أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدن - كيف صنع جمال عبدالناصر مساري














المزيد.....

كيف صنع جمال عبدالناصر مساري


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 6690 - 2020 / 9 / 28 - 23:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لتأثري بشخصية جمال عبدالناصر حكاية. ففي مكان ليس ببعيد عن بيتنا في السّهلة، كان يقع مستودع يعود لأحد رجال الأعمال المعروفين في البحرين، وكان أحد المزارعين العمانيين الذين يعمل في مزرعة والدي يبات عند حارس هذا المستودع الذي كان هو الآخر عُمانيّا. وضمن محتويات هذا المستودع أعداد كثيرة من مجلات مصريّة قديمة تعود للخمسينيّات من القرن العشرين: (آخر ساعة)، (المصوّر)، (روز اليوسف).
أذكر أنّ هذا المزارع أحضر لي كميّة من هذه المجلّات التي رحت أتلقف سطورها وصورها. كان جمال عبدالنّاصر هو الموضوع المهيمن في تلك المجلّات بصوره التي تبرز ما في شخصيّته المهيبة بقامته الطّويلة من كاريزما وجاذبيّة وقوة حضور. بعض تلك المجلّات تعود للفترة التي تعرّض فيها جمال عبدالنّاصر لمحاولة الاغتيال الشّهيرة في المنشيّة، وكانت صفحات كثيرة من تلك الأعداد كرّست للحديث عن شخص عبدالنّاصر وطفولته وشبابه وحسّه الوطنيّ العالي وعدائه العميق للاستعمار البريطانيّ.
القواعد العسكريّة البريطانيّة كانت يومها موزّعة على مناطق البحرين، والبلد تضجّ بالشّعور الوطنيّ المعادي للاستعمار، وكان من شأن تلك المقالات أنْ تلهب حماسي. وأذكر تلك الحال التي انتابني يومها حين وجدت نفسي مأخوذاً بشخصيّة هذه الرّجل للدّرجة التي رحت فيها أخطّ اسمه بالطبشور على لوح الفصل الدّراسيّ في الفترة بين حصّتين.
الولع بجمال عبد النّاصر قادني إلى الفكر التّقدميّ والدّيمقراطيّ، عن طريق أحد أقاربي العضو في جبهة التّحرير الوطنيّ، فمن خلاله استطعت الاطّلاع على كتب وروايات ذات نزوع يساريّ. هذه القراءات لم تؤثّر أبداً على محبتي العميقة لجمال عبدالنّاصر وفخري به. ومن المفارقات أني جئت القاهرة في ذروة الحملة على العهد النّاصري في منتصف السّبعينيّات، يوم راحت القوى الكارهة للنّاصريّة تصّفي حسابها مع الرّجل وعهده بعد غيابه.
بالنّسبة للكثيرين من أبناء جيلنا فإن السّبعينيّات تمثّل مرحلة مزهرة، فهي الفترة التي بدأت فيها أذهاننا تتفتّح على الحياة وأسئلتها. كان جيل هذه الفترة حالماً بالمعنى الدّقيق للكلمة، ولكنّ السّبعينيّات هي نفسها كانت بداية العدّ العكسيّ للنّهوض الوطنيّ والقوميّ، وكان توقيع اتفاقيّات (كمب ديفيد) أحد عناوين هذا التّراجع، وبهذا المعنى كان الجيل الفتيّ في السّبعينيّات - جيلنا نحن - يعيش ما يشبه صحوة الموت دون أنْ يدري، كان يوهم نفسه أنّ الهزيمة التي حدثت في 1967 مؤقّتة، وأنّها قد تشكّل قاعدة أو منطلقاً لإعادة الثّقة بالنّفس وإحراز النّصر. هذا على الصّعيد العربيّ العامّ، أمّا على الصّعيد الخليجيّ فإنّ السّبعينيّات هي مرحلة الاستقلال وتشكّل الدّول الحديثة وبناء مؤسّساتها.
لكنّ عبد النّاصر قد رحل والنّظام الذي أقامه تعرّض لنكسة بعيدة النّتائج، لذا انخرط هذا الجيل، جيل السّبعينيّات في حركة واسعة تطالب بالحرب ضدّ إسرائيل للثّأر للكرامة الوطنيّة واستعادة المحتلّ من الأراضي، كأنّ هذا الجيل الذي طمح للقطيعة مع الواقع حمل كلّ ما في هذا الواقع من مثالب، فلم يجد أولئك الحالمون من أبناء هذا الجيل سوى الشّعور بالغربة وسط القوى التي عدّت نفسها بديلاً للهزيمة حين وجدوا أنّ غالبية أفراد هذه القوى تبحث عن حلّ لذواتها العاطلة بعد أنْ أدركت البون الشّاسع بين الحلم وبين الواقع، بن المرتجى والممكن.
تشاء الأقدار أن يكون جمال عبدالناصر بالذات سبباً في اعتقالي ومحاكمتي. فبعد العام الدّراسيّ الأوّل في القاهرة، أتيت البحرين لقضاء عطلة الصّيف. فعدت لمجلتي الأثيرة (صدى الأسبوع)، التي كنت أعمل فيها قبل التحاقي بالجامعة، وأذكر أنّ أوّل عدد نشرت لي فيه مقالة - بعد عودتي - كان هو العدد الأخير للمجلة في ذلك الصّيف، حين أوقفت بقرار إداريّ من وزارة الإعلام.
لم يكن مقالي هو السّبب في ما حدث، ولكنّه، مع ذلك، أدرج ضمن الأسباب التي أدّت إلى إيقاف المجلّة. كان عنوان المقال: "عهد عبدالنّاصر محور صراع اليمين واليسار في مصر"، وكتبته في حصيلة متابعاتي للمناقشات الإعلاميّة والصّحفيّة الدّائرة في مصر خلال العام الدّراسيّ الذي قضيته هناك، واستندت فيه إلى ما ينشر في وسائل الإعلام المصريّة، بينها كتاب للمرحوم فيليب جلاّب بعنوان: "هل نهدم السّد" في إشارة ساخرة للحملة التي شنّتها قوى اليمين المصريّة ضد مشروع السّد العالي كمدخل للهجوم على العلاقات بين مصر النّاصرية والاتّحاد السّوفيتيّ الذي موّل بناء السّد، كما أشرت إلى مسرحيّة فايز حلاوة:"يحيا الوفد"، التي أدّت تحيّة كاريوكا دور البطولة فيها، واندرجت هذه المسرحيّة أيضاً في نطاق حملة التّعريض بالعهد النّاصريّ.
حين أوقفت (صدى الأسبوع) جرى اعتقالنا: الزميل إبراهيم بشمي وأنا. مكثتُ، يومها، في السّجن أسبوعين أو ثلاثة. كانت تلك تجربة التّوقيف الأولى في حياتي، قبل أنْ يطلق سراحي بكفالة ماليّة، لأمثل أمام المحكمة بتهمة كتابة مقال يعكّر صفو العلاقات بين البحرين ودولة عربيّة شقيقة، والمقصود هنا مصر.



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرقد الطاغية
- الشجاعة المفتقدة في كتابة تاريخنا البحريني
- كائنات نجيب محفوظ
- عبدالله العروي والخانات الثلاث
- أناييس نن - شظية من هنا، شظية من هناك
- عبودية الآلة كما رآها أوسكار وايلد
- قسمة ضيزى
- المشي الحر
- غواية الشحرور الأبيض
- ذبابة سقراط
- ما القضية التي تشغلنا
- في قلوب الناس باقٍ - الفنان سلمان زيمان: أشعل ذاكرة لن تنطفى ...
- الأطباء الحفاة
- «كورونا » يكشف عاهات العالم
- محنة المثقف
- سمير أمين
- فيلتسيا لانغر.. وداعاً
- هكذا تكلّم أحمد سند في الأول من مايو
- معاقبة موسكو أم ترامب؟
- بين البحرين وتونس


المزيد.....




- -صور الحرب تثير هتافاتهم-.. مؤيدون للفلسطينيين يخيمون خارج ح ...
- فرنسا.. شرطة باريس تفض احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في جامعة ا ...
- مصر تسابق الزمن لمنع اجتياح رفح وتستضيف حماس وإسرائيل للتفاو ...
- استقالة رئيس وزراء اسكتلندا حمزة يوسف من منصبه
- قتلى وجرحى في هجوم مسلح على نقطة تفتيش في شمال القوقاز بروسي ...
- مصر.. هل تراجع حلم المركز الإقليمي للطاقة؟
- ما هي ردود الفعل في الداخل الإسرائيلي بشأن مقترح الهدنة المق ...
- بعد عام من تحقيق الجزيرة.. دعوى في النمسا ضد شات جي بي تي -ا ...
- وجبة إفطار طفلك تحدد مستواه الدراسي.. وأنواع الطعام ليست سوا ...
- صحيح أم خطأ: هل الإفراط في غسل شعرك يؤدي إلى تساقطه؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدن - كيف صنع جمال عبدالناصر مساري