أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - مسؤوليتنا عن انفجار بيروت














المزيد.....

مسؤوليتنا عن انفجار بيروت


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6648 - 2020 / 8 / 16 - 12:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الراجح حتى الآن أن انفجار مرفأ بيروت كان حادثاً غير مدبر سببه الإهمال المزمن والغياب المزمن لمبدأ المحاسبة، وأن محاولات ربطه باسرائيل أو باقتراب موعد جلسة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بشأن اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري، للنطق بالحكم، ينقصها الكثير من السند الواقعي. هذا يضع الوسط السياسي اللبناني (مسؤولون وحاشية وحزبيون ومحللون وجمهور متابع) في حالة قلقة ذلك لأن هذا الوسط معتاد إلى حد الإدمان على وضعيات الاستقطاب الطرفية التي تستهلك طاقة التغيير وتصرفها في صراعات عقيمة بين متشابهين، وتنتهي إلى إدامة الحال السياسي الذي يخبئ لنا في جوفه الانفجار تلو الآخر، وكان انفجار بيروت الرهيب أحدث ما تكشف من خباياه.
سوف يرتاح كثيرون للتحليلات التي تنتهي إلى اتهام الطرف الذي لا "يحبونه" بالوقوف وراء المصيبة، وسوف يثبتون لأنفسهم أنهم في الموقف الصحيح دائماً، ويراكمون طاقتهم الرافضة و"حقدهم الثوري" ضد هذا "الشيطان" الذي سيكون له، بدوره، أنصار يحملون في قلوبهم كراهية لا تقل عمقاً "لشياطين" أخرى تبرؤها التحليلات المذكورة من المسؤولية. وهكذا، عندما تستقر التحليلات والتحليلات المضادة، ويدخل الأنصار المتحمسون في دائرة السجال اللانهائي، سوف يتحفنا الواقع اللبناني بثنائية جديدة على شاكلة 8 و14 آذار الشهيرة. وفي الأثناء يواصل الخلل العميق حياته (وهو ابتعاد الناس عن شؤون حياتهم العامة)، بعيداً عن الخطر ومحمياً بهذا السجال القطبي الفارغ.
مسببات الانفجار في لبنان تشبه في طبيعتها مسببات الانفجار الذي شهدته سوريا في 2011. إهمال حقوق الناس وخنق أصواتهم وإقامة حاجز كتيم بين الناس وبين معرفة شؤون بلادهم. سيطرة مصالح الحزب والزعيم والحاشية على مصلحة البلد. انعدام المحاسبة لأن لكل مسؤول ظهر أمني أو سياسي يحميه، أكان من سلطة شديدة المركزية كما في سوريا، أم من سلطات موزعة على الطوائف والزعامات كما في لبنان. السبب الأم للانفجارين يكمن في حقيقة أننا نرى كيف تتكامل عناصر الكارثة ونتجاهلها، أو نوهم نفسنا أن المشكلة سوف تحل نفسها بنفسها مع الوقت، أو نوكل الأمر لقوة غامضة ما ونهرب من المشكلة لكي نجد أنفسنا في قلبها.
التقليد الدارج في تحميل مسؤولية خراب لبنان لجزء من التركيبة السياسية هو جزء من الخراب لا أكثر. موجة الغضب العارمة ضد كل الطبقة السياسية وشتمها ومطالبتها بالاستقالة، أمر مفهوم ولكنه لا يحمل ثمرة، وهو جزء من الوله العربي بالخطابة التي أجادها مرسيل غانم على قناة إم تي في في أعقاب الانفجار. الحق أن المسؤولية تقع على عاتق كل الزعامات قاطبة، ولكن طريق الحل لا يكون باتجاه بروز زعامات جديدة، بل باتجاه إنتاج مجتمع مدني نشيط تتوفر في لبنان شروط حياة مناسبة له أكثر من أي بلد عربي آخر. المقصود أن أهم نقلة في الوعي العام هي الخروج من تعظيم سلطة الفرد (الزعيم أو الزعماء) إلى تعظيم سلطة المجموع. الخروج من الرضى بإيكال الناس أمرهم لزعيم (حتى لو كان منتخباً) إلى القناعة بأن على الناس متابعة شؤونها وشؤون بلدها بنفسها من خلال منظمات مدنية ذات تخصص ولها مجالات شغل تشمل كامل الطيف الحياتي العام.
بعد ساعات من انفجار مرفأ بيروت، فتح بازار "المعلومات" الدقيقة والتفصيلية، وملأت صفحات التواصل سيناريوهات تفصيلية للحدث تبدأ من 2013، بالأسماء والتواريخ والنوايا الخفية والحجج الظاهرة. السؤال هو أين كانت تختبئ هذه المعلومات طوال هذه السنين؟ ولماذا نام أصحابها عليها، حتى راحوا يستعرضونها فقط بعد أن وقعت المصيبة؟ ولماذا تذهب مثل هذه الكتابات الواثقة إلى إدانة قطعية لجهة ما، في حين يحتمل الأمر العديد من التفسيرات، ومنها أن يكون الانفجار حادثاً بسبب طبيعة المواد المخزنة، فقد سبق أن شهدت مدينة تولوز الفرنسية مثلاً، في 2001، حادثاً مشابهاً بسبب انفجار 300 طن من مادة نترات الأمونيوم، في مصنع الأسمدة AZF وأدى إلى عشرات القتلى وآلاف الجرحى وتدمير ثلثي زجاج نوافذ المدينة؟
إذا كانت هذه المعلومات التي يجري استعراضها اليوم متاحة، كان من مسؤوليتنا جميعاً أن نكتب عنها ونتظاهر من أجلها وننشئ جمعيات تلاحق هذه المخاوف إلى أن تجد حلاً. وإن لم تكن متاحة فمن مسؤوليتنا أن نبحث عنها وأن نتيحها على نطاق واسع. ليس عجيباً أن يرتشي قاض ما وأن يهمل قضية خطرة كهذه، العجيب أن يكون مصير مدينة كاملة مع أهاليها، متوقف على نزاهة قاض. من مسؤولية (غير المسؤولين) أن لا يستندوا في شؤون حياتهم إلى نزاهة المسؤولين واحترامهم لمسؤولياتهم. فقط يقظة الجمهور وامتلاكه أدوات الكشف وإيصال الصوت، هو ما يجعل المسؤول "نزيهاً"، سوى ذلك فإن المسؤول فاسد، لأن "السلطة مفسدة" كما يسلم الجميع.
يكتشف المرء أن الرغبة في الإدانة والاستثمار السياسي في المأساة تتفوق على الرغبة في الفهم الموضوعي لأسباب الكارثة والمعالجة العميقة لأسبابها. التفسير هو أن الإدانة وتحميل المسؤوليات أسهل ولا ترتب على صاحبها سوى الكلام ثم تفريغ الغضب ضد الأطراف التي يوجه لها الإدانة. أحد الأطباء اللبنانيين قال لصحيفة نيويورك تايمز: "أتمنى لو أن الانفجار ناجم عن هجوم اسرائيلي، كان سيكون الأمر أسهل من أن تأتيك الضربة من داخل البيت، بسبب إهمال سخيف من قادتنا".
من الأسهل أن يكون المسؤول طرف خارجي، أصعب من ذلك أن يكون الداخل هو السبب، ولكن الأصعب إطلاقاً على النفس أن ترى مسؤوليتها في المأساة.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توحيد الروايات الذاتية للجماعات السورية
- مناهج تعليم غير وطنية في سورية
- نجوم لسماء، أقحوان لمرج
- خفايا انتخابات مجلس الشعب السوري 2020
- مجلس نواب للنظام في الشعب السوري
- قصة صباح السالم وضرورة العمل المدني
- هوس اللامركزية في سورية
- جواب بسيط لأسئلة قلقة
- لكم أحلامكم ولنا الواقع
- في فرادة العقود الثلاثة الأخيرة
- -إعلان الوطنية السورية- بين الوطنية والقومية
- الكراهية بين السياسي والنفسي
- ماذا عن المظاهرات الأخيرة في السويداء؟
- حقوق الإنسان وحقوق السود
- بين الفيروس والفكرة
- في وصف حالنا
- نعومة مخلوف وبسطار الأسد
- هل يتراجع الدور الكردي في الجزيرة السورية؟
- تاريخنا وتاريخ الفيروس
- هل تؤسس الجائحة لدين جديد؟


المزيد.....




- كوريا الشمالية تدين تزويد أوكرانيا بصواريخ ATACMS الأمريكية ...
- عالم آثار شهير يكشف ألاعيب إسرائيل لسرقة تاريخ الحضارة المصر ...
- البرلمان الليبي يكشف عن جاهزيته لإجراء انتخابات رئاسية قبل ن ...
- -القيادة المركزية- تعلن إسقاط 5 مسيرات فوق البحر الأحمر
- البهاق يحول كلبة من اللون الأسود إلى الأبيض
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /29.04.2024/ ...
- هل تنجح جامعات الضفة في تعويض طلاب غزة عن بُعد؟
- بريكس منصة لتشكيل عالم متعدد الأقطاب
- رئيس الأركان الأوكراني يقر بأن الوضع على الجبهة -تدهور- مع ت ...
- ?? مباشر: وفد حركة حماس يزور القاهرة الاثنين لمحادثات -وقف ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - مسؤوليتنا عن انفجار بيروت