أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رواء محمود حسين - خاطرة حول ابن خلدون















المزيد.....

خاطرة حول ابن خلدون


رواء محمود حسين

الحوار المتمدن-العدد: 6654 - 2020 / 8 / 22 - 10:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تفاجأت الْيَوْمَ بشكل كبير حين بدأت أطالع في مقدمة عالم الاجتماع ابن خلدون، حين وجدته ينتقد الفلسفة بشكل كبير، ويشن عليها حملة شعواء!
ومعلوم، كما يقول ول ديورانت، أن مقدمة ابن خلدون تشكل واحدة من الروائع في الأدب الإسلامي وفي فلسفة التاريخ، فهي إنتاج "حديث" إلى درجة مذهلة لعقلية عاشت في العصور الوسطى. وألف ابن خلدون موجزاً عن فلسفة ابن رشد، وأبحاثاً في المنطق والرياضيات، ومقدمة ابن خلدون، وتاريخ البربر، وشعوب الشرق، والكتب الثلاثة الأخيرة فقط هي الباقية، وهي تشكل في مجموعها "تاريخ العالم" (كتاب العبر، وديوان المبتدأ والخبر، في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر) (ينظر: وِل ديورَانت = ويليام جيمس ديورَانت (المتوفى: 1981 م): "قصة الحضارة"، تقديم: الدكتور محيي الدّين صَابر، ترجمة: الدكتور زكي نجيب محمُود وآخرين، دار الجيل، بيروت - لبنان، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس، 1408 ه- 1988 م، 26/ 78).
يتمثل نقد ابن خلدون في نقد الفلسفة فيما كتبه في إبطال الفلسفة وفساد منتحلها
هذا الفصل وما بعده مهم لأن هذه العلوم عارضة في العمران كثيرة في المدن.
وضررها في الدين كثير فوجب أن يصدع بشأنها ويكشف عن المعتقد الحق فيها. وذلك أن قوما من عقلاء النوع الإنساني زعموا أن الوجود كله الحسي منه وما وراء الحسي تدرك أدواته وأحواله بأسبابها وعللها بالأنظار الفكرية والأقيسة العقلية وأن تصحيح العقائد الإيمانية من قبل النظر لا من جهة السمع فإنها بعض من مدارك العقل. وهؤلاء يسمون فلاسفة جمع فيلسوف وهو باللسان اليوناني محب الحكمة. فبحثوا عن ذلك وشمروا له وحوموا على إصابة الغرض منه ووضعوا قانونا يهتدي به العقل في نظره إلى التمييز بين الحق والباطل وسموه بالمنطق.
ومحصل ذلك أن النظر الذي يفيد تمييز الحق من الباطل إنما هو للذهن في المعاني المنتزعة من الموجودات الشخصية فيجرد منها أولا صور منطبقة على جميع الأشخاص كما ينطبق الطابع على جميع النقوش التي ترسمها في طين أو شمع. وهذه مجردة من المحسوسات تسمى المعقولات الأوائل. ثم تجرد من تلك المعاني الكلية إذا كانت مشتركة مع معان أخرى وقد تميزت عنها في الذهن فتجرد منها معان أخرى وهي التي اشتركت بها. ثم تجرد ثانيا إن شاركها غيرها وثالثا إلى أن ينتهي التجريد إلى المعاني البسيطة الكلية المنطبقة على جميع المعاني والأشخاص ولا يكون منها تجريد بعد هذا وهي الأجناس العالية (ينظر: عبد الرحمن بن محمد بن محمد، ابن خلدون أبو زيد، ولي الدين الحضرمي: الإشبيلي (المتوفى: 808هـ): "" ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر"، المحقق: خليل شحادة، دار الفكر، بيروت، الطبعة: الثانية، 1408 هـ - 1988 م، 1/707).
يلحظ ول ديورانت أن مقدمة ابن خلدون" أشهر نتاج فلسفي في القرن الذي عاش فيه. وكان لابن خلدون أفكاره الخاصة به كل شيء تقريباً، فيما عدا الدين الذي يرى أنه ليس من الحكمة أن يكون فيه مبتكراً. ويتحدث ابن خلدون في بعض الأحيان كما تتحدث أبسط امرأة عجوز في السوق، فيسلم بالمعجزات والسحر، و "العين الشريرة"، والخواص الغامضة لحروف الهجاء، ونبوءات الأحلام، والأمعاء، أو طيران الطيور. وهو مع ذلك يعجب بالعلوم، ويقر بتفوق اليونان على المسلمين في هذا المضمار، ويرثى لتدهور الدراسات العلمية في الإسلام. ويستنكر الكيمياء القديمة- ويعترف بشيء من الإيمان بالفلك. وعلى حين أنجز عملاً ضخماً من أمهات الكتب في الفلسفة يصرح بأن الفلسفة خطيرة، وينصح قراءه بأن يتركوها وشأنها. ويحتمل أنه قصد ما وراء الطبيعة (الميتافيزيقا) واللاهوت، أكثر مما قصد الفلسفة بمعناها الأوسع، كمحاولة لرؤية أحوال الإنسان من وجهة نظر أكثر شمولاً (وِل ديورَانت = ويليام جيمس ديورَانت (المتوفى: 1981 م): "قصة الحضارة"، 26/ 83- 84).
ويبين ابن خلدون أن إمام هذه المذاهب الّذي حصّل مسائلها ودوّن علمها وسطّر حججها فيما بلغنا في هذه الأحقاب هو أرسطو المقدونيّ من أهل مقدونية من بلاد الرّوم من تلاميذ أفلاطون وهو معلّم الإسكندر ويسمّونه المعلّم الأوّل على الإطلاق يعنون معلّم صناعة المنطق إذ لم تكن قبله مهذّبة وهو أوّل من رتّب قانونها واستوفى مسائلها وأحسن بسطها ولقد أحسن في ذلك القانون ما شاء لو تكفّل له بقصدهم في الإلهيّات ثمّ كان من بعده في الإسلام من أخذ بتلك المذاهب واتّبع فيها رأيه حذو النّعل بالنّعل إلّا في القليل. وذلك أنّ كتب أولئك المتقدّمين لمّا ترجمها الخلفاء من بني العبّاس من اللّسان اليونانيّ إلى اللّسان العربيّ تصفّحها كثير من أهل الملّة وأخذ من مذاهبهم من أضلّه الله من منتحلي العلوم وجادلوا عنها واختلفوا في مسائل من تفاريعها وكان من أشهرهم أبو نصر الفارابيّ في المائة الرّابعة لعهد سيف الدّولة وأبو عليّ بن سينا في المائة الخامسة لعهد نظام الملك من بني بويه بأصبهان وغيرهما. واعلم أنّ هذا الرّأي الّذي ذهبوا إليه باطل بجميع وجوهه. فأمّا إسنادهم الموجودات كلّها إلى العقل الأوّل واكتفاؤهم به في التّرقّي إلى الواجب فهو قصور عمّا وراء ذلك من رتب خلق الله فالوجود أوسع نطاقا من ذلك «وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ 16: 8» وكأنّهم في اقتصارهم على إثبات العقل فقط والغفلة عمّا وراءه بمثابة الطّبيعيّين المقتصرين على إثبات الأجسام خاصّة المعرضين عن النّقل والعقل المعتقدين أنّه ليس وراء الجسم في حكمة الله شيء. وأمّا البراهين الّتي يزعمونها على مدّعياتهم في الموجودات ويعرضونها على معيار المنطق وقانونه فهي قاصرة وغير وافية بالغرض. أمّا ما كان منها في الموجودات الجسمانيّة ويسمّونه العلم الطّبيعيّ فوجه قصوره أنّ المطابقة بين تلك النّتائج الذّهنيّة الّتي تستخرج بالحدود والأقيسة كما في زعمهم وبين ما في الخارج غير يقينيّ لأنّ تلك أحكام ذهنيّة كلّيّة عامّة والموجودات الخارجيّة متشخّصة بموادّها. ولعلّ في الموادّ ما يمنع مطابقة الذّهنيّ الكلّيّ للخارجيّ الشّخصيّ اللَّهمّ إلّا ما لا يشهد له الحسّ (ابن خلدون: " ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر" ، 1 / 709).



#رواء_محمود_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خاطرة جوزية
- خاطرة في الحنين إلى الوطن
- خاطرة في الفرح
- خاطرة في معرفة النفس
- خاطرة في الهجرة
- حنة آرندت ونقد التوتاليتارية
- خاطرة في التاريخ (2)
- خاطرة في التاريخ (1)
- خاطرة في الفلسفة (4)
- خاطرة في الفلسفة (3)
- خاطرة في الفلسفة (2)
- خاطرة في الفلسفة (1)
- خاطرة في الحب
- خاطرة في الصداقة
- سبعة أيام في باشاك شهير ( قصة قصيرة )
- جاء الإسطواني ( قصة قصيرة)
- محسن مهدي في مأزق
- أمبرتو إيكو ملاحظات حول كتابة الرواية
- باولو كويلو ( الخيميائي) الذي نجح أخيراً
- طه عبد الرحمن في كتابه: - دين الحياء -


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رواء محمود حسين - خاطرة حول ابن خلدون