أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رواء محمود حسين - خاطرة في صبر أيوب















المزيد.....

خاطرة في صبر أيوب


رواء محمود حسين

الحوار المتمدن-العدد: 6656 - 2020 / 8 / 24 - 23:24
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


كان علي خلال السنوات التي مرت أن أزود نفسي بأقوى وسائل النجاح وهو مبدأ الصبر. نعم إن الصبر هو الوسيلة لأي نصر تريد أن تحققه، فإن أردت أن تنجح في أي عمل تقوم به أو هدف تسعى من أجل تحقيقه فعليك أن تصبر.
وكنت أسلي النفس بقصص الصابرين التي كانت تمنحني طاقة على الصبر. وكان من هذه القصص قصة النبي الصالح أيوب عليه السلام:
قال ابن عساكر: أيوب نبي الله (صلى الله عليه وسلم) ابن رازح بن آموص بن ليفزر بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل، ويقال أيوب بن آموص بن رازح بن رعويل بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم ويقال أيوب بن موص بن رعيل بن العيص، وقيل إن أموص بن العيص نفسه وأبوه ممن آمن بإبراهيم الخليل حين ألقي في النار. وكان أيوب عليه السلام يسكن بالشام وديره معروف بناحية البثنية من نواحي دمشق بقرب نوى، ومغتسله بتلك القرية معروف وكان له البثنية بأسرها سهلها، وكانت له الخيل والإبل والبقر والغنم والحمير والعبيد، وأم أيوب بنت لوط النبي (صلى الله عليه وسلم) وكانت تحته رحمة بنت منشا بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق عليه السلام (ينظر: أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساكر (المتوفى: 571هـ): " تاريخ دمشق"، تحقيق عمرو بن غرامة العمروي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1415 هـ - 1995 م، 10/ 58).
عن محمد بن السائب الكلبي، عن أبيه، قال: " أول نبي بعث إدريس ثم نوح ثم إبراهيم ثم إسماعيل وإسحاق ثم يعقوب ثم يوسف ثم لوط ثم هود ثم صالح ثم شعيب ثم موسى وهارون ثم إلياس ثم اليسع بن عزى بن شوتلح بن أفرايم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق، ثم يونس بن متى بن بني يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، ثم أيوب بن زارح بن أموص بن ليفزن بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام". عن وهب بن منبه أنه قال: "إن أيوب عليه السلام كان أعبد أهل زمانه وأكثرهم مالاً وكان لا يشبع حتى يشبع الجائع وكان لا يكتسي حتى يكسو العاري وكان إبليس قد أعياه أمر أيوب عليه السلام ليغويه فلا يقدر وكان عبداً معصوماً". وعن وهب، قال: "كانت شريعة أيوب عليه السلام بعد التوحيد إصلاح ذات البين، وإذا طلب حاجة إلى الله عزوجل خر ساجداً ثم طلب" (ينظر: تاريخ دمشق لابن عساكر، 10/ 58).
قال علماء التفسير، والتاريخ، وغيرهم: كان أيوب رجلا كثير المال من سائر صنوفه وأنواعه من الأنعام والعبيد والمواشي والأراضي المتسعة بأرض البثنية من أرض حوران. وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه». وحكى ابن عساكر: أنها كلها كانت له، وكان له أولاد وأهلون كثير، فسلب من ذلك جميعه، وابتلي في جسده بأنواع البلاء، ولم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه يذكر الله عز وجل بهما، وهو في ذلك كله صابر محتسب ذاكر لله عز وجل في ليله ونهاره، وصباحه ومسائه، وطال مرضه حتى عافه الجليس، وأوحش منه الأنيس، وانقطع عنه الناس، وأخرج من بلده وألقي على مزبلة خارجها، ولم يبق أحد يحنو عليه سوى زوجته كانت ترعى له حقه، وتعرف قديم إحسانه إليها وشفقته عليها، فكانت تتردد إليه فتصلح من شأنه، وتعينه على قضاء حاجته وتقوم بمصلحته، وضعف حالها، وقل مالها حتى كانت تخدم الناس بالأجر لتطعمه، وتقوم بأوده رضي الله عنها وأرضاها وهي صابرة معه على ما حل بهما من فراق المال والولد، وما يختص بها من المصيبة بالزوج، وخدمة الناس بعد السعادة والنعمة والخدمة، والحرمة، وضيق ذات اليد، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولم يزد هذا كله أيوب عليه السلام إلا صبرا واحتسابا، وحمدا وشكرا، حتى إن المثل ليضرب بصبره عليه السلام، ويضرب المثل أيضا بما حصل له من أنواع البلايا (ينظر: أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ): " البداية والنهاية "، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، ط1، دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، 1418 هـ - 1997 م، 1424هـ / 2003م، 1، 507 – 508).
عن وهب بن منبه، وزاد فيه: إن إبليس طار في المردة فأتى مشارق الأرض ومغاربها لينظر هل يجد عبدأ لله عز وجل مخلصاً يثني على ربه فيغويه، قال: فأتاه نداء يا لعين أتعلم أن أيوب عليه السلام عبد صالح مخلص لله عز وجل لا تستطيع أن تغويه. قال: يا رب إن أيوب قد أعطيته من المال والولد والسعة وقرة العين في الدنيا إذا نظر إليه فلا يستطيع أحد أن يغويه ولكن سلطني على ماله وولده وكان له ثلاثة عشر ولداً ذكوراً كلهم وكانوا من رحمة بنت منشا بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام، فقال: سلطني عليهم فترى أيوب كيف يطيعني ويعصيك، ويؤمن بي ويكفر بك. فقال: اذهب فقد سلطتك على ماله وولده، قال: فرجع إبليس إلى مجلسه وجمع شياطينه ومردته، فقالوا: سيدنا لم حشرتنا وجمعتنا ودعوتنا؟ قال: ألا ترون هذا العبد الذي أثنى عليه ربه ومدحه وزعم أني لا أستطيع أن أغويه، وقد سلطني على ماله وولده؟ فقالوا جميعاً نحن عونك عليه. قال: فما عندكم؟ فقامت طائفة منهم مثل الجيش العظيم معهم عواصف الريح، وقام قوم منهم صاحوا صيحة خرجت لأفواههم كلهب النيران، وقام قوم منهم صاحوا صيحة رجفت الأرض منها، فقال للذين جاؤوا بعواصف الريح: انطلقوا إلى دواب أيوب وغنمه ورعاته فاحتملوها حتى تقذفوها في البحر، وأنا منطلق إليه في صورة قيمه بشأنهم فأغويه. قال: فانطلقوا فجاؤوا بالرياح من أركان الأرض فعصفتهم ثم احتملتهم حتى قذفتهم في البحر فغرقتهم، فجاء إبليس في صورة قيمه إلى أيوب وهو قائم يصلي، فقال: يا أيوب ألا أراك قائما تصلي وقد أقبلت ريح عاصف فاحتملت دوابك برعائها فعصفتها فقذفتها في البحر فغرقتها، وأنت قائم تصلي، قال: فلم يرد عليه شيئا حتى فرغ من صلاته، فقال: الحمد لله الذي رزقنيه ثم قبله مني كالقربان النقي يقربه صاحبه، وميزك منهم كما يميز الزوان من القمح. قال: فانصرف خالياً فدعا الذين يخرج من أفواههم كلهب النيران، فقال: انطلقوا إلى جنان أيوب وزرعه فأحرقوها حتى اذهب أنا إليه في صورة قيمه فأغويه، فانطلقوا فصاحوا صيحة فوهجت ناراً من أفواههم كأنها لهب النار فأتت على جنانه ومزارعه ومعائشه فصارت كالرميم، وجاء إبليس في صورة قيمه فسلم، وأيوب قائم يصلي: فقال: يا أيوب ألا أراك قائماً تصلي وقد جاء الحريق فأتى على جنانك ومزارعك ومعايشك كلها فصارت كالرميم فلم ير عليه شيئاً حتى فرغ من صلاته، فقال: الحمد لله الذي رزقنيه ثم قبضه مني كالقربا النقي يقربه صاحبه وميزك منه كما يميز الزوان من القمح، ولو كان فيك خير لقبضك معهم. ثم أقبل على صلاته فرجع إبليس فدعا هؤلاء الذين يزيلون الأرض بصيحتهم، فقال: اذهبوا إلى منازل أيوب حتى تزلزلوا بهم، وترمسوا فيها ولده وخدمه، قال: فانطلقوا فصاحوا صيحة عظيمة جعلوا دكة واحدة، ثم جاء إبليس إلى أيوب في صورة حاضن ولده، فقال: يا أيوب إنه قد جاءت صيحة فطارت منازلك دكة واحدة فما بقي لك ولد ولا خادم إلا رمس تحته، وأنت قائم تصلي، قال: فانصرف فقال: الحمد لله الذي هو رزقنيهم وقبضهم مني كالقربان النقي وميزك من بينهم كما يميز الزوان من القمح، ولو كان فيك خير لقبضك معهم، فانصرف إبليس عدو الله خائباً منكسراً فأتاه نداء: كيف رأيت عبدي أيوب؟ قال: يا رب إن أيوب قد علم أنك ستعوضه بكل واحد اثنتين، ولكن سلطني على جسده فسوف ترى كيف يطيعني ويعصيك ويؤمن بك ويكفر بك. قال: اذهب فقد سلطتك على جسده من غير أن أسلطك على روحه فجاء فنفخ في إبهام قدميه قال فاشتعل فيه مثل النار (ينظر: ابن عساكر: " تاريخ دمشق"، 10/ 69 – 71).
عن وهب بن منبه، قال: " بلغ ابن عباس عن مجلس كان في ناحية باب بني سهم، يجلس فيه ناس من قريش فيختصمون، فترتفع أصواتهم، فقال لي ابن عباس: انطلق بنا إليهم فانطلقنا حتى وقفنا عليهم. فقال ابن عباس: أخبرهم عن كلام الفتى الذي كلم به أيوب وهو في حاله. قال وهب: فقلت: قال الفتى: يا أيوب أما كان في عظمة الله وذكر الموت ما يكل لسانك ويقطع قلبك، ويكسر حجتك. يا أيوب: أما علمت أن لله عبادا أسكتتهم خشية الله من غير عي ولا بكم، وأنهم الفصحاء الطلقاء الألباء العالمون بالله وآياته. ولكنهم إذا ذكروا عظمة الله تقطعت قلوبهم وكلت ألسنتهم، وطاشت عقولهم وأحلامهم، فرقاً من الله وهيبة له، فإذا استفاقوا من ذلك استقبلوا إلى الله بالأعمال الزاكية، لا يستكثرون لله الكثير ولا يرضون له بالقليل، يعدون أنفسهم مع الظالمين الخاطئين، وأنهم لأنزاه أبرار أخيار، ومع المضيعين المفرطين وأنهم لأكياس أقوياء ناحلون دائبون، يراهم الجاهل فيقول مرضى وليسوا بمرضى، وقد خولطوا وقد خالط القوم أمر عظيم " (ينظر: ابن عساكر: " تاريخ دمشق"، 10 / 79).



#رواء_محمود_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خاطرة حول ابن خلدون
- خاطرة جوزية
- خاطرة في الحنين إلى الوطن
- خاطرة في الفرح
- خاطرة في معرفة النفس
- خاطرة في الهجرة
- حنة آرندت ونقد التوتاليتارية
- خاطرة في التاريخ (2)
- خاطرة في التاريخ (1)
- خاطرة في الفلسفة (4)
- خاطرة في الفلسفة (3)
- خاطرة في الفلسفة (2)
- خاطرة في الفلسفة (1)
- خاطرة في الحب
- خاطرة في الصداقة
- سبعة أيام في باشاك شهير ( قصة قصيرة )
- جاء الإسطواني ( قصة قصيرة)
- محسن مهدي في مأزق
- أمبرتو إيكو ملاحظات حول كتابة الرواية
- باولو كويلو ( الخيميائي) الذي نجح أخيراً


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رواء محمود حسين - خاطرة في صبر أيوب