناء اوطان افضل و تامين سبل العيش الكريم للانسان في بلادنا ام لا زالت الظروف في غير صالحنا ؟ هذا الدرس العظيم يدفعنا للقول ان لابد من التغيير مهما كانت صعوباته من اجل غد افضل و خصوصا في ما يمر به العراق حاليا من ازمات و صراعات قد تكون مشابهة لما مرت به اسبانيا في الماضي و انتصرت عليه فقط حين ما يكون هناك نهج تغيير و اصلاح جديد و انهاء عصر الديكتاتوريات بمختلف اشكالها و ارساء دولة المؤسسات فيها من اجل ان يكون الازدهار ملموس في الواقع او المستقبل .
تحياتي



#فراس_حاتم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وداعا قيصر الكرة العراقية الكابتن احمد راضي
- مستقبل الهند في بناء مئة مدينة ذكية
- نظرة على الصناعة في العراق
- مالذي يجب ان نتعلمه من السودان في التغيير ؟
- قطاع الاتصالات في العراق الى اين ؟
- ميلاد سعيد نور الشريف
- علاج موريتانيا الحديدي مع الكورونا
- دمت عطاء و ابداع دكتور سعد الوتري
- دراسة معاصرة لاصلاحات محمد علي باشا في مصر .
- دراسة نقدية لفيلم ايوب
- في ذكرى ميلاد كوكب الشرق ام كلثوم
- يحيا العدل في باكستان
- كل عام و نجيب محفوظ بخير
- رعاية الطفولة و الشباب عصب نهضة الامم
- دور القيم الانسانية في صنع التغيير
- نظرة الاستعلاء العربية الى اين ؟؟؟؟!!!
- قصة يوميات ملكية
- عدنان الباجه جي اخر اعظم رجال الزمن الجميل في العراق
- وصمة عار للتاريخ
- افاق التغيير


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فراس حاتم - الانتقال الديمقراطي في اسبانيا